فاجأ د.سعد الحسينى محافظ كفر الشيخ أثناء حضوره حفل افتتاح المعهد العلمى لإعداد الدعاة بقاعة الشعب بمدينة كفر الشيخ الجميع بتصريحه بتحويل مراكز الشباب بالمحافظة إلى أقسام لنشر الدعوة الإخوانية فى إشارة واضحة لأخونة الأنشطة هناك.. مع التلميح بتحويل قصور الثقافة أيضا الأمر الذى أثار جدلا واسعا طوال الأسبوع الماضى رغم نفى القيادات الإخوانية لاختراق كل مؤسسات الدولة ونفى المحافظ نفسه.
الخطير أن الحسينى فى كلمته فى احتفالية إقامة قسم نشر الدعوة بقاعة الشعب.. كشف انتماءه لجماعة الإخوان المسلمين لتعلمه فهم كتاب الله. وأضاف أنه بعد مرور 80 عاما أصبح أحد تلاميذ حسن البنا حاكما لمصر وأشار إلى قول الله تعالى «الذين إن مكناهم فى الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة»... إلى آخر الآية.. وهذا هو دور الحكام المسلمين لنشر العدل والمساواة.. وأضاف أنه مسئول عن الدعوة بجانب مسئوليته التنفيذية والسياسية وأن مهمة عمل المحافظ هى رعاية الأخلاق والقيم العامة وحفظ الأمن طبقا للقانون، وأضاف: إن معاهد إعداد الدعاة لنشر العلوم الدينية هى أعظم صنيع لهذه الأمة من خلال الدعاة للدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، وأضاف أن مدارس المحافظة ومراكز الشباب وقصور الثقافة مفتوحة للدعاة لنشر الدعوة. تصريح المحافظ أثار الذعر والقلق على المسئولين فى وزارة التربية والتعليم باعتبارها تابعة لقيادة إخوانية وأنها أكثر الوزارات التى تشهد تعييناً لقيادات والسيطرة على مفاصل الوزارة، وبما أن مراكز الشباب تابعة لزعيم الفرقة 95 المسلحة للإخوان المسلمين د.أسامة ياسين، فمن السهل تنفيذ تصريح الحسينى بها ويفتحها لنشر الدعوة، لنبقى أمام الرهان على وزارة الثقافة التى تعلو صيحات المثقفين أنها من الوزارات التى لن يجرؤ الإخوان على اختراقها، هل يمكن تحويل قصور الثقافة إلى أماكن لنشر الدعوة على الطريقة والمنهج الإخوانى؟ وهل يمتلك «الحسينى» هذه الصلاحيات؟ وهل يسكت المثقفون أمام تحويل قصور الثقافة والمعرفة والتنوير إلى مراكز لتظليم العقول وتغييبها وتحريضها على تكفير وقتل الآخر لتنتشر فى كل محافظات مصر؟! وأسئلة طرحتها روزاليوسف على المسئولين والمثقفين تكشف حجم الأزمة التى هى الآن فى ملعب وزارة الثقافة. سعد عبدالرحمن رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة من جانبه قال: إنه لايصدق أن شخصا مسئولا وعلى وعى بالقوانين الإدارية يقول كلاما مثل ذلك و«أضاف عبدالرحمن إذا صحت هذه التصريحات التى أدلى بها محافظ كفر الشيخ فعليه أن يراجع قانون الإدارة المحلية ويقرأ الجهات التابعة لإدارته والتى تسرى عليها قراراته، ومن ثم قانونيا ليس للمحافظ أو المحليات سلطة على قصور الثقافة، بل هى تتبع وزارة الثقافة مباشرة. وقال عبدالرحمن: من جانبى أصدرت تعليماتى لجميع مديرى قصور الثقافة بعدم توظيف القصور لخدمة تيار أو فصيل سياسى معين، بل هى ملك جميع المصريين وليست للدعاية السياسية المباشرة وغير المباشرة. أما الوعظ والدعوة فله أماكنه المتعددة من مساجد وأوقاف، بل إن قصور الثقافة نفسها تقدم الأنشطة الدينية طوال العام وليس فى شهر رمضان فقط من خلال عناوين الكتب الدينية التى تصدرها بأسعار زهيدة وآخرها كتاب «السيرة النبوية لابن هشام فى أربعة مجلدات، والإسلام فى عصر العلم لمحمد فريد وجدى، فضلا عن عشرات الندوات التثقيفية الدينية. فى حين وصف د.شاكر عبدالحميد وزير الثقافة الأسبق هذه التصريحات بأنها غير مقبولة وأنها تشكل تغولا من قبل السلطة التنفيذية، وأضاف: إن الهدف الذى أنشئت عليه قصور الثقافة هو تنشيط الحركة الثقافية وتقديم خدمة ثقافية للمصريين بالمحافظات الذين تبعدهم المسافة عن العاصمة لتشكل متنفسا لهم ولإبداعاتهم، أما الدعوة الدينية ونشرها فلها أماكنها المخصصة كالمساجد، ومن الطبيعى أن قصور الثقافة أنشئت لتستوعب كل المصريين مسيحيين كانوا أو مسلمين ومن ثم لا يمكن أن تصبح حكرا على جماعة أو فصيل أو تيار معين. «قصور الثقافة لاتتبع إلا وزارة الثقافة» والكلام المقتضب والواضح هنا ل د.محمد سلماوى رئيس اتحاد الكتاب.
أما الشاعر الكبير جمال بخيت فقال «أشك أن أى محافظ أو مسئول يفكر فى هذا الأمر، أما إذا كانت قضية مطروحة فى المجتمع فرأيى أن قصور الثقافة كأى مؤسسة ثقافية هى أحد مكونات الدولة المصرية ويجب أن تحفظ هيبتها واستقلاليتها بعيدا عن أى محاولات للاستيلاء عليها. وأضاف بخيت «أى شخص يريد غلق مكان يشع بالفكر والحضارة والثقافة والتنوير تحت أى مسمى فهو يريد شعبا جاهلا ومن ثم فهو يخدم الشيطان والصهيونية». أما الروائية سلوى بكر فقالت: هذه التصريحات غير مستغربة ونحن متوقعون عداء للثقافة من قبل جماعة الإخوان المسلمين والتيارات الإسلامية بشكل عام، مضيفة: ماذا ننتظر من محافظ كفر الشيخ الذى يمثل أبرز قيادات جماعة الإخوان المسلمين؟! وأضافت: قصور الثقافة ليست ملكا للدعاة ولا لحزب الحرية والعدالة وجماعة الإخوان المسلمين، بل هى ملك للشعب المصرى التى تتبع إحدى مؤسسات الدولة المصرية ذات التقاليد الثقافية العريقة. سلوى بكر عادت مؤخرا من سفريتها لتونس وقالت لنا: السيناريو الذى يمارس ضد حرية الإبداع والرأى فى مصر وجدته أيضا بتونس على أيدى النظام الحاكم لجماعة الإخوان المسلمين، حيث تم تقديم الكاتبة الصحفية رجاء بن سلامة للمساءلة القضائية لأسباب تتعلق بحرية الرأى والتعبير وكأنه جزء من مخطط روحى ومن هنا تأتى الخطورة. استخدام قصور الثقافة فى الدعوة كالمساجد يمثل اعتداء غير مقبول والكلام هنا للروائى فؤاد مرسى الذى أضاف: قصور الثقافة أنشئت من أجل حصول المواطن البسيط على حقه من الثقافة ولكن هذا لا يعنى أبدا فرض توجه فكرى أو سياسى أو دعوى بعينه على هذا المواطن، وأن تصبح القصور وسيلة مستخدمة من الأحزاب السياسية للترويج لأيديولوجيتها وأنه ليس من مصلحة الشعب أن تتحول قصور الثقافة إلى بؤر دينية أو سياسية لتيار معين. وأخيرا يسأل مرسى متعجبا: هل فرغ محافظ كفر الشيخ من معالجة كل المشكلات فى إقليمه حتى يفكر فى الوجبات الثقافية التى يجب أن تقدم للمواطنين ونشر القيم والأخلاق كما قال وهل انتهى السيد المحافظ من مشكلات الطرق والمواصلات والصرف الصحى ورغيف العيش ومشكلات الصيادين على وجه الخصوص حتى يتبقى أمامه مهمة تحويل قصور الثقافة إلى مراكز دعوية. من جانبه قال الشاعر عبدالمنعم رمضان: يبدو أن الإخوان المسلمين بدءا من المرشد ورئيس الدولة إلى القيادات أمثال محافظ كفر الشيخ ينظرون للشعب المصرى الذين ليسوا متعاطفين معهم ومؤمنين بأفكارهم على أنهم إما نخب مثقفة شريرة تدفع المجتمع للإلحاد لذا يجب استئصالها.