حاجز كبير من الخوف والقلق والترقب هو أقل ما يقال عن الأسبوع الأول من فتح البورصة بعد 55 يوما من الإغلاق وكان انهيار هذا الحاجز بمثابة كسر للخوف من الانهيار الكامل للبورصة ، حيث شهد هذا الأسبوع عودة التداول للبورصة من من جديد مع الاتجاه القوى من المستثمرين لمساندة البورصة لتجاوز هذه المرحلة الصعبة وفى محاولة «صباح الخير» لرصد هذه المرحلة الحرجة للبورصة وعرض آراء الخبراء والمختصين كانت لنا معهم هذه اللقاءات. الافتتاح الآمن للبورصة فى حوار لصباح الخير مع د.حازم الببلاوى- مستشار صندوق النقد العربى ورئيس لجنة الافتتاح الآمن للبورصة - أكد الثقة فى الاقتصاد المصرى قائلا «إن افتتاح البورصة المصرية بعد 55 يوما من الإغلاق أكد أن البداية جيدة لأن التوقعات كانت توحى بما هو أسوأ بكثير ولولا إجراءات التحفيز والجهود للتشجيع لما حدث هذا التطور الإيجابى فقد تراجع المؤشر بنسبة 13% قبل أن يرد ليغلق على أقل من 9% فى اليوم الأول والأيام المقبلة ستكون أفضل حالا ويحدث تطور إيجابى لحال البورصة حيث انخفض إلى 3% فى اليوم الثانى فقد كانت التوقعات تتفق على أن درجة من السيولة المرتفعة ستحكم الآراء فى اليوم الأول والثانى على الأقل ، لأن هناك صناديق ومؤسسات استثمار أجنبية ستتجه للبيع لأنها تعمل وفق قواعد تحكم توجهاتها بالسوق وأوضاعنا فى مصر تمر بظروف استثنائية ولكن المؤشرات توحى بالقدرة على تجاوز الأزمة سريعا خاصة مع بدء ترسيخ رؤية واضحة للمستقبل وتلاشى القلق تدريجيا والاتجاه العام والواضح يعد مؤشرا على تجاوز الأزمة لأن ما نمر به اضطراب طبيعى ، فهناك نظام يختفى وآخر يولد بما له من آثار على مؤشرات الاقتصاد وأدائه خاصة مصادر النقد الأجنبى من السياحة واحتمالات خروج الأموال من مصر وتأثر مظاهر الإنتاج وأنا متأكد أن ما يحدث الآن بمصر سيكون عائده كبيرا وسيعبر الاقتصاد المصرى الظروف الراهنة ، خاصة أن كل المؤشرات إيجابية بسبب التوقعات التى تشير إلى بناء نظام سياسى جديد سيعزز ركائز الاقتصاد من إدارة سياسية رشيدة ومساءلة وحوكمة ستعزز الثقة فى السوق المصرية. النتائج فاقت التوقعات أمانى حامد رئيس مجلس إدارة إحدى شركات الوساطة المالية والاستثمار تقول : «كنا متوقعين قوة بيعية كبيرة جدا ، واتضح دور السماسرة القوى فى التوجيه لعدم التسرع بالبيع والصورة أكدت مقدار الثقة فى السوق المصرية فالبورصة مرآة للاقتصاد فبعد تراجع المؤشرات أول الأمر ظهرت طلبات شراء إلى أن حالة من التفاؤل كبيرة تسيطر على الوضع خاصة أن 90% من القوى الشرائية لمؤسسات بمعنى أنها لناس تفهم الوضع وتحسن تقديره وتفهم التحول الديمقراطى الذى نعيشه والذى سيصل بنا لحالة مطمئنة فى المستقبل وكما أن هناك أجانب فى القوى البيعية فهناك أجانب قاموا بالشراء وأتوقع زيادة كبيرة فى المرحلة القادمة ، فالأسعار انخفضت بمعدل 30% عما قبل كما أعلنت الشركات عن توزيعات تصل إلى 20% وهذا كله من شأنه مساندة أكبر للقوى الشرائية وللبورصة والاقتصاد بصفة عامة. الرقابة تأخذ احتياطاتها وما يدفع للتفاؤل والثقة كما تؤكد أمانى حامد هو الاحتياطات القوية التى تأخذها الجهات الرقابية فتقول : «يتم أولا بأول موافاتنا بالمستجدات والأكواد الموقوفة وبالشركات التى يتم وقف التعامل معها وهيئة الرقابة المالية تقوم بالفعل بواجبها على النحو الأمثل.. أما نصيحتى لصغار المستثمرين فى البورصة ، فأهم شىء هو عدم الاستعجال من قبل المستثمرين بالبيع، فأنا متأكدة أنه بعد عام ونصف أو عامين سيكون العائد كبيرا على المشترين الآن وأفضل وسيلة لضمان النتائج هو اللجوء للصناديق فبها خبراء يساعدونهم فى الاستشارة وهذه الصناديق ستعود بالفائدة على الاقتصاد ولعل صندوق مصر المستقبل فكرة رائعة لدعم الاقتصاد المصرى وكذلك مناسب لصغار المستثمرين..». روح الثورة امتدت للبورصة أما المستشارة الاقتصادية بسنت فهمى فتقول إن ما حدث من انخفاض أولى فى البورصة كان متوقعا بل إن الوضع كان أفضل من المتوقع فقد تأخرنا كثيرا فى فتح البورصة فى رأيى وواضح جدا اهتمام البلد كلها بدعم الاقتصاد المصرى فقد رأيت أناسا لا تعلم شيئا فى البورصة ومع ذلك دخلت البورصة واشترت أسهما وأعتقد أن روح الثورة امتدت للناس كلها لتدعيم اقتصاد بلدها. ولكن الرقابة يجب أن تقوم بدورها على الوجه الأكمل فى الفترة القادمة ، فالبورصة يجب أن يكون دورها الحقيقى سوقا جاذبة للاستثمار وتشجيع الاستثمار وليس سوقا للمضاربات. كما أن الاندفاع فى الفترة القادمة بالبيع سيجلب مشاكل وخيمة لذا فالتروى هو الذى سيدعم الاقتصاد للوصول لاستقرار فى السوق. ودور الحكومة أساسى فى تبنى مبدأ الشفافية بعد ما شهدنا أفعالا غير مقبولة فدفع الرقابة للقيام بدورها أهم ما تحتاجه الآن لأن صدمة أخرى ستمنع أحدا من الدخول فى البورصة ثانية. نصيحة للمستثمر الصغير وتضيف المستشارة الاقتصادية بسنت فهمى : إن المستثمر الصغير فى البورصة يجب أن يراعى عدة أشياء خاصة مع الكلام الذى يتداول عن أن هذه «الأزمة تصنع ثروات» فمع كل احترامى ولكن يجب مراعاة حجم السيولة لديه وأن تكون المبالغ التى يدخل بها البورصة جزءا فائضا عن احتياجاته ويستطيع الاستغناء عنها لفترة سنة مثلا.. لذا فالأسهم الصغيرة مثل صندوق المستقبل التى فيها السهم 10 جنيهات قد تكون مثالية له إذا كان يريد دعم الاقتصاد ولكن فكرة تكوين الثروات والدخول للسوق يجب أن تكون بمبالغ فائضة عنه لأن البورصة كما فيها «الكسبان» فيها «الخسران». أما عن دور البنوك فى المرحلة القادمة لمساندة البورصة فتقول : «البنوك لا تستطيع أن تغامر بأموال المودعين فى البورصات ولكن صناديق الاستثمار تعتبر داعما للبورصة بصورة غير مباشرة والشركات الكبرى هى التى لها دور كبير فى شراء أسهم الخزينة». سنستشعر إيجابيات الأزمة يقول محمد كامل رئيس قسم الأوراق المالية بأحد البنوك «إن السوق تمكن من تحقيق أداء أفضل من التوقعات وقرار استئناف التداول فى السوق جيد جدا، خاصة أن السوق تمكن بالفعل من عكس جانب كبير من الصدمة. وأعتقد أن السوق ستتمكن من استشعار إيجابيات الأزمة الحالية بعد فترة من الوقت مع عودة الهدوء لجميع القطاعات. وأتوقع أن الفترة الحالية تحمل معها فرصا كبيرة للاستثمار مع التدنى الكبير فى أسعار الأسهم ، وهناك نحو 9 أسهم تتداول بقيمة أقل من الجنيه للسهم وأضاف إن جميع المقترحات التى قدمتها الشركات لرئيس الوزراء ووزير المالية تم تجاهلها بالكامل عدا قرار الإسراع باستئناف البورصة دون النظر إلى باقى المقترحات من إعادة النظر فى جميع الإجراءات الاستثنائية بإلغاء الحدود السعرية والإسراع بتعديل قرار رئيس الوزراء بالسماح بتدخل صندوق حماية المستثمر ب 75% من أمواله لدعم الصناعة بدلا من 20%. بداية لارتدادة جديدة : يقول المستشار الاقتصادى حمدى سعدالله «إن تراجع السوق كان متوقعا وشهدت بالفعل تراجعا عنيفا منذ بداية الأزمة التى بدأت مع تنحى الرئيس التونسى عن منصبه قبل أن تبدأ ثورة 25 وشهدت معظم الأسهم الرئيسية فى السوق تراجعات حادة استقر معظمها عند حدود 10% المسموح بها. ثم تثبيت سعر التداول لعدد كبير من الأسهم خلال الجلسة بعد ما تعدى سعرها الحد المسموح. ومن الجيد أنه تم إيقاف التداول على عدد من الأسهم لحين الإفصاح عن ملكية من صدر بحقهم قرارات منع التصرف فى الأموال بالإضافة إلى الإفصاح عن مركز الشركة المالى مثل العز للحديد مجموعة عامر القابضة مصر الجديدة للإسكان مختار إبراهيم والبنك الأهلى سوستيه جنرال وأتوقع بداية لارتدادة جديدة للسوق بعدما وصلت غالبية الأسهم إلى مستويات سعرية متدنية للشراء واقتناص العرض عند هذه الأسعار والتحرك بالسوق إلى أعلى. وأن «الضبابية» مازلت تخيم على مصير على الأوضاع السياسية والاقتصادية التى نمر بها حاليا والمفترض أن تعكسها البورصة. ولكن فمن المؤكد أن السوق ستشهد ارتفاعا مع ظهور مؤشرات استقرار سياسى واقتصادى تبعث على طمأنة الأجانب وما استفزنى كثيرا حالة الارتباك التى انتابت جميع الجهات التنظيمية لسوق المال حتى الساعات الأخيرة قبل استئناف البورصة لنشاطها والتراجع عن تنفيذ المقترحات التى تم الاتفاق عليها خاصة قرار رئيس الوزراء د. عصام شرف بتعديل استخدامات صندوق حماية المستثمر ورفعه نسبة الدعم إلى 75% من أمواله بدلا من 20% بالإضافة إلى فرض «المالية» غير الواضح معالمها حتى الآن ومع التوقعات أن تواصل السوق رحلتها الهبوطية على المدى القصير بحجم تعاملات لن تتجاوز 400 مليون جنيه فى تلك المرحلة إلى تتضح معالم المرحلة الحالية وتعود الثقة لأطراف الصناعة بعد تهدئة المستثمرين الأفراد وانتظار استقرار الأوضاع السياسية ليطمئن كبار المستثمرين من أجانب ومؤسسات وصناديق استثمار. العوامل النفسية وراء الهبوط : وأكد السيد أحمد الوكيل رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية المصرية أن مصر حكومة وشعبا تضمن الوفاء بالتزاماتها تجاه المستثمرين العرب والأجانب والمصريين وقال «إننا مستمرون فى التمسك بسياسة الاقتصاد الحر واقتصادات السوق وتهيئة المناخ الآمن والمستثمر لرجال الأعمال وتشجيع الاستثمار ووصف الوكيل الهبوط الذى شهدته البورصة فى أول أيام التداول بأنه يرجع إلى «عوامل نفسية» خاصة، وأن الإغلاق الذى استمر حوالى شهرين حرم كثيرين من ميزة تسييل أصولهم المالية. وأعرب عن أمله فى أن يزول هذا العامل النفسى تدريجيا مع استمرار حركة التداول، مشيدا فى الوقت نفسه بقرار رئيس البورصة عدم العودة للإغلاق. وناشد الوكيل المستثمرين وأصحاب الأوراق المالية المصريين ، خصوصا الاحتفاظ بأوراقهم وعدم التهافت على البيع ومن ثم التعرض للخسارة لأن السوق تسترد توازنها وترتفع أسعار الأسهم مجددا فى زمن قريب. وأكد أن الاقتصاد المصرى سيعود أكبر ازدهارا فى ظل مناخ الحرية والديمقراطية الحقيقية التى تعيشها مصر والذى ينعكس فى المزيد من الشفافية والقضاء على البيروقراطية ويخلق قواعد حوكمة حقيقية ورفض الوكيل طرح مزيد من المبادرات لدعم البورصة قائلا : وإنه من الأفضل ترك النشاط يعمل وفق آليات السوق وأن تكون على ثقة فى ذكاء أصحاب الأوراق المالية والمستثمرين واستقرائهم للمستقبل.