الهدوء الذى ساد الجمعية التأسيسية للدستور الجديد الأيام الماضية من النوع الذى يسبق العاصفة.. الجمعية عادت للانعقاد بعد إجازة عيد الفطر فور انتهاء لجنة صياغة الدستور الجديد حتى الآن من أكثر من 25 مادة.. الجمعية قد تشهد فى اجتماعاتها هذا الأسبوع جدلا واسعا حول صياغة عدد من المواد ومنتظر أن تكون عملية التصويت على مواد الدستور الجديد هى العاصفة التى تزلزل الجمعية.. فالمائة عضو بالجمعية بينهم 60 عضوا ينتمون إلى تيارات وأحزاب سياسية ذات مرجعية دينية وأن عملية التصويت على أى مادة تتطلب موافقة 57 عضوا هو الأمر الذى سوف يجعل مواد الدستور التى يتم الموافقة عليها فى صالح التيارات الدينية والأحزاب السياسية ذات المرجعية الدينية. الأمر الذى جعل ال40 عضوا الآخرين الذين ينتمون إلى التيار المدنى يحاولون الوصول إلى صيغة مشتركة ليكونوا صوتا واحدا فى مواجهة التيار الدينى داخل الجمعية التأسيسية والبعض منهم يحاول استقطاب عدد من الأعضاء الذين يقفون على الحياد لكنهم مع التيار الدينى حتى يقفوا فى صف التيار المدنى لكن الأهم من ذلك أن هناك عشر مواد حتى الآن يدور حولها خلاف شديد داخل الجمعية التأسيسية سوف تكون المفجر الحقيقى للجمعية من الداخل أثناء عملية التصويت يأتى على رأس هذه المواد المادة الثانية التى وافق الأزهر الشريف على أن تكون مبادئ الشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيسى للتشريع والتى لم يتفق عليها حتى أعضاء التيار الدينى حتى الآن ومازال هناك خلاف شديد بين حزب النور السلفى وجماعة الإخوان حول الموافقة على هذه المادة والتى يطالب البعض بأن تكون أحكام الشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيسى للتشريع بالإضافة إلى نظام الحكم هل هو رئاسى أو برلمانى أو رئاسى برلمانى فقد أقرت لجنة نظام الحكم بالجمعية أن يكون النظام فى مصر «رئاسى برلمانى» إلا أن هناك من يرفض ذلك ويؤكد أنه يجب أن يكون هناك سلطات أوسع للبرلمان بالإضافة إلى إلغاء مجلس الشورى أو تحويله إلى مجلس شيوخ، التيار المدنى يطالب بإلغائه والتيار الدينى يطالب بتحويله إلى مجلس شيوخ ومازالت المادة الخاصة بنسبة العمال والفلاحين تثير جدلا واسعا أيضا داخل الجمعية التأسيسية وكذلك دمج المؤسسات القضائية فى كيان واحد ووضع القوات المسلحة فى الدستور الجديد خاصة فيما يتعلق بميزانية القوات المسلحة وطريقة مناقشتها ووضع مادة للزكاة فى الدستور الجديد والتى تثير غضب الأقباط وكذلك إلغاء المجالس القومية المتخصصة بالإضافة إلى المواد الخاصة بالحريات والتى يطالب أعضاء التيار الدينى أن يتم تحجيمها وتنظيمها.
وطالب البعض بأن يكون الأزهر الشريف المرجعية النهائية والملزمة للدولة فى الأمور الشرعية بينما أكد آخرون أنه يجب عدم النص على أى مرجعية فى الدستور واشتعلت الخلافات بين الجميع يقول د. عبدالغفار شكر وكيل مؤسسى حزب التحالف الشعبى الاشتراكى أن الأزهر مؤسسة كبيرة مختصة بالتعليم الدينى ولا يجب إقحامها فى القضايا الشرعية الملزمة للدولة خاصة أن القائمين على الأزهر يتغيرون من حين لآخر وهو أمر قد يضعف مكانة الأزهر الشريف.
فى حين دعا المهندس سعد الحسينى عضو حزب الحرية والعدالة ورئيس لجنة الخطة والموازنة فى مجلس الشعب المنحل أن يكون للأزهر رأى استشارى وليس المرجعية النهائية والملزمة فى الأمور الشرعية وأن الأزهر مؤسسة عريقة وكبيرة لا يجب إقحامها فى مثل هذه الأمور.
بينما قال الدكتور عبدالخالق الشريف مسئول قسم نشر الدعوة بجماعة الإخوان المسلمين أن الجماعة لا تهتم بإضافة أو حذف مرجعية الأزهر والنص المقترح للمادة الثانية من الدستور وأن الأزهر لن يفسر مبادئ الشريعة الإسلامية إلا فى إطار رأى هيئة كبار العلماء.
وشن الدكتور أسامة العبد رئيس جامعة الأزهر وعضو اللجنة التأسيسية لوضع الدستور الجديد هجوما حادا على الذين يتعرضون للأزهر مؤكدا أن الأزهر مؤسسة كبيرة وعريقة ويجب ألا يتكلم أحد بلسان الأزهر فى الأمور التى تخصه وأن استقلال الأزهر فى الدستور الجديد ليس شعارا ولكنه واقع لن نتنازل عنه وهو خط أحمر لن نسمح بالمساس به خاصة بعد أن عانى الأزهر والأزهريون من التهميش عدة قرون كما أن الحفاظ على قيمة وكرامة المواطن المصرى أيا كان مسيحيا أو مسلما هو المعيار الحقيقى الذى نسعى لتحقيقه وتفعيله خلال وضع الدستور الجديد ويجب أن يكون الأزهر هو السند الحقيقى لكل القضايا الدينية لأن الأزهر ليس له مصلحة مع أحد أو ضد أحد وكل ما يهم الأزهر ورجاله هو الحفاظ على شرع الله ومصلحة البلاد والعباد، فى حين أكد أمين إسكندر عضو مجلس الشعب المنحل وعضو الهيئة العليا لحزب الكرامة أن النص على مرجعية الأزهر سوف يجعل الأزهر فوق الدستور والقانون وهذا مخالف لكل الأعراف السياسية والدستورية والقانونية وليس هناك مرجعية فى أى دولة فى العالم فوق الدستور.
وكانت المفاجأة التى فجرها المتحدث الإعلامى لحزب النور السلفى الدكتور ياسر عبدالتواب بأن حزب النور يؤيد أن يكون الأزهر المرجعية النهائية والملزمة فى الأمور الشرعية من خلال لجنة بحثية علمية فى الأزهر مثل لجنة الفتوى والتى يمكن الرجوع إليها فى الأمور الدينية.
الأمر لم يتوقف عند هذا الحد فقد أجلت إجازة عيد الفطر المبارك المواجهة الحقيقية التى سوف تبدأ هذا الأسبوع بين التيارات السياسية المختلفة خاصة بعد أن بدأت لجنة الصياغة فى صياغة عدد كبير من مواد الدستور وصلت إلى 25 مادة حتى الآن تمهيدا لعرضها على الجمعية العامة للتصويت عليها وعندها سوف تكون المواجهة حقيقية وقد تؤدى إلى تفكك الجمعية وانسحاب عدد كبير من التيارات السياسية خاصة المدنية التى تعلم أن التصويت لن يكون فى صالحها.
وأكد الدكتور وحيد عبدالمجيد المتحدث الرسمى باسم الجمعية التأسيسية للدستور الجديد على أن الخلافات داخل الجمعية التأسيسية أمر طبيعى لأنها اختلافات فى وجهات النظر وهو أمر صحى وأن هناك حوارا سياسيا بدأ داخل الجمعية بين ممثلى الأطراف السياسية المختلفة حول مواد الدستور التى تتعلق بتحديد العلاقة بين الدين والدولة بعيدا عن عمل لجنة الصياغة والتى يقتصر عملها على صياغة مواد الدستور ولا يحق لها التدخل فى المواد والمادة الثانية من الدستور والخاصة بأن مبادئ الشريعة الإسلامية والمادة المستحدثة بمرجعية الأزهر هى مواد ذات صياغة مقبولة من مختلف الأطراف السياسية.
وهى المواد التى أثارت جدلا فى الجمعية التأسيسية للدستور بين مختلف التيارات والأحزاب السياسية أكثر من المواد المتعلقة بالحريات ونظام الحكم ووضع الجيش فى الدستور وأن الأمر فى النهاية لم ينته بعد ولم تعرض هذه المواد على الجمعية العامة للجمعية التأسيسية للتصويت عليها لأنه لن يتم التصويت على أى مادة إلا بعد الانتهاء من صياغة جميع مواد الدستور وعرضها على الجمعية العامة للدستور مرة واحدة حتى لا تتشتت أذهان الأعضاء.
وحول عملية التصويت على مواد الدستور أكد الدكتور وحيد عبدالمجيد أنه ليس من المنطقى أن يكون هناك تصويت على أمور متعلقة بالمقومات السياسية للدولة التى تشمل البنية الأساسية لها وأن يكون هناك انقسام حول هذه البنية لأنها تعرض تماسك الدولة للخطر وليس من المنطقى أن يتم تحرير هذه المواد بالتصويت بأغلبية 57 صوتا، فقط فهذا يمثل خطرا كبيرا على تماسك الدولة فى الفترة المقبلة وهو ما يجعل هناك أهمية بالغة للتوافق على هذه المواد.
وعن محاولة أعضاء الجمعية التأسيسية من الليبراليين بتكوين مجموعة أطلقوا عليها مجموعة ال50 أكد أن أعضاء الأحزاب الليبرالية والتيارات السياسية الليبرالية يبلغ عددهم 40 عضوا وهم من أنصار الدولة المدنية والمشكلة ليست فى العدد ولكن فى ضرورة تحقق توافق حول المواد الخلافية والأيام المقبلة سوف تشهد توافقا بين الجميع حول مواد الدستور وأن عملية الخلافات هى خلافات صحية لأن الجميع يريد مصلحة البلاد والجميع يريد أن يخرج الدستور وقد وافق عليه الجميع وأنا من جانبى أطمئن الجميع بأن الدستور سوف يكون دستورا عصريا يشهد له الجميع داخل وخارج مصر بأنه دستور سوف يرضى جميع الأطراف.