هل فشلت ثورة 25 يناير؟ سؤال صعب، ولكنه متكرر ويكاد يكون قانونا عاما يحكم مسار حلقات الثورة الوطنية المصرية منذ تأسيس الدولة الحديثة 1805 على يد محمد على باشا. سواء حل مجلس الشعب أم بقى.. حكم بدستورية أو عدم دستورية ما يسمى بقانون الانتخابات، صوت الخائفون من مرسى لشفيق أو صوت الخائفون من شفيق لمرسى، اكتملت الانتخابات أم توقفت علينا أن ندرك أن النخب المصرية التى أدمنت الفشل تسير من فشل لآخر
أن الثورة لاتحتاج إلى من يحميها من مرسى أو شفيق، فكلاهما ابنا لتحالفات طبقية واجتماعية ترتبط بمصالح الطبقة المالية «الأوليجاركية» التى كانت تحكم مصر منذ الانفتاح الاقتصادى 1974 وحتى جماعة أحمد عز .
2011
واستطاعت هذه الطبقة أن تفلت من مقصلة كل الثورات وتركب كل الثورات، وتفشل كل الثورات وما على الشعب سوى أن يدفع الثمن.
فتحت مصر عينيها على فجر الضمير الدستورى 1804 وقامت الثورة بقيادة الشريف عمر مكرم، ووقف الشعب خلفه من رجال الأزهر إلى رجال الكنيسة والتجار والحرافيش، وصاغ المصريون بدمائهم أول وثيقة دستورية فى الشرق والرابعة فى العالم حينذاك بعد الفرنسية والإنجليزية والأمريكية، ولكن الشريف عمر مكرم غير المتمرس على الحكم ذهب ليهديها على طبق ملطخ بدماء الشهداء إلى محمد على ليحكمنا والأسرة العلوية 147 عاما من 1805 وحتى .
1952
وتتدفق موجات الثورة المصرية ويقف الشعب المصرى خلف أحمد عرابى 1882 من أجل استعادة الكرامة الوطنية، وتفتح الطبقات المستفيدة ثغرة الخيانة فى جدار المقاومة ليكسر «الولس عرابى فى كفر الدوار وتحتل مصر من 1882 وحتى 1956».
وتتخبط النخبة المصرية بعد أن جمعها محمد عبده حوله فى مطلع القرن العشرين، ولكن النخب الفاشلة تنقسم إلى مؤتمر قبطى 1910 ومؤتمر إسلامى ,1911 ومن قيادات المؤتمرين يوحد الشعب هذه النخب فى قيادة واحدة للوفد المصرى 1919 ويذهب الوفد إلى المندوب السامى، ويعتقلهم وتتدفق موجات الثورة ويفاجأ سعد زغلول بالثورة، وكلما ازداد عنفوان العمال والفلاحين والطلاب ازدادت تخوفات النخبة المصرية من الثوار.. وحينما يحرق الفلاحون بيوت الاقطاعيين يقبل سعد زغلول ورفاقه التفاوض مع الإنجليز، ويتغاضون عن دماء الشهداء التى كتبت شعار:
«الاستقلال التام أو الموت الزؤام» ويقبلون تصريح 28 فبراير ,1922 وتتخبط النخبة وتنقسم ضد اللجنة التأسيسية لوضع دستور 1923 الذين يتغنون به الآن، وينعت سعد باشا زغلول اللجنة ب «لجنة الأشقياء» ويوضع دستور 1923 وتعود النخبة المصرية التى كانت تقود الثورة إلى لعبة الانقسام وتستقطب «السراى» والإنجليز معظم الثوار وينقسم الوفد المصرى إلى أحرار دستوريين وسعديين وكتلة إلخ، ويبطش القيادات الثورية السابقة مثل محمد محمود «القبضة الحديدية» والديكتاتور صدقى بالمصريين ويلغى الأخير دستور ,1923 وينتفض المصريون ويجرح ويستشهد معظمهم على أيدى القيادات الثورية السابقة أكثر من خمسة آلاف شهيد وجريح، ويسقط دستور 1923 ولم يطبق سوى سبع سنوات منذ وضعه وحتى قيام ثورة 23 يوليو 1952 رغم أن الدستور كان هو المكسب الأساسى لثورة 1919!!
وتتدفق موجات الثورة المصرية، لنصل لمحطة 23 يوليو ,1952 وكلنا نعرف ماذا حدث من انقسامات فى قيادات الثورة، وأثر أزمة مارس 1954 على التطور الديمقراطى، وتنتهى الثورة فى 1967/6/5 باحتلال الأرض، ثم يجهض الراحل السادات ما تبقى وينهى مكاسب الإصلاح الزراعى، وينجز مبارك باقى المهمة بالخصخصة.. وصولا لتزاوج رأس المال مع الحكم لنصل إلى ثورة 25 يناير ,2011 وهنا ينقسم معسكر الثورة مرة أخرى ما بين دينيين ومدنيين وعسكريين، نفس المرض.. القيادات تبحث عن مصالحها فى انتهازية مفرطة على حساب جماهير الشعب ودماء جرحاه وشهدائه!! لنصل إلى ما نحن عليه الآن.. لننتظر ثورة قادمة على تلك القيادات، تحية للشعب المصرى الذى ثار خمس مرات 1804،1882 ،1919 ،1952 ،2011 ، وانتفض خمس مرات، 1930،1935 من أجل الدستور، 1946 لجنة الطلبة والعمال، 1968 ضد أحكام الطيران، 1972، من أجل تحرير الأرض، 1977 فى انتفاضة الخبز..
وهكذا لا يوجد شعب أعظم من الشعب المصرى فى قرنين من الزمان ثار وانتفض عشر مرات، أى انتفاضة أو ثورة كل عشرين عاماً، ولكن الشعب المصرى العظيم لايستحق هذه النخب الفاشلة.. ولكن كما يقول الشاعر: «الشعب هو اللى باقى حى