«آمين»، أغلبنا يقولها بروتينية عقب قراءة فاتحة الكتاب مع افتتاح كل ركعة خلال الصلوات الخمس، إنما ما أجمل أن يمنحنا الله فى الصلاة استحضار دلالة أننا بقولنا آمين بعد الانتهاء من قراءة فاتحة الكتاب فإننا بذلك ندعو الله سبحانه أن يستجب دعاءنا بما تضمنته فاتحة الكتاب، لأن «آمين» تعنى أننا نؤمِّن على ما جاء فى فاتحة الكتاب. أيضا ما أجمل أن يمنحنا الله فى الصلاة استحضار حلاوة أن الملائكة يرددونها مثلنا، ويشاركوننا فى جلال هذه اللحظة المتكررة، ولقد ذكر الشيخ «محمد رشيد رضا» فى تفسير «المنار» أن من يوافق تأمينه تأمين الملائكة يفوز بإذن الله بأن يغُفر له ما تقدم من ذنبه. يقول أيضا الشيخ رشيد رضا فى تفسير المنار أن «آمين» كما هو معروف ليست آية من آيات الكتاب، إنما هى سنة مستحبة، ندعو عبر ترديدها بأن يستجيب الله سبحانه للدعاء، لذلك فنحن لا نردد كلمة «آمين» عقب قراءة الإمام للفاتحة فى الصلاة الجماعية فقط، إنما نرددها أيضا حين نصلى منفردين، كما أنه من المعتاد أن نرددها أيضا إذا قرأنا الفاتحة خارج الصلاة، ونرددها حين نسمع دعاء خارج الصلاة ونحب أن نشارك فيه بالتأمين على ما جاء فيه. إنما ماذا عن مكانة سورة الفاتحة. الفاتحة هى «أم الكتاب». وكما يقول الشيخ رشيد رضا فإنه إذا كانت «النواة» هى «أم النخلة»، فإن النواة مشتملة على شجرة النخلة كلها حقيقة. فالفاتحة اشتملت إجمالا على الأصول التى يفصلها القرآن تفصيلا. وإذا كان أغلبنا يعلم أن صدر سورة «اقرأ» هو أول مانزل من القرآن الكريم، فإن «الفاتحة» هى أول سورة نزلت بتمامها كاملة. وإذا نظرنا إلى صدر سورة «اقرأ» والمعروفة باسم سورة «العلق»، نجد أن مما نزل منها على رسولنا صلى الله عليه وسلم فى أول وحى من الله سبحانه وتعالى قوله سبحانه: «اقرأ باسم ربك الذى خلق». ونلاحظ أن معنى «البسملة» أى (بسم الله الرحمن الرحيم) فى الفاتحة هو أن جميع ما يُقرر فى القرآن الكريم من الأحكام والآيات وغيرها هو لله ومنه، ليس لأحد غير الله فيه شىء. فمتعلق البسملة من مَلَك الوحى تعلم من أول آية نزل بها، وهى قوله تعالى: «اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ»، فمعنى البسملة الذى كان يفهمه النبى صلى الله عليه وسلم من روح الوحى: اقرأ يامحمد هذه السورة بسم الله الرحمن الرحيم على عباده، أى اقرأها على أنها منه تعالى، لا منك، فإنه برحمته بهم أنزلها عليك لتهديهم بها إلى ما فيه الخير لهم فى الدنيا والآخرة. وعلى هذا كان يقصد النبى صلى الله عليه وسلم من متعلق البسملة أننى أقرأ السورة عليكم أيها الناس باسم الله وليس باسمى، وعلى أنها منه لا منى، فإنما أنا مبلغ عنه عز وجل. نزول أول سورة العلق قبل الفاتحة هو تمهيد للوحى المجمل والمفصل. ثم كانت الفاتحة أول سورة نزلت كاملة، وأمر النبى عليه الصلاة والسلام بجعلها أول القرآن، وانعقد على ذلك الإجماع. أما عن معنى أن سورة الفاتحة مثانى، فيقول الشيخ رشيد رضا أنها مثانى تثنى وتعاد فى كل ركعة من الصلاة لفرضيتها فيها، وقيل معناه أنها يثنى فيها على الله تعالى. يارب ياكريم امنحنا متعة استجلاء معنى آياتك، واستحضار حلاوة ما نقرأ وارزقنا التقوى وفقهنا فى الدين برحمتك يا أرحم الراحمين.