بعد صراع طويل مع المرض توفى الفنان التشكيلى الكبير حامد عويس عن عمر يناهز الثانية والتسعين، وبرحيله تفقد الحركة التشكيلية واحدا من أبرز أبنائها ورائد الواقعية الاشتراكية فى التصوير المصرى المعاصر الذى انتصر للإنسان فى جميع أعماله التى كانت بحسب النقاد تمثل ملحمة خالدة وترنيمة حب للإنسان كانت أعماله ملحمة درامية تتصارع فيها قيم الخير والشر، النور والظلام ولكنها كانت دائما تنتصر للجانب المضىء والخير فى حياة الإنسان بالإضافة إلى احتوائها على الجمال والأمل اللذين كانا ينبضان من وجوه أبطال لوحاته سواء كانوا أطفالا أو نساء أو رجالا ولهذا كله لم يكن غريبا أن تضم المتاحف المحلية والعالمية أعماله، بل ويحصل على جوائز عديدة مهمة من ابرزها جائزة جوجنهايم الدولية، ووسام الجمهورية من الطبقة الثانية ونوط الامتياز من الطبقة الأولى وجائزة الدولة التقديرية. وطوال أكثر من سبعين عاما ظل الفنان الكبير حامد عويس يبدع أعماله الخالدة بتأن وصبر وكان حريصا على أن يضفى على أعماله التشكيلية البصرية رسالته الاجتماعية التى كان يؤمن بها والتى كما قلنا تنتصر للإنسان وبخاصة المظلومين والكادحين، وقدم مئات الأعمال عن هؤلاء فنجده يصور الصيادين والحلاقين والعمال والفلاحين وكذلك يركز على مجموعة من المشاهد الاجتماعية مثل موسم الحصاد وقيلولة العمال وانتصارات الشعب المصرى وانكساراته ولإيمانه بمبادئ ثورة 1952 قدم أعمالا غاية فى الأهمية لعل أبرزها ملحمة السد العالى والتى تواكبت تلك الأعمال مع مناظر الناس وحياتهم وعاداتهم فى الريف والقرى والمدن أيضا حتى عندما استقر فى الإسكندرية ركز على ملامح الحياة فيها فرسم الناس والصيادين والأسماك والنساء والحدائق والترام ووسط المدينة الذى يعج بالبشر بمختلف طبقاتهم. والفنان حامد عويس صاحب تجربة حياتية وفنية مليئة بالتفاصيل والإخلاص لمشروعه الفنى الذى كان يعتمد على أن يكون فنانا صاحب بصمة فنية واضحة، والأمر الثانى هو انحيازه للناس، وقد ولد حامد عويس فى بنى سويف عام 1919 وعاش فترة طفولته وصباه فى قريته الصغيرة، وهناك عشق ألوان الحقول ورحابة الأرض واتساعها وبساطة الحياة هناك. وجاء إلى القاهرة للدراسة، تخرج من المدرسة العليا للفنون الجميلة عام 1944 وعين مدرسا بكلية الفنون الجميلة بالإسكندرية وقد وصل إلى منصب عميد الكلية حتى تقاعده واختاره الفنانون التشكيليون بالإسكندرية ليكون نقيب التشكيليين بفرع النقابة بالإسكندرية، وفى بداية وجوده بالقاهرة لدراسة الفن تغير أسلوب حامد عويس ليغيب عن أعماله صوت الطبيعة والريح والطيور لتحل محلها ملامح القاهرة المزدحمة وظهرت تلك الضوضاء السمعية والبصرية فى أعماله التى وإن اختلفت فى التفاصيل ولكنها اتفقت فى هدفه الأساسى وهو الوقوف بجانب الإنسان الذى ظل بطله الرئيسى فى كل أعماله وكأنها رسالته وقضيته الأولى والأثيرة وبرز ذلك فى أعماله عن البسطاء والمهمشين والتى كان يهدف من ورائها إلى خروج هؤلاء الأبطال الكادحين من الظلم المفروض عليهم إلى الحرية والحياة الكريمة. وقد تأثر حامد عويس فى أعماله الأولى ببيكاسو وماتيس وعندما سافر إلى إيطاليا صادق معظم الفنانين هناك والذين ساعدوه على الوصول بلغة تشكيلية خاصة لا تطغى جمالياتها على تجسيد رسالته الاجتماعية، وهنا يقول الفنان التشكيلى مصطفى عبد المعطى أن حامد عويس واحد من أهم فنانى التصوير فى مصر وهو صاحب أسلوب متفرد فى الحركة الفنية وتصميم الصورة عنده يحسب بميزان وتجد ذلك فى كل تفاصيل العمل من خطوط وحركة ولون ومساحة ويلعب الخط واللون معا عنده دورا مهما فى جذب العين وحصدها داخل إطار الصورة حتى ولو بدت الألوان متناقضة فى أحيان كثيرة.