حين تصبح الدقيقة هى الفاصلة بين الحياة أو الإعاقة والموت، يتحول التعامل مع «السكتة الدماغية» إلى سباق مع الزمن، لا تحتمل فيه الأخطاء أو التأخير، ولذلك تضع مصر هذا الملف الصحى الحرج تحت المجهر. فى أكتوبر من كل عام، يسلط العالم الضوء على السكتة الدماغية، باعتبارها واحدة من أخطر القضايا الصحية عالميًا، بأكثر من 12 مليون إصابة سنويًا، و100 مليون يعانون من آثارها طويلة الأمد. وتسجل فى مصر نحو 200 ألف حالة جديدة كل عام، مما يضع هذا المرض فى صدارة التحديات الصحية التى تتطلب استجابة سريعة وشاملة. واعتمدت هيئة الدواء المصرية، مؤخرًا عقارًا جديدًا لعلاج السكتة الدماغية، لتصبح مصر ثانى دولة فى الشرق الأوسط وأفريقيا، توفر هذا العلاج المتطور. ويتميز الدواء الجديد، بسرعته الفائقة فى إذابة الجلطات خلال 10 ثوان فقط، مقارنة ب 60 دقيقة بالعقارات السابقة، مع فاعلية أعلى ب 80 ضعفًا ودقة استهداف أعلى ب 10 مرات، ما يقلل مضاعفات المرض ويمنح الأطباء وقتًا حاسمًا لإنقاذ حياة المرضى. وقال الدكتور حسام صلاح، إن 95 مركزًا متخصصًا للسكتة الدماغية فى مصر، ضمن الشبكة القومية، مع خريطة إلكترونية تفاعلية تعمل على تمكين المرضى من الوصول سريعًا إلى أقرب مركز معتمد، وتعمل الدولة بالتعاون مع شركات الأدوية على تطوير 20 مركزًا جديدًا، ضمن خطة للتوسع الجغرافى. وأوضح عميد كلية الطب بقصر العينى، أن المريض يفقد 1.9 مليون خلية عصبية فى الدقيقة عند انسداد الشريان، وأن التدخل السريع هو مفتاح النجاة. من جانبه، قال دكتور محمد مشرف، المدير العام لإحدى شركات الأدوية فى شرق وغرب إفريقيا، إن إطلاق العقار الجديد، يعكس التزامًا طويل المدى تجاه المريض، حيث بدأ الاستثمار الصحى فى 80 مركزًا للسكتة الدماغية على مدار آخر 10 سنوات. ويرى الدكتور أحمد البسيوني، أستاذ المخ والأعصاب بجامعة عين شمس، أن معركة السكتة الدماغية لا تبدأ فى غرف العمليات، بل من وعى الشارع أولًا، فثمار نتائج التكنولوجيا الطبية المتقدمة، والعقاقير السريعة لا تثمر إذا لم يصل المريض فى التوقيت الذهبى للمستشفى فى الدقائق الأولى من ظهور الأعراض، موضحًا أن هذه الدقائق هى التى تفصل بين التعافى الكامل والإعاقة الدائمة، مشددًا على أن بناء شبكة المراكز الطبية، يجب أن يتوازى مع بناء ثقافة مجتمعية، تعلم كيف تتصرف عند الطوارئ. فالسكتة الدماغية سباق مع الدقيقة، أى أن الدقيقة الواحدة تعنى حياة، وما بين دعم الدولة، وتطور العلاج، وتوسيع شبكة المراكز، يبقى التحدى الحقيقى فى التوعية السريعة، واتخاذ القرار فى اللحظة المناسبة.