عكس سرعة إصدار حركة6 أبريل بيانها بشجب سلوك «الالتراس الأهلاوى» خلال أحداث «شغب السفارة الإسرائيلية، شيئا طويلا من الجدل حول توجه مجموعات الألتراس «السياسى» خلال فترة ما بعد يناير. بيان6 أبريل، عكس أيضا، نوعا من اللغط على الجانب الآخر، بعد اتهامات، أكدت لجوء بعض الحركات السياسية، لاستخدام مجموعات الالتراس، خلال التظاهرات، نظرا لما تتمتع به تلك المجموعات من تنظيم، إضافة إلى ما تتطلبه تلك التظاهرات، من رغبة بعضهم فى «الظهور». على كل، فإن «حب الظهور» لدى بعضهم، واستخدام بعض الجماعات السياسية للألتراس، إن صح، دخلا ضمن الأسباب التى قلبت جمعة تصحيح المسار إلى «جمعة شغب»، بعيدا عن السيطرة، وهو ما دعا الحكومة إلى إصدارها بيانها بحقها فى الدفاع عن نفسها. صحيح نبرة الحكومة العالية، لم تكن هى النبرة الأولى من نوعها خلال الفترة الماضية، دون سلوك يتماشى مع علو النبرة، إلا أنه، فى الوقت نفسه، لم يكن من المتوقع، لدى الكثيرين، أنه يمكن لمجموعات الألتراس، أن تكون الشرارة التى تقلب جمعة «تصحيح المسار» رأسا على عقب، بحيث احتاجت الجمعة نفسها إلى «تصحيح مسار»! من حيث الشكل، وعدد المنتمين، الألتراس ظاهرون إلى الحد الذى لا يمكن معه إنكار وجود شكل تنظيمى معين لتلك المجموعات. ومرونتهم فى التواجد بأماكن التجمعات، وما يظهر من قدرتهم على الانتشار سريعا، والظهور سريعا أيضا، يشير فى الوقت نفسه، إلى أن «هيئاتهم التنظيمية» قائمة على شىء من القانون الداخلى، الذى لا يتيح التخلف بين الأعضاء، وربما، يشير بالضرورة إلى قواعد للعقاب والثواب بين تلك المجموعات. هيكل الألتراس الشديد التنظيم، إضافة إلى قواعد الثواب والعقاب الصارمتين فى صفوفهم، شكلا العوامل الأساسية فى سطوع نجمهم فى مصر بسرعة، بعد تأسيسهم أول مجموعاتهم عام 2007. أحداث «صلاح سالم» «على هامش مباراة الأهلى وكيما» ثم «أحداث شغب السفارة الإسرائيلية، ووزارة الداخلية (الجمعة الماضية) أشارت إلى دخول تلك المجموعات مفترق طرق، لم يعد مقصورا فيه نشاطهم على صالات مباريات كرة القدم، وحولها، إنما امتد سلوكهم «المرتب» والمتنامى الخطورة إلى الشارع. ريشة كريم عبد الملاك المثير، أنه خلال أقل من أسبوعين، استطاع «الألتراس»، ترسيخ سلوكهم، بمزيد من كسر هيبة الدولة، فى وقت، باتت فيه أى تحركات، لإعادة الشرطة إلى الشارع، مجهضة، بسبب إصرار البعض على انتقاد أفرادها، فور تعاملهم بشىء من القسوة المبررة مع الخارجين عن القانون، هذا، فى الوقت الذى يصف فيه نفس الأشخاص الشرطة بالخيانة، إذا رفعت يدها عن التعامل مع الشارع، لحفظ الأمن فيه! بعد مباراة كيما أسوان، وفى جمعة الغضب، نجحت مجموعات الألتراس فى تحدى الإطار العام للدولة، بعدما نجاحهم فى كسر هيبة الشرطة بالأغانى والدخلات «حلقات الغناء والرقص» خلال مباريات كرة القدم. نجاح الألتراس، كان الأمر الذى جعل إمبراطوريتهم، محل تخوف الكثيرين، بعد أن بدا هؤلاء يوازون فى ظهورهم بعض القوى السياسية شديدة التنظيم، بينما كان الاختلاف الوحيد، بين الألتراس، والقوى السياسية، هو غموض توجهات «الألتراس»، وعدم معرفة الكثير عن مصادر دخلهم، ورؤساء مجموعاتهم، إضافة إلى ضبابية الرؤية حول حقيقة استخدامهم من قبل بعض التيارات. «تجريس» الخارجين تنظيم الألتراس الصارم، كان وجه العملة الآخر لسياسة عقاب الخارجين عن قرارات المجموعة بصرامة أيضا. داخل «الألتراس» تتراوح عقوبات الأعضاء، المخالفين، أو المتجاوزين لقرارات، أو لسياسات المجموعة، ما بين المنع من دخول المباريات، لمرة أو مرتين، أو ثلاث مرات، وبين العقاب البدنى، والضرب المبرح، إضافة إلى طرق «تعذيب» من نوع آخر تشبه «تجريس» الفلاحين فى القرية المصرية، بالطريقة القديمة. اللافت فى «تجريس» الالتراس للخارجين عن إرادتهم من المنتمين إلى مجموعاتهم، تلك الحادثة التى جرت وقائعها، خلال مباراة لأحد النوادى المصرية مع نادٍ عربى، حكمت مجموعة الألتراس، على أحد المنتمين إليها، والذى خالف قرارهم بحظر دخول «الماتش»، بالتعرى من ملابسه كاملة، فى المدرجات، وأرغمته على الانتظار، بهذه الصورة إلى حين انتهاء المباراة. وفى إحدى المباريات، دخل منتمٍ إلى مجموعة الألتراس، بين تجمع مجموعة أخرى، فما كان إلا أن أشعل أفراد المجموعة النار فى «الغريب»، فى واقعة شهيرة، التى مازالت عالقة فى أذهان جمهور كرة القدم. نقل «الغريب» المشتعلة فيه النيران إلى المستشفى للعلاج، لم يظهر معه وقتها، إن «انفلات الألتراس «لو انفلتوا، هو أمر يمكن علاجه، أو السيطرة عليه.. حتى الآن. ويتوازى عقاب الألتراس الشديد، مع امتيازات، من نوع خاص، يمنحها الانضمام إلى تلك المجموعات لأفرادها. تتراوح الامتيازات بين «وجبات طعام» يتم توفيرها خلال مباريات كرة القدم، إضافة إلى توفير الملابس، بما تحمله أحيانا كثيرة من شعارات، مع مجانية دخول المباريات، بتذاكر تتحملها الأندية، وتقدمها روابط المشجعين، للألتراس مجانا، إضافة إلى مجانية السفر والإقامة مع الفريق، حالة خروجه من القاهرة، أو إلى خارج الجمهورية، فى مبارياته مع فرق أجنبية. التسهيلات المادية التى يقدمها الالتراس إلى أفراد مجموعاتهم، رغم إثارتها، فإنها لم تغر حتى الآن أحدا بفتح ملف طرق تمويلهم لأنفسهم، ولمجموعاتهم، ولا كيفية تنظيم تلك الحركات لمواردها بعد الحصول عليها. فإذا كان معروفا تحصل بعض تلك الحركات على اشتراكات شهرية من أعضائها، تتراوح ما بين العشرين والخمسة وعشرين جنيها مصريا، للمساهمة فى تكاليف الحركة الضرورية، إضافة إلى حصولهم على عائد حصة متعارف عليها من تذاكر الماتشات المهمة، لأنديتهم، يتولون بيعها بمعرفتهم، إلا أن هذا لا يجزم باليقين، عدم تمويل النوادى، وكبار المشجعين. المعنى، أنه فى تمويل الأشخاص للألتراس، فإنه من المؤكد، أيضا، أن هناك من يستطيع المشاركة فى قراراتهم، أو ربما، هناك من يمكن له أن يحرك تلك المجموعات بسهولة، مستخدما سطوة ماله تجاه قرارات معينة، سواء داخل مدرجات الكرة .. أو خارجها! مشتبه به من «الشرطة»! فى شارع قصر العينى، يوم جمعة تصحيح المسار الماضية، شوهد الالتراس، يضربون مجموعة قالوا إنهم «مشتبه بهم» فى انتمائهم لجهاز الشرطة، فى الوقت الذى، تصاعدت وتيرة هجوم البعض، ضموا إعلاميين، وشخصيات مشهورة، من طريقة تعامل الشرطة الذى وصفه هؤلاء ب «غير المبرر»، مع بعض المنتمين للألتراس، رغم خروجهم إلى الشارع، قبل بدء بعضهم فى قطع الطريق، وتحطيم السيارات، بعد انتهاء مباراة الاهلى وكيما أسوان الأسبوع الماضى. الأزمة كانت فى نوع «المساندة الشعبية»، لمثيرى الشغب باسم الثورة والحريات، ومن ثم «الهجوم الشعبى» من الجانب الآخر على قوات النظام، باسم الثورة والحريات أيضا. تبريرات التحيز للألتراس، لم تخرج عن دافعين، الأول، ترجمة بعضهم، لتداعيات ثورة يناير، على إنها مرادف للفوضى حسب اعتقادهم، بينما الدافع الثانى، كان رصيد الالتراس الذى لا يمكن إنكاره فى أوساط مشجعى كرة القدم، وأوساط اللاعبين المشاهير. رصيد الألتراس الشعبى، له هو الآخر أكثر من مبرر. يكفى أن هذه المجموعات، من الشباب صغير السن، المنتمى فى الغالب لطبقات اجتماعية تحت المتوسطة، قد استطاعت المنافسة على النفوذ، والسطوة، التى نافست بها أجهزة الأمن، فترة ما قبل يناير. بالأغانى. أغانى الألتراس، أو «دخلاتهم» كما هى معروفة فى أوساط المشجعين، والذى مازال مؤلفوها، وملحنوها، مجهولين، رغم جودتها، وحرفية ألحانها، كانت أحد أهم عوامل إسقاط هيبة قيادات الشرطة، وفى الشارع، وقبل شهور من سقوطها خلال أحداث يناير. وخلال أحداث الجمعة الماضية، استطاع الألتراس التدليل، على أنه لا مكان لسطوة الدولة التى أسقطوها هى الأخرى، بإللقاء الشماريخ، داخل مبنى وزارة الداخلية، خلال تجمهرهم أمامها، محاولين اقتحامها. ربما استمد الألتراس سطوتهم أيضا، باعتبارهم محددا أساسيا الفترة الماضية فى توجه النوادى لضم، أو استبعاد لاعبين. إذ أن مخالفة إدارات النوادى، لإرادتهم، كانت تعنى بالضرورة دخول النوادى، واللاعبين غير المرضى عنهم فى دائرة المواجهة، مع ألتراس، ملكوا بالفعل كل أساليب تحطيم معنويات الخصم، بالأغانى، كما فعلوا مع مدير أمن القاهرة، والإسماعيلية، والإسكندرية، أو بتهديدات التحرش، أو الاعتداء الفعلى، كما فعلوا خلال تجمهرهم أمام «الداخلية». حوائط التجمع «العامة» الشاب «ريعو» كان السبب الظاهر، فى تعبير الألتراس عن غضبهم على هامش جمعة تصحيح المسار، كما يقال. «ريعو»، هو أحد8 مشاهير فى عالم تنظيمات الألتراس على اختلاف انتماءاتهم، إضافة إلى المهمين أيضا من قياداتهم، «مازوت»، وكريم، و«فراغات»، فيما مازال الأربعة الآخرين، غير معروفين. ثمانية الألتراس الكبار، هم المسئولون، حسب المتوافر من معلومات، عن تنظيم الحشود، بالتواصل عبر صفحاتهم على الفيس بوك، إضافة إلى تنظيم التحدث، أو ترويج أخبارهم، عبر وسائل الإعلام، أو التحدث باسم مجموعاتهم مع إدارات النوادى الرياضية. أما أماكن التجمع، التى تحمل أرقاما، وترتيبا معينا، فى شوارع مدن كثيرة، بمحافظات الجمهورية، فهى غالبا أحد «حوائط» العمارات أو المنشآت العامة فى الشارع، التى تحمل علامة معينة، خاصة بكل مجموعة. الغريب، والمثير، هو ما يبدو للألتراس من طرق مختلفة فى الهروب، حال محاولات الشرطة، شنها الهجوم على أماكن تجمعاتهم، ثم سرعتهم فى التجمع بأماكن أخرى، قبل المباريات المهمة قبل يناير. تنظيم الألتراس، الشديد، بأغانيهم ودخلاتهم «الطريفة»، ربما لم تكن لتشكل أية خطورة، أو أى داعٍ للتحذير منها، لو لم ينجم عن ظهورهم فى الشارع، ما ظهر خلال أحداث «صلاح سالم»، أو وزارة الداخلية، الجمعة الماضية. لكن الذى ظهر، أن «الألتراس»، إذا كان منهم من يمثل عنصرا مهما فى رفع الروح المعنوية خلال المباريات، فإن منهم أيضا، من يمكن اعتباره عنصرا مهما من عناصر «الفوضى» خلال فترة، مازال بعضنا يمنحها تبريرات مختلفة، لم تعد تتناسب مع الواقع، ولا حقيقة التطورات فى الشارع. مثير أن تنكسر هيبة دولة كبيرة فى يوم، بالأغانى، والشماريخ، بينما تبقى قوات الأمن حريصة على مسافة من «الحياد السلبى» خوفا من هجوم بعض «المبررين»!