ما مصير هؤلاء الفتيات اللائى يفقدن الأب والأم؟ ما هو مصير فتاة معاقة «من ذوى الاحتياجات الخاصة» مات أبويها وأصبحت وحيدة، ولا يوجد من يرعاها من أخوتها أو من أقاربها ؟ ما هو مصير فتاة معاقة وحيدة يتيمة؟ هل توجد مؤسسات رعاية على مستوى لائق كفيل بحماية هذه الفتاة هى ومثيلاتها؟ هل توجد مؤسسة تقوم بتأهيل هؤلاء الفتيات لإجادة مهارة أو مهنة أو حرفة ما حتى تصبح فاعلة فى هذا المجتمع غير مفعول بها. هل نرعى هؤلاء الفتيات اللائى إذا مات ذويهن.. أصبحت وحيدة فريسة فى مجتمع لا يعرف ولا يفهم كيف يتعامل مع ذوى الاحتياجات الخاصة. والكارثة لو استغل أحدهم تلك الفتاة المعاقة التى لم تتدرب ولم يتم تأهيلها على التعامل مع المجتمع ولم يتم تثقيف المجتمع على كيفية التعامل مع ذوى الاحتياجات الخاصة. حكاية «نسمة» مثال حى لهذه المأساة.. فقد أصيب والدها فى حادث سيارة وتدهورت حالته الصحية منذ أن كانت نسمة فى الخامسة من عمرها، وظلت الأم والزوجة راعية لكل من الزوج المريض والطفلة الصغيرة المعاقة ذهنيا، كانت الأم تخرج من الصباح لتعمل تاركة ابنتها الصغيرة مع جارتها التى كانت تتحمل ابنتها أياماً ولا تعرف كيف تعاملها أحيانا أكثر. ومرت السنوات ومات الزوج وابنته فى سن التاسعة وظلت الزوجة هى الأم والأب معا لتلك الطفلة التى تكبر وتكبر الهموم والمسئوليات معها، وتحاول الأم بذل كل ما فى وسعها لتعليم الطفلة وتأهيلها، وتشارك الأم فى العمل التطوعى والجمعيات حتى يتسنى لأبنتها بعض المعرفة والتأهيل. كانت الأم تحاول جاهدة أن تجعل من ابنتها قادرة على مساعدة ذاتها ولكن رغم كل المحاولات إلا أن التحسن كان بطيئا. زاد العبء الثقيل على أكتاف هذه الأم «البطلة» لدرجة أنها نسيت أو تناست صحتها واحتياجاتها. وتراكمت الأمراض عليها. وبعد أن بلغت ابنتها الوحيدة سن الرابعة والعشرين توفيت الأم. وبقيت نسمة وحيدة فى منزل أهلها بلا أم وبلا أب، وبلا عائلة ترعاها أو بمعنى أدق توافق على رعايتها والتكفل بها بعد وفاة ذويها تعيش نسمة فى حى شعبى فقير ورغم معرفة أهل الحى بها، إلا أن الجيران غير قادرين على التعامل المثالى معها مثلما كانت تفعل الأم تضطر الفتاة للنزول إلى الشارع لشراء الطعام لها ولكنها لا تعرف كيف تدير حياتها، ولا كيف تحصل على معاش والدها ووالدتها، ولا تدرك ما هى الإجراءات ويبحث الجيران عن وصى لها من العائلة لتحمل الإنفاق المالى عليها، ولكن نسمة لا تريد لأنها ببساطة لا تعرف فى الحياة سوى أمها الراحلة التى تبكى عليها ليل نهار، ولم تعرف سوى أصدقائها فى الجمعية التى كانت تذهب لممارسة بعض الأنشطة هناك ولكنها لم تعد تذهب لأنه ببساطة لم يعد هناك من يتولى مسئولية توصيل الفتاة من وإلى الجمعية. نسمة.. الفتاة ذات الأربعة وعشرين عاما.. لا تعرف كيف تعيش ولا تعرف كيف تدير حياتها. وكيف تواجه من يستغلها، لأنها لا تعرف كيف تواجه التحرش أو من يحاول إيذاءها.. رغم علمى بأن هناك بعض الدور التى ترعى الأيتام المعاقين إلا أن عددها غير كبير فى مصر ولا يوجد مثيلاتها فى المحافظات والمتاح منها فى القاهرة بتكلفة غير قليلة، ودور الرعاية الخاصة بالأيتام المعاقين غير مهيأة لأنها ضحلة وقليلة الإمكانات. لماذا لا ننتبه إلى الفتيات اليتيمات من ذوى الاحتياجات الخاصة اللاتى قد يضعن فى هذا المجتمع الذى ينسى وجودهن، بل ينسى وجود أعداد لا حصر لها من المعاقين الأيتام «أطفالا وشبابا». مجتمع يدوس بأقدامه على حقوق هؤلاء المعاقين الذين يدفعون ضريبة إعاقتهم ووحدتهم.. وسيدفع المجتمع الثمن غاليا لأنه يفرط فى بناته.؟