«دينا حمزة» مخرجة شابة فاز فيلمها «داخل وخارج الغرفة» بالمركز الأول في مهرجان «لقاء الصورة» وتمت دعوتها للمشاركة في مهرجان مرسيليا في دورته المقبلة، دخلت كلية الآداب قسم اللغة الإنجليزية لدراسة المسرح والأدب ثم بدأت دينا مشوارها في الإخراج عام 2004، وشاركت في العديد من الورش السينمائية وعملت كمساعد مخرج لأسماء كبيرة مثل يسري نصر الله وخالد يوسف وساندرا نشأت وأهدت دينا فيلمها إلي روح والدها الشاعر الراحل «محمد حمزة» صاحب كلمات أغنية «ياحبيبتي يا مصر » والذي شجعها ودفعها دائما للنجاح . • حدثينا عن الفكرة التي تعمدت إيصالها من خلال عرضك لشخصية «عشماوي» وكيف جاءتك الفكرة؟ - من خلال الفيلم عرضت شخصية عم «حسين قرني» المسئول عن تنفيذ أحكام لإعدام وحاولت استعراض حياته داخل وخارج غرفة الإعدام وعمل مقارنة بين الاثنين والفكرة راودتني عندما استضافه أحد البرامج التليفزيونية بعد إعدام صدام حسين فهو لفت نظري جدا، وشعرت أنه يريد أن يقول شيئا ما وتساءلت كيف يعيش هذا الرجل وهل يستطيع النوم مثلنا وهل هذا الرجل الذي يقوم بتنفيذ القصاص واعتاد التعامل مع الموتي هل هناك ما يخشاه؟ وما توصلت إليه أن هذا الرجل كان عسكريا ثم لعدة أسباب اختار أن يصبح «عشماوي» وينفذ أحكام الإعدام ومن أحد هذه الأسباب أنه في عمله كعسكري يحصل علي 170 جنيها بينما عشماوي يحصل علي 100 جنيه مقابل كل حالة والسبب الآخر أنه رأي أن العسكري ليس له هيبة ولا سلطة ومهان جدا ولكن من خلال عشماوي سيستطيع حتي أن يشعر بقوته ولو خارج السجن وما عرفته خلال إعداد الفيلم أن عم حسين أيضا بجوار عمله كمنفذ لعقوبة الإعدام إلا أنه لديه وظيفة أخري لم أكن أعلم أنها موجودة في مصر فهو يعمل كجلاد وينفذ عقوبات بالجلد علي المساجين، ومن يريدون تخويفه أيا كانت الأسباب، وهذا ما أصابني بالصدمة وأن عمله كجلاد كان أصعب له من عمله كعشماوي لأنه كعشماوي مطلوب منه أن يخرج هذا الرجل جثة ولكن كجلاد فهو يعذب ويجلد ويجب ألا يقتل وهذا كان أصعب شيء لأنني رأيت كم الظلم الذي كان يحدث وكم الفساد، ولكن العيب ليس علي هذا الرجل فهو ليس عزرائيل ولكن الخطأ من وزير الداخلية ومساعده اللذين اعتمدا علي هذه الأساليب. • وماذا يعني لك عرض الفيلم بعد الثورة وسقوط هذه الدولة من الفساد؟ انتهيت من هذا الفيلم في 2010، ورغم أنه من إنتاج المركز القومي للسينما، وكان من المفترض أن يعرض في مصر أولا إلا أنه كان هناك عرقلة طوال هذه الفترة لا أعلم لماذا، وكان أول عرض له في القاهرة بعد الثورة، وعرضه بعد الثورة مفيد من ناحية أنه يحكي ماذا كان يحدث من قبل، وكيف كنا نعيش تحت مظلة نظام فاسد ويسيء استخدام الناس، ويستغل فقرهم وحاجتهم وجهلهم لأغراضه الشخصية، والفيلم من يشاهده سيراه من أكثر من منظور لأن هناك من سينظر لحالة الفقر والفساد التي تسببت في وجود هذه النماذج، وهناك من سيضع نفسه مكان أحد الأشخاص في الفيلم وسيقارن بينه وبينهم، وهل ظروفهم هي التي حددت اختياراتهم في هذه الحياة أم لا. وهل الصورة التي انطبعت في أذهاننا من خلال الأفلام صحيحة أم وجدت أنها اختلفت؟ أنا منذ أن رأيته أول مرة وأنا عندي حالة غريبة فأنا لم أشعر بالخوف منه أبدا ومعظم ما أصابني بالرهبة هو طريقة المعاملة داخل مكان التنفيذ وشكل المكان نفسه وأما بالنسبة للشخص نفسه فهو طبيعي جدا وإذا رأيناه بعيدا عن العمل وملابسه الرسمية فهو كموظف عادي جدا لا يشعرك بالرهبة لذلك أعتقد أنه يستمد قوته من بذلته وربما لأننا اعتدنا شكله الضخم والشوارب الكثيفة التي تميز بها عشماوي في أذهاننا، ولماذا هذا الكره له وعندي تساؤل مهم'' لماذا نحترم القصاص ونحترم القضاة ونكره هذا الرجل لمجرد تنفيذه هذا القصاص؟ • وهل تعتقدين أن هذا الفيلم الإنساني قد يغير نظرة البعض لعشماوي ؟ أشعر بهذا من خلال تعليقات من شاهدوا الفيلم وشعروا بالجانب الإنساني في شخصية هذا الرجل ورأوه في منزله، ويحكي كيف كانت بداية حياته وكيف عمل بهذه الوظيفة ونري من خلال الفيلم علاقته بأولاده وزوجته فأعتقد أنهم رأوا أنه ليس شخصا مرعبا بل هو أيضا خفيف الظل. وهل هو راض عن مهنته ؟ قال لي إن مهنته كعشماوي أحسن من مهنة الجلاد ألف مرة لأنه ينفذ حكما قضائيا ولا يعذب أحدا وسأل شيوخا وقالوا له إن مهنته حلال وأيضا يشعر بأن مهنته تعطيه قيمة. • لماذ أهديت الفيلم إلي روح والدك الشاعر «محمد حمزة»؟ قد يستغرب البعض العلاقة بين قصة الفيلم والإهداء الذي وضعته علي أغنية «يا حبيبتي يا مصر» فهو من شجعني علي استكمال الفيلم رغم صعوبته وصعوبة فكرته، ولكنه شجعني، وكان يري أنني سأنجح وبعيدا عن هذا فهو وتشجيعه كانا السبب في نجاحي دائما أنا وإخوتي وهو صاحب كلمات أغنية «يا حبيبتي يا مصر» أتساءل عن شعوره في مثل هذا الوقت الذي تتغني فيه مصر كلها بهذه الأغنية وتشعر بكل معانيها في هذا التوقيت خاصة المقطع الذي يقول «ولا شاف إصرار في عيون البشر بيقول أحرار ولازم ننتصر». • ماذا عن فيلمك القادم ؟ فيلمي التسجيلي القادم عن مدينة السويس صاحبة الدور الفعال في نجاح الثورة المصرية ذهبت إلي هناك، وسجلت هناك واستعنت بمواد مصورة قام البعض بتصويرها أثناء الثورة فجميعنا لديه فضول لمعرفة كيف كانت الأحداث هناك أثناء اندلاع شرارة الثورة..