لماذا تحب امرأة رجلاً رغم ماتراه فيه من مساوئ ؟؟ ولماذا تقاتل من أجل الاحتفاظ به، رغم الشكوى المرة منه ؟؟ .. هل السبب هو التسامح والغفران الذى طبعت عليه أم هو إحساسها الدفين بأنها بدون الرجل لاتساوى شيئاً، أم هو الخوف الدائم من المجهول، وعدم الرغبة أو القدرة على ارتياد مناطق جديدة وبالتالى التشبث بما هو موجود ومتاح رغم عيوبه، فالقائل «ضل راجل أفضل من ضل حيطة» وعصفور فى اليد أفضل من عشرة على الشجرة هو بالتأكيد امرأة، أو على الأقل رجل أدرك طبيعة المرأة جيداً .. والأهم هل هى طبيعة أصيلة فعلاً أم أنها نتاج موروث اجتماعى صاحب المرأة عبر العصور والأجيال ؟؟ فى الواقع أن أى إنسان رجلاً كان أو امرأة هو عبد بشكل أو بآخر لثلاثة مستويات أو سجين لدوائر ثلاث .. الدائرة الأولى هى آراؤه ومعتقداته الشخصية، والثانية هى مجتمعه الصغير المحدود المكون من الأسرة والأصدقاء والقومية وغيرها، أما الدائرة الثالثة فهى تلك التى تجمعه مع كل نوعه من الجنس البشرى .. لكن الأفكار التى تسكن عقل الرجل الشرقى وتسجنه فيها للأسف تحوى الكثير من التناقضات التى تصيب بدورها المرأة الشرقية وتجعلها فى حيرة من أمرها وأمر الرجل أيضاً .. إنها أفكاره عن مفهوم الرجولة والذكورة والأنوثة، أفكار عن علاقته بالمرأة والأبناء ؛ فهو يرى أن عبودية المرأة فى إلغاء عقلها وكيانها الإنسانى،أى محو شخصيتها، فهو يريدها ضعيفة قليلة الحيلة،قليلة العلم قليلة الثقافة، مطيعة بلا نقاش ولارأى، وإن ادعى غير ذلك بدافع الرغبة فى التطور والتحضر .. هذه الأفكار تتغلغل فى أعماقه حتى وإن رفضها عقله الواعى الأكثر حضارة ومنطقية ..وللأسف، ترتبط هذه الأفكار التى فى الأعماق بمفهوم خاطئ للرجولة وهى السيطرة والتحكم المطلق والرغبة فى الهيمنة على مقدرات امرأته.. وهو فى خضم هذه الأفكار يغيب عنه أن المرأة بطبيعتها تميل للخضوع له وتجد سعادتها فى ذلك .. ولكنه ليس الخضوع السلبى الذى يتوهمه الرجل، ولا الخضوع الناجم عن الخوف من القوة العضلية للرجل أو صوته العالى الغاضب، إنما هو خضوع الأنثى لرجلها الذى اختارته بإرادتها الحرة الواعية، والتى عندما تحب تسلمه روحها وترفض أن تقدم له فاتورة الحساب. وقد يستطيع الرجل بقسوته وقوته وسيطرته وتحكمه وإمكاناته المادية ووضعه الاجتماعى أن يسيطر على العالم ولكنه لايستطيع أن يظفر بحب امرأة واحدة لاتريده .. نعود إلى سؤال البداية : لماذا تظل المرأة على حبها لرجل ما، رغم معاناتها وشكواها منه؟؟ هل هو التفانى فى الحب لدرجة التضحية بالذات ؟؟ وماذا تساوى هذه التضحية إذا كان الرجل نفسه لايساوى؟! أم هى مظهر من مظاهر ارتباك العاطفة والتناقض الوجدانى غير السوى الذى يجعل المرأة تميل بقدر ما إلى الماسوشية وهى الاستمتاع بتعذيب النفس والتلذذ بإيلامها؟؟ قد تكون كل هذه التفسيرات مقبولة إلى حد ما، ولكن هذا لايقلل من أهمية الموروث الاجتماعى فى النظرة إلى المرأة وحقها فى الحياة بمشاعر سوية دون عقد أو أمراض تنتقل إليها عن طريق العدوى من عقد الرجل الشرقى وأمراضه .. أو على الأقل ضرورة التكيف معها بأقل الخسائر النفسية والعقلية .. فالمرأة عامةً وفى مجتمعاتنا الشرقية على وجه الخصوص غالباً ماتتحمل الجوانب المظلمة من التجارب البشرية .. والحب والزواج هو أهم هذه التجارب وأعظمها أثراً، لذا فإن نصيب المرأة من التعب والهم والبؤس فى الارتباط بالرجل مثلما هو فى جميع نواحى الحياة الأخرى هو النصيب الأكبر، وقد تعلمت أن تتقبل نصيبها هذا بكل الرضا والقنوع، وإلا اتهمت بأنها امرأة غير سوية لأنها تعلمت أن التمرد لايستقيم مع كونها أنثى، وإبداء الاعتراض يفسد أنوثتها وهى حيلة على أى حال من اختراع الرجل الذى لايدرك كم يعذب المرأة بأفكاره هذه و.. يعذب نفسه أكثر !! ولكن .. رغم كل هذا وأكثر ستظل هذه العلاقة الأزلية بين قطبى البشرية هى أجمل وأعظم مافى الوجود .. فما أعذبها؛ أى أكثر منها عذاباً وعذوبة ..!!؟