كان يوسف عثمان الفنان والإنسان المحترم، الذى ظل يدفع عمره من أجل تقديم فن محترم وراق، دون النظر إلى ما يحصل عليه، ومن بعده النحلة ممدوح الليثى، هما أصحاب أجمل وأروع الأعمال الدرامية، التى مازالت تعيش فى وجدان المشاهد، ومازال يتمسك بها حتى لا تحوله الأعمال التافهة إلى كائن بليد، أشبه بالمسطول، كان التليفزيون فى ذلك الوقت يقدم هذه الأعمال من إنتاجه، بداية من الشهد والدموع، ولسه باحلم بيوم، وأحلام الفتى الطائر، ودموع فى عيون وقحة، وليالى الحلمية، ورأفت الهجان وغيرها، وكان الفنانون جميعًا يسارعون للاشتراك فى هذه الأعمال، لأنها بوابة النجومية، التى سيعبرونها إلى عالم السينما، بل إن يوسف عثمان فى محاولة لإعادة زمن الفن الجميل، وصنع نجوم جديدة، أعاد إنشاء مسرح التليفزيون، وقدم عملين من أجمل الأعمال، هما ثرثرة على النيل إخراج سمير العصفورى، والدخان إخراج مراد منير، وللأسف لم يعرضهما التليفزيون، وقالوا للرجل.. والله ما جصرت يا شيخ، بس إحنا بدنا أعمال هادفة مثل عبده يتحدى رامبو.. ورحل الرجل فى صمت. ثم اكتشف التليفزيون بعد فترة، أن شراء العبد أرخص وأسهل من تربيته، على الأقل هايوفر الأكل اللى بيطفحه، فاخترع حكاية المنتج المنفذ، ثم غير الاسم عشان بيتشائم منه، إلى المنتج المشارك، عشان ماحدش يقولك لا مؤاخذة هو التليفزيون مكسح، وإلا عنده عشى ليلى عشان حد ياخد بايده يعديه السكة، ومنذ تلك اللحظة.. بدأ المنتجون اللى لهم فى الفن واللى ملهمش، الدخول فى مغارة على بابا الشهيرة بالمنتج المشارك، خاصة وأنهم لا بيدفعوا أبيض ولا أسود، مجرد يعبوا زكايب فلوس من التليفزيون والسلام. ولأن العملية تحولت إلى تجارة أجدع وأكسب من تجارة المخدرات، وكل منتج عاوز يكسب كام مليون من المسلسل، ولأن التليفزيون اخترع منطق عاوزين نجم يا كابتن عشان نبيع ونقلب عيشنا، فبدأ كل منتج يختار النجم أولاً، ويوقع معه العقد، ثم يبدأ فى البحث عن أى نص على مقاسه، ومخرج ابن حلال ملوش طلبات كتير، وبيرضى بقليله، وكام كومبارس وعبى يا جدع، والسؤال الآن لوزير الإعلام.. لماذا لا يعود التليفزيون مرة أخرى إلى تقديم أعمال من إنتاجه، يخلق من خلالها نجومًا جديدة، للإفلات من أزمة الأجور الطاحنة.