معهود عنه الهدوء والموضوعية فى التحليل رغم الأجواء الاستثنائية المحيطة بمصر، يبتعد فى حديثه عن تلك الشعارات الرنانة التى يطنطن بها ليل نهار هؤلاء الخبراء على الفضائيات.. هو أحد أبطال حرب أكتوبر لا يعرف إلا الدقة، ولكونه دبلوماسيًا فيقدم من الطرح الاستراتيجى رؤية جديدة ومختلفة تستند للخبرة والمعرفة.. إنه السفير حسين هريدى مساعد وزير الخارجية الأسبق، ومدير إدارة إسرائيل الأسبق، وسفير مصر فى عدة دول منها أمريكا وإسبانيا وباكستان.. فكان من الضرورى أن نجرى معه هذا الحوار للتعرف على تفاصيل التغييرات فى المنطقة وتأثيرها على المرحلة المصيرية التى تمر بها مصر! ∎ فى لقطة بانورامية ما هى قراءتك للتغيرات المحورية التى تشهدها المنطقة.. هل هى استكمال لإعادة رسم خريطة الشرق الأوسط من جديد؟
- لست من المتحمسين لمصطلح «الربيع العربى»، لأنه غربى، لا يلخص حقيقة ما يشهده العالم العربى من تغيرات فى الوقت الحالى، فالتغيرات التى تشهدها المنطقة نتيجة لعوامل داخلية وخارجية وإقليمية، فنجد كل الدول العربية التى شهدت اضطرابات أو قلاقل أو احتجاجات كانت دولاً تتسم بعدة صفات، قيادات إما كبرت فى السن، أو قيادات مكثت فى السلطة لفترة طويلة، فحدث بسبب ذلك انسداد فى النظام السياسى، وفى نفس الوقت كانت هناك موجات من الشباب الصاعد، بأفكار جديدة، ومن ثم حدثت المواجهة بين الطرفين، هذه القيادات التى شاخت لم تستوعب هذه التطلعات الصاعدة للشباب بطريقة واقعية ومدروسة، بحيث تتخذ من السياسات والإجراءات التى تمكنها من التعامل مع هذه الموجات. بالإضافة إلى السياسات الاقتصادية المتوحشة التى أدت إلى تفاقم الأوضاع الاقتصادية، مما أثر اجتماعيا، ومجمل هذه العوامل الداخلية أدى إلى تلك الانفجارات التى شهدناها فى الدول العربية.
∎ وماذا عن العوامل الإقليمية والدولية؟
- العوامل الإقليمية، تنطلق من أننا نعيش فى مرحلة استكمال تنفيذ المشروع الصهيونى، الذى يعود إلى مؤتمر «بازل»، الذى يرمى إلى إنشاء دولة إسرائيل الكبرى، لكن يتم تنفيذه على مراحل تاريخية، الأولى بدأت بإعلان بازل الثانية بوعد بلفور، والثالثة كانت مع إعلان قيام الدولة العبرية 1948 أما المرحلة الرابعة كانت فى 1967 والخامسة فى تطبيع العلاقات مع مصر وإسرائيل بمعاهدة السلام، والمرحلة الأخيرة الانتهاء من مشروع إسرائيل الكبرى، ويتم فيها تحديد حدود دولة إسرائيل، التى لم تحدد حتى الآن وهذا عن قصد، وكما قال «بن جوريون: حدود إسرائيل تنتهى عند الحد الذى يستطيع جندى المشاة الإسرائيلى أن يصل إليه.
أما عن العوامل الدولية فتعود إلى أن الولاياتالمتحدةالأمريكية تريد تنفيذ مشروع القرن 21 الأمريكى، كما كان القرن 20 هو the American century ، ولكن الأوضاع تغيرت الآن، سواء كانت الاقتصادية، والمؤامرات العسكرية الأمريكية فى كل من العراق وأفغانستان كان لها تأثير كبير على الاقتصاد الأمريكى، ومن ثم تستغل أمريكا الأحداث التى تمر بها الدول العربية بما يخدم مصالحها، ومن أجل حلم القرن الواحد والعشرين الأمريكى.
∎ وهل نجح الأمريكان فى استعباد الأنظمة الإسلامية الصاعدة لخدمة مصالحها؟
- كل ما تريده أمريكا فى إطار ما يشهده العالم العربى من تغيرات إنشاء نظام إقليمى تكون إسرائيل نقطة الارتكاز الرئيسى فيه، وفى هذه التغيرات، الولاياتالمتحدة تحدثت كثيرا عن الديمقراطية، ولكنى أشك أن الديمقراطية تعنيها من قريب أو من بعيد.. الولاياتالمتحدة تريد أن تتعامل مع قوى تفرزها الآليات الديمقراطية، ولكن تكون قوى موالية للمصالح الأمريكية، ومن هذه المصالح هو ضمان أمن إسرائيل، بل التعامل مع إسرئيل وقبولها فى الإقليم، وأن تعترف بالمشروع الأمريكى الصهيونى بأن يقام شرق أوسط جديد، تكون إسرائيل هى المحرك الأساسى فيه.
∎ إذا تحدثنا عن أزمة قطع العلاقات المصرية السورية.. لماذا وصفته بأنه قرار طائفى وليس سياسيًا؟
يجب عند تحليل مضمون القرار أن نضعه فى إطار سياق زمنى لأحداث وقعت خلال الأيام الأخيرة، فكما تعلمون جاء «محمد العريفى»، ليلقى خطبة الجمعة فى دولة الأزهر، ودعا إلى الجهاد بالنفس والمال فى سوريا، وهى دعوة للشعب المصرى أن يذهب لسوريا ليقتل عربًا ومسلمين، وقبل مجىء العريفى، كان يوسف القرضاوى أصدر فتوى غريبة للغاية أن إيران وحزب الله غير مسلمين، وهى تمثل انحرافًا شديدًا عن تعاليم الإسلام وتتناقض تماما مع خطبة الوداع، ومن ثم ضرب القرضاوى لنا أغلى وصية تركها لنا الرسول، أيضا مؤتمر نصرة سوريا عن طريق جماعة تابعة للإخوان المسلمين وأعلن فيه قطع العلاقات مع سوريا، وكل هذه الملابسات المحيطة باتخاذ القرار أكدت بقوة أن قطع العلاقات مع سوريا طائفى وليس قرارًا سياسيًا، لأنه يستجيب إلى الخطة الاستعمارية الأمريكية الصهيونية إلى تقسيم العالم إلى سنة وشيعة، ومصر كانت دائما ترتفع فوق الخلافات المذهبية الطائفية، وأستطيع أن أقول إن السياسة الخارجية المصرية الآن مذهبية وليست وطنية أو قومية، لأنه لا يمكن للقاهرة التى ينظر إليها الجميع بأنها موحدة العرب، تصبح عاملاً من عوامل الانقسام والاقتتال بين العرب والمسلمين .
∎ وهل نستطيع أن نقرأ القرار فى ضوء استرضاء الإخوان لأمريكا لإنقاذ نظام مرسى قبل سقوطه، خاصة بعد إعلان أمريكا تسليح المعارضة السورية؟
- أعتقد أن هذا تزامن غير مقصود، بل أصل إلى أبعد من ذلك هو أن الولاياتالمتحدة فوجئت بالقرار المصرى، لأنه لن يضيف شيئا لها، ولأن قرار مصر بقطع العلاقات لن يؤثر سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة على مجريات الصراع فى سوريا، لأنه صراع على سوريا نفسها، والقرار أوضح فقط أين تقف مصر على خريطة هذا الصراع.
الموقف المصرى من الأزمة السورية بالنسبة للأمريكان لن يقدم أو يؤخر كثيرا، لأن مصر طرحت المبادرة الرباعية فى العام الماضى، وانتظر العالم تحركًا ما، ولم تسفر هذه المبادرة عن شىء، ولا تنتظر أمريكا من مصر بخصوص الأزمة إلا ما يخدم الأهداف الأمريكية فى سوريا، وهى أهداف مازالت حتى الآن غير واضحة، تارة يتحدثون عن ديمقراطية وتارة عن رحيل الأسد، وتارة يدعمون جبهة النصرة، ومن ثم هناك ارتباك أمريكى فى التعامل مع الملف السورى.
لكن مصر بالفعل تلعب فى الفناء الخلفى الأمريكى، وتحليل بسيط للسياسات الخارجية المصرية منذ تولى الإخوان الحكم، ستكتشفين بكل وضوح أنها تصب فى إطار مصالح أمريكا وتوجهاتها سواء على صعيد الأزمة السورية، أو القضية الفلسطينية وإيران.
∎ إلى أى مدى ستظل العلاقة رومانسية وهادئة بين الأمريكان والإخوان؟
- طالما ظل الإخوان فى الحكم.
∎ وكيف تقرأ لقاء بعض أحزاب المعارضة مع مساعدة وزير الخارجية ويندى شيرمان فى الأيام الماضية لبحث 03 يونيو؟
- بضيق شديد.. بمنتهى الصراحة مثل هذه التصريحات الصادرة عن المسئولين الأمريكان، مرفوضة بالنسبة لى شكلا وموضوعا، لأن الولاياتالمتحدة ليست وصية على الشعب المصرى، وأنا أتحفظ كثيرا على اللقاءات التى تعقد بين ممثلى المعارضة وبين كبار المسئولين الأمريكيين، ويدعونا كشعب ووطنيين وقوميين أن نتساءل لماذا تجلس المعارضة مع الأمريكان.
∎ ولماذا يعطى نفس الحق للحزب الحاكم بل مكتب الإرشاد والشاطر أن يجلس باستمرار مع آن باترسون؟
- حتى هذا مرفوض، يتحدثون فى أى شىء إلا شئوننا الداخلية، فأجدادنا ناضلوا ضد الاحتلال الإنجليزى وضد هذه الوصاية الغربية على الملك والقصر آنذاك، فكيف نكرر تجربة هذا الاحتلال البريطانى فى ثوبه الأمريكى الجديد.. نحن نرفض الوصاية الأمريكية على القرار المصرى، ويجب أن نفرق بين أن تكون لدينا علاقات جيدة مع الولاياتالمتحدة وبين الوصاية على الحياة السياسية المصرية، وإذا كانت المعونات العسكرية والاقتصادية هى التى تضطرنا لهذه الوصاية، فنحن لسنا بحاجة إليها ونستطيع أن نعيش بدون هذه المساعدات، فالشعب المصرى صاحب المصلحة الأساسية للتغيير فى حياته، ولا أعلم لماذا نشرك الولاياتالمتحدة فى شئوننا الداخلية، فهى دولة لها مخططاتها المضرة بنا، فلا يجب أن ندور فى فلكها.
∎ وما رأيك فى تخوفات أمريكا من يوم 30 يونيو وتبعاته؟
- كل مايهم أمريكا هو استقرار مصر، لصالح مصالحها، ومنها أمن إسرائيل، ولن تفضل أمريكا أن يكون هذا الاستقرار على حساب مصالحها فى الشرق الأوسط، فهى تعمل على مسارين الأول باعتبار أن مصر أكبر دولة عربية وما يحدث فيها يؤثر بالتبعية على محيطها العربى والإفريقى والإسلامى، ولكن فى نفس الوقت لا تريد أمريكا أن يتم هذا الاستقرار على حساب معاهدة السلام الإسرائيلية المصرية، ولا على حساب الاستراتيجية الأمريكية فى الشرق الأوسط ككل.
∎ وماذا عن المشهد التركى.. فى ظل احتمالات نزول الجيش هناك أيضًا.. فمع أى طرف سينحاز للشعب أم للنظام الإسلامى الذى انقلب عليه فى مطلع الألفينيات؟
- النظام التركى هو الذى أثار مسألة احتمالية نزول الجيش التركى، عندما أعلن أحد المسئولين الأتراك ذلك، أنه فى حال استمرار حركة الاحتجاجات سيلجأون للقوات المسلحة، وفى رأيى بالنسبة للجيش التركى له حساباته، ولن يتحرك إلا فى حالتين، أن تعم الاحتجاجات كل تركيا وتتآكل شرعية الحكم رويدا رويدا، والشرط الثانى هو ألا تعارض الولاياتالمتحدة تدخل الجيش التركى للسيطرة على الأوضاع.
∎ أوجه الشبه بين احتجاجات تركيا ومصر ضد نظام مرجعيته «متأسلمة»؟
- نفس الحجج التى يسوقها أردوغان هى نفسها التى يتحدث بها الإخوان فى مصر، وهى شرعية الصندوق، ولكن فى رأيى أن الصندوق جزء من الشرعية وليس الشرعية كلها، إذا لم تحترم عنصرًا من عناصر الشرعية، فشرعية النظام الحاكم تنهار بالتدريج، وهو ما يحدث فى تركيا وما يحدث فى مصر أيضا، فهناك طغيان شديد ونزعة استبدادية كبيرة، ونوع من الاستعلاء فى مخاطبة مرسى وأردوغان لشعبهما، بشكل لا يليق بأى حاكم ديمقراطى، وماتشهده تركيا يدل أن نظم الإسلام السياسى لا تفهم من الديمقراطية إلا الانتخابات فقط، وأردوغان نفسه قال «الديمقراطية كالقطار نوجهه حيثما أردنا ونهبط منه حيثما شئنا»، فالديمقراطية لهذه النظم ليست أسلوب حكم بل هى سلم ووسيلة.
∎ هل الربيع العربى وصل قطر بانقلاب «تميم» الناعم؟
- كلها مبالغات، ويمكن أن نقرأ ما يحدث فى قطر على أنه صراع على سلطة داخل الأسرة، لكن هذا لا يعنى أن هناك عدم استقرار سياسى بقطر، فهى دولة صغيرة وغنية، ولكنها إعادة ترتيب البيت القطرى من الداخل على مستوى الأسرة الحاكمة، وترتيب لمرحلة ما بعد الشيخ حمد بن خليفة.
∎ هل الأزمة المصرية الإثيوبية ضمن التغييرات الجوهرية فى المنطقة؟!
- أخطأنا كثيرا فى تناول هذا الملف، سواء قبل 25 يناير أو بعدها، وانتهجنا خطابًا رسميًا وإعلاميًا فوت الفرصة علينا، أن نتوصل إلى حلول تسمح لكل من إثيوبيا ومصر لتحقيق الاستفادة القصوى من النيل، بالإضافة إلى أن معالجتنا لاتفاقية عنتيبى فهى اتسمت بالعصبية منذ البداية، ومن ثم كان التناول لم يكن فيه بعد رؤية استراتيجية، بل تجاهل العلاقات بين إثيوبيا ومصر، وكأن سد النهضة مبنى قائم بذاته، وهذا أدى إلى مزيد من تعقيد الأمور، وربما لو تناولنا ملف إثيوبيا فى إطار استراتيجية مصرية شاملة تجاه إفريقيا، وتضم كل دول حوض النيل.
ولكن عموما زيارة وزير الخارجية الإثيوبى سوف تفتح صفحة جديدة مع سد النهضة، بتناولنا الخاطئ لسد النهضة، حولنا من مجرد بناء هندسى أمام الشعب الإثيوبى إلى مسألة كرامة، وكل ذلك يعود إلى الخطابين الإعلامى والسياسى، خلفت حالة من النفور لدى إفريقيا السوداء تجاه مصر عموما.
∎ لماذا هذا التصعيد السودانى من الجنوب والشمال ضد مصر؟
- أؤكد أننا ابتعدنا عن إفريقيا بعد 30 يونيو الماضى عما قبل، وهناك تصريح للسفيرة منى عمر مساعد وزير الخارجية السابق للشئون الإفريقية، قالت فيه إن زيارتها قبل 25 يناير فى 44 مهمة للدول الإفريقية، وبعد الثورة ولا مهمة قامت بها، وهذا يدلل على مدى عدم صدق الحديث عن العودة إلى إفريقيا.
ويجب أن نتوقف عن الحديث عن الحقوق التاريخية لمصر فى مياه النيل، فمن الممكن أن نتناول الموضوع ليس تحت هذا العنوان، لأنه من الطبيعى أن يكون ردود الدول الإفريقية أنهم لا يعترفون بها، لأن هذه الحقوق كانت بيننا مع الاحتلال الإنجليزى وهم غير ملزمين بهذه الاتفاقيات، ولديهم كل الحق فى ذلك.
يجب طرح الموقف المصرى بعيدًا عن الحقوق التاريخية، لأن حوض النيل العمق الاستراتيجى الأول لمصر، ومصر لاتتعامل وفق هذا المفهوم الاستراتيجى، فنحن نتعامل باستعلاء عليهم، وهو ما يشكل طرحًا غير بناء من وجهة نظر دبلوماسية واستراتيجية.
∎ كثيرون يشبهون دور روسيا الآن بنهوض أمريكا بعد الحرب العالمية الثانية بعد دعمها القوى للنظام السورى؟
- الموقف الروسى هو الموقف الرابح فى الأزمة السورية، والدليل على ذلك البيان الذى صدر من مجموعة الثمانية، فهو موقف عاقل، أخذ كل الأبعاد الإقليمية والدولية فى الاعتبار، بل اتفق مع ما جاء فى البيان الختامى من حيث الالتزام على تحقيق حل سياسى على أساس رؤية ديمقراطية لسوريا موحدة وتسع الجميع، وتؤيد بقوة قرارعقد مؤتمر جنيف للسلام بسوريا، مع ضرورة الحفاظ على القوات العسكرية وأجهزة الأمن فى أى ترتيب مستقبلى، كما أعربت فى البيان عن قلقها لتنامى خطر الإرهاب والتطرف فى سوريا، وطغيان الطابع على كل أشكال النزاع، وكم تنميت أن مصر تقول مثل هذا الكلام، لأن هذا دور مصر القومى والوطنى أن تطرح مثل هذه المبادرات ويكون موقفها بهذا النضج.
∎ تغير موقف النظام الإخوانى من حزب الله بعد أن كان بطلا فى 2006 ضد إسرائيل.. الآن أصبح عدوًا وغير مسلم.. فما قراءتك لهذا التغيير؟!
- «الطائفية» أصبحت السمة الأساسية للسياسة المصرية الخارجية، وبدأت عندما أعلن رئيس الجمهورية، بعد زيارته الأولى للرياض بأن مصر والسعودية دائما يدافعان عن الإسلام السنى، فكانت أول مرة يصدر هذا التصريح من القاهرة، لأنه بالنسبة لمصر والمصريين، لم يكن هناك إسلام سنى أو شيعى، فدائما مصر كانت تتبنى خطابا يدافع عن الإسلام، والأزهر كان يدعو إلى توحيد الأمة الإسلامية، وكل الأنظمة السياسية فى مصر التى تعاقبت على الحكم كانت تتحدث من منطلق أمة إسلامية واحدة، وطوال الوقت لم نتعامل مع الأمة الإسلامية بطريقة مذهبية، ولكن نظام الإخوان يتعامل بمنطق مختلف وهو طائفى، كما تابعنا تغير موقفهم من حزب الله بعد معركة «القصير» .
∎ ما هو مستقبل العلاقات المصرية الإيرانية فى ظل رئاسة جديدة لحسن روحانى؟
- الرئيس الشيخ الدبلوماسى «حسن روحانى» كما يسمونه، فى رأيى أمامه عدة ملفات أولها تحسين الأوضاع الاقتصادية فى إيران، وتحسين العلاقات الإيرانية مع دول الجوار خاصة السعودية، بالإضافة إلى التعامل مع تداعيات الأزمة السورية خاصة بعد قرار أمريكا لتسليح المعارضة، وقرار السعودية تزويد الجماعات المسلحة بصواريخ مضادة للطائرات.. ومن ثم ستكون هذه هى أولويات الرئيس الجديد، وبالتالى علاقات مصر- إيران ستأتى فى هذا الإطار، وإذا كانت مصر ستدخل فى تحد سافر مع حزب الله، فلا يمكن الحديث وقتها عن تحسين فى العلاقات المصرية الإيرانية على الإطلاق.
∎ إلى متى سنعانى من أزمة العلاقات مع الخليج؟
- هى علاقات تدعو للأسف، وتصريحات الإخوان ضد الإمارات لا تخرج عن أى وطنى مصرى، العلاقات مع دول التعاون الخليجى متدهورة للغاية، فالعمقان الاستراتيجان لمصر غير مستغلين على الإطلاق، سواء مع دول حوض النيل أو دول مجلس التعاون الخليجى، والأزمة الحقيقية ما بين الإخوان والإمارات، لأنه تم فضح مؤامرة الجماعة ليس فقط فى الإمارات وإنما أيضا فى الكويت، لكنها ليست أزمة بين مصر والإمارات، بل بين الإخوان وهذه الدول.
∎ ما رأيك فى تكفير من يشاركون فى 30 يونيو؟
- كما تعرفين أن الحركة الوطنية المصرية منذ ثورة ,1919 قامت على عدة مبادئ، أبرزها فصل الدين عن الدولة، ولا سياسة فى الدين والعكس، وظلت الحركة الوطنية المصرية ترفع هذا الشعار وتؤمن به، وتتحدث عن وحدة عنصرى الأمة، لكن الآن نحن نعيش فى فترة عصيبة، تقوم فيها جماعة الإخوان المسلمين وقوى الإسلام السياسى على توظيف الدين ليس فقط لإحداث فرقة بين المسلمين والمسيحيين، بل بين المسلمين أنفسهم، لكن الشعب المصرى أكبر وأنضج من هذه الدعوات التخريبية المرفوضة شكلا وموضوعا.
∎ ماذا لو فشل 30 يونيو أو نجح؟
- يتحدد ذلك بناء على متى سنقول فشل أو نجح، فكله يتوقف على كبر حجم التعبئة الشعبية والحشد الشعبى، فإذا كان فيه حشد شعبى كبير، وقتها ستكون حركة تمرد نجحت، وستكون قد أوصلت رسالة لجميع دول العالم ونظام الإخوان، أن الشعب المصرى لن يستكين ولن يقبل بأى حال من الأحوال أن تقمع حرياته، وأن يعيش فى ظل نظام استبدادى، يريد أن يستولى على السلطة ويقصى قوى المعارضة السياسية من الحكم، فأنا أراهن على الشعب المصرى وقدرته على نيل حريته وكرامته.
∎ وماذا عن المواجهات ونزول ميليشيات إسلامية تدافع عن النظام؟
- مؤكدًا أن الشعب المصرى لن يقتنع بهذه المخاوف، لأنه هيكون ضربا من الجنون لو فكر أى فصيل من هذه الجماعات أن يتعامل بهذا الأسلوب العنيف مع حركة الاحتجاجات الشعبية المتصاعدة، لأنها لن تؤدى إلى زيادة سخط الشعب على النظام الحاكم.
∎ وما توقعك عن موقف الجيش وقتها فى أى اتجاه سيتحرك مع الجماعات الإسلامية وحماية الشرعية أم الشعب؟
- الجيش المصرى يقف دائما مع الشعب المصرى.
∎ إيه البديل بعد محمد مرسى؟
- مصر مليئة بالكفاءات، وأنا أفضل أن يتولى رئيس المحكمة الدستورية العليا السلطة مؤقتا مع تشكيل مجلس قيادة الثورة، يضم كبار قيادات القوات المسلحة، وممثلين عن جميع فصائل المعارضة المصرية غير الدينية، وتعلن بدء مرحلة انتقالية تمتد 18 شهرا، ويتم خلال هذه الفترة تشكيل جمعية تأسيسية لصياغة دستورجديد، ليكون دستوراً ديمقراطياً حقيقياً، والإعلان عن الانتخابات نيابية ثم رئاسية، ومن ثم تدخل مصر مرحلة تحول ديمقراطى حقيقى، لتأسيس نظام ديمقراطى يستوعب كل القوى السياسية وفصائل المعارضة المختلفة، وأن يكون كل هذا قائم على إجماع وطنى، من خلال مجموعة من الأهداف لا خلاف عليها، ويخرج الشعب المصرى منتصرا من هذه المعركة أو الملحمة.
∎ سقط مرسى.. ووقف الأسد على قدميه من جديد.. ما موقف الأمريكان وقتها؟
- فى رأيى لو تحقق هذا السيناريو ستكون الولاياتالمتحدة حريصة على الحفاظ على معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية، والحفاظ على الهدوء فى هضبة الجولان، وسيتحدثون كثيرا عن التحول الديمقراطى وحقوق الإنسان، ولكن كما قلت سابقا الأوضاع المصرية شأن داخلى ويجب أن يكون مستقلاً.
∎ كيف نتعامل مع الإخوان المسلمين والإسلاميين بعد سقوطهم؟
- الشعب المصرى شعب لديه حضارة كبيرة، يكره الظلم ويتوق دائما للعدل، فالحضارة تجرى فى دمائه، فهو أثبت أنه أكبر من أى قوة احتلال داخلى أو خارجى، حتى لو كان الآخر ذلك يمد يده بالعنف، فمصر قادرة على تذويبهم داخل بوتقة حضارتها.
∎ هل ستشارك يوم 30يونيو؟
- بكل تأكيد، نريد التغيير، فالثورة الحقيقية لم تأت بعد، فأنا شاركت فى حرب أكتوبر، واعتز بهذه الأيام العظيمة الذى كان لا يبحث أحد عن التضحية التى يقدمها، والكل كان يعمل من أجل مصر، أتمنى أن تعود هذه الأيام، لأننى أستشعر الخطورة على الوطن من مشروع الإخوان، الذين لا يؤمنون بقيمة الدولة المصرية، وأخشى على الجيش المصرى من توريطه والقضاء عليه كما حدث فى سوريا والعراق، فهذا من مصلحة الأمريكان والصهاينة بشكل أساسى.
∎ ما رأيك فى إفقار النظام الحاكم لمؤسسة «روزاليوسف» العريقة التى تعود بدايتها 88 عاما؟
- هى محاولات لتكميم الأفواه من جماعة الإخوان المسلمين تمارسها ضد الأصوات المعارضة لها، فستظل مؤسسة «روزاليوسف» قلعة للتنوير والتحرر، وكيانًا يحتفظ بالمقاومة ضد الأفكار الرجعية، وكانت دائما وأبدا على يسار السلطة تعارضها وتنتقدها.