هناك أسئلة تتكرر مع الحج. ولقد وجدت إجابات لعدد منها عند الدكتور مصطفى محمود بطريقته المتميزة بالسهل الممتنع عبر صفحات كتابه الطريق إلى الكعبة الذى صدرت طبعته الأولى منذ حوالى ثلاثين عاما عن دار النهضة العربية. من هذه الأسئلة: لماذا رجم إبليس؟ تبدأ إجابة د. مصطفى محمود بإشارة تتضمن: أنت تضع باقة ورد على نصب تذكارى للجندى المجهول وتلقى خطبة لتحيته، هل أنت وثنى. ثم يصل إلى ما يريد قائلا: كذلك إذا رشقت النصب التذكارى للشيطان بحجر ولعنته، إنها كلها رمزيات. وبالمثل السعى بين الصفا والمروة إلى حيث نبعت عين زمزم التى ارتوى منها اسماعيل وأمه هاجر، هى إحياء ذكرى عزيزة ويوم لا يُنسى فى حياة النبى والجد إسماعيل وأمه هاجر المصرية. كما يتحدث د. مصطفى محمود عن السعى بين الصفا والمروة مرة أخرى فى مقطع آخر بالكتاب قائلا: السعى بين الصفا والمروة هو رمز لتاريخ الوجود بين المحو والإثبات. فى البداية كان الصفا. كان الله ولا شئ معه، الخواء والمحو المطلق. كان الأزل وما سبق لنا فى علم الله قبل أن نوجد، وقبل أن يخلق الزمان. ثم كانت المروة، حينما نبع الماء، وخلق الزمان وتدفق الوجود وقامت الحياة. وكان فضل الله فى الأبد، كما سبق فضله من قبل فى الأزل. والسعى بين الصفا والمروة هو شهود الفضل فى الحالين. وهو الانتقال من الحقيقة إلى الشريعة للجمع بينهما فى القلب. من الكلمة التى سبقت فى الأزل، إلى التكليف القائم فى الزمان. والسعى رمز لإجابة الأمر والتلبية. أما السؤال حول لماذا الطواف سبعة أشواط، والرجم سبع حصوات؟ فإن الإجابة كما يراها د. مصطفى محمود تتضمن فى البداية الرد على السؤال بسؤال هو: ولماذا لا يكتمل نمو الجنين إلا فى الشهر السابع، ولماذا يولد ميتا إذا نزل قبل السابع، ولماذا تكتمل النوتة الموسيقية بالدرجة السابعة فلا تكون النوتة الموسيقية بالدرجة السابعة إلا جوابا للنوتة الأولى. إنه سر فى بناء الكون المادى والروحى، إنه سباعى التكوين، وإن السبعة هى درجة الاستواء والتمام. والنفس البشرية بالمثل سبع درجات: أسفلها النفس الأمارة بالسوء. ثم تليها النفس اللوامة.. ثم النفس الملهمة.. ثم النفس المطمئنة.. ثم النفس الراضية.. ثم النفس المرضية.. ثم النفس الكاملة. ولهذا كما يقول د. مصطفى محمود يكون الطواف سبعة أشواط، والرجم سبع حصوات، والسعى سبع مرات عن الأنفس السبع. والله أعلم.