يا بلدنا يا عجيبة.. فيكي حاجة محيراني..!! منذ أن أطلق شاعرنا الراحل نجيب سرور هذه الكلمات ونحن نستخدمها للتدليل علي تفشي ظاهرة طلوع «القرع» في ثواني.. رغم أن ما زرعناه بصعوبة كان القمح..!! مرت سنوات تبدل فيها الحال.. بقيت بلدنا كما هي عجيبة لكن لم يعد ما يحيرنا فيها حاجة واحدة.. للأمانة كل حاجة محيراني.. لم نعد نزرع القمح ولكن «القرع» برضه بيطلع في ثواني..!! سبب كل هذا اللت والعجن الذي صدعتكم به.. هو عجزي عن فهم ما يحدث في قضية رشوة.. فيها راش ومرتش «أركان الجريمة» ثم إلقاء القبض علي الطرفين بواسطة نيابة أمن الدولة في حالة تلبس. وكأن البلد لا يحكمها قانون.. إذا بالجهة التي يتبعها المرتشي وبعد إجراء تحقيقات داخلية تقرر فصله من وظيفته بما يعني لأي متخلف عقليا مثلي تماما أنه مدان.. حدث هذا رغم أن النائب العام طلب رفع الحصانة عن المرتشي لاتخاذ الإجراءات الجنائية ضده.. لكن «وهذا عجب العجاب» المجلس الذي يتبعه هذا الموظف رفض واكتفي بالتحقيقات الداخلية والتي انتهت بفصله. الشق الثاني من الجريمة هو الراشي والذي تبخر بقدرة قادر.. رغم أنه حي يرزق ومعلوم للجميع.. ولكن ولا الهوا مس شعرة من رأسه.. وتناسي الجميع «إنما أهلك الذين من قبلكم أنه إذا سرق فيهم القوي تركوه وإذا سرق الضعيف أقاموا عليه الحد» المرتشي فصلوه والراشي تركوه.. منتهي الروعة في الأداء. طيب فين حق المجتمع؟! أين حقي وحقك كمواطنين يعيشون في بلد يعتقدون أن هناك قانونًا يحميهم ويصون حقوقهم.. نحن أمام جناية لم يتم إعمال أي قانون فيها.. رغم أن الجريمة تتعلق برشوة قاض لإصدار أحكام لصالح رجل أعمال.. فكيف بالله عليكم تستقيم الأمور بعد ذلك؟! وكيف لنا أن نثق في أي أحكام؟! ألا يحق بعد ذلك لأي راش ومرتش أن يطالبا بالمعاملة بالمثل.. يعني يتم تنحية القانون علي جنب وكل قبيلة تعاقب المتهم فيها بقوانينها الخاصة.. وهي علي أي حال ستكون عقوبات أهون بكثير من تطبيق القانون الجنائي.. وربك أمر بالستر.. بالذمة دي مش بلد تجن..؟! رغم أنني لا أميل كثيرا لتطبيق نظرية المؤامرة عمليا في كل أمور حياتنا.. إلا أنني أمام مشكلة المرور أو بمعني أدق عدم المرور في بلدنا.. تأكد لدي بما لا يدع مجالا لأي شك أن ما يحدث في عدم وجود مرور في بلدنا هو مؤامرة مقصودة يعني فيها سبق وإصرار وترصد من جانب القائمين علي أمور المرور في بلدنا.. بهدف هد حيل أهالينا بحيث يصبح الهدف الأسمي لدي كل منا هو مجرد الوصول لأي مكان «يلمه» لا أكثر من هذا ولا اقل. طبعا الشواهد كثيرة التي تؤكد أنهم يتعمدون حبسنا في الشوارع ولكن ما حدث معي يوم الاثنين (10/5) تجربة تستحق أن أرويها لكم- أنتم المذنبين- مثلي في الأرض.. كانت الساعة حوالي الثالثة بعد الظهر ومكاني تحديدا في إشارة المرور أمام معمل المصل واللقاح بالدقي.. واقفين في أمان الله ومستسلمين لقدرنا كالعادة.. وإذا بالجو يتكهرب في ثانية وحركة نشاط مفاجئة تدب في المكان ورتب كثيرة انشقت عنها الأرض فجأة.. فتحت شباك سيارتي لأوجه سؤالاً عبيطًا لعسكري تصادف وجوده بجواري.. هي الحرب قامت..؟!.. بقرف منقطع النظير أجابني: «لأ وزير الداخلية حيعدي.. ثم بلهجة آمرة امشي.. امشي..» يا ساعة سودا.. وزير الداخلية حيعدي.. هذا ما قلته لنفسي وأنا أهم بالسير كما أمرني جناب العسكري.. أما من حيث إنها ساعة سودا.. فهي بالنسبة لي لابد أن تكون أكثر من هذا حيث إن وجهتي النهائية كانت أحد الشوارع المتفرعة من شارع لبنان حيث يسكن الوزير.. وبالتأكيد سيتم إغلاق الشارع وكل الشوارع إلي أن يستقر الوزير في بيته.. وحيث إني كنت في طريقي لإحضار حفيدي من حضانته.. فكان كل ما يتردد في ذهني.. يا عيني يابني حتعمل إيه دلوقتي..؟! لكن قراري في أن أروي لكم ما حدث.. جاء نتيجة أنني وصلت من الدقي إلي آخر شارع لبنان في فترة زمنية لا تزيد علي خمس دقائق.. في الظروف العادية وبدون مرور الوزير تحتاج لأكثر من نصف ساعة.. لم تكن هناك أي إعاقات والإشارات كلها مفتوحة وكل الرتب الواقفة تصرخ: امشي امشي.. والطريق مفتوح يعني نمشي فعلا.. وفي طريق العودة كان نفس الانسياب ومنتهي الروعة في الأداء.. وتأكدت ساعتها أن المرور واقف بفعل فاعل.. وليس لزيادة عدد السيارات أو زيادة عدد السكان أو أي مبرر آخر مما نسمعه ليل نهار. باختصار الموضوع ليس بحاجة لخبراء في المرور.. فقط الوزير «يعدي » ومش أي وزير.. وزير الداخلية تحديدا.. أتمني أن «يعدي» علي كل شوارع المحروسة.. ليفك أزمتنا في عدم المرور!!