استكمالاً لحديثي الأسبوع الماضي عن القبح الذي يحاصرنا في كل مكان، قبح انتشر واستشري من حولنا يكاد يخنقنا، أصبح من العادي أن تزاحمك السيارات وأنت تسير في حالك، من العادي أن تصطدم بك سيارة وهي المخطئة إلا أن صاحبها يترجل من سيارته ليسبك ويلعنك، أصبح من العادي أن تأتيك لن أقول فتاة.. بل طفلة لا تتجاوز السابعة تطلب منك المساعدة وقد ارتدت الحجاب، فمتي تعلمت أن الحجاب هو الزي الرسمي للمسلمات؟ أين تلقنت تعاليم أدت بها إلي ارتدائه بعد أن أصبح زيا اجتماعيا وليس زيا دينيا؟ وأعيد ناهيك هذا كله عن المنتقبات اللاتي، للأسف رأيت مجموعة منهن يوقفن السيارات لكي يعبرن الطريق لأداء صلاة الجمعة في أحد المساجد الشهيرة، فكن عبارة عن كتل سوداء تخفي كل شيء حتي عيونهن يغطينها بطبقة قماش سوداء شفافة ناهيك كذلك عن محجبات «كسر» بفتح الكاف وهن اللاتي يرتدين الجينز «المحزق» والبادي الماركة الشهيرة التي أنقذت معظمهن وجعلتهن يرتدين فساتين عارية «ببادي» لون الجسم «يا حلاوة»! هذا بالطبع غير الأخبار الكثيرة التي تحيطنا عن الاعتصامات لشركات كثيرة تمت خصخصتها، عن سرقة أراض وبيوت حتي مبان وسط البلد لم تنج من البيع، إلي أين نحن سائرون لا أعلم! وسط كل هذا السواد وتلك القتامة هل نستطيع نحن أو يستطيع الشباب أن يستمتع بأغان رومانسية جميلة يقدمها مثلا المطرب الرقيق صاحب الصوت الحساس فضل شاكر، وبالمناسبة فإنه الوحيد الذي يفضل ألا يتكلم وتلك نعمة في حد ذاتها، فإنه دائما ما يرفض الأحاديث الصحفية، وإنما يغني ويغني فقط، هل تستقر أغانيه في وجدانك؟ هل تترك أثرا بداخلك؟ هل تزيح عن كاهلك بعضا من القبح الذي يحيطنا؟ هل مازلت عزيزي القارئ تفرح عندما تستمع إلي صوت قطعة البونبون «نانسي عجرم» وهي تغني مثلا للأطفال شخبط شخابيط لخبط لخابيط! أما عن نفسي فإنني أضع بيني وبين نفسي عزلة مصطنعة، أرفض أن يعكر أحد مزاجي، هذا إن كان صباحي جميلا فأستمع لأغنية للملك محمد منير، يسير يومي وقتها جميلا وسلسا، محاولة إنجاز أشياء تأجلت بفعل استماعي إلي أغنية قبيحة علي الصبح. ليظل السؤال هو نفس السؤال: هل تزيل الأغاني الجميلة بعضا من القبح الذي يطاردنا ويباغتنا في كل مكان؟ هل لاتزال الأغاني ممكنة علي رأي الشاعرة كوثر مصطفي ومنير؟! والإجابة أن أهم من إزالة القبح ألا نجعله يستقر بداخلنا نقاوم بقصيدة شعر جميلة، برواية رائعة، بأغنية لفيروز. أعلم أن عمودي هذا موجه لأشخاص بأعينهم لشريحة تعلم القراءة أولا وتعلم أن هناك شعراء قد يمنحوننا القدرة علي المقاومة وروائيين قد يزيلون عنا الهم والغم. ولهؤلاء أقول إن مساعدة الآخرين قد تمنحنا الدفء والسمو الذي نفتقده، إذن فعلينا أولا أن نصنع الجمال ثم نقاوم القبح. -آخر حركة هناك أناس يصنعون الجمال ويمنحوننا إياه وبفقدانهم نزداد هما وغما منهم الجميل أسامة أنور عكاشة الذي علمنا كيف نسمو بحواراتنا اليومية.