الزوجة تتعب.. تتحمل.. تعانى نفسياً وعصبياً من مسئوليات جسيمة ملقاة على عاتقها داخل البيت وخارجه وتتحمل كل ذلك فى صبر وجلد وحب من أجل زوجها وأبنائها.. وفى مقابل هذا كله لا تسمع كلمة حلوة من زوجها ولا كلمة تقدير ولا كلمة شكراً... ولكن الأبشع من ذلك كله هو أنها كثيراً ما تسمع منه فى النهاية كلمات اللوم والعتاب عن تقصيرها وإهمالها فى حق أولاده وفى حقه!! أى خلل يحدث داخل البيت.. أو أى سيىء يحدث لأولادها تكون هى المتهمة الأولى والأخيرة.. وكأنه ليس لها شريك فى حياتها الزوجية ألا وهو زوجها!! إحدى الزوجات قالت لى بحسرة وألم: أشعر فى أحيان كثيرة أنى لم أعد قادرة على التحمل، لم أعد قادرة على الاستمرار، لم أعد قادرة على العطاء، أشعر بثورة وغليان وتمرد ورفض وغضب بداخلى.. أنا مرهقة دائماً.. مثقلة بأحمال ومسئوليات داخل البيت وخارجه، أحمال تفوق تحملى... أشعر بفتور وسأم وملل.. نفسى أهرب من حياتى.. ومن نفسى بعيداً... بعيداً... وأترك كل شىء ورائى... تنتابنى كثيراً هذه الحالة مع أننى متوازنة نفسياً (على الأقل حتى الآن) ولكن المسئوليات الملقاة على عاتقى أنا وحدى ستجعلنى أُجن.. زوجى لا يساعدنى أبداً ولا يشكرنى أبداً على مجهوداتى بل المصيبة أنه دائماً يتهمنى بالتقصير والإهمال.... والكارثة أننى أشعر بفراغ عاطفى رهيب.. لا أسمع منه كلمة حلوة.. ولا يبدى تجاهى أى إحساس بى أو بوجودى.. لدرجة أنه منذ أيام كان يدير مؤشر الراديو فتناهى إلى سمعى صوت أم كلثوم بتقول: رجعونى عينيك لأيام اللى راحوا، علمونى أندم على الماضى وجراحه.. وتوقعت أن يتوقف زوجى عند هذه المحطة، فهذه هى أغنية حبنا ولقائنا الأول ولها عندى ذكرى رائعة.. ولكنى صعقت حين واصل تحريك المؤشر بسرعة واختفى صوت أم كلثوم.. وأيقنت أن الأغنية لم تلفت انتباهه وأنه نسى كل شىء.. وحزنت جداً وأنجرحت مشاعرى بشدة!! ؟ زوجة ثانية قالت: حياتى كانت تسير هادئة حتى رزقنى الله بطفل فالثانى والثالث وأزدادت أحمالى ومسئولياتى وتمزقت ما بين عملى خارج المنزل بالنهار وعملى بداخل المنزل فى المساء.. كل حياتى جرى *جرى.. يأتى الليل فأرتمى فى فراشى فى حالة إغماء.. وأين زوجى من كل هذا؟؟ غائب... غائب.. حاولت كثيراً إشراكه معى فى هذه المهام.. ولا فائدة وابتلعت أحزانى وعلمتنى الأيام أن أكون أنا المسئولة الأولى والأخيرة عن كل شىء يخص الأسرة... وتحملت كل ذلك ولكن ما لا أستطيع تحمله هو اتهام زوجى الدائم لى بالتقصير فإذا طفل رسب فى مادة أكون أنا السبب.. إذا وقع طفل وهو يلعب ورجله انكسرت أكون أيضاً السبب وهكذا... وأخيراً تحولت إلى امرأة محطمة... مقهورة.. عصبية دائماً... وانتهى بى الحال إلى الإكتئاب. عارفة أنا نفسى فى إية؟؟ نفسى فى كلمة حلوة... كلمة شكراً.. عايزة بس حد يحس بى ويطبطب علىَّ!! ................................. للأسف نحن نعيش حالة عامة من الإحباط والاكتئاب وهى تسود معظم الناس وهذه الحالة انعكست على شكل العلاقات المختلفة بما فيها العلاقة الزوجية.. أصبح فيها شرخ.. جفاف وعدم تحمل الآخر.. ولا أحد أصبح قادراً على سماع شكوى الآخر.. بل الكل يحتاج لأحد يسمعه!! أصبح كلا الزوجين متحفزاً للآخر.. ويلقى اللوم والعتاب على الآخر والأسوأ من ذلك هو أنه أصبح غير قادر على التعبير عن أى نوع من أنواع المشاعر الإيجابية ولكن أحياناً تظهر بالنسبة للزوج ليس فقط فى شكل عدم التعبير عن مشاعره وإنما فى شكل الإساءة للزوجة أيضاً!! الرجل يطلب فى هذا الزمن زوجة حديدية.. امرأة خارقة أسطورية.. لا تشكو ولا تبكى. مطلوب امرأة تنسى نفسها.. وأحلامها وكيانها.. أن تتحمل هى كل شىء وهو لا يتحمل أى شىء.. والويل لها كل الويل إذا تمردت على ذلك... للأسف كل هذه التصرفات الغليظة من الزوج تسبب التوتر الشديد فى العلاقة وقد تؤدى فى النهاية إلى انفصال أو طلاق أو على الأقل اكتئاب أو الانهيار التام للزوجة!! للأسف أعرف كثيرا من الزوجات يوافقن فى البداية على تحمل كل المسئوليات وحدهن بشكل يفوق طاقتهم من أجل إظهار البطولة لأزواجهن ويصمتن على المعاناة طويلاً ولكنهن فى النهاية يدفعن الثمن غالياً وينتهى بهن المطاف لنهايات غير سعيدة!! وأنا أتساءل: لماذا تقبل الزوجة من البداية القيام بكل الأدوار وحدها؟؟ هذا خطاؤها وحدها نحن نتقاسم فى الحياة الزوجية كل شىء بما فيها المسئوليات والأدوار.. الحياة الزوجية شركة بين اثنين وليس أبداً سخرة لأحد الطرفين!! رأى الطب النفسى - للزوجات اللاتى وقعن بالفعل فى هذه المشكلة فما الحل لهن إذن؟؟ ينصح الأطباء النفسيون الزوجة فى هذه الحالة أن تعيد توزيع الأدوار داخل الأسرة ولا يكون لها ولزوجها فقط دور بل يجب على كل فرد داخل الأسرة أن يكون له دور ويشارك فى الأعباء والمسئوليات ثم عليها أن تمارس معه العطاء العاطفى وتبدأ هى وتسمعه كلمة حلوة.. وتحاول أن تنبهه بشكل رقيق على جمود مشاعره تجاهها وألفاظه وتصرفاته الغليظة معها.. وتقنعه أنه لابد على كليهما تحمل الأعباء بكل حب وتفاهم.. ينصح الأطباء أيضاً أن تواجه الزوجة الزوج ولا تتأخر فى ذلك وتؤكد له أنها لن تستطيع الاستمرار بهذا الشكل القاسي المرهق.. وأن فاقد الشىء لا يعطيه.. تصارحه مرة واحدة بهدوء بكل شىء حتى لا تكون شكاءة كثيرة التذمر، فالرجل لا تعجبه المرأة كثيرة الشكوى عمال على بطال. وإذا فشلت هذه المحاولة السابقة ينصح الأطباء الزوجة فى هذه الحالة أن تتحمل فى صمت مسئولياتها وتقنع نفسها أن هذا قدرها وتحاول أن تخلق لنفسها كياناً وتخلق لنفسها بعض الوقت تهتم فيه بنفسها.. تتزين.. تقرأ.. تشارك فى الحياة الاجتماعية تذهب إلي النادى مع صديقاتها.. تلعب رياضة.. وعليها ألا تنتظر من أحد كلمة شكراً.. ولا أن يطبطب عليها أحد.. لا تنتظر أى شىء.. لأنه غالباً لن يحدث ذلك معها.. بل عليها أن تتمرن أن تطبطب هى على نفسها وتدلع نفسها وتهتم بنفسها كل هذا سيرفع كثيراً من معنوياتها ويحسن جداً نفسيتها.. نساء كثيرات طبقن هذا على أنفسهن ونجحن بجدارة فى تخطى هذه الأزمة..