لاشك فى أن الإصرار على انطلاق المرحلة الأولى لإجراء الانتخابات التشريعية والبرلمانية... والاستمرار فى عملية التحول الديمقراطى.. هو أولى الخطوات الإيجابية والحقيقية للخروج من الأزمة الراهنة والمفتعلة والتى حاولت جر الشارع المصرى إلى الانقسامات والتمزقات حول مطالب وأهداف هذه المرحلة.. ووجود أكثر من تيار سياسى أو ثورى وكذلك قوى حزبية أو دينية كل له مطالب محددة.. وأهداف مختلفة.. ورؤى متوازنة أحيانا أو متطرفة أحيانا أخرى بدءا من المطالبة بتسليم المجلس العسكرى السلطة إلى سلطة مدنية ومرورا بالمطالبة بحكومة إنقاذ وطنى رغم اختلافهم الشديد حول من يتولى رئاسة هذه الحكومة.. ونهاية برفضهم لتولى د.كمال الجنزورى مسئولية الحكومة.. ومع ذلك رغم عدم وجود حكومة حقيقية تمارس دورها فى التأمين والإشراف على العملية الانتخابية ككل ووسط هذا الخضم الهائل من الأحداث والانقسامات والاتهامات بين كل الفصائل.. وبين القوى الثورية والدينية والسلطة الحاكمة... كان الإصرار على إجراء الانتخابات فى وسط هذه الأجواء الخطرة.. وحتما يتأكد للجميع ومنها هذه القوى التى تشكك وتدعو للاستمرار الثورى والاعتصامات والمليونيات أن هناك إصرارا شديدا من المجلس الأعلى للقوات المسلحة على أن تتم الانتخابات فى موعدها وأن تسير عملية التحول الديمقراطى وتسليم الحكم إلى سلطة مدنية وفق الجدول الزمنى الذى تم الاتفاق عليه والذى ينتهى فى 30-6-2012 بانتخاب رئيس الجمهورية الجديد، والحقيقة أن هناك العديد من القوى الثورية والسياسية والحزبية لم يكن فى مصلحتها على الإطلاق إجراء الانتخابات فى موعدها، وكانت تسعى بكل الوسائل وكل الطرق لتعطيل إجراء الانتخابات لأنها كانت تدرك وتعى أنها لن تحصل على شىء على الإطلاق لأنها غير موجودة فى الشارع وأن صناديق الاقتراع ستكشفها وتكشف حجمها الحقيقى رغم الضجيج والضجة والطحن الذى تمارسه هذه القوى ليلا ونهارا على شاشات الفضائيات، ولكن للأسف الثمن الذى دفعه المصريون جراء هذا كان فادحا خلال الأيام العشرة الأخيرة ابتداء من جمعة «قندهار» فى 18 نوفمبر.. وما تلاها من مصادمات واشتباكات أخطأ فيها كل الأطراف ودفعنا ثمنها 40 شهيدا.. وآلاف المصابين، كل هذه كانت ومازالت محاولة لتعطيل الديمقراطية وإعادة مصر إلى الخلف وإلى الوراء حتى تظل الأمور مشتعلة بالحرائق دون إطفاء. إن ما حدث أمس واليوم من إتمام المرحلة الأولى للانتخابات فى تسع محافظات.. ونزول أكثر من 17 مليون ناخب يدلون بأصواتهم بحرية وديمقراطية ودون ضغوط أو تزوير أو تزييف لإرادتهم من أهم مكاسب وثمرات ثورة 25 يناير التى قامت وانتفضت احتجاجا على تزوير انتخابات نوفمبر 2010 والتى كانت لمصلحة حزب وإقصاء كل الأحزاب.. ومصلحة الوريث والتوريث على حساب الشعب. إن إصرار الشعب وما شاهدناه ولمسناه من زحف الجماهير والناخبين على اللجان الانتخابية والصناديق للإدلاء بأصواتهم واختيار مرشحيهم هو المكسب الحقيقى لهذه الثورة حتى لو كان هذا البرلمان لايعبر بصدق عن إرادة الجماهير وإرادة الشعب فلاجدال أنها البداية.. وأن البداية دائما تحمل أخطاء.. وحتى لو كان هذا البرلمان مهمته الأساسية وضع دستور جديد للبلاد وأنه لن يقوم بمهام تشريعية جسيمة إلا بعد وضع الدستور.. وكذلك لن يقوم بتشكيل الحكومة إلا أنها بداية طريق الديمقراطية الذى عرفته أقدام الشعب ليسير عليه ويحقق آماله وطموحاته فى حياة كريمة.. لا يهان فيها شخص ولا تمتهن كرامته لأجل لقمة العيش.. وهنا هو يعى أن صوته له قيمة وأن صوته أمانة.. وأنه يستطيع أن يغير اختياره لو كان خاطئا وبذا نكون نحن فعلا قد بدأنا الطريق الصحيح الذى نستطيع أن نحقق فيه الحرية والديمقراطية.. والعدالة الاجتماعية. فاليوم بإذن الله تنتهى المرحلة الأولى للانتخابات وسوف تكون الإعادة الاثنين القادم يوم 5 ديسمبر ولو مرت هذه المرحلة إن شاء الله على خير.. وأحسن الشعب استغلال الفرصة واختيار مرشحيهم وفق رؤيتهم وخرجت النتيجة لتعبر فعلا عن إرادتهم الحرة والنزيهة وتحقق اختياراتهم الحقيقية فإنه من المؤكد أن المرحلتين الثانية والثالثة ستحققان نفس الهدف من حيث الإقبال على التصويت.. وحسن الاختيار.. وتغليب المصلحة العامة للشعب على القبلية والعصبيات والطائفية الدينية.. سنكون بذلك قد اجتزنا الاختبار الصعب للديمقراطية وسط كل الظروف المعاكسة والصعبة لإجراء هذه الانتخابات والإصرار عليها وحينها نكون فعلا قد جنينا وقطفنا أولى ثمار الثورة التى دفعنا ودفعت مصر أرواح ودماء شهدائها ثمنا لها. رغم أن ما أذكره الآن بات متأخرا جدا خاصة أننا بدأنا بالفعل المرحلة الأولى للانتخابات البرلمانية إلا أنه أعجبنى بشدة تشبيه أحد الشيوخ فى حوار مع الزميل الإعلامى إبراهيم حجازى على قناة النهار أذيع أول أمس الأحد وهو يشبه الحالة الراهنة للأحداث فى مصر.. وشكل الساحة السياسية ويؤكد على الخطأ الجسيم الذى ارتكبناه جميعا منذ البداية وأدى إلى هذا الوضع الخطير. قال الشيخ فى تشبيه بليغ: إذا كانت هناك مباراة.. فكيف للفريقين أن ينزلا الملعب قبل أن يتم تخطيطه.. ووضع خطوط العرض والطول والوسط وحدود المرمى.. هل يمكن أن تلعب المباراة بدون التخطيط الشكلى للملعب الذى يتيح لك تطبيق القوانين التى تحكم اللعبة.. بالطبع لا.. وهكذا الدستور.. كان لابد من وضع الدستور الذى يضع شكل الملعب السياسى... ويضع الأحكام والقوانين لهذا الملعب حتى يمكن أن تقام المباراة.. وبدون هذا تصبح فوضى.. صدق الشيخ.. والسؤال أين كنت يا شيخ وقت أن خرج الإخوان والسلفيون عن بكرة أبيهم يرفضون رفضا قاطعا أى محاولة لوضع الدستور قبل الانتخابات ويرسلون رسائل إرهاب وتحذير لأى محاولة.. لأن هذه الخطوة لو حدثت لنا لتلافينا ما وصلنا إليه الآن. عفوا سيادة المشير.. الجيش ليس محل استفتاء.. فالجيش هو حامى الوطن ودرعه الواقى سواء خارجيا أو داخليا وهو خط أحمر لا يخضع لأى استفتاء أو حوار ينتقص من قدره لدى الشعب.. ومثلما لايجوز الاستفتاء على إرادة الشعب أيضا لايجوز الاستفتاء على الجيش.. لأن الشعب والجيش كيان واحد لايمكن فصلهما أو تفتيتهما.. فعفوا سيادة المشير.