جامعة المنوفية تغسل أكثر بياضًا- هذا ليس إعلانًا عن مسحوق غسيل أو طريقة من طرق التنظيف الآلى أو الجاف للملابس! لكن طريقة من طرق التنظيف السريع والسهل للشهادات الجامعية خدمة مستحدثة لأول مرة فى جامعة مصرية.. وب«15» جنيهاً فقط «للغسلة» أقصد للمادة التى يراد «غسلها» أو تغيير تقديرها من مقبول وحتى امتياز حتى إن تكررت العملية مرات ومرات للمادة الواحدة حيث ابتكر مركز التعليم المفتوح بجامعة المنوفية برنامجاً لخريجى الحقوق الحاصلين على شهادة الليسانس من أى مكان داخل مصر أو خارجها.. تدخل فيه الشهادة كلها «بقع» تقديرات سيئة لتخرج بعدها شهادة ناصعة البياض من غير سوء وبالتقدير الذى يرضى الزبون لتصلح بعد ذلك للاستخدام سواء فى السلك الجامعى «معيد» أو فى السلك القضائى «بالنيابة». لكن لم تكتمل جريمتهم حتى النهاية حيث وصل الخبر إلى وزارة التعليم العالى وبدورها حركت لجنة على الفور للتحقيق داخل الجامعة وأوقفت برنامج الغسيل عند ذلك الحد.. ولحين انتهاء التحقيقات والوصول إلى نتائج وعد الوزير بإعلان كل الأسماء لأنه لا تستر على فساد! قد سألت د. هانى هلال وزير التعليم العالى فأجاب قائلا: فور أن سمعت بها أوقفت البرنامج على الفور وتم إحالة كل المسئولين عنها للتحقيق ومازال التحقيق مستمراً فى جامعة القاهرة وبناء على نتائجه سأتخذ القرار مع المجلس الأعلى للجامعات لافتا إلى إنه لا يسمح مطلقاً بفساد الجامعات أياً ما كان حجم واسم المتورطين فيها. و عن الضغوط التى يمارسها أولياء أمور هؤلاء الطلاب قال الوزير: لا توجد أى ضغوط وحتى وإن مارسوها.. فأنا لا يهمنى أسماء ولا ضغوط.. فالاتهام بالمخالفة واضح والتحقيق يأخذ مجراه ولست أنا المحقق فيها وإنما محققون من جامعة القاهرة. وعن تلك المخالفة هى جرس الإنذار لمزيد من الرقابة على ما يجرى من التعليم المفتوح.. قال الوزير: التعليم المفتوح كنظام لا غبار عليه ونحن مستمرون فيه مع الاطمئنان على مدى جودته وليس معنى أن هناك خطأ حدث أن النظام كله خطأ. جراءة حقوق المنوفية التعليم المفتوح أو الكنز المفتوح- هكذا تعتبره الجامعات المصرية وبالذات «الإقليمية» والتى تهافتت وتصارعت فى السنوات الأخيرة من أجل فتح مراكز لبرامج التعليم المفتوح بها لتحقيق «أعلى أرباح» أو موارد ذاتية كما تسميها وفتحت الباب على مصراعيه للطلاب أو الزبائن بغض النظر عن جودة هذا التعليم أو جودة خريجيه! رغم أن فكرة هذا النظام التعليمى قائمة أساسًا بغرض الوصول لمن تحول ظروف عملهم أو سنهم أو أماكن إقامتهم باللحاق بالتعليم العالى ويرغبون فى تطوير أنفسهم، فكان التعليم المفتوح هو سبيلهم الوحيد والذى نشأت فكرته لأول مرة فى إنجلترا فى الخمسينيات. تجرأت حقوق المنوفية وابتكرت فى جنح الظلام برنامجاً «تحويلى» «تنظيفى» للشهادات يعنى ليس كافيًا أن يحصل الطالب على شهادة تخرج «بالعافية» من الجامعة.. بل تبرع مركز التعليم المفتوح بتحسين التقدير وتغييره حتى إن تطلب الأمر إعادة المادة أكثر من مرة، فالتكلفة بسيطة «15» جنيهاً للمادة.. وهو ما يثير التساؤل: هل من المنطقى فى إطار منظومة التعليم المفتوح التى تتقاضى من طالب الشهادة العامة «الثانوية أو الدبلوم» حوالى «2000» جنيه فى السنة عند الالتحاق بالبرنامج، تقوم بعمل برنامج تحسين للتقديرات برسوم «15» جنيهاً فقط للمادة! يعنى لو الطالب أراد تحسين «4 أو 5» مواد يدفع ما بين «60 و100» جنيه فقط ويحصل على ما يريد. هل منطقى أن تكون هكذا التضحية والمغامرة أو المجازفة بالسمعة العلمية والمكانة الأدبية وأيضاً المادية، فنحن أمام احتمالين أكيدين.. أيهما الصواب هذا ما ستكشف عنه التحقيقات الجارية.. وهما إما أن التكلفة أكبر من ذلك وتم دفع مبالغ أكبر من هذا بكثير لكنها غير معلنة ظنًا منهم أن إعلان التكلفة «15» جنيهاً سيحميهم عند الكشف عن هذا الخطأ. فقد صرح لى أحد أساتذة جامعة المنوفية.. «رفض ذكر اسمه» بأن من قام بعمل تصميم البرنامج هو نائب رئيس الجامعة نفسه، وأجبر العميد على الموافقة عليه وأن عدد الطلبة فى هذا البرنامج كان فى التيرم الأول «7» طلاب فقط ثم قفز فى التيرم الثانى إلى (161) طالباً وطالبة من أبناء الأساتذة والمستشارين وكبار الشخصيات. واللعبة المكررة هى أن الكثرة فى العدد تشكل قوة ضغط حتى لو كانت على خطأ! لذلك قفز العدد من (7) طلاب إلى (161) طالباً فى شهور قليلة، حيث أصبح الجميع على هدف واحد وهو إنجاح أولادهم مهما كان الثمن والوصول بهم إلى نقطة الهدف التى قد تكون فى السلك الجامعى أو القضائى. ولأن النتيجة تُحسب بالمجموع التراكمى أى مجموع درجات كل السنوات مقسماً على أربعة.. فقد تم إلحاقه بالبرنامج لتحسين معظم المواد التى حصل فيها على تقدير مقبول وجيد.. حتى تصبح جيدًا جدًا وامتيازاً.. وبقدرة قادر تحول هذا الطالب «الفاشل» إلى ناجح وحصل على «20 من 20» فى بعض المواد.. وهى نتيجة لا يصل إليها لا عباقرة القانون ولا أوائل الدفعات. ولكن «هى جت على كده» فالحكاية مخالفة * مخالفة من أولها. فالمخالفة الأولى.. هى قبول طالب حاصل على ليسانس الحقوق نفس التخصص فى برنامج تعليم مفتوح بالجامعة، حيث ينص قانون الجامعات على منع التحاق خريج حاصل على ليسانس أو بكالوريوس فى نفس تخصصه مرة أخرى بالجامعة. ثانيًا: هل منطقى أن برنامج كهذا ينشأ فى الظلام لمدة عام ولا يشعر به رئيس الجامعة إلا مؤخرًا، وإلا لماذا سأل رئيس الجامعة د. محمد عز العرب عبدالمقصود أكثر من مسئول من التعليم المفتوح فى جامعات أخرى عما إذا كان لديهم نفس البرنامج أم لا، وكان هذا منذ ستة أشهر لماذا لم تتم إحالة الموضوع للتحقيق من وقتها؟ الجامعة أعلنت أنها هى التى أبلغت الوزير د. هانى هلال وكشفت عن المخالفة أو الفضيحة ولكن مصادرنا تؤكد أن الخبر وصل للوزير عن طريق صديق للوزير كشفها بالصدفة ومن ثم اتخذ الوزير قراره بالخضوع إلى التحقيقات!! أياً ما كانت طريقة الكشف عن تلك الفضيحة أو من هو صاحب السبق فى كشفها - المهم أنها وقعت ولابد من محاسبة كل المسئولين عنها كبير وصغير - فالدكتور سامى عميد الكلية (رغم مسئوليته) يبرئ ساحته قائلاً: إنه كبش فداء للسادة رئيس الجامعة ونائبه الذى أجبره على عمل هذا البرنامج. وآخرون يقولون إن رئيس الجامعة لا يعلم شيئاً عن هذه الكلية أو ما يجرى فيها حيث إنه جرت العادة فى جامعاتنا المصرية على استقواء عمداء الحقوق على رؤساء الجامعات على اعتبار أنهم العالمون بباطن القانون والتعامل به! ولأن ال (161) طالبا الملتحقين ببرنامج غسيل الشهادات معظمهم من أبناء علية القوم فهناك ضغوط كثيرة تمارس الآن على الجميع لكى يحصل أبناؤهم على شهاداتهم أولاً وثانياً (لم الفضيحة) وعدم إعلان الأسماء.. لكن الوزير أعلنها فى مجلس الشورى أنه لن يتستر على أحد فى تلك الفضيحة التى وصفها بالفساد الإدارى! - ويتولى التحقيق فى تلك المخالفة الدكتور حسن جميعى أستاذ القانون بجامعة القاهرة.. والذى رفض الإفصاح عن أى اسم أو أى شىء يخص القضية حتى يستكمل كل تحقيقاتها ويقدم التقرير للمجلس الأعلى للجامعات. - ولكن علمت أن النية تتجه فى المجلس الأعلى لإصدار قرار بإيقاف أو استبعاد نائب رئيس الجامعة د. مصطفى عبدالرحمن الذى تنتهى مدة خدمته طبيعياً فى 20 نوفمبر القادم بعد قضائه مدتين كنائب لرئيس الجامعة - وبعدما كان مرشحاً لرئاسة الجامعة مع د. محمد عز العرب الذى فاز بها منه!! وكذلك استبعاد العميد د. سامى الشوا.. وتم بالفعل تغيير مدير مركز التعليم المفتوح عقب اكتشاف الفضيحة! - صحيح قامت الوزارة بالكشف ولم تتوار خجلاً من واقعة فساد وقعت فى جامعة تابعة لها.. ولكن ما نطلبه هو أن يتم الكشف عن أسماء كل المتورطين فى هذه الفضيحة حتى وإن كانوا أبناء مسئولين.. وأيضاً عقاباً لجامعة المنوفية يجب أن يتوقف فيها مركز التعليم المفتوح عامين على الأقل عن قبول الطلاب على أن يتم قبولهم فى أقرب مراكز بجامعات مجاورة حتى يتم تصحيح الأوضاع الخاطئة لتكون عبرة لغيرها من الجامعات حتى لا تشطح وتفكر فى يوم من الأيام فى المخالفة. وأخيراً.. نرجو الانتباه.. داخل جامعة المنوفية تتجه الضغوط لإنشاء برامج يسمونها هذه المرة تدريبية لهؤلاء الخريجين ال(161) الذين تم إيقاف شهاداتهم هذه المرة بعلم إدارة الجامعة وبمسمى آخر ولكن الهدف فى النهاية هو إنهاء أوراق هؤلاء الطلبة أو الخريجين بأى شكل!! - عندما سألت رئيس الجامعة د. عز العرب.. قال إنها فكرة ولن يتحدث عنها حتى لا يثير بلبلة الرأى العام!؟