لكثير منا يعرف تاريخ جماعة الإخوان المسلمين السياسى فى 72 دولة إسلامية وغير إسلامية ولكن لا يعرف الكثير منا شيئاً عن أموال الإخوان، ولا مصادر تمويلها، ولا حتى أين تصرف، ولا أين تختفى، نتيجة لعدم خضوع تلك الأموال للمحاسبة، من خلال الجهات المسئولة - وسط مطالبات بضرورة تقنين تلك الأموال وخضوعها تحت عباءة الجمعيات الأهلية التابعة للحكومة ووزارة التأمينات الاجتماعية، وأكد المراقبون المختصون أن ذلك سيكون درءاً للشبهات، مضيفين أن أموال الجماعة وأعضاءها هى إما من تجميع التبرعات والاشتراكات أو من أموالهم وتجارتهم الخاصة، ولم يثبت على أحد منهم أنه تاجر فى المخدرات أو السلاح أو غسل أموال، بل هم الذين هوجموا وتم الاعتداء عليهم وصودرت أموالهم وسجنوا حتى يبتعدوا عن الساحة.
مركز مالى «عادل العزبى»- نائب رئيس شعبة المستثمرين أوضح أن أى إنسان مضطهد فى أى مكان لابد أن يكون حذراً فى جميع تصرفاته بداية من أمواله، وصلة رحمه «زوجته وأولاده» إلى جانب عدم الإفصاح عن أفكاره بسهولة.
ويلفت النظر إلى أن أموال الإخوان تتركز فى أشياء كثيرة داخل منظومة الاقتصاد منها العقارات والأراضى، والمحلات التجارية، وقد تكون تلك المشروعات مسجلة بأسماء مختلفة عن المالك الحقيقى، أو تكون تلك الأموال مودعة بالبنوك الخارجية، حتى يقضى الله أمراً كان مفعولا.
ويضيف العزبى على سبيل المثال.. كان عبد اللطيف الشريف وهو أحد الإخوان الذين كانوا يعملون فى صناعة البلاستيك، توقف نشاطه، حتى لا تضيع ثروته، والمثل الآخر هو يوسف ندا وهو أحد كبار رجال الأعمال الذين يعملون فى التنظيم الدولى للإخوان ومقر إقامته سويسرا وهو من أكبر موردى الأسمنت فى العالم، ولديه أكبر توكيل للشركات الروسية والأوروبية، وكان أكبر مورد للأسمنت للدول العربية والأفريقية فى فترة الستينيات وكان لمصر تعامل معه عن طريق شخص سورى وهو أحد العاملين معه، وأنشأ ندا بنك التقوى، وحينما توسع نشاطه صدر قرار دولى بالتحفظ على نشاطه المالى وجميع ممتلكاته.
ويشير عادل العزبى كذلك الأمر بالنسبة لعضوى الإخوان خيرت الشاطر وحسن مالك وهما من كبار رجال الأعمال فى مصر والشرق الأوسط.
الدكتور محيى الدين علم الدين رئيس الشئون القانونية باتحاد البنوك سابقاًً يتساءل: هل من الأجدى أن نبحث عن أموال الإخوان المسلمين أم نسترد الأموال المنهوبة التى تمت تهريبها للخارج لصالح النظام الفاسد السابق، مبارك وأعوانه؟، لافتاً إلى أن المعتدى عليهم هم أعضاء جماعة الإخوان المسلمين، ومنهم رجل الأعمال خيرت الشاطر الذى تمت مصادرة إحدى شركاته بقيمة نصف مليار جنيه، وتم غلقها، نتيجة لحكم محكمة صدر ضده بتعليمات من القيادة السياسية، إلى جانب الحكم عليه بالحبس 7 سنوات. ملف الشريف مشيراً إلى أن النموذج الآخر من أعضاء الإخوان وهو عبد اللطيف الشريف صاحب مجموعة شركات الشريف والذى تم حبسه فى قضية توظيف الأموال وقضى مدة العقوبة وحتى الآن لم يحصل معظم المودعين على أموالهم. غير معترف بهم ويجذب أطراف الحديث السفير جمال بيومى مساعد وزير الخارجية الأسبق والأمين العام لاتحاد المستثمرين العرب ويقول: جماعة الإخوان مازالت من الناحية القانونية غير معترف بها فلابد من تقنينها، موضحاً: تقنينها سيسكت الألسنة التى تتطاول عليهم من ناحية جمع المال، موضحاً أن السبب الرئيسى الذى يمنع الجماعة والحزب حتى الآن من عدم تقنين أوضاعه هو الخوف من إمساك الدفاتر وحساب الموارد التى تدخل والمصروفات التى تخرج تحت سمع وبصر المؤسسات والجمعيات الحكومية، فهم يرون أن الأفضل البعد عن تلك الأنظمة التى تحاط بالبيروقراطية والتعقيد، والأفضل لهم هو التصرف بحرية فى أموالهم مع مراقبتها.
ويضيف بيومى: معظم أموال جماعة الإخوان يتم استثمارها فى شكل تجارة واستيراد السلع وبيعها فى مولات ومحلات تجارية يمتلكونها أو يتم توزيعها للغير ، وعموماً تلك الأموال طالما هى داخل البلد فهى تفيد الاقتصاد وتفتح فرص عمل للشباب، وطالما هم أصحابها فيفعلون بها ما يشاءون. فزاعة الإخوان ويتفق مع الآراء السابقة محمود عبدالحى مدير معهد التخطيط القومى السابق وأستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس لافتاً إلى أن ما يقوم به رجل الأعمال خيرت الشاطر أو حسن مالك من ضخ أموال بالسوق فى مولات تجارية وسلاسل كان الهدف منها هو الحصول على ربح سريع وفى نفس الوقت مضمون، خاصة إذا حدث أى شىء من عدم الاستقرار فإن الخسائر ستكون أقل مما إذا كان يمتلك مصنعاً، وبه العديد من الاستثمارات من الآلات والمعدات، وغير ذلك أما البضائع الاستهلاكية فهى سريعة البيع والدوران، ولا تتكلف شيئاً بخلاف عمليات الإنتاج.
التشكيك ويذهب السفير إبراهيم يسرى المحكم الدولى- وصاحب قضية بطلان تصدير الغاز لإسرائيل - إلى أن الإخوان ليست لديهم أموال مشكوك فيها فأغلبها من التبرعات والاشتراكات، أما بالنسبة للأموال التى يمتلكها رجال الأعمال من الإخوان فهى أموال خاصة، ولا يجب التحرى والدقة عن تلك الأموال وعدم إلصاق التهم والشائعات بهم.
ويلفت يسرى إلى أن كل ما يقال الآن عن جماعة الإخوان مبالغات شديدة، خاصة فيما يتردد بالصحف، فلا يوجد أى دليل سوى إلصاق التهم عن طريق بعض المغرضين الذين يظهرون بالفضائيات، وعلى صفحات الجرائد، ولا يملكون أى دليل أو مفتاح لتلك التهم، بل يرددون كلاماً مرسلاً.
أما السؤال عن أموال الإخوان المسلمين وأين اختفت فهو سؤال مشروع، فالقضية ليست بأنك تطلق اتهاماً وليس لديك دليل واحد، فإذا اتهمت شخصاً بأنه سكير فما هو الدليل على ذلك؟، موضحاً أن جماعة الإخوان لديهم دين وإذا تبرع أحد منهم للجماعة أو للفقراء مثل رجل الأعمال خيرت الشاطر فإن ذلك يأتى بوازع دينى باعتبار ذلك أنها فريضة ملزمة عليه كزكاة المال لفقراء المسلمين. تقنين الوضع الإخوانى
ويختلف مع الآراء السابقة رجل الأعمال يحيى زنانيرى رئيس جمعية منتجى الملابس الجاهزة مشيراً إلى أنه آن الأوان لتنظيم الوضع القانونى والاقتصادى للإخوان المسلمين خصوصاً بعد هيمنتهم على السلطة السياسية سواء التنفيذية أو التشريعية، فإنه يتعين توضيح جميع الأرصدة التى تمتلكها الجماعة بشفافية ووضوح، سواء بالنسبة لمصادر تمويل تلك الجماعة، وطريقة إنفاق تلك الأموال، وذلك منعاً لأى غموض أو التباس قد يفسر بأن هناك أموالاً أجنبية تؤثر على القرار المصرى السياسى والاقتصادى، أما بخصوص الأموال - والكلام لزنانيرى - فيجب أن نفصل ونميز ما بين أموال الجماعة، والأموال الخاصة بأعضائها، فالأموال العامة يجب أن تكون واضحة وتحت الرقابة لمنع استخدامها فى الأغراض السياسية ويجب أن تكون تحت رقابة الدولة مثلها مثل الجمعيات الأهلية والأحزاب السياسية، أما بالنسبة للأموال الخاصة لأعضاء الجماعة فإنه يجب أن تخضع أيضاً للقوانين الرقابية العادية مثل جهاز الكسب غير المشروع. النفوذ السياسى وحول الاستفادة من أموال الجماعة سواء كانت أموالاً عامة للإخوان أو خاصة للأعضاء فإنه يتعين استخدامها فى الاستثمارات المفيدة للبلد كالصناعة والإنتاج، بدلاً من استخدمها كما يحدث الآن فى مشروعات تجارية واستهلاكية، لافتاً إلى أن البلد الآن فى حاجة لزيادة الإنتاج وتوفير فرص العمل للشباب.
ويضيف زنانيرى: أموال الإخوان وأعضائها تمثل قوة اقتصادية ضخمة إذا ما وجهت تلك الأموال التوجه الصحيح فى الاقتصاد، محذراً من تأثير النفوذ السياسى وممارسة أوضاع احتكارية لرجال الأعمال الإخوان، حيث يجب الفصل تماماً بين السياسة والاقتصاد.