بعد يومين تقريبا من إعلان نتائج الاستفتاء على التعديلات الدستورية في مارس الماضي، جمعني لقاء بعدد من ممثلي ائتلاف شباب ثورة 25 يناير في مؤتمر صحفي مع مجموعة من الزملاء الصحفيين المصريين والسودانيين والسويسريين بأحد الفنادق الكبرى بالقاهرة. من بين ما تناوله المؤتمر حديث الثوار عن خطة ثورة يناير وأنهم خرجوا يوم 25 يناير من أجل المطالبة بإقالة وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي، وأنهم فوجئوا بمشاركة عدد كبير من المواطنين الذين كسروا حاجز الخوف وانضموا إليهم في ميدان التحرير، وأنهم اتخذوا قرار الثورة وإسقاط النظام في ساعىة متأخرة من مساء 25 يناير، ووضعوا خطة محكمة، للإجهاز على قوات الأمن في يومي 26 و27 بمظاهرات صغيرة في وسط البلد يشارك فيها الشباب بالتبادل، تحت شعار: كي ننام ولا ينامون وندخل يوم جمعة الغضب ونحن مرتاحون وهم مجهدون. تضمن أيضا المؤتمر تصريحا لشادي الغزالي حرب قال فيه إن الثورة لم تحقق إلا القشور، لاحظوا أن أقصى حلم كان الإطاحة بالعادلي، وحول سؤال حول ما إذا كانوا يشعرون أن الشعب بدأ في الانفصال عنهم من خلال تأييده الكاسح للتعديلات الدستورية رغم أنهم دعوا إلى التصويت بلا، قالوا إن ثقافة الشعب المصري تتخوف من كلمة "لا" وما بعدها وأن الشعب تخيل أن "نعم" تعني الاستقرار ولذلك صوّت لصالح التعديلات. أما أخطر ما كان في هذا اللقاء من وجهة نظري وقتها وهو ما أثبتته الأحداث الأخيرة، هو تصريح عمرو عز أحد أعضاء حركة شباب 6 إبريل، والذي قال فيه على الملأ: أحب أن أوجه التحية والتقدير لشباب ألتراس أهلاوي وزملكاوي على دورهم البارز في نجاح الثورة نظرا لخبرتهم الكبيرة في التعامل مع الشرطة وحالة العداء والكراهية بين الطرفين. لا أحد ينكر أن جمهور الالتراس أضاف الكثير للملاعب المصرية، سواء بالهتاف الجماعي أو الأغاني الحماسية أو الدخلات الرائعة التي يقدمونها، ولكن لا يمكن التسامح مع الخروج عن النظام والقانون، ولا أحد يتخيل أن يتم تنظيم نشيد يمتهن فيه رجال الشرطة بحدوتة ال50% في الثانوية، هذا على اعتبار أن المنشدين كلهم طلاب أو خريجين طب وهندسة واقتصاد وعلوم سياسية، ووصف الداخلية بأنهم "غراب معشش"، والمصيبة الأكبر التي لا أستطيع تخيلها حتى الآن هي إلقاء "أكياس بول" على المجندين في الاستاد كما جاء على لسان اللواء محسن مراد مدير أمن القاهرة والزميل الصحفي ايهاب الفولي من جريدة "المصري اليوم"، وبعض شهود العيان الذين قدموا تفاصيل اعتداء الالتراس على الأمن في الاستاد خلال لقاء الأهلي وكيما أسوان. أما خارج الاستاد، فحدث ما يعلمه الجميع من حرق وتحطيم لسيارات الشرطة ولم تسلم ممتلكات أخرى من أعمال الدمار الشامل، وهذا وفقا لبعض قاطني شارع صلاح سالم، الذين خرجوا من منازلهم لحماية سياراتهم وممتلكاتهم. نعود مرة أخرى إلى تصريح "عز إبريل"، إذا كانت تلك هي سلوكيات "بعض" مشجعي الالتراس الذين لعبوا "دورا بارزا"- حسب قوله - في نجاح الثورة فهل لعب هؤلاء دورا في استفزاز الشرطة خلال الثورة؟، هل الالتراس ظالم أم مظلوم؟، هل كانت الثورة "ثورة شعب" أم "ثورة التراس" أم "ثورة إخوان"؟، أم كل ما سبق؟، والأهم من ذلك لماذا تدافع حركة 6 إبريل عن الالتراس بقوة وكأنهم هم المجني عليهم؟، لماذا تطالب بإطلاق سراح المتهمين منهم رغم ما اقترفه بعضهم من دمار وخراب؟.، إلى متى ستظل بعض الحركات والقوى الثورية تطالب بالتصدي للبلطجية إذا كانوا حرامية أو سوابق، أما إذا كانوا "التراس الثورة" فتطلب لهم العفو والمغفرة؟. إذا كان مفهوم الحرية عند البعض هو أن تفعل ما تشاء وتقول ما تشاء كيفما تشاء دون مراعاة للآداب والقوانين والتقاليد ف"تبا لتلك الحرية"، أما إذا كانت الحرية تعني المسئولية فألف مليون أهلا وسهلا بها، ووقتها سأكون أول من يقول في وجه المجلس العسكري أو من سيحكم بعده "تسقط الطوارئ".