بينما شاهد الملايين حول العالم عظمة الحضارة المصرية خلال افتتاح المتحف المصرى الكبير بحضور ملوك ورؤساء وزعماء من دول العالم، تظل معارض الآثار المصرية بالخارج تحظى باهتمام ملايين الزائرين وتبهر شعوب العالم والمسئولين بعد عودتهم لبلادهم بل وتحقق عوائد بالمليارات. وأصبحت معارض الآثار المصرية بالخارج أهم الأدوات الرئيسية للترويج للمقصد السياحى المصرى خلال السنوات الأخيرة حيث أقامت مصر الكثير من المعارض أبرزها مقتنيات معرض «رمسيس وذهب الفراعنة» والذى يضم ما يقرب من 181 قطعة أثرية توضح بعض الخصائص المميزة للحضارة القديمة، وخصوصًا فى عصور الدولة الوسطى والحديثة وحتى العصر المتأخر. الرئيس الإيطالى سيرجيو ماتاريلا يفتتح معرض «كنوز الفراعنة» فى روما
فى الوقت الحالى يشهد معرض «كنوز الفراعنة»، المقام بالعاصمة الإيطالية روما، إقبالًا جماهيريًا واسعًا منذ قيام سيرجيو ماتاريلا رئيس جمهورية إيطاليا بافتتاحه رسميًا منذ أيام بحضور شريف فتحى وزير السياحة والآثار، وأليساندرو جولى وزير الثقافة الإيطالى حيث توافد آلاف الزائرين الذين اصطفوا فى طوابير طويلة للاستمتاع بروائع الحضارة المصرية القديمة. وكشف د.محمد إسماعيل خالد الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار أنه تم بيع أكثر من 50 ألف تذكرة حتى الآن وأن عدد زائرى المعرض يقدر يوميًا ما بين 6 إلى 7 آلاف زائر لمشاهدة المقتنيات الأثرية الفريدة التى يضمها المعرض، مشيرًا إلى أن الإقبال الكبير على المعرض يعكس اهتمام الجمهور الإيطالى بالحضارة المصرية، ويؤكد النجاح الكبير الذى يحققه المعرض منذ اليوم الأول من افتتاحه للجمهور بما يسهم فى تعزيز الترويج للمقصد السياحى المصرى فى السوق الإيطالية التى تعد من أهم الأسواق المصدرة للسياحة إلى مصر.
وأوضح أن هناك عوائد اقتصادية مباشرة من المعارض فضلًا عن أنها تترك أثرًا طويل الأمد فى تنشيط السياحة الثقافية وتعزيز مكانة مصر عالميًا. ويضم معرض «كنوز الفراعنة» 130 قطعة أثرية مختارة من مقتنيات المتحف المصرى بالتحرير ومتحف الفن بالأقصر، تروى قصة الحضارة المصرية القديمة عبر محاور متنوعة تشمل الملكية، البلاط الملكي، المعتقدات الدينية، الحياة اليومية، الطقوس الجنائزية، والعالم الآخر، بجانب معارض أخرى عن الملك الذهبى توت عنخ آمون. وخلال العام الماضى 2024 نجحت مصر فى الترويج للسياحة ب 35 معرضًا وبورصة دولية وإقليمية على مستوى العالم، لتكون بمثابة ترويجًا فعالًا للسياحة.
عوائد اقتصادية وتخطط وزارة السياحة والآثار لمضاعفة العوائد الاقتصادية من المعارض الأثرية بالخارج خلال العام المقبل 2026 لتصل إلى نحو مليار جنيه عبر زيادة عدد المعارض والتوسع فى تنظيمها بأسواق جديدة وذلك وفقًا لتصريحات الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار والذى قال إن تحقيق هذا المستهدف يأتى اعتمادًا على 3 معارض قائمة وممتدة حتى العام المقبل فى كل من إيطاليا واليابان وهونج كونج خاصة أن العام الجارى شهد تنظيم معرضين رئيسيين بالخارج هما معرض شنغهاى ومعرض «رمسيس الثاني» وحققا معًا نحو 10 ملايين دولار بواقع 5 ملايين دولار لكل معرض. واستقطب معرض شنغهاى أعدادًا ضخمة من الزوار، وضم المعرض 788 قطعة أثرية من عصور مختلفة من الحضارة المصرية القديمة، أما معرض هونج كونج فيقام تحت عنوان «مصر القديمة تكشف عن نفسها.. كنوز من المتاحف المصرية» بمتحف قصر هونج كونج ويضم 250 قطعة أثرية منها تماثيل من عصر توت عنخ آمون واكتشافات جديدة من سقارة. ويعد معرض «قمة الهرم.. حضارة مصر القديمة» من أشهر المعارض الخارجية المؤقتة الذى أقيم بمتحف شنغهاى بالصين حيث بلغ عدد زائريه ما يقرب من 2 مليون زائر منذ افتتاحه فى يوليو الماضي، فضلًا عن معرض «رمسيس وذهب الفراعنة» بالعاصمة اليابانية طوكيو.
بينما تضم قائمة المشاركات الدولية لمصر فى المعارض الأثرية العديد من المعارض أبرزها المعرض السياحى الدولى بمدريد ومعرض جدة الدولى للسياحة والسفر، ومعرض شتوتجارت، معرض بدوسلدورف بألمانيا، والمعرض السياحى الدولى للإجازات ببروكسل ببلجيكا وبورصة برلين السياحية والمعرض السياحى الدولى بجمهورية التشيك المعرض السياحى الدولى بموسكو بروسيا. ومع الأهمية التى توليها وزارة السياحة للمعارض الأثرية الخارجية يتم بالتوازى مع ذلك العمل على استرداد القطع الأثرية المهربة من الخارج حيث تمكنت الوزارة منذ 2014 فى استرداد عدد كبير من القطع الأثرية بالتعاون مع كل مؤسسات الدولة بداية من إدارة التعاون الدولى فى مكتب النائب العام ووزارة الخارجية عبر سفاراتها المصرية فى الخارج وجميع الجهات الأمنية والرقابية والتى بذلت جميعها جهودًا كبيرة فى هذا الملف وهو ما نتج عنه استرداد ما يقرب من 30 ألف قطعة أثرية منذ 2014 حتى 2024.
قوة ناعمة وخلال الأسبوع الماضى أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء تقريرًا تناول من خلاله أوضاع السياحة عالميًا ومحليًا مع التركيز على دور المتاحف كقوة ناعمة فريدة تعكس هوية الأمم وتراثها، وتساهم فى تعزيز السياحة الثقافية عبر انتشارها المتزايد عالميًا، أوضح التقرير أن قيمة مساهمة قطاع السفر والسياحة فى الناتج المحلى الإجمالى العالمى خلال عام 2024 بلغ 10.9 تريليونات دولار أمريكى بما يمثل نحو 10% من إجمالى الناتج العالمى مع توقعات باستمرار نمو مساهمة القطاع فى إجمالى الناتج العالمي، لتصل إلى 10.3% بنهاية 2025، وبقيمة تبلغ نحو 11.7 تريليون دولار، وتبلغ ذروتها فى عام 2035 بنسبة 11.5% من الناتج المحلى الإجمالي، بقيمة 16.5 تريليون دولار، بما يعكس الدور المتزايد للقطاع كأحد محركات الاقتصاد العالمي، خاصة فى ظل تطور الخدمات السياحية وعودة ثقة المسافرين عالميًا.
تمثال الملك مرنبتاح فى مدخل معرض «مصر القديمة تكشف عن نفسها» فى هونج كونج
وتجاوزت الإيرادات السياحية فى عام 2024 مستويات قياسية لتبلغ نحو 1735 مليار دولار، محققة نموًا نسبته 12.9% مقارنة بعام 2023؛ الذى سجل نحو 1537 مليار دولار، وهو ما يعكس انتعاشًا قويًا فى أداء القطاع. بينما أشارت توقعات وكالة «فيتش» الأمريكية إلى أن عدد السياح الوافدين إلى مصر سيصل إلى نحو 17.76 مليون سائح مع نهاية عام 2025، بزيادة سنوية قدرها 13.12% مقارنةً ب15.7 مليون سائح فى عام 2024. وفى سبيل الاستغلال الأمثل للمعارض الأثرية المصرية فى الخارج قامت وزارة السياحة والآثار بتنفيذ عدد من الحملات الإعلانية والدعائية عن الآثار المصرية والسياحة منها إعلانات بالدورى الإنجليزى وتنظيم حملات مشتركة مع عدد من منظمى الرحلات فى الأسواق السياحية المختلفة والمستهدفة وتنفيذ إعلانات بمجلات عالمية بالأسواق السياحية المختلفة والمستهدفة وكذلك إعلانات عن طريق نشر سلسلة من المقالات بالملاحق السياحية التابعة لكبرى الصحف الإنجليزية مطبوعة ورقمية، كما قام الوزير بالعديد من الجولات الخارجية. من جهته قال الدكتور زاهى حواس العالم الأثرى الكبير وزير الآثار الأسبق إن المعارض الخارجية التى يتم فيها عرض الآثار المصرية تعمل على الترويج السياحى لمصر وتجلب لنا مكاسب عديدة، مشيرًا إلى أن افتتاح المتحف المصرى الكبير يمثل حدثًا عالميًا غير مسبوق لأنه أكبر من أى متحف عالمى ويضم آثار توت عنخ آمون بالكامل لأول مرة, بالإضافة إلى آلاف القطع الأثرية من العصر ما قبل التاريخ حتى العصر الرومانى، كما أن المتحف ليس مجرد متحف بل مؤسسة ثقافية تعليمية عالية المستوى ويضم أحدث معامل الترميم على مستوى عالمى تم تجهيزها بأحدث الأجهزة لترميم وعرض القطع الأثرية لأول مرة. وأضاف فى تصريحات ل«صباح الخير» هذا الحدث العالمى أفضل ترويج للسياحة المصرية لأن الافتتاح حظى باهتمام وتغطية عالمية وبحضور عدد كبير من رؤساء وملوك ورؤساء وزراء من دول العالم ما يعكس الأهمية العالمية للمتحف، وبالتالى يمثل هذا الحدث فرصة كبيرة للترويج للسياحة والآثار المصرية فى الداخل وفى المعارض الخارجية التى تقام بالدول المختلفة.