كنت وكان المواطن البسيط يتصور أن وصول الرئيس المدنى الجديد إلى القصر الرئاسى منتخباً من الشعب بداية لتطبيق الحلم الجميل الذى أطلقته الثورة وبشرت به، وتعهده الشعب والجيش بالحماية والمشاركة، لكن الواقع يحبطنى وعشرات الملايين من المصريين أمثالى. مازالت القوى المدنية يسارية وليبرالية وإسلامية على تشرذمها وبعدها عن نبض الغالبية الساحقة وبالذات الملايين التى يسحقها الفقر والمرض والتهميش وشتى صور الإجحاف، سيطر الخوف على صدورنا وقلوبنا وضمائرنا، وأصبح القلق سمة لازمة لحياة كل المصريين من أقصاهم لأقصاهم.. الكل قلق والكل خائف والكل منقسم.. فرغم أن تيار الإسلام السياسى الذى تمثله جماعة الإخوان المسلمين قد حقق انتصارا كاسحا فى انتخابات البرلمان بفرضية مجلسى الشعب والشورى ثم حقق انتصارا كبيرا فى انتخابات الرئاسة التى انتهت بجلوس الدكتور محمد مرسى مرشح الإخوان وذراعه السياسية «حزب الحرية والعدالة»على عرش مصر، إلا أن لم الشمل الوطنى مازال بعيد المنال، بل إن الانقسام بين المصريين وصل إلى مستويات خطرة تهدد كيان الدولة ذاته.
وبالمقابل.. فشلت القوى المدافعة عن مدنية الدولة وهويتها المصرية الجامعة فى وضع أجندة موحدة، أو بلورة استراتيجية فعالة لإدارة الأزمة والخروج بالبلاد إلى شاطئ الأمان. مازالت القوى المدنية على تشرذمها وهذا ما فعله ولا يزال يفعله بنا وفينا السياسيون والقانونيون والمثقفون والخبراء فى جميع مناحى الحياة، ومن بعدهم الإعلاميون وبدلا من أن تنعكس الثورة على المواطن أمنا وسلاما واستقرارا فإذا به وبفعل النخبة يمزقون المصريين، وبقى الاحتقان مسيطرا على جميع العلاقات، مثل ما يحدث الآن حيث نجد أى خلاف بين اثنين يتحول إلى تصنيف أن يكون هناك خائن أو عميل وأى حادث بين مسلم ومسيحى يصنف كفتنة طائفية، اتهامات بين الجميع مما أوقع المصريين كلهم بجميع طوائفهم فى غياهب الشكوك والالتباس وغابت الرؤى الواضحة.
علينا إيقاف هذا الجدل العقيم والانتباه إلى ما يحدث على الساحة الآن أن طوق النجاة هو تماسك أيدى الجميع للخروج سويا سالمين والعودة إلى الحقيقة الواضحة وهى التوافق الوطنى على أرضية احترام المواطنة والهوية المصرية وإرساء دعائم دولة الحق والقانون، أما سياسة الاستئثار والمغالبة والتمزق فإنها سوف تقودنا إلى أقصر الطرق التى تؤدى بنا جميعا إلى التهلكة.. كفاية.. حرام.