كلمات أيمن بهجت قمر نقابلها في حتة، فتسترعي انتباهنا، فنستمع، فنستمتع، فنصاحبها، وهذا هو ما فعلَته مؤخرا أغنية ستة الصبح التي غناها حسين الجسمي بصوته الشبيه في نقائه بالماس والمتميز بالحلاوة في الإحساس. فالحب الرومانسي من طرف واحد وبدون البوح به للحبيب تحكيه الأغنية عبر مشهد يتضمن ما يمكن أن نقول عنه مناجاة للحبيب بكلمات بسيطة: بتعدي في حته / أنا قلبي بيتفتفت 001 حتة / أفضل في مكاني إن شاء الله لستة الصبح بافكر فيك، إنما هذه الكلمات التي تبدو عادية ومما يتم استخدامها بتلقائية في الحياة اليومية، يضعها كالمعتاد أيمن بهجت قمر عبر سياق يجعلها شديدة الجاذبية، حيث يواصل وصف المشهد: تقابلني في سكة / قصادي تفوت / بابقي أنا علي تكه / ومش مظبوط / حد يقول لي أعمل إيه / يحَكِمْني عليه. هذه الكلمات قام وليد سعد بتلحينها بطريقة تمزج الدهشة بالفرحة، وكأن من يغنيها يريد أن يقفز أحيانا في الهواء تعبيرا عن أن حالة روحه تريد من الجسد أن يشاركها في التحليق إلي أعلي، حيث لا شيء يمنعه من هذا التصرف أمام الناس إلا خشيته من أن يوقفه أحد المتطفلين ويستدعي له من ينقله إلي مستشفي للأمراض العقلية. أما أداء حسين الجسمي فبالرغم من الإمكانيات المفتوحة لصوته، إلا أنه بفن وثقة في النفس لم يحاول أن يطلق صوته حتي لا يبتعد عن مذاق الاندهاش والفرحة، فقد كبح جماح صوته مكتفيا بالتغني بالكلمات عبر درجة من بدايات درجات صوته، بطريقة تتناسب جدا مع تلك الحالة التي يجد الإنسان فيها نفسه حين يقع في الحب ولا يقدر علي البوح، حيث يغني وكأنه يمشي وهو بيكلم نفسه لأن الحالة التي هو فيها من شدة غموض أسبابها تجعله لا يستطيع أن يبوح بها حتي للآخرين، يزيد من تجسيد هذه الحالة تلك الموسيقي التي هي أيضا كالكلمات والصوت من نوعية السهل الممتنع، فالموسيقي تعطي للكلمة إحساسا بأن هذا المحب الذي بيكلم نفسه هو قريب من حالة الإنسان حين يسير وهو لا يعرف إلي أين ستأخذه خطواته، مع إيقاع يجعل للخطوات وقع الحركة التي يسير بها الإنسان وهو بيتمخطر، فهي ليست خطوات ثقيلة حزينة كحالة الخطوات التي يوحي بها إيقاع الأغنية الرائعة للمؤلف نفسه أيمن بهجت قمر والصوت نفسه حسين الجسمي، أقصد ماتوحي به موسيقي الأغنية التي نجحت لهما من قبل بحبك وحشتيني حيث التوزيع واستخدام الإيقاع كان يجعل الموسيقي فيها موحية بالخطوات الثقيلة للجسد الذي يشارك الروح أوجاعها علي حالنا مع مصر ده وانت مطلعة عيني بحبك موت، مع ملاحظة أن حسين الجسمي هنا لم يكبح جماح صوته مثلما فعل في أغنية ستة الصبح، إنما تركه مفتوحا بما في إمكانيات صوته من قدرة منحها الله له تجعله قادرا علي استدعاء مذاق رؤية الأفق الممتد والإطلالة علي الفضاء المتسع، فيبدو الصوت كصيحة تقطع المسافات وتتخطي العقبات. طال مني الاستطراد مع التي أحبها ومطلعة عيني، لكنني أعود إلي ستة الصبح لنكتشف أن مثل هذا المحب يظل مكتفيا بالحلاوة المدهشة لهذا الشعور الذي يعيشه حين يري الحبيبة صدفة من بعيد لبعيد، فحين نصل إلي نهاية الأغنية نراه يقرر أن دواءه من هذا الجنون هو أن يظل مترقبا رؤيتها بالصدفة من جديد ياحبيبي دوايا ان أنا أستني عينيك، فهي حالة حب رومانسية تعيش أكثر من حالات الحب الحسي الذي ينتهي فيه كل شيء بسرعة، بينما مع هذه الرومانسية يشعر أنه مبسوط حتي وإن كان مش مضبوط....،.... إن شاء الله لستة الصبح.