بلاغ للنائب العام تقدم به المجلس القومى للأمومة والطفولة إزاء ما تعرض له الأطفال من عنف وتعذيب وضغط وإذاعة فيديوهات لهم باعترافاتهم، خبر جعلنى أستعيد ثقتى فى هذا المكان الذى قلنا إنه ذهب مع الريح كما حدث مع كل ورث الهانم من مجالس وهيئات وجمعيات وكأنها كانت مقامة لشخصها فقط. لكن هاهو يعلن على استحياء أنه باقٍ وموجود على قيد الحياة بهذه الهبة والانتفاضة لنصرة أطفال الشوارع، هؤلاء الأطفال الذين لم يتخذوا الشارع مأوى لهم بإرادتهم أو اختيارهم وإنما إجبار الظروف، فهم أبناء التفكك الأسرى والفقر والجوع بعدما استبعدتهم سياسات الحكومات السابقة من حساباتها على مدار عقود طويلة من السياسات الاقتصادية والاجتماعية الفاشلة. هم فى النهاية ضحايا ظلم أسرى ومجتمعى وحكومى. فقد استمرت عبارة أطفال الشوارع قنبلة موقوتة تلوكها الألسنة وتتناقلها الأقلام فى الندوات والمؤتمرات دون أن ندرك حجم الكارثة، فتارة تشير الإحصاءات من منظمة الصحة العالمية إلى أن عددهم هو مليون و002 ألف طفل فى شوارع المحروسة وتارة يقال إنهم 2 مليون.. لكن الأخطر أننا حتى الآن ليس لدينا حصر دقيق وحقيقى من جهة مصرية تقول لنا حجم القنبلة بالضبط.. رغم حفلات ومؤتمرات البذخ التى كانت تعقد على شرف هؤلاء الأطفال تحت شعار دعم وتأهيل أطفال الشوارع! والذين كانت ترعاهم الهانم وشلتها الذين ذابوا بعد الثورة واتضحت ديكورية أفعالهم ومؤتمراتهم ومجالسهم القومية. ورحل النظام وجاءت الثورة وحكوماتها.. (وكأنك يا ثورة ما قمتى). لاجديد ولاحديث ولامشروعات ولاحتى مؤتمرات! لكن أخيراً تفتق ذهن القائمين على أمور البلاد عن طريقة للتعامل معهم وهى ضرب عصفورين بحجر واحد. فقد اكتشفوا فجأة أن هؤلاء الأطفال هم الطرف الثالث! فإذا بالمجلس العسكرى يخرج علينا بفيديوهات اعترافات الأطفال بارتكابهم الحرق والتخريب فى أحداث مجلس الوزراء، وبمزيد من الضغط كمان اعترفوا بالمحرضين والممولين! ليحلوا فزورة الطرف الثالث وبنفس الحجر شوهوا رموزاً شاركت فى الثورة واصطادوا الأطفال إلى الأحداث والسجون مرة أخرى ليزيدوهم قهراً على قهر وظلماً على ظلم ومزيداً من التضخيم من هذه القنبلة الموقوتة. فلم ينتبه أحد أن هؤلاء الأطفال حتى لو كانوا جناة فى أحداث مجلس الوزراء فهم ضحايا، حتى وإن ضبطوا متلبسين بإلقاء الطوب والمولوتوف، فهم يلقون ما بأيديهم على كل الظروف التى انتهكت آدميتهم وبراءتهم، على الظروف التى جعلتهم يلتحفون بالأرصفة فى ليل الشتاء وبشمس الصيف الحارقة. أطفال وجدوا فى التحرير وثواره بارقة الأمل التى تقودهم إلى الآدمية وإثبات الذات التى كثيراً ما أهينت على يد مخبر أو منحرف أو قواد، هؤلاء الأطفال إذا كانوا اشتركوا فى الأحداث بإرادتهم أم مدفوعين من جهة أو شخص لا يجب أن نحاسبهم بل نحاسب الظروف أولاً (روحوا اسألوا الظروف) كما قال اللواء عادل عمارة. لا تحاسبوهم ولا تقهروهم كفاهم ما هم فيه هم صنيعة نظام فاسد المفترض أن تضاف جرائم هؤلاء التى ارتكبوها إلى صحيفة جرائم المخلوع والهانم الذين نهبوا أموالنا وأموال المعونات سنوات طوال تحت زعم مساعدة هؤلاء الأطفال. ولا تنسوا أننا لا نعلم حتى الآن عدد من توفى منهم فى تلك الأحداث فكل ما وصل إلينا من أرقام هو اعتقال 96 طفلاً ووفاة اثنين، أما مجمل المصابين من بين ال008 المصابين فلم يحدد بعد! هؤلاء الأطفال تحت أى مسمى ورغم أى اتهام هم «مفعول به» «وليسوا فاعلا» فى جملة ما جرى مؤخراً.. وأعود لكلمة السيد اللواء: روحوا اسألوا الظروف.