الورد اللى فتح فى جناين مصر تعرض خلال العام الماضى ولايزال يتعرض للتعطيش حتى الموت، لكنه مصر على استكمال ثورته، وتقديم مزيد من الشهداء من أجل الحرية والعيش والكرامة الإنسانية واستعادة مصر، فروى فيضان دماء طاهرة شوارع وميادين مصر من «محمد محمود» وحتى أعتاب الاتحادية.. ومسجد القائد إبراهيم! ونحن نترقب ما يحدث فى الذكرى الثانية للثورة، أو حتى ثورة الجياع التى ترعب الإسلاميين والإخوان، من المهم أن نذكر المصريين الملهيين فى ضغوط توالى الأحداث بدماء شباب ضحى من أجل مصر أخرى غير التى نراها الآن، بل وتتاجر بهم دساتير وإعلانات دستورية ديكتاتورية لخداع الثوار فقط!
سجل الدماء الطاهرة «ملىء بالشهداء خلال عامى الثورة أكثر من شهداء الثورة نفسها، وأشهرها «كشوف العذرية» الذى بدأ باعتصام لإسقاط حكومة شفيق فى 9 مارس شهد ميدان التحرير هجوما من قبل بعض المجموعات المطالبة بإخلاء الميدان واستخدمت الأسلحة البيضاء والنار والمولوتوف والحجارة حتى تدخلت القوات المسلحة للفض بينهم وفضت الاعتصام بالقوة وتم احتجاز 17 فتاة و500 شاب داخل المتحف المصرى وتم اقتيادهم إلى منطقة عسكرية تسمى «س28» وحينها قامت «سميرة إبراهيم برفع دعوى انتهاك ضد المجلس العسكرى فى القضية الشهيرة بكشوف العذرية!
ومن أشهر أحداث الثورة ذات الصيغة العسكرية «ضباط 8 أبريل» الذين لا تعرف مصائرهم بشكل حقيقى، وكانت بدايتها فى مليونية المحاكمة والتطهير التى كانت 8 إبريل 2011 وشارك فيها 21 ضابطا من الجيش بعد أن شعروا أن المجلس العسكرى الحاكم وقتها يتلاعب بمطالب الثورة، ولكن ألقى القبض عليهم فى فض عنيف لاعتصامهم مع أهالى الشهداء والآلاف من الثوار وشارك فى الهجوم قوات الشرطة العسكرية والمظلات وظهر معهم قوات الأمن المركزى لأول مرة منذ اختفائهم يوم 28 يناير 2011 وحكم على 13 منهم بالسجن مدة 10 سنوات «خففت بعد ذلك من عام إلى ثلاثة أعوام»، ولم يتم التصديق بعد على الأحكام حتى اللحظة والباقون فى انتظار الحكم.
وعادت المواجهات لأحداث الثورة مع موقعة «مسرح البالون» التى لم تحسم حتى الآن، والغريب أن بدايتها كانت احتفالية لأسر الشهداء بالمسرح فى العجوزة، لكن فوجئ الأهالى بقيام عدد ممن وصفوا بالبلطجية يقتحمون المسرح ويعتدون على أسر الشهداء وتلت ذلك اشتباكات بين الطرفين، وهو ما أدى إلى حضور قوات الأمن لفض الاشتباكات وإلقاء القبض على عدد منهم، وكان من بينهم بعض أسر الشهداء، وهو ما أثار حفيظة الأسر وطالبوا بالإفراج عن المحتجزين وتوجهوا إلى مقر وزارة الداخلية للاحتجاج على إلقاء القبض عليهم إلا أن قوات الأمن المركزى حاولت تفريقهم بالقوة، مما أدى إلى سقوط العديد من المصابين جراء تبادل الاشتباكات بين المتظاهرين وقوات الأمن.
ومع الوقت زادت حدة المواجهات واتسعت وتوجهت كلها ضد المجلس العسكرى كهدف، فكانت موقعة العباسية الأولى التى كانت بمثابة بروفة لماسبيرو!، وكانت بداية بمطالبات بمحاكمة رموز النظام السابق ومحاكمة الضباط من قتلة الثوار وتسليم السلطة للمدنيين ونقل مبارك إلى سجن طره، واستبق المجلس العسكرى بإصدار بيانه رقم 69 الذى اتهم فيه حركة شباب 6 أبريل بالسعى للوقيعة بين الجيش والشعب، منعت الشرطة العسكرية المتظاهرين من الوصول لمقر وزارة الدفاع لتقديم مطالبهم وأقامت حواجز عسكرية باستخدام الأسلاك الشائكة والمدرعات ثم أطلقت أعيرة نارية فى الهواء لتفريق آلاف المتظاهرين.
وكان ملاحظا أن الفوضى سادت الشارع ورصيد المجلس العسكرى نفد لدى الثوار، والإخوان كانوا يستغلون ذلك بتكبير الفجوة حتى وقعت أحداث السفارة الإسرائيلية التى اندلعت احتجاجا على الاعتداء الإسرائيلى على جنود مصريين على الحدود أدى لاستشهاد 3 جنود وإصابة 3 آخرين، وطالبت المظاهرات بطرد السفير الإسرائيلى واستدعاء السفير المصرى من تل أبيب ووقف تصدير الغاز لإسرائيل إلا أن رئيس الحكومة حينها د.عصام شرف لم يستجب وتحول الأمر إلى اعتصام انتهى باقتحام السفارة الإسرائيلية.
ووصلت كرة النار حتى أحداث ماسبيرو الدموية التى أطلق عليها البعض لفظ «المذبحة» عندما خرجت تظاهرة سلمية من شبرا باتجاه مبنى الإذاعة والتليفزيون ضمن فعاليات يوم الغضب القبطى ردا على قيام سكان من قرية المريناب بأسوان بهدم كنيسة قالوا إنها غير مرخصة بالإضافة إلى تصريحات للمحافظ اعتبرها الأقباط مسيئة بحقهم ثم تحولت إلى مواجهات بين المتظاهرين وقوات من الشرطة العسكرية والأمن المركزى وأفضت إلى استشهاد 30 شخصا أغلبهم من الأقباط.
وتصاعدت الأحداث حتى وصلنا إلى الموجة الثانية للثورة على خلفية مواجهات «محمد محمود» الدموية فى 19 نوفمبر2011 وسقط فيها شهداء وجرحى تعدوا 3255 شهيدا أعادت للأذهان أجواء يناير، وكان لافتاً اختفاء الإخوان عن المشهد بعدما آمنوا بالصندوق وكفروا بالمظاهرات وكان طبيعيا أن يتم طرد محمد البلتاجى القيادى البارز بالجماعة من الميدان لأن المتواجدين بالميدان هم شباب أرادوا إسقاط الأقنعة من وجوه المزايدين، وخرج علينا التيار السلفى بقولهم: «لزوال الدنيا أهون عند الله من قتل رجل مسلم» وتناسوا أن المتواجدين أيضا مسلمين ولكن يبدو أن المقصود «الجلابيب فقط».
ومن هذه الأحداث وصلنا إلى أحداث مجلس الوزراء، فعلى أعتاب مجلس الجنزورى الذى قال: «لن نطلق رصاصة واحدة ضد معتصمى مجلس الوزراء» سال الدم المصرى مجددا.
وبدأت الأحداث مع فجر 16 ديسمبر عندما تم اختطاف أحد المتظاهرين من قبل قوات الشرطة العسكرية والاعتداء عليه بالضرب المبرح ثم إطلاق سراحه، مما أدى إلى تأجيج مشاعر المتظاهرين وبدء المناوشات والاشتباكات بين قوات الشرطة العسكرية والمعتصمين ومنهم الفتاة التى أطلق عليها لقب «ست البنات».
فى اليوم التالى للاشتباكات حدث حريق المجمع العلمى واتهم خلال مؤتمره الصحفى الجنزورى المتظاهرين بإحراق المبنى فيما اتهم المتظاهرون بلطجية مندسين بإشعال الحرائق وارتفع عدد الشهداء إلى 9 قتلى وأكثر من 30 جريحا من المتظاهرين بينما أصيب نحو 30 جريحا من قوات الجيش.
فى اليوم التالى خرجت آلاف النساء فى مسيرة حاشدة فى ميدان التحرير للتنديد بما حدث من اعتداء على المتظاهرين، خصوصا بعد انتشار فيديو يظهر إحدى المتظاهرات مسحولة وجردتها قوات الجيش من ملابسها!
وهو الأمر الذى أجبر المجلس العسكرى فى مساء هذا اليوم على إصدار البيان رقم 91 الذى أبدى فيه أسفه لنساء مصر!
وكثرت الفجائع حتى كان طبيعيا أن تقع مصيبة مثل أحداث ستاد بورسعيد التى وقعت فى فبراير 2012 «الذكرى الأولى لموقعة الجمل» فى نهاية مباراة المصرى والأهلى، وراح ضحيتها أكثر من 73 قتيلاً ومئات المصابين، وتلا ذلك أحداث وزارة الداخلية التى اندلعت احتجاجًا على مجزرة بورسعيد التى اعتبرها ألتراس أهلاوى عقابًا لهتافهم بيسقط يسقط حكم العسكر، وتخللها على مدى الأربعة ليالى المتتالية اشتباكات عنيفة بين المتظاهرين وقوات الأمن، وتزامن مع وقوعها أحداث مماثلة فى مدن أخرى منها الإسكندرية والسويس، الأخيرة التى شهدت أعنف المواجهات، وأسفرت عما يزيد على 2000 مصاب من نساء وشباب وأمن مركزى وأكثر من 10 شهداء.
ومع الظهور الأقوى ل«حازمون» كانت موقعة العباسية الثانية فى مايو 2012ووقع فيها أكثر من 11قتيلاً وعشرات الجرحى، بالإضافة إلى مجند بالجيش.
وتأصلت بداية التناحر بين أبناء الميدان الواحد، عندما خرج مئات الآلاف فى ميادين مصر مطالبين الرئيس مرسى بتقديم كشف حساب عما أنجزه بعد 100 يوم، وهو الأمر الذى استفز الإخوان وقرروا النزول للميدان لتأييد الرئيس ومباركته، وكان بداية الظهور الواضح للانقسام المصرى وشهدت وقوع أكثر من 130 مصابا أغلبهم من التيار الليبرالى على أيدى التيار الإسلامى!
وفى ذكرى أحداث محمد محمود الأولى، خرج آلاف المصريين ورفعوا نعوشا تذكارية لهم ولكنهم لم يتوقعوا أن تكون «داخلية مرسى» تشبه «داخلية مبارك» بل أعنف، وستعيد تكرار نفس المشهد مرة أخرى على مدار 5 أيام جديدة من الكر والفر والاشتباكات ليقع أول شهيد فى عهد مرسى وهو محمد صلاح «جيكا» ليتبعه آخرون كان آخرهم- حتى الآن- الصحفى الحسينى أبو ضيف، وأسفرت تلك الأحداث عما يقرب من 300 مصاب و7 قتلى.
وعلى مدار 3 أيام من الكر والفر بين معارضى ومؤيدى الرئيس وسط تراجع لدور الشرطة تم حرق مقرات حزب الحرية والعدالة فى عدد من المحافظات وتم ترديد هتافات مناهضة للرئيس بشكل مباشر والمطالبة برحيله وتحول شعار يسقط يسقط حكم المرشد إلى يسقط يسقط حكم المرسى.. وخلفت تلك الأحداث 6 قتلى وما لا يقل عن 644 مصابا أغلبهم من التيار المعارض للرئيس على أيدى مليشيات الإخوان، وكانت لها علاقة باعتصام حازمون أمام مدينة الإنتاج الإعلامى والاعتداء على حزب الوفد وتهديد الصحف الخاصة!
وأبى عام 2012 أن ينتهى بلا قتلى وجرحى جدد، فعلى مدار أسبوعين كانت الإسكندرية هى محور الأحداث الدموية بعد أن شهدت ساحة مسجد القائد إبراهيم مواجهة جديدة بين معارضى الرئيس والمؤيدين، أسفرت عن إصابة عشرات المتظاهرين واحتراق 3 سيارات، فيما قام عدد من المتظاهرين بقطع طريق الكورنيش، بعدما تبادل الطرفان الرشق بالحجارة، حتى تدخلت قوات الأمن المركزى بالقنابل المسيلة للدموع لتفريق المتظاهرين.
المفارقة الدموية المثيرة أنه خلال ثورة يناير فقدنا حسب مسئول بوزارة الصحة 384 شخصا، ووصل أعداد المصابين إلى 6467 شخصا، بينما فقدنا أكثر من 250 شهيدا وأكثر من 10 آلاف مصاب لاستكمال أهداف الثورة، فما الذى يحمله لنا عام 2013 من دماء جديدة.. خاصة مع بداية تنفيذ مخططات تغيير هوية الدولة المصرية المدنية، أو مع احتمالات وصولنا لثورة جياع أو فقراء.. ربنا يستر؟!