دار حوار سنوي رمضاني بيني وبين أصدقائي: أرجوكم لا تنفقوا كل زكاة المال والصدقات علي الأكل.. الناس تأكل بأي طريقة ولا أحد يموت من الجوع. هذا الرجاء أكرره كل عام منذ بدأت العمل مع المرضي أي منذ عشرين عاماً. ترد إحدي الصديقات الناس بتفرح بالأكل.. الناس نفسها في اللحمة. قالت أخري: الناس بتفرح بأي حاجة.. لكن في رمضان الأكل أهم. أحاول إقناعهن فأقول: المهم الناس تفرح ولا الأهم تتعالج؟ المرض أصعب من الجوع والعلاج أهم من الأكل. فتقاطعني صديقتي: - أصلاً ماحدش بيتعالج.. المريض بيفضل مريض، سواء أخد علاجًا أو لأ.. والشفاء من عند الله. وتكمل لها الأخري: - وبعدين اللي صحته سليمة ومحتاج ياكل أهم في شهر رمضان بالذات. أتوه وسط حججهن الغريبة.. ولا أجد أمامي سوي أن أحكي.. إنني هذا الشهر وقعت علي قرار إعدام أربعة مرضي علي الأقل منهم من يعيش علي علاج مكلف جدًا يبدأ من 6 آلاف جنيه شهريًا ويصل إلي 30 ألف جنيه شهريًا ومنهم من استمر يعتمد علي التبرعات التي تأتي من جهتي لسنوات مضت ومنهم من أخذ جرعتين أو ثلاث عن طريقنا. الأمراض كلها أنواع مختلفة من السرطان، والعلاج لا يمكن الحصول عليه من الدولة. قاطعتني صديقتي قائلة: خلاص.. ماتوجعيش قلبنا.. إنت نفسك بتقولي سرطان.. يعني ما فيش فايدة من علاجه. قلت: «يمكن فعلاً السرطان لا يمكن شفاؤه لكن علي الأقل العلاج بيحد من انتشاره أو بيقلل الأعراض». تعمل إيه أي أم أو زوجة أو ابنة لما تعرف إن علاج المريض الغالي موجود لكن فوق إمكانياتها. انتهي الحوار بعد أن وعدت كل منهن بتوجيه جزء من صدقات رمضان للعلاج وإلي الآن لم ينفذن وعدهن.