تعددت التساؤلات حول الشأن المصرى - الليبى بعد الأزمات الأخيرة التى واجهها الطرفان، وقد شغلت الرأى العام والشارع المصرى نظرًا لوجود ما يقرب من 2 مليون عامل مصرى فى ليبيا، وكيف تسير العلاقات الليبية - المصرية حاليا بعد أزمة اختطاف الدبلوماسيين وعودة السفارة المصرية كاملة وكيفية التواصل بين الطرفين، فكان لكل هذه التساؤلات رد من السفير الليبى عاشور بوراشد مندوب ليبيا لدى جامعة الدول العربية... فى حواره مع مجلة روزاليوسف: ∎ ماهى آخر مستجدات العلاقات الليبية المصرية؟
- العلاقات المصرية - الليبية علاقات متميزة وتاريخية واستراتيجية لأن العالم العربى تجمعه ثوابت مشتركة والجميع يعلم تلك الثوابت لكن فى خصوصية العلاقات الليبية - المصرية هناك إضافة لتلك الثوابت وهى علاقة الجوار والبعد الاجتماعى الذى يربط الغرب المصرى بالشرق الليبى، فالكثير من المصريين والليبين لا يعلمون مدى عمق تلك العلاقات الليبية المصرية على أرض الواقع، بالإضافة الى عامل المصاهرة وهذا على مدى عقود من الزمن وليست وليدة هذه الفترة فالعلاقات بين الطرفين متشابكة يصعب فكها وهى تدل على قوة تلك العلاقات.
والدليل على ذلك أننا عندما كنا فى النظام العبثى السابق فى ليبيا كنا نفاجأ بإغلاق الحدود الليبية مع مصر، وفى تلك الفترة التى كانت تغلق فيها الحدود كان الليبيون متواجدين على الأرض المصرية والمصريون على الأرض الليبية رغم إغلاق الحدود، فقد كان التواصل بين البلدين يتم عن طريق أثينا ومالطا واستمرت دون انقطاع وهذا تأكيد على أن السياسة لم تنجح فى التأثير على هذه العلاقات الاستراتيجية.
وحاليا ما يحدث وما تمر به المنطقة من فراغ أمنى وما يحدث من اختراقات، سواء هنا فى مصر أو فى ليبيا هذه ليست لها تأثير على البلدين فهى مشاكل تعانى منها المنطقه نتيجة الفراغ الأمنى المصاحب للمرحلة الانتقالية بشكل عام لكن لا تأثير لتلك الأحداث على العلاقات الليبية المصرية، ويلعب الإعلام دورًا كبيرًا فى تضخيم الأحداث بوعى أو لا وعى لكن لن يؤثر على المشهد وعلى استراتيجية العلاقة بين الشعبين خاصه بعد ثورتى 25 يناير و30 يونيو و17 فبراير لأن هذه الثورات ولدت من رحم الشعوب، فإذا كانت الأمور متعلقة بالشعوب فإن تلك العلاقات يترتب عليها مصالح مشتركة للشعبين غير قابلة للتفتيت.
وقضية الجوار تجعل قضية الأمن ملفًا واحدًا لأن الأمن فى ليبيا والأمن فى مصر واحد ولا يمكن أن يتضرر أى طرف من الطرف الآخر.
∎ ماذا عن الاختطاف المستمر للمصريين داخل ليبيا «الشاحنات المصرية أو الدبلوماسيين»؟
- هناك مغالطة فى تفسير الأمور ومبالغة فيما يتعلق باختطاف أصحاب الشاحنات المصرية التى تمر إلى ليبيا لم يكن هناك اختطاف على الإطلاق وما حدث هو خروج جماعة من المعتصمين للاعتصام فأوقفوا الطريق فى ليبيا على الشاحنات المصرية والشاحنات الليبية للمطالبة بمستحقاتهم ولم يكن اختطافًا بل كان المصرى يقف بشاحنته مثله مثل الليبى، ولكن ضخمها الإعلام إلى اختطاف وعاد السائقون ومن الممكن أن يسألوا تفصيلا عن ملابسات هذه الواقعة ونقل المعلومة بشكل غير صحيح لايخدم الصالح العام لكلا البلدين.
∎ ماذا عن وضع العمالة المصرية الحالية داخل ليبيا بعد عودة الدبلوماسيين وعودة المصريين بشكل شرعى؟
- العمالة المصرية فى ليبيا حاليا بخير لو صدق المشهد الصحفى بأنهم يواجهون الاضطهاد أو المعاناة لن يمكثوا فى ليبيا يومًا واحدًا لأن العامل المصرى عندما يستشعر الخطر يترك المكان على الفور وقد وصلت العمالة المصرية الحالية فى ليبيا إلى 2 مليون مصرى تقريبا وتواجدهم فى الداخل الليبى دليل على أن أوضاعهم مستقرة وأنهم يعملون بشكل آمن بالرغم من الضائقة الأمنية التى تمر بها ليبيا وهذا أكبر رد على ما يقال لأن المواطن لن ينتظر قرارًا سياسيًا من بلادة للعودة فهو كفيل باتخاذ قرار العودة على الفور فى حالة تعرض حياته للخطر.
∎ هل هناك ضوابط وثوابت جديدة سيتم تنفيذها على العمالة المصرية التى سوف تذهب إلى ليبيا فى المستقبل؟
- الإشكالية فى قصة العمالة المصرية فى ليبيا هى تأخر الحصول على تأشيرة دخول سليمة وهذه المشكلة لم تعالج بشكل جذرى حتى الآن وبالتالى فهى مسألة إدارية بحتة بمعنى أن عدم الحصول على التأشيرة وإرجاع العمالة والعودة إلى بلادهم مرة أخرى أو المشاكل التى قد تترتب على العلاقات المصرية والليبية نتيجة ذلك سببها الجوهرى والرئيسى أن هناك طلبًا على التأشيرة أكثر من قدرة القنصليات على تلبيتها ومن هنا من لا يحصل على التأشيرة يتجه إلى طرق أخرى ويتوافر بذلك مناخ مناسب للرشوة فيقع فى شرك التأشيرات المزورة أو الشهادات الصحية المزورة وإذا دخل إلى ليبيا بهذه الطريقة من الطبيعى أن يعود إلى مصر لأن الدخول لم يكن مشروعًا وهذا حماية للمواطن المصرى، فلابد لحمايته وثباته فى عمله ثبوت علم السلطات الليبية بدخوله وهذا ينطبق تمامًا على أى أجنبى متواجد على الأراضى المصرية.
وحيث إن المشكلة إدارية فإن حل هذه المشكلة يأتى من خلال التعاقد مع شركات خاصة بثوابت معينة لإنهاء أى عمل إدارى بأى تأشيرات تقدم مهما بلغ عددها بحيث تقوم القنصليات بمنح التأشيرة بعد قيام الشركات بالعمل الإدارى المصاحب لها فبإمكان القنصلية بدلا من منح 500 تأشيرة على سبيل المثال أن تمنح 2000 تأشيرة والقنصليات لن تستطيع تجاوز هذه المعضلة بزيادة ساعات العمل أو زيادة موظفيها فإذا عولج هذا الموضوع الإدارى سوف تحل هذه الأزمة وبالتالى نستطيع تجاوز كل المشاكل المصاحبة لهذه المشكلة والآثار المترتبة عليها.
∎ ماذا عن خطوات الترحيل القانونى للعمالة الليبية؟
- فى حالة وجود عامل بتأشيرة مزورة يتم اتخاذ إجراءات ترحيله بشكل قانونى.
∎ هل هناك تواصل إلكترونى حاليا بعد رحيل السفارة المصرية فى ليبيا؟
- هذا صحيح فقد تمت مناقشة التواصل الإلكترونى بين الطرفين منذ مدة وأن وزير العمل الليبى قابل وزير العمل المصرى وكان هناك حديث حول هذا الربط الإلكترونى لأنه سوف يحقق الكثير فيما يخص التواصل والبيانات بين الطرفين وستكون إضافة للقضاء على التأشيرة المزورة ويكون هناك ضبط أكثر وسوف يتم معرفة التأشيرات الصحيحة من غيرها ويعد الربط الإلكترونى حاليا جاهزًا تقنيًا إلا أنه لم يفعل بعد.
∎ ما هى أكثر المدن الليبية التى تشهد اختراقات أمنية حاليا؟
- من أكثر المدن الليبية التى تعانى من الفراغ الأمنى مدينتا درنة وبنغازى فالمدينتان تشهدان اختراقات وانفلاتًا أمنيًا إلا أن باقى المدن الليبية تعد فى حالة آمنة ومستقرة نسبيا.
∎ ما هى أسباب الاختطافات المتكررة داخل ليبيا؟
- الاختطافات نتيجة مباشرة للفراغ الأمنى وليس موجها لطرف بعينه فقد حدث أن هرب عدد هائل من المساجين عقب الثورة لم يتم استعادة العدد الأكبر منهم حتى الآن وهم سبب مباشر فى هذه الظاهرة والتى لا تعتبر مرشحة للاستمرار وهى فى انحسار مستمر.
∎ ماذا عن دور الجيش الليبى فى مواجهة المليشيات المسلحة التى تعددت فى ليبيا؟
- الجيش الليبى يسعى لضم تلك الكتائب التى قامت بمجابهة نظام القذافى كأفراد لتكون ضمن أفراد القوات المسلحة والأمن، والمساعى مستمرة لضم الآخرين وتهيئة المناخ بالإضافة إلى أن هناك معالجة أخرى بفتح باب التأهيل والتدريب وفتح باب الدراسة فى الداخل والخارج بالإضافة إلى إيجاد فرص عمل من خلال مشاريع صغرى للمساهمة فى عملية التنمية.
∎ ماهو الدور الحالى الذى تقوم به فرنسا داخل ليبيا؟
- ليس لفرنسا داخل ليبيا أى دور استثنائى فمثلها مثل أى دولة أخرى.
∎ كيف يتم تأمين الثروة البترولية الليبية وسط الفراغ الأمنى الحالى؟
- بشكل كامل عن طريق القوات المسلحة.
∎ ظهرت بعض الأقاويل عن عدم تدعيم ثورة 30 يونيو؟
- لا صحة لهذه الأقاويل فثورة 30 يونيو هى استكمال لثورة 25 يناير هى تعبير حقيقى عن إرادة الشعب المصرى وثورة 17 فبراير الليبية هى أيضا كذلك ولا يمكن لهاتين الثورتين الا أن تكونا فى خندق واحد.
∎ هل هناك دور للقبائل الليبية فى المساعدة على القضاء فى الفراغ الأمنى؟
- للقبائل الليبية دور هام للمساعدة فى الملف الأمنى لكن هذا الدور ينحصر فى جانبه الاجتماعى فقط وليس السياسى.
∎ ماذا عن دور الإخوان حاليا داخل ليبيا؟
- الإخوان فى ليبيا جزء من المشهد السياسى الليبى الحالى إلا أنهم لم يتحصلوا على الأغلبية فى انتخابات المؤتمر الوطنى فى ليبيا والتى جاءت فى صالح التحالف وأعتقد أنه من الصعب تحقيق مدى تأثير الإخوان على المشهد الليبى، وفى كل الأحوال فإن العمل الحزبى فى ليبيا مازال فى طور الولادة وبالتالى لايمكن تحديد آثاره على المشهد السياسى الليبى الحالى.
∎ ماذا عن ملاحقة بقايا النظام الليبى البائد مثل قذاف الدم فى مصر؟
- ليبيا حريصة على استجلاب كل هؤلاء وكل من تلوثت أيديهم بالدماء أو أموالهم وهذا حق مشروع للشعب الليبى، وهذا الطلب قائم ومستمر ولن يتوقف فلا يجوز أن يحجب هذا عن الشعب الليبى فهو مطلب عادل ولا يمكن التنازل عنه وهذا الملف يعالج حاليا بطريقة قانونية وفقا للثوابت المتفق عليها قانونيا.