كل من هب ودب أصبح يتكلم باسم الشعب! كل من أتاحت له الصدفة أو الشلة أن يكتب بضع كلمات فى صحيفة أو مجلة قومية، خاصة، حزبية، لديه توكيل من الشعب.. وكل من كان أو كانت تتمشى بجوار إحدى الفضائيات لتجد نفسها ضيفة أو مذيعة لا تبدأ حديثها إلا بعبارة الشعب يريد كذا وكذا. حتى فى البرامج الرياضية التافهة والخائبة أصبحنا نسمع سعادة المحلل الكروى يقول أن الشعب يريد تطهير التحكيم لأنه يحتسب أهدافاً غير صحيحة، وتسللات أو فاولات غير صحيحة! حتى فى برامج الطبخ وما أكثرها يتردد نفس الشعار، فالشعب يريد وصفة «محشى الكرنب» أو «ورق العنب» وفى برنامج آخر تصر المذيعة الطبيخة أن الشعب يريد وصفة العدس بالكركديه والفول المدمس بالكريم شانتيه! الشعب يريد الشعب يريد .. عن أى شعب تتحدثون! هل تتحدثون عن الشعب الحقيقى الذى طالما تحدثتم عن عبقريته وروعته وصبره وعظمته، الشعب الذى أنجب عرابى وسعد زغلول ومصطفى النحاس وطه حسين والعقاد وأم كلثوم وعبدالوهاب وعبدالحليم ونجيب محفوظ ود. زويل ومجدى يعقوب والخطيب وحسن شحاتة وأبو تريكة وشيكابالا وإحسان عبدالقدوس وروز اليوسف ومحمد التابعى.... إلخ. هل تقصدون الشعب الذى يعيش فى الحوارى والأزقة والعشوائيات يحلم بالستر والصحة والعلاج والتأمين وفرص العمل وغرفة مناسبة وبيت مناسب! يا سادتى وأساتذتى فى عالم الكلمة المكتوبة أو المرئية أنتم لا تكتبون وتتحدثون عن شعب خاص بكم! تكتبون وتتحدثون عن شعب افتراضى لا يوجد إلا فى خيالكم أنتم، شعب يعانى أزمة الدستور لا أزمة الكستور، شعب خرج بالملايين فى الانتخابات لأنه خشى غرامة عدم الانتخاب، شعب منقسم بين الجمهورية الرئاسية والجمهورية البرلمانية، شعب لا ينام الليل والنهار لأن قصيدة النثر احتلت مكانة القصيدة التقليدية ، شعب أصابه الاكتئاب العام لطول المرحلة الانتقالية بين بداية الدورى ونهايته! وليس صحيحا أننا كلنا مصريون، فالمصريون الذين يتحدثون فى برامج التوك شو الملتهبة الزاعقة، ليسوا هم المصريون الذين يتحدثون عبر تليفون وتليفزيون الدولة. المصريون فى النوع الأول لا يعجبهم العجب ولا الصيام فى رجب فالثورة مستمرة والكفاح دوار والآخر مدى ثوار . والمصريون فى النوع الثانى راضون وسعداء بما تم إنجازه حتى الآن! تذكرت ذلك كله وأنا أقرأ مقال الأستاذة «نوارة نجم» فى الزميلة «التحرير» صباح الجمعة الماضى وكانت تتحدث فيه عن ملابسات قصة الاعتداء عليها، وهو عمل مرفوض بكل المقاييس ولا يليق أن يحدث، ثم تصل فى مقالها إلى مظاهرة يوم 01 فبراير حيث تقول بالحرف الواحد ما يلى: كانت شوارع القاهرة تعج بالملايين لو جال بخاطر ربع تعدادهم أن يقتحموا ذلك الجهاز القاتل المسمى «ماسبيرو» لاقتحموه وقتها بمنتهى السهولة، يا عم ده أنا كنت بأهتف ارحل ارحل يا ابن الجزمة فصرخ فى أحد المتظاهرين لو سمحتى احنا ثوار محترمين مش عايزين الناس فى البيوت تقول علينا قللات الأدب، على فكرة يعنى يولعوا إللى فى البيوت ما هم فى البيوت يعنى لازمتهم إيه فى الكون ده؟ لو ماتوا كلهم بكرة الدنيا حتنقص إيه! إيه الخلل الكونى إللى حيحصل إحنا إللى بنضرب ونتسحل وتحترق عينينا ونموت ونتحبس وهم إللى بيشتكوا! أهميتهم إيه يعنى عشان قاعدين مركزين رأيهم فينا!!! انتهى رأى الأستاذة «نوارة نجم» ابنة الشاعر الرائع الوطنى «أحمد فؤاد نجم» وابنة الكاتبة الفاضلة المحترمة الأستاذة «صافيناز كاظم» وهو رأى محترم وجواب نهائى وقرار لابد من تنفيذه.. وأتساءل معها بكل صدق: 1 إيه لازمتنا فى الكون!! 2 ولو متنا كلنا بكرة الدنيا هتنقص إيه؟ صحيح يا أستاذة نوارة الشعب بتاع البيت وحزب الكنبة مالوش لازمة وإذا مات كله مفيش مشكلة ومعك حق كل الحق أن تقولى بصدق وأدب عنه يولعوا إللى فى البيوت»! صحيح شعب إيه إللى أنت جاى تقول عليه!