لماذا دائماً نربط شم النسيم بنزهة إلي حديقة أو مركب في النيل، أو كرسي صف أول أمام البحر؟! وإذا لم يحدث ما في مخيلتنا يصبح اليوم تعيساً؟! هل يوم شم النسيم نزهة لابد منها لكي نشعر بالسعادة، من المؤكد أنكم قضيتم يوم شم النسيم علي الأقل مرة واحدة في المنزل ولكن هل «شميتوا» النسيم أون لاين؟ قضيت كل سنوات دراستي عدا الجامعة في إحدي الدول الخليجية الشقيقة ولم يرتبط في ذهني أي سعادة في يوم شم النسيم إلا عندما نويت أن أقضيه بصورة مختلفة، ونويت أن أكون سعيدة في هذا اليوم رغم العوائق التي قد أمُر بها فكل عام يمر علي يوم شم النسيم وهو بالنسبة لنا أكلة رنجة بكل أنواعها عوضاً عن الفسيخ لأنه غير موجود في البلد العربي، فكانت والدتي حتي تشعرنا بالاختلاف تبذل كل ما في وسعها لتُعد من الرنجة أصنافاً مختلفة «طبق رنجة سادة دون إضافات، وطبق رنجة بالزيت والليمون وآخر بالزيت والطحينة والليمون، وسلطة رنجة حتي توقعت أنها ستعد «مربي رنجة» وكانت تحاول أن تسعدنا بتنوع الأطباق لغياب بطل شم النسيم «الفسيخ»، ولكن لم أجد أي سعادة في ذلك فما هي السعادة في أن يحدث لي «تُخمة» في نهاية اليوم وينتهي الحال بي لأخذ «فوار هاضم» وما السعادة في أن تظل رائحة المكان غريبة، فشم النسيم بالنسبة لي كان لا يتعدي أنه «يوم الزفارة في البيت»، واختلف الأمر عندما اشتركت في الإنترنت وكنت في الصف الثاني الثانوي وتحدثت مع أهلي وأصدقائي طوال اليوم «أون لاين وأون كاميرا، وقمت بفتح السماعات واشتركنا كل أفراد البيت في الحديث مع أهلي وكنا نفعل كل شيء معهم، فعند الفطور وجدتهم قاموا بتلوين البيض فأخذت الوصف من أحدهم وقمت بتلوين البيض وقدمته لأهلي في الفطور، ووقت الغداء كل منا ذهب للاستعداد للأكل وشعرت كأني جالسة معهم علي نفس الطاولة وحتي مذاق الفسيخ شعرت به؟! وبعدها ارتديت فستان ألوانه ربيعية زاهية وأكملت حديثي معهم ونحن نضحك ونتذكر ونحكي مواقف، ولأول مرة في حياتي أشعر بالفعل بجمال يوم شم النسيم وأهم درس تعلمته في هذا اليوم «ابدأ بنفسك أولاً»، وأن سر السعادة ليس بالنزهة أو بالسفر وإنما بالرضا والقناعة، فهأنا عندما نويت أن أُغير مفهومي عن هذا اليوم، وأردت أن أعيشه بجو من الفرح انتصرت واستطعت أن أفعل علي الرغم من أن السبب في نقل سعادتي كان شيئا بسيطا "وصلة الإنترنت"