عاصم حنفى روزاليوسف الأسبوعية : 21 - 01 - 2012 وقف الخلق.. ينظرون جميعا كيف نحتفل بالثورة المصرية.. وهابى بيرث داى.. وسنة حلوة يا جميل.. وقد هاتفنى صديق تونسى يرد إلىّ التحية والتهنئة.. فوجدنى واجما مبتئسا.. فقال لى: عيبكم يا مصريين إنكم لا تعرفون توقيت الاحتفال.. وقد احتفلتم بنجاح الثورة واكتمالها بعد 18 يوما من بدايتها.. مع أنها كانت جنينا يحتاج للتريث والتروى.. وذهبتم لبيوتكم تاركين المولود لمن يعبث به.. والآن تبتئسون وتلقون باللوم كله على المجلس العسكرى.. مع أنه مجلس طيب وابن حلال.. أعضاؤه يشبهون أعضاء مجلس إدارة الزمالك.. لا يجيدون الكلام والتعامل مع الإعلام.. والواحد منهم ينطق كفرا رغم حُسْن النوايا.. ويشعل غضبا وهو يقصد التهدئة.. هل رأيت تصريحا واحدا لعضو المجلس لم ينقض ويلغى من عضو آخر بعد 24 ساعة؟!.. إنه مجلس طيب.. ولو أنصفتم لوجدتم أنكم المقصرون.. وقد وقفتم تتفرجون على الثورة تتقوض قطعة قطعة.. وقد ركب على أكتافها المحتالون والنصابون والأرزقية وبتوع التلات ورقات.. والكل يتحدث باسم الثورة.. فى حين توارى الثوار الحقيقيون.. وسمحتم بالعبث بأهدافها.. وكان الهدف الأول هو التغيير وهو ما لم يحدث بدليل أن حسنى مبارك لم يحاكم حتى الآن.. دعك من تلك المحاكمة الهزلية أمام القضاء المدنى.. فالثورات لا تعرف المحاكمات المدنية.. الثورة لها شرعية خاصة وعندنا فى تونس ومنذ أيام.. بدأنا محاكمة رموز النظام السابق والمدافعين عنه والمستفيدين منه.. وهى محاكمة حقيقية أمام القضاء العسكرى.. وليست محاكمة تليفزيونية كما حدث عندكم.. وبالمناسبة من أوحى إليكم بفكرة نقل المحاكمات تليفزيونيا على الهواء.. إنها فكرة من تدبير الشيطان شخصيا.. ولا توجد دولة فى العالم تنقل المحاكمات على الهواء.. ولا تنس أن العدالة التليفزيونية عدالة استعراضية.. من أجل جذب الإعلانات وليس من أجل الوصول للحقيقة! قال صديقى: إن مصر الشقيقة الكبرى.. تحرجنا يا أخى.. ورموز الفساد عندنا يطالبون بالمعاملة أسوة بالسجناء المصريين.. ويهددون بالإضراب واللجوء لمنظمات حقوق الإنسان.. وعندنا المساجين يكسرون الزلط ويقيم الواحد منهم فى زنزانة متر فى متر.. فى حين أن المساجين عندكم يقيمون فى أجنحة ويختارون الزملاء والصحبة.. وعلاء لم يفترق عن جمال أبدا.. وزنزانتهما 45 مترا لزوم السراير والدواليب العامرة بهدوم التنس وموائد الطعام لزوم العزومات ولعب الكوتشينة والطاولة.. وأحمد عز ينظم الحفلات الساهرة وكان الله بالسر عليما. يا أخى لماذا تعذبون أنفسكم وتكلفونها فوق المحتمل.. عندنا شقيق ليلى طرابلسى بالسجن يعامل معاملة اللصوص وقطاع الطرق.. وقد أبدى الاستعداد لدفع مبالغ طائلة تحولها له أخته نظير الإفراج عنه.. لكننا رفضنا لأن المجرم لابد أن يأخذ عقابه. يقولون عندنا فى الصحافة التونسية.. أن المشكلة فى مصر تتمثل فى أزمة الثقة بين الثوار والحكام.. ويا أخى مادام الأمر كذلك فلماذا لا يجلسون سويا لمناقشة الملفات المعلقة.. ولماذا الإصرار على مخاطبة بعضهما بعضا عبر الصحافة والتليفزيون والفيس بوك والبيانات العامة؟ عندنا كل شىء يخضع للنقاش فى القاعات المغلقة وليس على صفحات الجرائد.. ومع أنكم الرواد فى الصحافة والإعلام فقد تحولت على أيديكم إلى نقمة وسبب من أسباب الشقاق وإشعال الأزمات.. وعندنا فى تونس ولحسن الحظ الصحافة والتليفزيون ليسا كذلك.. والاجتماعات عندنا تدور بين كل الأطراف والأطياف من أجل الوصول للحلول وليس من أجل افتعال المعارك وارتداء ثوب البطولة.. وهل رأيت أننا بعد عام على قيام الثورة بدأنا مرحلة جنى الثمار؟ قال صاحبى ينهى الحوار الذى لم أتكلم فيه كلمة واحدة: يا أخى لقد مر عام كامل فى شد وجذب وتصيد للأخطاء وتربص بالآخر وتعطيل للثورة.. إن الثورات يمكن أن تستمر أعواما فى صراع من أجل الحرية والظفر بمطالبها.. ولا يمكن أن تستمر أياما فى مناقشات خائبة واستفتاءات أخيب وانتخابات لتسجيل المواقف وتسديد الخانات.. لأن الجماعات الانتهازية تقفز ساعتها لمركب الثورة وتديرها لحسابها الخاص.. وتنطق بلسان الثوار.. وتلك الطامة الكبرى!.