اختارت مصر مستقبلها وهى تؤدى استحقاقها الانتخابى فى اختيار نواب الشعب تحت قبة مجلس الشعب عندما ذهب الناخبون إلى صناديق الاقتراع ليؤكدوا على الانحياز لركائز الدولة المدنية العصرية التى تعتنق مبدأ المواطنة كشرط أساسى يحكم التفاعل المجتمعى مثلما حدده دستورها فى مادته الأولى. اختارت مصر التصويت للأحزاب الشرعية بغض النظر عن التباين بين برامجها السياسية والاجتماعية والاقتصادية وبغض النظر عن التفاوت فى مساحات الفوز بالمقاعد البرلمانية والتى لم تعلن نتائجها حتى كتابة هذه السطور .. وتؤكده كل المؤشرات. وبغض النظر أيضا عن الادعاء ممن تلقوا صدمة المفاجأة فى أصوات الناخبين عندما انفضوا عنهم بحدوث تجاوزات أثرت على مواقفهم الانتخابية فى محاولة لتفسير هذا السقوط الشعبى. وقد كانت اللجنة العليا للانتخابات .. اللجنة المستقلة التى تدير العملية الانتخابية لأول مرة فى تاريخ مصر .. واضحة وصارمة وهى تتخذ قراراتها فى الشكاوى التى وصلتها فى مرشحين أو لجان انتخابية أو أعمال عنف.. بغض النظر عن صفة المرشح أو انتمائه الحزبى أو مكان اللجنة الانتخابية. وكذلك المجلس القومى لحقوق الإنسان والذى تابعت من خلاله 76 منظمة من منظمات المجتمع المدنى سير العملية الانتخابية ولأول مرة أيضا فى تاريخ مصر بما تجاوز الستة آلاف مراقب تم إعطاؤهم تصاريح للمراقبة ونقلوا لغرفة عمليات المركز تقارير وشكاوى تم العمل فورا على بحثها وتوثيقها وحلها. اختارت مصر مستقبلها عندما أغلق ناخبوها الأبواب فى وجه الظلاميين من المنتمين لجماعة الإخوان المحظورة والذين انتحلوا صفة المستقلين وهم يترشحون لمقاعد مجلس الشعب فى خرق واضح للدستور الذى يحظر النشاط السياسى وإنشاء أحزاب استنادا لمرجعية دينية. والذين حين استشعروا أن من تم مغازلة مشاعرهم الدينية بالتدليس باسم الدين ورفع الشعارات الدينية قد فهموا اللعبة ورفضوا هضم الخدعة والوقوع فى نفس الفخ مرتين. الأصوات الانتخابية التى صدَّقت فيما مضى التدليس باسم الدين قد انتبهت لطبيعة تنظيم جماعة الإخوان الإرهابية وأساليبها فى تنفيذ خطتها فى التمكين والسيطرة.. وأن الولاء الأكبر للمرشد العام تحت مبدأ السمع والطاعة. اتبعوا الأساليب القديمة فى تكتل أنصارهم أمام اللجان الانتخابية وإظهار عضلات البلطجة وإشاعة الخوف بين الناخبين لمنعهم من الذهاب إلى اللجان الانتخابية وافتعال الاشتباكات والادعاء بالتعرض إلى اعتداءات سريعا ما وضح اجتراؤها على الحقيقة. وأخيرا استجداء المشاعر الدينية للناخبين، حيث رفع أنصار المرشحين المنتمين لجماعة الإخوان .. المصاحف أمام أبواب اللجان الانتخابية وكاميرات القنوات الفضائية . اختارت مصر مستقبلها عندما لم تؤثر فى الناخبين عبارات حماسية لا تجد لها أقداما على الأرض تقف عليها ببرنامج حقيقى قادر على التحقق .. وعندما وضع ثقته فيمن اختبر نتائج عمله وإخلاصه وصدق رؤيته فى إنجاز تحقق وأصبح ملموسا بين يديه .. أفكارا وسياسات وآليات تنفيذ.