ممنوع - مرفوض - محذوف.. مصطلحات لن ولم تدركها مسامعنا سوى فى مبنى واحد، مبنى من المفترض أنه ملك لكل مصرى، ولكن الحقيقة... فمنذ أيام تبادلت الصحف خبر منع أحد الأفلام الوثائقية عن ثورة 52 يناير وعن نظام كامل عاصره هذا الشعب وذاق منه الكثير، العمل بعنوان «اسمى ميدان التحرير»، المجنى عليه أحد مخرجى قناة النيل للأخبار «على الجهينى» والمكان «مبنى التليفزيون المصرى» والحكم بعد ثورة 25 يناير جاء لصالح المجنى عليه وذلك بعرض الفيلم كما هو.. لا تعليق ! لماذا...؟، لصالح من... ؟، على حساب من...؟، هل من حل...؟ كلها أسئلة كان لابد من طرحها، والإجابة عنها، خاصة أننا نشهد عهدا جديدا، أصبح فيه كل سؤال له الإجابة المعبرة عنه وكل فعل له تفسيره والفعل هنا يعود لثورتنا.. ثورة شعب.. ثورة 25 يناير. فى مقارنة صريحة بين ولادة طفل جديد ومأساة رئيس قدم لنا الشاعر والمخرج على الجهينى «فيلمه الوثائقى «اسمى ميدان التحرير» ومن خلال هذه المقارنة فجر لنا «على» أسباب الفقر، الجهل، البطالة، انتهاكات الشرطة، الرغبة فى التوريث كل هذا إلى أن كان يوم 6 يونيو 2010 أى يوم استشهاد خالد سعيد ودوافع قيام ثورة 52 يناير. وهنا أكد على الجهينى : «شاركت فى ثورة يناير وبعد التنحى كلفت بإخراج عمل وثائقى من قناة النيل للأخبار ولأن ثورتنا، ثورة شباب فقد استعنت بالعنصر الشبابى من مواليد 1981 أى عند تولى مبارك الحكم والعمل ما هو إلا حقيقة وواقع وفضح لكل ما حدث سواء من دماء شهداء. قناصة.. السبب وراء ذلك «العمل سبب فى تهييج الشعب وعرض أو حذف العمل من شأنى».. هذه الكلمات جاءت على لسان وزير الإعلام «اسامة هيكل» فى محاولة منه لتبرير الموقف والمطلوب ما هو إلا حذف 1/3 العمل حتى يتم عرضه وللتوضيح حذف جميع مشاهد انتهاكات الشرطة للشعب والمبرر العمل طويل، والنتيجة حفظ فى الأرشيف لمدة تجاوزت الأربعة شهور أو لحين مغادرته، كل هذه الكلمات جاءت صريحة من مخرج العمل على الجهينى الذى أكد أنه متفائل والشرطة لابد أن تصلح من نفسها سواء عن رضا أو رفض وعدم اقتناع. فى اعتصام للعاملين بمبنى التليفزيون، وخاصة قناة النيل للأخبار تم ضم طلب عرض «اسمى ميدان التحرير» إلى مطالب العاملين إلى قادة المبنى وبالحديث مع «إبراهيم الصياد» رئيس قطاع الأخبار أكد على الجهينى : «فوجئت برد فعل إبراهيم الصياد وتأكيده أنه لم يمنع عرض الفيلم لأنه لم يشاهده بعد، وبعد نقاش طويل كانت الإجابة «الفيلم هيتعرض»، ولكن بعد المشاهدة كان الجواب الفيلم صادما وشديد اللهجة لهذا لابد من التأكيد أن مضمون العمل يخص ما قبل الثورة». وأضاف على الجهينى : «ردود أفعال لم أكن أتوقعها عن الفيلم على مستوى العالم، وهذا يعنى احتراما وتقديرا وحبا للشاشة، وليس لى، ولعل هذا العمل يصبح بمثابة اللبنة الأولى لبناء الثقة بين الجمهور والإعلام من جديد، إعلام ظل الفساد متفشيا فى عظامه لمدة ثلاثين عاما». ∎ أحمر.. بالخط العريض هكذا ظهر اسم الفيلم على التريلير الخاص به، كما أنه احتوى على مشاهد من انتهاكات الشرطة للشعب، وهو جزء رئيسى من العمل كل هذا فتح النار على مخرجه الذى صرح : «الاسم ما هو إلا رمز جغرافى للثورة، فكل الميادين هى ميدان التحرير، فهو قلب ثورة هذا الشعب أما المشاهد فهى حقيقية واقعية، وحدث لن يمكن تجاهله مهما كانت الظروف أو مرت الأيام». ∎ ممنوع من العرض هكذا أجمع بعض مخرجى الأفلام الوثائقية من الشباب، ممن نجحوا مؤخرا فى إثبات موهبتهم من خلال صورة واقعية لحدث عالمى شهد عليه العالم كله وتم عرضه على مستوى العالم فى شتى المهرجانات والاحتفالات بمجهود شباب هذا الوطن الذين اجتهدوا فى تجسيد هذا الحدث فى عدد من المشاهد الصادقة، الموجزة لتظل خالدة بمرور السنوات، ولكن القضية تبدأ عندما يرغب هؤلاء المخرجون فى عرض أعمالهم على إحدى الشاشات أو «شاشة الدولة» يكون الجواب ممنوع العرض، والمبرر أعمال صادمة أو جريئة تساعد على تهييج الرأى العام ورؤى الشعب، وعلى رأس هؤلاء المخرجين نجد المخرج الشاب «شريف سعيد» بقناة النيل للأخبار ومخرج فيلم «صناعة الكذب» الذى أكد : «لم اسع إلى عرض عمل عن الثورة على التليفزيون المصرى لسبب بسيط أن المنحدر أصبح أسوأ من قبل الثورة لهذا اتجهت إلى الجزيرة التى قامت بإنتاج فيلمى «صناعة الكذب» فى صورة مجمله لانتقاد ما يُقدم على وسائل الإعلام سواء الخاصة أو العامة». كما أضاف شريف : «الصدمة قوية وحتى تستيقظ يلزمنا أعوام طويلة، وداخل مبنى التليفزيون لا يزال هناك أفراد ملكيون أكثر من الملك نفسه وخدمة الكرسى أو السلطة تجرى فى دمائهم، وحتى وإن كان الكرسى حاليا فارغا، ستجدهم يطوفون حوله كنوع من البركة، كل هذا يجعل من فكرة عرض عمل حقيقى على شاشة التليفزيون المصرى أمرا مستحيلا». ∎ لا للمصداقية أما المخرجة الشابة «نيفين شلبى» فقد أكدت : لازلنا فى عهد مبارك والقيادات كما كانت، لهذا لا مجال للمصداقية، والثورة المصرية لم تكتمل بعد ومن وجهة نظرى المتواضعة لا مجال لعرض أفلام تحمل الحقيقة لهذا الشعب من خلال شاشة تليفزيون الدولة، والسبب من وجهة نظر القائمين عليه حتى لا يتذكر الشعب من خلال هذه الأعمال ما حدث، والاكتفاء بالغناء والاحتفال بالثورة، وعن أى ثورة تتحدث لا أعلم، فنحن فى مرحلة حداد وهذه الأعمال خير نتاج لما حدث ولا يصح حذف أى من مشاهدها وهذا أكبر دليل أن الثورة لم تحقق شيئا من أهدافها، والتليفزيون المصرى لا يزال على وضعه، لتصبح إمكانية عرض أحد الأعمال الوثائقية عن الثورة أمرا مستحيلا لا يمكن حله، «لهذا اتجهت إلى عدد من العروض لعرض فيلم «أنا والأجندة » على إحدى الشاشات بعد زعم منى بعرضه على تليفزيون الدولة ولكن الحلم شىء والواقع شىء آخر تماما» ∎ الصورة مخرج آخر كان له دوره خلال عام حافل بالأعمال الفنية الوثائقية والتسجيلية، هو المخرج أحمد عاطف الذى أكد : «ثورة يناير حدث عظيم عالميا، ساهم فى تفجير حالة من حالات الانفجار الفنى والرغبة فى التعبير عما حدث والصورة هنا لعبت دورا فى قيام الثورة وانفجار رؤى فنية والبداية كانت من خلال صورة «خالد سعيد» التى أطاحت بالنظام، وبالتالى قيام الثورة وبعدها إنتاج عدد كبير من الأعمال الوثائقية والتسجيلية عن هذه الثورة، هذا الحدث الجليل». كما أضاف المخرج أحمد عاطف : «اشرع حاليا فى الانتهاء من فيلم جديد بعنوان «جهنم المصرية» وعرضه لن يتوقف على التليفزيون المصرى الذى ظل نائما لأعوام ثم استيقظ على ثورة، ولكن الثورة الحقيقية لم تتحقق بعد، ثورة على فكر المبنى بأكمله حتى يتخلص من المنظومة القديمة والانفتاح على عالم جديد بكل كوادره، فالتليفزيون المصرى تقليدى والأعمال الوثائقية من وجهة نظره لكل ما يخص الآثار والشخصيات المرموقة أما ثورة وحقيقة قائمة لا مجال لهذا التغيير، خاصة بين يوم وليلة». ∎ آسفين إجراءات وقيود كثيرة يفرضها القائمون على مبنى التليفزيون على المبدعين لينتهى الأمر بهم، آسفين على رغبة نابعة منهم كمصريين بعرض أعمالهم الفنية على تليفزيون بلدهم بدلا من اللجوء إلى القنوات الخاصة التى نجحت فى جذب هذه العقول لعرض إبداعاتهم على شاشتها دون حذف أو أى جهة رقابة تودى بالمضمون، هذه العبارات جاءت على لسان المخرج الشاب أحمد رشوان «مخرج الفيلم الوثائقى» «مولود فى ميدان التحرير» الذى تم عرضه على شاشة إحدى القنوات كنوع من الاحتفال بثورة 52 يناير كما أكد أحمد: «لم أفكر يوما فى عرض الفيلم على شاشة التليفزيون المصرى لسبب بسيط أنه لايزال كما كان لا يملك سوى أن يفرض سيطرته على الأفكار والأعمال المقدمة من خلاله وكثرة التصاريح والإلحاح على عرض الأعمال على الرقابة والحصول على تصريحات حتى بالتصوير، كل هذا جعل الأمر صعبا على أى مبدع أن يجعل فنه رهنا ببعض التصريحات حتى يتم الإفراج عنه ويُطلق سراحه ليراه الجمهور، وبالنهاية نقدم الاعتذار على مجرد التفكير فى الأمر».