كنت سهران فى أمان الله أشاهد ماتش كرة قدم ممتع بين برشلونة وريال مدريد!! منتظراً عودة ابنى الجامعى نزار، وعندما أتى سألته اتعشيت؟! قال: أكلت ساندوتشين عند نونو نتانة!! فانتفضت مفزوعا!! قال: يابابا المحلات دى انتشرت جداً مثل (ميدوتلوث! زيكو المعفن! عم ميمى ميكروب! صاصا جرثومة! كيموفيروس!.. إلخ)، وهى تبيع ساندوتشات شاورما كبدة - بيض بالبسطرمة فراخ سنتفيه برجر بلبوبيف عكاوى سجق سكلانس وكفتة!! وبعدين أكل البيت راحت عليه خلاص ودخل المتحف!! لا أخفى عليكم من هول الصدمة نسيت أنى سهران!! وأنى كنت أشاهد التليفزيون أصلاً!! وحزنت على نفسى جداً، أبعد هذا النضال الطويل ضد التلوث يأتى اليوم الذى أكتب فيه عن (نونونتانة! وزيكو المعفن!!).. والله حرام!! لاشك أن التسمم الغذائى هو من أخطر الأمراض على صحة وحياة الإنسان، ويكفى أن نعلم أن لعنة السالمونيلا تجتاح الغذاء فى مختلف أنحاء دول العالم، وهى من أكثر مسببات الأمراض التى يحملها الطعام، وفى إحصائية عالمية حديثة تبين أن من (07 - 08٪) من حالات التسمم الغذائى ترجع إلى تلوث الأطعمة ببكتيريا السالمونيلا، وهى بكتيريا عنيدة ومراوغة وقاتلة وتسبب التسمم الغذائى والحمى المعوية والتيفود والباراتيفود، والمثير للدهشة أن أنواع السالمونيلا يصل عددها إلى أكثر من (0032 نوع)، وهو لاشك عدد هائل ومفزع وشديد التأثير على صحة وحياة الإنسان. فى تقرير خطير لمنظمة الصحة العالمية حذرت فيه من أن أوروبا وأمريكا ودول العالم المتقدم تتعرض لموجة تسمم غذائى بسبب السالمونيلا يصل إلى درجة الوباء، وأن ملايين الأشخاص يموتون سنويا من التسمم الغذائى، ويكفى أن وزيرة الصحة البريطانية استقالت بعد اكتشاف وجود السالمونيلا فى لحوم الدواجن وبيضها بمعدلات عالية مثيرة للقلق، وأن ضحايا التسمم الغذائى تضاعفوا (5 مرات) فى انجلترا وويلز، وليس هذا فقط بل إن إدارة الأغذية والعقاقير فى الولاياتالمتحدةالأمريكية تسجل (42 مليون حالة تسمم غذائى فى أمريكا كل عام)، وتصل تكلفة العلاج منها نحو (6 مليارات دولار سنويا)، هذا مايحدث من تفشى للإصابة بالسالمونيلا بشكل وبائى فى دول العالم المتقدم!! ولكن المحزن جداً هو الوضع الوبائى فى دول العالم الثالث والنامى بسبب التسمم بالسالمونيلا، والذى يصل ضحاياه بما لا يقل عن (5,3 مليون حالة وفاة سنويا) بسبب الإسهال الناجم عن عدوى السالمونيلا!! لعنة السالمونيلا!! فى حوارى مع عالم الغذاء المصرى القدير د. فوزى عبد القادر الفيشاوى أستاذ علوم وتكنولوجيا الغذاء بجامعة أسيوط، والذى أكد لى أن السالمونيلا هى خطر كبير على صحة الإنسان لأنها توجد فى اللحوم والدواجن والبيض والألبان والآيس كريم والأجبان والمايونيز، وعلى الخضروات والفواكه، وحتى الإنسان نفسه يكون حاملاً لها ومصدراً خطيراً للإصابة بالسالمونيلا، والمؤسف هو ما أكده العلماء من أن بكتيريا السالمونيلا تستوطن الجهاز المعوى وأمعاء الحيوانات من أبقار وجاموس وأغنام وخنازير وخيل ودواجن وغيرها، والمصدر الرئيسى لإصابة اللحوم يأتى بعد الذبح فالجزار والطاهى عادة مايستخدم نفس آلات التقطيع والسكاكين فى تقطيع لحوم الذبيحة وفتح مصارينها، والتى تزخر بأعداد لا حصر لها من بكتيريا السالمونيلا فتتلوث السكاكين وينتقل التلوث إلى اللحوم، وفى دراسة مهمة أجريت فى أمريكا ثبت أن 42٪ من مجموع الماشية مصابة بالسالمونيلا، ويؤكد العلماء الأمريكان أن الإصابة بالسالمونيلا يبقى واحداً من أكثر ثلاثة أمراض شائعة تحملها اللحوم، وأن مالايقل عن 82٪ من حالات تفشى وانتشار الأمراض الناجمة عن اللحم البقرى يرجع إلى الإصابة بالسالمونيلا. يمثل اللبن الحليب مصدر خطر كبيراً على صحة الإنسان لتلوثه ببكتيريا السالمونيلا من الحلاب، وهو يحلب بقرته، ولم ينظف ضرعها جيداً، والخطر الأعظم إذا كانت مزرعة الأبقار موبوءة بالسالمونيلا، والعاملون أنفسهم تلوثت أيديهم وأوعيتهم بالسالمونيلا، والمفزع أيضا أن يكون فى أحيان كثيرة (الحليب المبستر) ملوثا بالسالمونيلا حتى بعد بسترته، ولذلك فإن المهم جداً هو غلى اللبن الحليب غليا جيداً لكى نقضى على السالمونيلا، كما تفشت الإصابة بالتسمم الغذائى بالسالمونيلا فى الأجبان بشكل وبائى فى أمريكا بلغت (03 ألف حالة) بسبب تناول جبن شيدر ملوث بالسالمونيلا، كما انتشرت فى كندا حالات وبائية شملت (0002 شخص) ساقهم حظهم العاثر لتناول (جبن شيدر) ملوث بالسالمونيلا، وكانت المفاجأة أن النسبة زادت على (006٪) زيادة فى بكتيريا السالمونيلا فى الجبن الشيدر فى (4) مقاطعات كندية. السالمونيلا.. فى الدواجن والبيض والمايونيز!! يؤكد علماء الغذاء أن الدواجن على اختلاف أنواعها من أوز ورومى وبط ودجاج، وماتنتجه من بيض، تتصدر قائمة مصادر العدوى بالسالمونيلا، وذلك بسبب الإنتاج المكثف للدواجن، ثم ذبحها، وتجهيزها بأعداد كبيرة، مما ضاعف من احتمالات تلوثها بالسالمونيلا بشكل غير مسبوق، ولا غرابة أن أمريكا اكتشفت أن (05٪ من الدجاج و14٪ من الرومى الداجن) مصابة بالسالمونيلا، وفى بلجيكا 84٪، وتصاعدت نسبة التلوث بالسالمونيلا فى إنجلترا فبلغت (08٪)، وهى نسبة مفزعة جداً، وساهمت إلى حد كبير فى إسقاط واستقالة وزيرة الصحة البريطانية!! أما البيض الملوث بالسالمونيلا فهو كارثة صحية فقد أكدت بعض الدراسات الأمريكية أن عدد بكتيريا السالمونيلا فى البيضة الواحدة وصل إلى (001 مليون خلية بكتيرية فى الجرام الواحد)، وأعتقد أنه رقم مرعب!! كما أكد مركز مكافحة الأمراض الأمريكى أن البيض، و حده يسبب مالا يقل عن 77٪ من حالات الإصابة بالتسمم بالسالمونيلا!! وكلنا يذكر وباء عام 8891 حيث اجتاحت السالمونيلا وتفشت بشكل وبائى فى مزارع الدجاج والبيض فى إنجلترا، وصلت إلى درجة أن نائب وزير الصحة البريطانى خرج على المواطنين بتصريح يحذر فيه من أن معظم البيض المنتج فى بريطانيا ملوث بالسالمونيلا، ودعا الناس للامتناع عن تناول البيض النيئ أو البيض غير تام النضج، وبعد هذا التصريح مباشرة انخفض إستهلاك البيض فى بريطانيا إلى النصف، بسبب عدوى البيض الملوث بالسالمونيلا!! أما الخبر السيئ لعشاق المايونيز فهو كثرة وقوع حوادث تسمم غذائى فى المطاعم بسبب تناول مايونيز ملوث بالسالمونيلا. الإنسان نفسه.. مصدر للسالمونيلا!! المخيف فعلا.. أن الإنسان نفسه يعد مصدراً للعدوى بالسالمونيلا، وأقصد الإنسان المريض أو الإنسان فى دور النقاهة أو مانسميه ب حامل الميكروب، فالشخص المصاب بمرض السالمونيلا تحتوى أمعاؤه على الملايين من بكتيريا السالمونيلا، وكذلك مخلفاته، وحتى بعد أن يشفى يظل حاملاً للميكروب لفترة تبلغ (21 أسبوعا)، وبذلك يصبح حامل الميكروب مصدراً خطيراً للعدوى، والمرعب هو هذه الإحصائية العالمية الخطيرة التى تؤكد أن حامل الميكروب يفرز نحو (05مليونا) من الخلايا البكتيرية فى كل ملليمتر واحد من سائل الصفراء الذى يفرزه الكبد إلى الأمعاء، ثم تخرج ملايين الملايين من بكتيريا السالمونيلا مع مخلفات حاملى الميكروب إلى البيئة وتكون من ورائها كارثة صحية وضرر عظيم. وحامل الميكروب تصبح أياديهم ملوثة والخطورة إذا كانوا يعملون فى قطاع اللبن الحليب ومنتجاته، أو فى مجال تجهيز وتصنيع الأغذية فى المطاعم والفنادق، وتحدث الكارثة والتسمم بالسالمونيلا بانتقال الميكروب إلى الحليب ومنتجاته، كما يتلوث الطعام عند تجهيزه وتقديمه، والخطير هو وصول الميكروب إلى المحاصيل الغذائية فيلوثها خاصة عند رى الأراضى بمياه الصرف الصحى، وبمجارى المياه الملوثة، ولهذا يحذر علماء الغذاء من تناول الأطعمة النيئة كالخضروات ذات الأوراق الخضراء مثل الخس والبقدونس والجرجير وغيرها، والفواكه، والأسماك التى تم صيدها من مياه ملوثة بالصرف الصحى، لأن تناول كل هذا يعتبر خطراً كبيراً على الصحة ومجازفة غير مأمونة العواقب!! ويكفى أن نؤكد على وحشية وقوة بكتيريا السالمونيلا فى عدوانها على الإنسان، وخاصة أنها تعيش طويلا خارج الأجسام الحية، فهى تعيش فى مخلفات الدواجن من (6 - 52 يوما)، وفى مخلفات الماشية (ألف يوم وأكثر)، وفى أطباق البيض نحو (071 يوما)، وبوسعها البقاء فى الماء بين يومين وخمسة وأربعين يوما، وفى الحليب نحو شهرين، وقد تستمر لأكثر من (531 يوما)، وتبقى فى الأجبان من (82 - 07 يوما)، وأحيانا 6 شهور، والخطير أنه فى بعض الأجبان تم عزل السالمونيلا بعد فترة تخزين وصلت (203 يوم)، وفى الآيس كريم وجدت بعد (93 يوما)، وفى الخضر والفاكهة تعيش من (02 - 04 يوما)، وحتى فى اللحم الطازج المخزن فى الثلاجة يمكنها مواصلة البقاء (51 يوما).. معنى ذلك أن بكتيريا السالمونيلا عنيدة وحيلها كثيرة وخارقة للعادة ولهذا هى شديدة الخطورة على صحة وحياة الإنسان. كيف تحمى نفسك.. من السالمونيلا القاتلة؟! تصوروا لكى تحدث بكتيريا السالمونيلا الإصابة بالمرض فإنها تحتاج إلى دخول نحو (مليون خلية بكتيرية فى الجرام الواحد) فى جسم الإنسان حتى تحدث العدوى وتظهر أعراض المرض، والتى لا تظهر فجأة، وإنما تحتاج فترة حضانة حتى يظهر التسمم الغذائى تتراوح مابين (7 ، 8 ساعات) إذا كان التلوث شديداً، وإلى (21 ساعة) إذا كان أقل شدة، حيث يصاب المريض بالغثيان الذى يعقبه القىء وآلام فى البطن، وتقلصات فى الأمعاء وارتفاع فى درجة الحرارة، كما يعانى المصاب من الإسهال مرتين أو ثلاثة فى الحالات البسيطة، وفى الحالات الشديدة فإن القىء يكثر ويزيد الإسهال إلى نحو (02 مرة)، وعندئذ يصاب المريض بالجفاف، كما ينخفض ضغط دمه، والمحزن أن الحالة قد تؤدى إلى الوفاة خاصة لدى الأطفال وكبار السن، ولهذا ينصح الأطباء بترك المريض يتقيأ ما أكله من طعام ملوث، وعدم إيقاف الإسهال لإخراج السالمونيلا من جسده، على أن تعوض السوائل المفقودة بعد ذلك. وأول عوامل الوقاية من السالمونيلا تبدأ بالإنسان نفسه حيث يجب غسل الأيدى جيدا وسريعا عقب تداول اللحوم النيئة والطيور الداجنة، حتى لا تنتقل السالمونيلا من اللحم النيئ إلى الأطباق الأخرى المطهية، مع ضرورة الإسراع فى تبريد اللحوم والدواجن بوضعها فى الفريزر فى درجة تجميد أقل من (4,4م) فى حالة الحفظ قصير الوقت، أما فى حالة فترة أطول فيكون التجميد فى درجات حرارة لا تقل عن (02م)، وحتى لا تنتقل السالمونيلا من اللبن الحليب فيجب غليه غليا جيداً، وللوقاية من سالمونيلا المايونيز يجب تبريده جيداً ويفضل استعمال المايونيز الجاهز والمعلب. اكتشف العلماء نقطة ضعف قاتلة فى بكتيريا السالمونيلا وهذا من فضل الله علينا، وهى أنها لا تتجرثم، وحساسة للغاية تجاه درجات الحرارة المرتفعة، ويؤكدون إمكانية قتل 09٪ من السالمونيلا على درجة حرارة (9,84م) لمدة (5 دقائق) فيمكن قتل (9,99٪ منها)، إذن لابد من طهى الدواجن على درجة حرارة لا تقل عن (66م) ضمانا لقتل ماقد تحويه من سالمونيلا، ولا يجب التهاون فى استكمال طهى الطعام للمدة الكافية للقضاء على السالمونيلا، لأن الطعام لو ترك مدة طويلة خارج الثلاجة فإن هذا يساعد على إعادة نشاط بكتيريا السالمونيلا من جديد، ويعيدها إلى سابق عهدها بالنمو والتكاثر بالملايين. أرجو أن يطمئن الجميع.. هذا مايؤكده علماء الغذاء الإنجليز من أن البيضة الملوثة (بمليون بكتيريا من السالمونيلا) يمكن بسهولة أن تصبح صالحة للأكل خلال مدة (81 دقيقة) من المعاملة الحرارية الجيدة، كما حظرت وزارة الصحة الأمريكية تقديم البيض النيئ، أو نصف سلق برشت فى المطاعم والفنادق، ويجب سلق البيض بعد غليان المياه مدة لا تقل عن (7 دقائق)، وضرورة إنضاج طهى الأومليت، وقلى البيض من كل الجوانب بحرارة عالية حتى تختفى أى مكونات سائلة غير ناضجة، كما تقضى التشريعات الغذائية فى أمريكا بمنع تداول البيض المشروخ، وإعدامه فوراً، ومعاملة البيض الطازج السليم بمواد مطهرة قبل شحنه من مزارع الإنتاج وعرضه للتداول للحيلولة دون الإصابة بالسالمونيلا. وأخيرا.. ليس من الذكاء ولا العلم أن نتوهم أو نفترض أن لحما أو دجاجا أو لبنا أو بيضا يدخل منزلنا يكون خالياً من السالمونيلا، بل الأصوب أن نفترض أنها جميعا ملوثة بها لكى نأخذ حذرنا حماية لنا ولأطفالنا من السالمونيلا الخطر القاتل فى الغذاء!!