نفسى حد يفهمنى.. نحن لنا عشرة أشهر بدون وزارة الداخلية.. البلطجية وقطاع الطرق والحرامية يعيثون فى البلد فسادا.. ونحن بلا داخلية.. الله هو الحامى. فى المقابل وبعد مليونية الجمعة 18/11 بما لها وما عليها، استمر اعتصام أهالى الشهداء، عددهم لا يزيد على 30 نفرا.. ربما يكون هناك عشرات انضموا إليهم فى اعتصامهم، يعنى فى النهاية المعتصمون فى الميدان لا يزيدون على مائة نفر.. خليهم 300 نفر.. عايزين أكتر من كده.. أظن عدانا العيب! فجأة ويا سبحان الله طلعت لنا الداخلية.. يا محاسن الصدف.. قررت تفض هذا الاعتصام على أساس أنه بيعطل مصالح الدولة! وهناك من قال إنه يقلل من هيبة الدولة! وبدلا من اتباع «جادلهم بالتى هى أحسن» وهو أسلوب لا تعرف داخليتنا إليه سبيلا على مر العصور.. اتبعوا الأسلوب الوحيد الذى يعرفونه.. وهات يا ضرب.. الحمد لله.. بعد عشرة شهور بيات صيفى.. ظهرت الداخلية فى ثوبها القديم لتولعها! وبعد هذا يحدثوننا فى التليفزيون الرسمى المصرى.. عن أصابع خارجية «قديمة» وأجندات «برضه قديمة العبوا غيرها». الأصابع التى أشعلت الأحداث فى التحرير صباح السبت 19/11 هى أصابع «داخلية» وأى واحد يحاول يقنعنا بغير ذلك يبقى لا مؤاخذة بيستعبطنا.. وللأسف إحنا ودعنا العبط من زمان. أما «اللبانة» التى يلوكها كل المتحدثين باسم المجلس العسكرى.. أو المدافعون عن سوء الأداء.. من أن هذه الاعتصامات تعطل مصالح البلد.. أو تضعف هيبة الدولة.. فأنا أتمنى أن يجيبنى أحدهم عن: أى الأمرين يؤدى إلى تعطيل المصالح والإضرار بالهيبة، غلق ميناء بحرى تجارى لمدة تزيد على العشرة أيام بكل الملايين التى خسرناها نتيجة تعطيله، أم عشرات الأشخاص اعتصموا فى صينية ميدان دون تعطيل أى شىء؟! ألم يتم قطع الطرق وتعطيل السكك الحديدية لفترات طويلة من البعض لأتفه الأسباب، ابتداء من الاعتراض على تعيين محافظ مرورا بنقص السولار وانتهاء بحوادث السيارات؟! أين كانت الغيرة على مصالح الدولة وهيبة الدولة إلى آخر هذه العبارات التى مللنا من كثرة تكرارها دون أن نرى على الأرض تصرفا واحدا منطقيا يؤكد لنا أن هناك دولة تريد أن تفرض هيبتها بقوة القانون. ما حدث هو العكس، وهو ما يؤكد لنا أن هناك تصرفات خاطئة تجىء على هوى الدولة، لا لشىء إلا لأنها تجعل الناس تكفر بالثورة، وتلعن أبو من قام بها، وهذه التصرفات رغم أنها خارجة عن القانون فإنها تقابل بكل لطف وحنية مادامت ستؤدى الغرض المرجو منها! أما عشرين تلاتين نفر من أهالى الشهداء عندما يعتصمون فى التحرير دون أن يؤدى اعتصامهم لتعطيل أى شىء، ودون أن يكون هذا الفعل مؤثما قانونا، بل هو فعل معترف به دستوريا وحق لهم، فهؤلاء تحشد لهم قوات الأمن المركزى ويتم دكهم بالقنابل المسيلة للدموع والرصاص المطاطى، ولا مانع من الحى أيضا، لأنهم، وللأسف، يذكرون الناس أن هناك ثورة قامت فى يوم من الأيام كان لابد أن تتغير الكثير من الأوضاع بعدها. هل يجوز أن نتحدث عن أداء التليفزيون الرسمى أيضا؟! سأجيب أنا هذه المرة عن هذا السؤال، أعتقد أنه لا يجوز.. مرة أخرى «لا يجوز» ليه؟ لأن الضرب فى الميت حرام ولا داعى لوجع القلب.. مافيش فايدة.. ونصيحة لوجه الله كل من لديه ارتفاع فى الضغط أو علة فى القلب.. أو يحاول تجنب الإصابة بهما.. أو يخشى الإصابة بالتخلف العقلى.. ابتعدوا عن التليفزيون الرسمى.. ففيه سم قاتل! وأخيرا.. ممكن حد يفهمنى.. إحنا ليه مكتوب علينا من قديم الأزل.. أن نسمع نفس التعليقات ونفس التبريرات لأى حدث يقع فى بر المحروسة؟! أياد خارجية، أجندات أجنبية، تمويل من جهات خارجية إلى آخر هذه التعليقات التى ما إن تسمعها حتى تصاب بأرتيكاريا.. أنا شخصيا أصبحت أتشكك فى صدق المتحدث عندما يبدأ فى رص هذه الجمل خلال حديثه، فأنصرف عن استكمال باقى أى حديث له، مطلوب بعض التجديد.. للأمانة زهقنا! أعترف أننى داخليا كنت أتعاطف مع د. عصام شرف رئيس الوزراء.. تعاطفى معه يجىء على خلفية أن الرجل يتحمل ما لا طاقة لبشر به.. فهو وكما نعرف جميعا مكبل اليدين.. لا يستطيع القيام إلا بما يملى عليه.. وفى المقابل يتحمل نقد الملايين لحكومته الضعيفة ليل نهار.. كثيرون ردوا على منطقى هذا بعبارة واحدة طيب ما يستقيل هو إيه اللى رماه على المر.. وكنت أرد باللى أمر منه.. إنه لا أحد يمكن أن يقبل بما قبل به هو.. وأن تخليه عن المنصب لا يعنى بالضرورة أن هناك من سيقبل أن يعمل بنفس الشروط.. «عبدالمأمور» وللأمانة.. أعترف أن رصيد التعاطف لدىَّ كان يقل بمرور الأيام إلى أن جاءت أحداث السبت الماضى.. لأكتشف أن الرصيد أصبح بالسالب يعنى نزل لما تحت الصفر.. وأن حكومة بهذا الضعف والتردى السريع فى الأداء لا يمكن أن تستمر.. وأننا بحاجة حقيقية لحكومة إنقاذ وطنى لها مطلق الصلاحيات.. لنعبر بها أو تعبر بنا هذه المرحلة القاتلة من تاريخنا.