ما كنت أحب الولوج فى مثل هذه الموضوعات لولا أنى - كصاحب قلم متواضع - أخاف أن تسود فى حياتنا (ثقافة الضرب بالجزم) ويبدو أن شتائم بعض النواب فى مجلس الشعب التى تتعرض لها الفضائيات ولايسمعها غالبا الدكتور فتحى سرور، هى التى خلقت عند البعض هذا المناخ السيئ، فقد تدنى الحوار إلى أقصى حد. ولأن الحادث المؤسف الذى أتعرض له وقع فى جامعة القاهرة، وبالتحديد فى كلية الحقوق، جاء اهتمامى البالغ الحزين وأرجو أن يشاركنى حزنى ثلاثة: عميد حقوق القاهرة ومدير جامعة القاهرة ووزير التعليم العالى. لقد كانت اللجنة رقم 361 فى أرض الملاعب هى مسرح الحادث. وكان طلبة وطالبات الليسانس فى امتحان مادة القانون البحرى والجوى، يوم السبت الماضى 03/1/0102 ففى تمام الساعة الخامسة وعشر دقائق ضبط الدكتور سيد طه مدرس مادة التشريعات الاقتصادية، حالة غش طالب، وتم إخراجه ولكن الطالب تعنت فى تسليم كراسته وجرت مشادة كلامية حادة بين د.سيد طه والطالب وصلت إلى حد التلويح باليدين لولا أن الأمن تدخل فى اللحظة المناسبة. عاد د.سيد طه إلى اللجنة وجلس يكتب مذكرة رسمية بما جرى، ثم ضرب بيده وصاح: اللى حايتكلم حاضربه بالجزمة (!!) هذا الكلام على مرأى ومسمع ما يفوق 07 طالبا وطالبة فى امتحان الليسانس، أى أنهم سوف يتخرجون إذا نجحوا وكانوا محامين ووكلاء نيابة وقضاة فيما بعد! وقد اعترض الطالب محمد إسماعيل حربى قائلا: من فضلك يا دكتور فيه ناس محترمة فى اللجنة ولا يجوز مثل هذه الألفاظ. رد الأستاذ الدكتور سيد طه: مش أنت اللى حتعلمنى الاحترام، أنا محترم غصب عنك! ولا أود الاستطراد فى الحوار العصبى العاصف بين الأستاذ والطالب ولكننى أهدى - كما قلت فى أول السطور - الحكاية لثلاثة أفاضل من رجال التعليم العالى، لأنه - بالقطع - ليس التعليم الواطى ومرفوض تماما أن تجرى هذه الألفاظ اللى حايتكلم حاضربه بالجزمة) فى مدرسة إعدادية بعزبة ناهيا. فما بالكم بامتحان الليسانس فى كلية حقوق جامعة القاهرة التى احتفلنا منذ قليل بمئويتها. وكيف يكون سلوك هؤلاء الخريجين - فيما بعد - فى الأداء العام. وما قيمة ما تعلموه وهم يسمعون بآذانهم ويرون بعيونهم ثقافة الضرب بالجزمة، تصدر من دكتور فى كلية الحقوق يراقب لجنة امتحان أخوته الطلبة والطالبات؟ قد يقال أن الطالب الذى ضبط متلبسا بالغش قد استفز الدكتور، ولكن ما الفرق بين الدكتور وعم إبراهيم الفرارجى أو الأسطى شحتة السباك؟ الفرق أن الدكتور رجل مثقف يكظم غيظه ويضبط أعصابه خصوصا فى قاعة محاضرات أو لجنة امتحانات. رحم الله د.سهير القلماوى عندما قالت يوما: إن الجامعة لها قداسة المحراب ويجب أن نحافظ على هيبتها.