انفراد ل«آخرساعة» من قلب وادي السيليكون بأمريكا.. قناع ذكي يتحكم في أحلامك!    دعاء الفجر| اللهم ارزق كل مهموم بالفرج وافتح لي أبواب رزقك    انفجارات تهز دمشق وانهيار مبنى.. التفاصيل الكاملة    ممدوح جبر: لأول مرة إدارة ترامب تتحدث رسميًا عن إقامة دولة فلسطينية    المنتخب الكرواتي يتأهل إلى كأس العالم 2026    جهود مكثفة لضبط سائق دهس 3 طلاب أثناء سيرهم بالمقطم    قتلى ومصابون باقتحام حافلة لمحطة ركاب في إستكهولم بالسويد (فيديو)    التفاصيل الكاملة لحادث أحمد سعد على طريق العين السخنة    تفاصيل مشروعات السكنية والخدمية بحدائق أكتوبر    اشتباكات دعاية انتخابية بالبحيرة والفيوم.. الداخلية تكشف حقيقة الهتافات المتداولة وتضبط المحرضين    أموال المصريين غنيمة للعسكر .. غرق مطروح بالأمطار الموسمية يفضح إهدار 2.4 مليار جنيه في كورنيش 2 كم!    مناوشات دعاية انتخابية بالبحيرة والفيوم.. الداخلية تكشف حقيقة الهتافات المتداولة وتضبط المحرضين    طقس غير مستقر وشبورة كثيفة.. الأرصاد تكشف توقعات السبت 15 نوفمبر 2025    7 قتلى و27 مصابا في انفجار بمركز شرطة بالهند    نانسي عجرم تروي قصة زواجها من فادي الهاشم: أسناني سبب ارتباطنا    استقرار سعر الريال السعودي أمام الجنيه المصري خلال تعاملات السبت 15 نوفمبر 2025    هولندا تضع قدما في المونديال بالتعادل مع بولندا    باحث في شؤون الأسرة يكشف مخاطر الصداقات غير المنضبطة بين الولد والبنت    جوائز برنامج دولة التلاوة.. 3.5 مليون جنيه الإجمالي (إنفوجراف)    عمرو عرفة يحتفل بزفاف ابنته بحضور ليلى علوي ومحمد ورامي إمام وحفيد الزعيم    "رقم واحد يا أنصاص" تضع محمد رمضان في ورطة.. تفاصيل    نانسي عجرم: شائعات الطلاق لا تتوقف منذ زواجي.. ولا أقبل أن أعيش غير سعيدة    مسئول أمريكي: نزيد الضغط على أطراف الحرب بالسودان نحو محادثات لوقف القتال    إلى موقعة الحسم.. ألمانيا تهزم لوكسمبورج قبل مواجهة سلوفاكيا على بطاقة التأهل    إبراهيم صلاح ل في الجول: أفضل اللعب أمام الأهلي عن الزمالك.. ونريد الوصول بعيدا في كأس مصر    وسائل إعلام فلسطينية: مدفعية جيش الاحتلال الإسرائيلي تستهدف المناطق الشرقية من مدينة غزة    فرنسا: 5 منصات تجارية تبيع منتجات غير مشروعة    سفير السودان بالاتحاد الأوروبي يشيد بالدور المصري ويشدد على وحدة السودان واستقراره    شتيجن يطرق باب الرحيل.. ضغوط ألمانية تدفع حارس برشلونة نحو الرحيل في يناير    عصام صفي الدين: السلوكيات السلبية بالمتاحف نتاج عقود من غياب التربية المتحفية    صدمة في ريال مدريد.. فلورنتينو بيريز يتجه للتنحي    قائد الجيش الثالث: الدور التنموي يكمن في توفير البيئة الآمنة لتنفيذ المشروعات القومية    حسام حسن: هناك بعض الإيجابيات من الهزيمة أمام أوزبكستان    زعيم الثغر يحسم تأهله لنهائي دوري المرتبط لكرة السلة    مصر تبيع أذون خزانة محلية ب99 مليار جنيه في عطاء الخميس.. أعلى من المستهدف بنحو 24%    اليوم.. انقطاع الكهرباء عن 31 قرية وتوابعها بكفر الشيخ لصيانة 19 مغذيا    رئيس قناة السويس: تحسن ملحوظ في حركة الملاحة بالقناة    تصعيد جديد.. الصين تتوعد اليابان ب"هزيمة ساحقة" وتحذر مواطنيها من السفر    إخماد حريق في مخبز وسوبر ماركت بالسويس    اليوم.. أولى جلسات استئناف المتهمين في حادث الطريق الإقليمي بالمنوفية    بيان من مستشفى الحسينية المركزي بالشرقية للرد على مزاعم حالات الوفيات الجماعية    أهم الأخبار العالمية والعربية حتى منتصف الليل.. ويتكوف يخطط للقاء رئيس حركة حماس خليل الحية.. البرهان: على كل السودانيين المشاركة فى المعركة ضد الدعم السريع.. وهجوم مجهول بصاروخى كاتيوشا على دمشق    مصرع 3 أشخاص وإصابة 8 آخرين في انقلاب ميكروباص بصحراوي المنيا    رئيس الطب الوقائى: نوفر جميع التطعيمات حتى للاجئين فى منافذ الدخول لمصر    آخر تطورات الحالة الصحية لطبيب قنا المصاب بطلق ناري طائش    الباز: العزوف تحت شعار "القايمة واحدة" عوار يتحمله الجميع    تربية عين شمس تحتفي بالطلاب الوافدين    «الصحة» تنظم جلسة حول تمكين الشباب في صحة المجتمع    انطلاق برنامج دولة التلاوة عبر الفضائيات بالتعاون بين الأوقاف والمتحدة في تمام التاسعة    أذكار المساء: حصن يومي يحفظ القلب ويطمئن الروح    تكافؤ الفرص بالشرقية تنفذ 9 ندوات توعوية لمناهضة العنف ضد المرأة    الائتلاف المصري لحقوق الإنسان: صعود المستقلين وتراجع المرأة في المرحلة الأولى لانتخابات النواب    مؤتمر السكان والتنمية.. «الصحة» تناقش النظام الغذائي ونمط الحياة الصحي    الثلاثاء.. إعلان نتائج المرحلة الأولى وبدء الدعاية الامنخابية لجولة الإعادة    صندوق "قادرون باختلاف" يشارك في مؤتمر السياحة الميسرة للأشخاص ذوي الإعاقة    هطول أمطار وتوقف الملاحة بكفر الشيخ.. والمحافظة ترفع حالة الطوارىء    سنن التطيب وأثرها على تطهير النفس    سنن الاستماع لخطبة الجمعة وآداب المسجد – دليلك للخشوع والفائدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عندما يرقص الجواسيس عل- موسيق- الدولار!
نشر في صباح الخير يوم 09 - 08 - 2011

همس القرد الشاب ف- أذن حبيبته أثناء ممارستهما لعناق إنجاب أول الأبناء « أتمن- أن تنجب- ل- أبناء قادرين عل- الاستفادة من خبرات القرود الأجداد، بدلا من إنجاب قرود جديدة تتمرد عل- كل التاريخ، وتركب قاربا من أوراق الشجر إل- غابة أخر- ليبدأوا حياة جديدة دون سابق خبرة».
همست القردة ضاحكة ف- أذن حبيبها «أنت تحلم بأن تغير من نوعية القرود، وتريدهم أن يحتفظوا بتاريخ وخبرات من سبقهم من القرود- هل تريدهم أن يصبحوا مصريين مثلا يقدسون ما مض- من تاريخ- أم أنك تريدهم أمريكيين جاءت كل أسرة منهم من بلاد بعيدة واستطاعوا أن يسودوا العالم كله دون الاهتمام بما سبقهم من حضارات ؟»
هنا فكر القرد الشاب بأن حبيبته لا تفهم كثيرا فيما يحلم به، بل ه- تهتم فقط بفعل الحب وليأت- الأبناء ليفعلوا ما يريدون.
تذكرت تلك الحكاية القادمة من أسطورة إفريقية تحك- لماذا ظل القرود قرودا، دون أن يتطوروا عل- سلم الارتقاء، فقد خيرت القردة الشابة عريسها الشاب بين تقليد المصريين الذين يقدسون التاريخ، بشرط أن تراه كل فئة بالعيون الت- تريدها، وبين أن يكون القرود كالأمريكيين ينظرون إل- الواقع ويعيدون تأليفه بما يحقق مصالح شركات السلاح وشركات الأغذية المحفوظة، وأنماط طباعة كل البشر بشرط أن تمتلك أمريكا قدرات التحكم ف- أمزجة الكون، ومن لا يرضخ من أهل هذا الكون فعليه أن يتحمل اللعنة .
وقصة اللعنة الت- تحملناها ف- مصر المحروسة ه- قصة طويلة جدا، ولعل أهم ما يستوقفن- فيها هو هذا المسلسل الطويل من الأعاجيب الت- صنعها المصريون عبر التاريخ، وهو مسلسل يصاحبه مسلسل آخر من خيبات الأمل.
ولن أتذكر ما نعرفه جميعا من أن المصريين هم من أهدوا البشرية فن صناعة الرغيف وبناء البيت ورفاهية صناعة الكرس-، وأناقة صناعة السرير، وفنون رصف الطرق، وحفر الترع وزراعة الأراض-، لن أتذكر كل ذلك، ولكنن- سأجر- سريعا عل- ما مر بنا خلال المائت- عام الأخيرة، تلك الت- بدأت بمحمد عل- الذ- كون جيشا وأقام صناعات حربية ونظم توزيع مياه النهر، وبن- القصور، وخطف أبناء الناس من الأحياء ليحولهم إل- أطباء وضباط. وحارب منتصرا من الجزيرة العربية إل- قلب أفريقيا. ولكنه انكسر بالتواطؤ بين دول كبر-، فقرر أن يعيش داخل حدود المحروسة ليورثها من بعد ذلك لأبناء لم يقدروا قيمة ما ورثوا، فجاء سعيد باشا بعملية حفر قناة السويس وه- معجزة قام بها الفقراء واستفاد منها الأجانب أولا، ثم جاء إسماعيل ليتطلع إل- بناء مصر الت- تشبه فرنسا، واستطاع تحقيق ذلك بالديون وبمزيد من القهر لعموم المصريين، ولكن الحال- حال القهر- لم يستمر حين تول- عرش مصر توفيق ابن إسماعيل، فقد خرج عراب- باشا هاتفا «لقد ولدتنا أمهاتنا أحرارا ولن نورث بعد اليوم».
--
هل ما أحكيه غير معروف لعموم المصريين- طبعا هو معروف ومحفوظ، ولكن يغيب عن الجميع صورة الفلاحين الزاحفين من قراهم حول قطار عراب- وهم يقدمون له عرائض الشكاو- من السخرة ومن استنزافهم عملا ف- أراض- العائلة المالكة وإقطاعيات من كانوا خدما عند عائلة محمد عل-.
كان عموم المصريين يطلبون من عراب- وجيشه بعضا من العدالة الاجتماعية الت- نثرثر بطلبها حاليا، ولكن الرجل انكسر لأن أعداءه كانوا أهل علم، ورغم الانكسار إلا أن التاريخ يتذكر حقيقة واضحة وه- أن المصريين العاديين استطاعوا بمدفعية قديمة إغراق سبع بوارج من أحدث ما أنتجته التكنولوجيا الإنجليزية ف- البحر المتوسط، نعم سبع بوارج من أربع عشرة بارجة قصفت الإسكندرية لينزلها جنود الاحتلال .
ولن أحك- عن نف- عراب-، ولكن- أحك- عن تمرد مصطف- كامل عل- تراث عراب- الثور-، فلم يناقش الرجل ما ه- أخطاء ومزايا ما قام به عراب-، وإن كان قد نطق الجملة «لو لم أكن مصريا لوددت أن أكون مصريا» وه- ببساطة تحمل نفس المشاعر الت- نطق بها أحمد عراب- أمام الخديو حين قال «لقد ولدتنا أمهاتنا أحرارا ولن نورث بعد اليوم».
ولن أحك- عن قصص الساسة الذين لم ينتبهوا إل- ما أنجزه محمد فريد من أفكار كان منها - عل- الأقل - ضرورة بناء الاقتصاد كمقدمة أول- لمقاومة الاحتلال، فقد انتبه محمد فريد إل- أن مصر تم احتلالها لتكون سوقا وممررا للبضائع الإنجليزية، ولن أحك- عن تفرغ سعد زغلول لمقاومة الإنجليز دون التفات إل- ما سبقه سواء من عراب- أو مصطف- كامل أو محمد فريد، ولن أحك- غياب تراث ما سبق من خبرات سياسية ضخمة رغم هزيمة أصحابها، هذا التراث لم ينسه العظيم جمال عبد الناصر، إلا أنه لم يقم بجرد التاريخ ويقدمه لأبناء شعبه ليستلهم خبرات من سبقوه، ولابد ألا ننس- أنه قام بتمصير الاقتصاد بعد أن جف ريقه طلبا للاستثمار الأجنب- من أجل دعم المجتمع المصر-، لكن الخارج لم يلتفت لعبد الناصر، ولذلك بدأ حكاية التأميم بأرق- قرار اقتصاد- مصر- ف- النصف الثان- من القرن العشرين، وهو قرار تأميم قناة السويس، هذا القرار الذ- ولدت به ما صرنا نسميه من بعد ذلك «كاريزما جمال عبد الناصر»، نعم فقبل هذا القرار كان الجميع يناقشون كل خطوة يخطوها جمال عبدالناصر بعيون الشك، أما بعد تأميم قناة السويس فلم يعد هناك أ- مجال للشك ف- الرجل وأسلوبه .
--
لم تغفل أجهزة مخابرات الكون عن جمال عبد الناصر، فجاء من يقدم له رشوة ه- مائة ألف دولار أخذها الرجل ليبن- بها برج القاهرة، ولم يزل الأمريكيون - عل- وجه التحديد - ينتهزون الفرص لترويض ثورة يوليو، وعندما عجزوا درسوا نقاط ضعفه، المتمثلة ف- قائد جيشه عبد الحكيم عامر، وتم شغل الرجل وثورته بأحداث الحلم العرب-، سواء بتجربة الوحدة مع سوريا، ثم بحرب اليمن، وما تلا ذلك من عدوان يونيو عام 1967.
ولن ننس- أبدا قصة إعادة بناء القوات المسلحة المصرية بعد هزيمة يونيو الفاجعة ولا قصص البطولة الهائلة، ولا استمرار العمل ف- بناء معجزة جمال عبدالناصر الكبيرة وه- إنجاز تحويل مجر- نهر النيل ببناء السد العال- .
قد يكون كل ذلك معروفا للجميع، ولكن قصص التغلغل عبر غواية المال، لم تخفت أبدا عند الأمريكيين .
أذكر أنا كاتب هذه السطور تلك القصة الت- كنت طرفا فيها. كان الزمن هو صيف عام 1965، وكانت الولايات المتحدة تعطينا القمح مقابل نقود مصرية، بدعو- إنفاقها عل- ما تريده من مشتريات أو غير ذلك من السوق المصرية، أو تساعد به بعضًا من المؤسسات .
وفوجئت بصديق- وأستاذ- العالم الفاضل الراحل الأستاذ الدكتور سعد جلال أستاذ علم النفس ورئيس وحدة البحوث النفسية بالمركز القوم- للبحوث الاجتماعية، وهو يحك- ل- عن رفضه لمكافأة قدرها خمسون جنيها رصدها له الدكتور أحمد خليفة مؤسس المركز، وكان يشغل منصب وزير الشئون الاجتماعية ف- نفس الوقت، قال ل- أستاذ- الدكتور سعد جلال '' إنها مكافآت لترويض الأساتذة وجعلهم لا يتصرفون إلا حسب أوامر رئيس المركز، وه- نقود جاءت للمركز مقابل أن يمد المركز الولايات المتحدة الأمريكية بصورة من أبحاثه .
وهنا ضغط سعد جلال عل- زر التوتر ف- أعماق-، فعل- الرغم من أن- لست ماركسيا ولم أكن كذلك ف- يوم من الأيام، إلا أن- واحد ممن يؤمنون أن الإمبراطورية الأمريكية تبحث عن سيطرة مطلقة عل- منطقة الشرق العرب-، ويقف لها جمال عبد الناصر بسياساته كالعظمة الواقفة ف- الزور .
ولم يكن هناك بد من أن أكتب قصة المال الأمريك- ف- شراء الضمائر، وطبعا رحب أستاذنا أحمد حمروش رئيس تحرير روز اليوسف ف- ذلك الوقت بالتحقيق الصحف- الذ- يفضح تسرب المال الأمريك- إل- لعبة ترويض وإغواء علماء النفس والاجتماع من خلال المركز القوم- للبحوث . ثم نمي إل- علم- أن د.أحمد خليفة قال بصريح العبارة عن شخص- لواحد من أساتذة المركز « سأقوم بتأديب هذا الصحف- ». ولم يكن أحمد خليفة يعلم أن كلمته تلك ستقود إل- تصفية مكانته كوزير، فقد اتجهت إل- مكتب جمال عبد الناصر سائلا عن كيفية صعود أحمد خليفة إل- هذا الموقع، ومن سمح له أن يستخدم المال الأمريك- ف- بيع الأبحاث المصرية للأمريكان، تلك الأبحاث الت- تدرس سلوك المصريين عل- اختلاف توجهاتهم.
وطبعا دافع الراحل حسين الشافع- نائب رئيس الجمهورية ف- ذلك الوقت عن صديقه أحمد خليفة مدير المركز القوم- للبحوث، وأتذكر أنه طلب مقابلة مع رئيس التحرير الثور- الرائع أحمد حمروش، الذ- أكد صحة ما نشرته روز اليوسف من معلومات.
ولم تفت سو- أيام قليلة حت- كان أحمد خليفة خارج التشكيل الوزار-، ولم يفوت أحمد خليفة الفرصة فبدأ رحلة تنكيل بأستاذ- سعد جلال عالم النفس المرموق، هذا الذ- أوفده طه حسين إل- جامعة إستانفورد بالولايات المتحدة ليدرس علم النفس، وهو من رفض الجنسية الأمريكية ومنصب رئيس وحدة البحوث النفسية بجامعة استانفورد، لذلك لم يتقبل سعد جلال أية إهانة من أحمد خليفة، فقدم استقالته من المركز القوم- للبحوث.
ولكن ذلك لم يمنع الدولة من تعيينه أستاذا لعلم النفس ف- كلية التربية الرياضية بالإسكندرية.
ولم تمر سو- أسابيع حت- قرأنا عن قصة التجسس الت- كان بطلها الكاتب الصحف- الكبير مصطف- أمين، والذ- خرج من السجن بعفو صح- لصعوبة حصوله عل- البراءة عن جريمة التجسس، وهو من أذاق فترة جمال عبد الناصر بالتشويه الذ- يفوق التصور .
وطبعا لم يغب عن الولايات المتحدة أبدا ضرورة النزول إل- أدن- مستويات طلب المعلومات عن مصر والمصريين .
وحين جاءت هزيمة 1967 وبدأنا رحلة إعادة بناء القوات المسلحة، كان لأمين هويد- الثائر العظيم صولات وجولات أثناء إعادة ترتيبه للمخابرات العامة، وحرص الرجل عل- توجيه الضربات المتلاحقة للتجسس الأمريك-، وكلنا نعلم قصة زراعةكاميرات وأجهزة تسجيل ف- كافة أركان السفارة الأمريكية ما جعل السفارة الأمريكية وتفاصيل ما يجر- فيها كتاباً مفتوحاً أمام جهاز المخابرات المصر-، ويكف- أن نتذكر ما رواه أستاذنا محمد حسنين هيكل عن اللقب الحرك- لاختراق جهاز المخابرات المصر- لأدق أسرار السفارة الأمريكية، وكان الاسم الحرك- لتلك العملية هو لقب «عصفور» .
ولن ننس- طبعا محاولة الولايات المتحدة وإسرائيل اختراق الجانب المصر-، وكيف توصلوا إل- تجنيد ابن شقيقة المهندس عثمان أحمد عثمان، وهو من أراد تسلم بعض من صور تصميمات المواقع الحربية المصرية، فجاءت محاكمته ثم إعدامه كعقاب حاسم عل- ما ارتكب من حماقة .
ولم تخفت لعبة الحرص عل- اختراق المجتمع المصر- بالتجسس أو الاستمالة، ومن بعد انتصار أكتوبر وهو المعجزة العلمية والعملية بكل المقاييس جاء أسوأ ما استقر عليه ضمير السادات هو إقراره بأن أوراق مستقبل مصر موجودة ف- أيد- الولايات المتحدة بنسبة 99% .
ولن أنس- ما حييت كيف ظلت العواصم العربية تردد «البترول العرب- ليس أغن- من الدم العرب-»، عل- الرغم من عدم جدية المال العرب- ف- صناعة تنمية حقيقية ف- العالم العرب-، حت- جاءت كامب دافيد، وما تم تطبيقه بعدها من سلوك أمريك- حدده وزير خزانتها ف- ذلك الوقت ويليم سايمون حين قام بتوجيه الرسالة العلنية للمال العرب- «يجب الحرص عل- إبقاء فم مصر تحت الماء، أما أنفها فمسموح له التنفس ».
ولن أحك- عن حادث اغتيال السادات ومد- مشاركة الولايات المتحدة فيه، خصوصا حرص الولايات المتحدة عل- تربية جيل ينتم- للإسلام ك- يدافع عن مصالح الولايات المتحدة ف- أفغانستان ضد المد الشيوع-. ولا أنس- أنا كاتب هذه السطور صورة لجورج بوش الأب أثناء توليه لمنصب رئيس المخابرات الأمريكية، وهو يمسك بمدفع رشاش عل- غلاف مجلة عربية، ويقول «جئنا ندافع عن الإسلام » .
ولم يتساءل أحد هل كانت إعادة هيكلة الزراعة المصرية عل- يد يوسف وال- لتكون تابعة منقادة، لا صانعة لدرجة ما من الاكتفاء الذات- المصر-، تر- هل كان ذلك حرصا عل- الإسلام أيضا أم أن عملية تصوير كل سنتيمتر من أراض- مصر كان بهدف ترويض عموم المصريين وإرضاخهم لعلاقات مشبوهة تحت مظلة كامب دافيد.
ولم يتساءل أحد هل كان مج-ء يوسف بطرس غال- بصحبة فرانك وزينر السفير الأمريك- ليكون مسئولا عن إغراق العديد من قيادات مصرية ف- فساد متقن، سواء وهو يتول- وزارة التعاون الدول-، أو عندما تول- أمر تدمير الاقتصاد المصر- من بعد ذلك من خلال شركائه من وزراء رجال الأعمال.
أكتب ذلك عن يوسف بطرس غال-، وأنا أعلم قدر الجهد الذ- بذلته فايزة أبو النجا لتطهير تلك الوزارة من أدران يوسف بطرس غال- وأعوانه، وكيف توصلت إل- درجة من حماية الكرامة المصرية أثناء تعاملها مع أ- جهة تقدم دعما لمصر، وبقدرتها الفائقة عل- تحويل أ- معونة من كونها «حسنة» تقدمها الدولة الكبر- إل- جسر مشاركة بين أهداف تتلاق- عندها مصالح مصر مع الغير . أكتب ذلك وأنا من سمعت من الدكتور شريف بسيون- عميد معهد القانون الجنائ- الدول- بعد زيارة له إل- العراق بعد احتلالها من أن أحمد الجلب- وشركاءه ف- مهمة تسهيل احتلال العراق، كانوا يتسلمون رزم الدولارات من مكتب بريمر حاكم العراق، وينقلونها إل- سياراتهم عبر أوناش صغيرة ليهربوا بها إل- الخارج، وكان منهم من يرفض دفع مائت- دولار لتركيب ماسورة صرف صح- أمام مدرسة تقبع بجانب بيته « !! » فلم يكن أحمد الجلب- ورفاقه يعتبرون العراق هو البيت أو الوطن بل هو البقرة الت- تحولهم إل- أثرياء يعيشون خارج العراق، وأقسم بالله أن- سمعت بأذن- صوت أحد قادة العراق وهو يتحدث تليفونيا إل- قاض مصر- عمل بصحبة شريف بسيون- بالعراق، كان القائد العراق- يطلب دعوة تتيح له الخروج الآمن من بغداد.
والخروج الآمن يعن- الخروج بما يحمل من دولارات.
--
الذ- دفعن- إل- كتابة كل السطور السابقة هو رغبت- ف- الرد عل- أصحاب الرأ- الذ- انتشر أخيرا ويعلن بالصوت المفضوح وبوقاحة منقطعة النظير بأنه مادامت الدولة المصرية تأخذ معونات من الخارج، فماذا لا يأخذون هم أيضا دعما من الخارج -. وهم يتجاهلون أن دول العالم لا تساعد الحكومة حين تقدم لها المساعدات، ولكن تلك الدول تبحث عن مصالحها المشتركة مع مصر لذلك ترصد لها أموالا لتنسيق مواقف يتم التوافق عليها.
وعليكم أن تتعرفوا عل- كيفية إدارة مفاوضات تلك المصالح المشتركة من خلال أسلوب عمل الوزيرة فايزة أبو النجا، فه- الجهة «الأم» الت- تنسق استقبال المعونات وتنسق أيضا كيفية توزيعها.
أما حكاية الإصرار عل- الجراءة الممزوجة بوقاحة مساواة جمعيات وهمية بالدولة المصرية، فتلك مصيبة أعلم أن القانون المصر- يجرمها، ولكن ف- عهد حسن- مبارك كان الحبل منطلقا عل- الغارب، فمن المهم أن تمسك الحكومة خطأ ما عل- مواطن أو جماعة ك- تجذبه إل- الرضوخ لها، أو عل- الأقل لتتجنب غضب دول كبر-.
--
أزعجن- بغير حد قول أحد الثوار المحترمين عل- شاشة التليفزيون من أنه يرفض مساس اللواء الروين- بجماعة 6 أبريل، أما سبب الانزعاج فليست هناك جماعة مقدسة عن الحساب. وإن كنت أعتب عل- اللواء كاطو الخبير الاستراتيج- باسم الزميلة الت- نفخر بأنها من بيتنا الصحف- نجلاء بدير حين وصفها بالمخربة.
أما عن تفاصيل ما جر- من جماعة 6 أبريل، فتفضحه وثائق ويكيليكس حين كشفت من خلال ما كتبته مارجريت سكوب- السفيرة الأمريكية السابقة من أن بعضا من قادة الجماعة قاموا بزيارة الولايات المتحدة للتنسيق مع الإدارة الأمريكية ف- كيفية العمل بالشارع المصر-.
وإذا كان جمال مبارك قد ركع عل- قدميه من أجل الدعم الأمريك-، فكان يجب عل- الثوار حقا وصدقا - إن كانوا ثوارا حقا وصدقا - ألا يتلقوا مالا أمريكيا أو يقوموا بالتنسيق مع الولايات المتحدة ف- تلك الحكاية.
وإذا كان الجيش المصر- قد رفض أن يلعب دور اليد الملوثة بدماء أبناء مصر، وحم- من قاموا بالثورة ف- الخامس والعشرين من يناير من هذا العام، و كان تدخل الجيش المصر- انحيازا للثورة هو المانع الأول لفرصة كانت تتمناها الولايات المتحدة، بأن تعيد احتلال قناة السويس، بعد أن تقوم بحل وتسريح الجيش المصر- كما فعلوا بالعراق، مع إغراق مصر ف- دوامة من الدم.
فإذا كان انحياز الجيش المصر- لثوار المجتمع المصر-، فهل يستحق هذا الجيش أن نهينه ف- ذكر- الثالث والعشرين من يوليو بالذهاب إل- مقر قيادته تحت شعار «سلمية سلمية» ثم نقذف مقر القيادة بالأحجار كما فعل البعض بوزارة الداخلية-
ويقودنا هذا إل- تساؤل آخر، هل أصبحنا لا نفرق بين الجواسيس وبين قادة العمل الوطن- عل- أرض الواقع، بدعو- الجمعيات الأهلية الت- تدع- تقديم خدمات ف- مجال حقوق الإنسان أو الدفاع عن المرأة أو رصد الأحوال ف- المناطق العشوائية-
--
قد لا يتذكر الجيل الحال- قصة المدعو «عبد الله كنج» وكان موظفا صغيرا بمعسكرات القناة الت- تضم جنود الاحتلال الإنجليز-، وكانت مهمته الأساسية ه- تقديم تقرير يوم- عن حياة البشر العاديين ف- مدن القناة، ومن هم المؤثرون من شبابهم، وما الذ- يمكن أن تقدمه الإدارة الإنجليزية ك- يرض- أهل السويس وبورسعيد والإسماعيلية عنهم-، وطبعا لم تسلم تقاريره من التطور حت- صارت مكثفة عل- مهمة أساسية وه- الكشف عن أعمال الفدائيين الت- كانت ترهق معسكرات الإنجليز أثناء تفاوض ثوار 1952 مع الحكومة الإنجليزية. وما أن تم اعتقال « الكنج »، حت- هاجت بريطانيا مدعية أنه يحمل الجنسية الإنجليزية، ولم يتراجع إصرار الثوار عل- محاكمته علنا أمام محكمة الثورة برئاسة عبداللطيف البغداد-، وكان الحكم هو الإعدام الذ- تم تنفيذه عل- الفور ف- هذا الخائن.
--
كل ما سبق رويته لأنن- أومن أن مؤسسة القوات المسلحة ه- أكبر مؤسسة تملك العلم ف- وطننا، ويكف- أن نقارن بين أ- خريج من أ- كلية عسكرية وخريج أ- كلية مدنية لنتعرف عل- فارق مستو- التفكير والتحصيل والقدرة عل- اتخاذ قرار.
ولعلنا نلحظ أن خصمنا الأساس- الذ- يسع- إل- تفتيت أ- قدرة مصرية وه- إسرائيل لايوجد بها سياس- واحد لم يسبق له الخدمة ف- المؤسسة العسكرية.
ولا يعن- هذا أن- مع عسكرة الدولة، ولكن أعن- أن ننظر إل- من اتخذوا قرار حماية الثوار بعيون الاحترام.
--
مرة أخر- لا أحلم أن نظل أسر- تقديس الماض- بدعو- أننا مصريون، ولا أرض- بأن نكون قرودا نلعب عل- أنغام العصا الأمريكية المحشوة بالدولارات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.