«قلبى ياغاوى خمس قارات، زى القرع تمد لبره..اعقل اعقل، وارسيلك على قارة». فى يومنا هذا تبدو هذه الكلمات اللطيفة التى غناها الراحل فؤاد المهندس فى فيلمه مطاردة غرامية لم تكن مجرد موقف فردى أو درامى فقط، إنما هى طبيعة معظم الرجال عندما يتعلق الأمر بالحب، حيث يتعامل بعضهم بمبدأ امرأة واحدة لا تكفى، وإن كان رغم ذلك قد لا يبدو دائمًا سعيدًا وهو ما سنفهمه لاحقًا. أما عن طبيعة الحب عند المرأة فهى فى فطرتها عادة ما تكتفى برجل واحد تحبه وقد تعيش على ذكراه مدى الحياة إذا ما صان ودها وعشرتها، وليس معنى هذا أن حب الرجل منقوص أو غير صادق، ولكن هو مفهوم للحب عند الغالبية والذى لا يبدو أنه اختلف كثيرًا الآن عن الماضى. المثير للانتباه هو الجانب الأنثوى رمز الحب والرومانسية الذى تحول من الرقة والبراءة إلى مزيد من الجرأة والتصريح والشو فى تعبير الأنثى عن حبها إلى درجة تصل لدى بعضهن إلى أسلوب وكلمات أقرب إلى العشوائية والاهتمام أكثر بما سيعرض على السوشيال ميديا. إذن فمعادلة الحب للرجل تبدو واضحة وصريحة وإن زاد عليها عامل السرعة بحكم سهولة التداول عبر وسائل التواصل الاجتماعى. أما فتيات الجيل الحالى فقد ينبذ بعضهن الرومانسية الحالمة ويملن إلى السرعة والعقلانية فى الوقت نفسه لاتخاذ قرار الحب والتباهى فى استعراضه. شريعة الصيد عبارة قد تبدو صادمة رغم صراحتها، وهذا ما وصف به المهندس سامح فؤاد 36 سنة الحب فيقول: «حقيقى أن الرجل مفهوم الحب عنده بيختلف بشكل كبير عن المرأة، فالرجل مالوش فى جو الرومانسيات زى المرأة، ولكنه عملى وتفكيره بيكون محدد وعارف عاوز إيه، ولكن ممكن يتعامل أحيانا بشكل مختلف عن طبيعته إرضاء للمرأة اللى بيحبها أو بيسعى إليها فمثلا يجيب ورود أو شيكولاتة ودباديب أو يقدم لها هدية هى تحبها لمجرد طمأنتها إنه فاهمها وإنهم متشابهين. وكمان الحب عند الرجل بيمر بمراحل مختلفة يعنى مثلا بيختلف مفهومه قبل وبعد الزواج، فالحب قبل الزواج عند الرجل بيكون أشبه بمطاردة، القصة فيها تشويق ومجهود لتصل إلى الأنثى التى يختارها قلبك، ولكن بمجرد الزواج وشعورك بالملكية الخاصة لما كنت تسعى خلفه بيحدث نوع من الفتور والملل، ودى طبيعة وحال معظم الرجال وتكون الزوجة مستغربة من التغيير ده، لكن هى دى طبيعة الرجل بيزهق ويمل بسرعة علشان كده بيحب يكون له فى كل بستان وردة، يعنى صديقات العمل، أقاربه البنات، علاقات عابرة، وطبعًا ده مش بيكون صح أوى ولكن هو بيحاول يلاقى متنفس له يعيش معاه جنونه وجموحه السابق». التكنولوجيا نسفت الحب «سناء محمود مدرسة تربية موسيقية 35 سنة تعترف أنها بتكره حب اليومين دول»، قائلة: «بصراحة مستفزة جدًا من فكرة البنات الصغيرة عن الحب، هو عندهم مجرد تسلية وخروج بدون مشاعر أو حالة حقيقية تعيش جواها. يعنى مثلاً أنا بنت أختى 18 سنة مصاحبة 5 أولاد واللى يصحى الأول بتخرج معاه، وبتبدل فيهم ولما سألتها: بتحبى مين فيهم؟ قالت لى: كلهم لذاذ». تكمل: «عمومًا شخصية البنت هى اللى بتحدد معنى الحب عندها يعنى مثلا الفتاة الرومانسية بيختلف الحب عندها عن الفتاة العملية أو الجادة ويختلف بشكل كلى عن الرجل». فالفتاة صاحبة الشخصية الرومانسية واللى تقريبا هى شخصيتى للأسف بتعيش دائما فى حالة من الخيال الوردى فى انتظار فارس الأحلام يعيشوا سوا فى دنياها الحالمة، ولكن بتصطدم بالواقع وهو أن صعب جدًا تلاقى شخص متفهم طبيعتها دى وحتى أن ظهر شخص مقارب لشخصيتها فبيفتكر إنها علشان لسة آنسة فمشاعرها مرهفة وبمجرد ما تتجوز وتخلف كل ده بيتحطم على صخرة الواقع». تقول: «الحقيقة أن الست حتى لو اتجوزت وخلفت بيكون صعب إن تموت مشاعرها وإحساسها وتتبلد زى معظم الرجالة ما بيفكروا أن الولاد والبيت والمسئوليات بيحولوها لآلة بتقوم بواجبات ومجموعة مهام تنسى فيها حقيقتها وروحها فبتفضل الأنثى اللى ذات طبيعة رومانسية فى حالة من الألم الروحى المستمر لأنها مش قادرة تشبع إحساسها بالحب وفى نفس الوقت بتحاول تتعايش مع الواقع الروتينى الخالى معظمه من الحب والمشاعر». «لى لى عبدالرحمن» طالبة جامعية قالت: الحب من وجهة نظرى إحساس لطيف، لكن لازم يحكمه العقل، وأعتقد البنات دلوقتى بطبيعة العصر اللى إحنا فيه بقت واقعية وسريعة بسهولة ممكن تعبر للشاب اللى عاجبها عن مشاعرها وتقوله أنا بحبك وعاوزة أتجوزك كمان، ويتكلموا على أى وسيلة اتصال إلكترونى بمنتهى السهولة، وكمان بتفكر وتدور بشكل كبير على الفرصة اللى تناسبها أكتر من الإحساس العشوائى اللى ممكن ياخدها بدون تفكير لأى قرار غير مدروس أو عاقل». تكمل: «يعنى بالنسبة لى الجواز لازم يكون من شخص مناسب على جميع المستويات قبل ما أدى فرصة لقلبى إنى أحبه أو أتعلق بيه، يعنى بمعنى أصح «قلبنا تحت رجلنا»، وده طبعا ميمنعش البنت إنها تحب أو تتحب كإحساس ومشاعر أى حد يحب يجربها، ولكن تكون واعية أن القصص الرومانسية دى بتكون فى الروايات وبس ولازم هى اللى تقود قلبها مش العكس». الرجالة متلخبطة «فى البداية لازم أوضح تناقضات كتيرة بيعيشها الرجل للأسف فى موضوع الحب ده»، هكذا عبر خالد حسام عن الحب مستكملاً: «وده لظروف كتيرة بداية من تربيته ومرورًا بخبراته وأفكاره على مدار سنوات عمره، لأن طبيعة الرجل فى البحث الدائم عن الأنثى التى ترضى نفسه وفكره بيكون شىء صعب جدا، فممكن يحب بنت جميلة ولطيفة لكن يتزوج بفتاة أخرى ملتزمة أو متدينة ويأتى جمالها فى الدرجة الثانية وتفضل عينه على البنت الجميلة، لكن مطمن أن اختياره للزوجة الملتزمة كان أفضل، ويفضل فى دوامة ما بين اللى هو عاوزه وبين الأنسب اجتماعيًا وعلى مستوى الأعراف والتقاليد، لأنه كتير من الرجال بتخاف تتزوج البنت الجميلة بس يحب يتعرف عليها ويتباهى بيها إنها تعرفه أو تحبه». من ناحيته يعلق الدكتور فؤاد الدواش أستاذ الإرشاد النفسى على «حب اليومين دول» قائلاً: «الحب الآن صار استهلاكًا، فنحن للأسف وقعنا فى الفخ حيث أصبح «اللوجو» سيد الموقف بمعنى الشكل والمظهر أو العنوان الخارجى والذى كثيرًا ما يكون كاذبًا، فاعتدنا رؤية لوجو النحيفة مع لوجو الشاب العضلات، لوجو الكومبوند مع ماركات السيارات والملابس، لوجو السفر وتقضية الإجازة فى خارج البلاد، وهذا مثل حبيب عبر لحبيبته عن حبه لها بشراء ملابس متواضعة وشعبية فما كان من رد فعلها إلا الزعل باعتبار أن قيمتها. كحبيبة.هيتحدد باللوجو الخاص بالهدية، وهذا الفكر خطف (الحب) من داخلنا. أكمل: المشاعر استهلاك مثل الطعام بالضبط (أكل وهضم فالتعبير أصبح بدون طعم تقريبًا). أعطيك مثالاً آخر رجل يحب مئات الإناث فى الواقع الافتراضى.. ويستمتع بالانتقال من أنثى لأنثى بغض النظر عن تألمهن.هل يحب أم يستهلك؟ والأهم: هل هو سعيد؟ أجيبك: «هذا الشخص يأتينى العيادة قلق وتائه.. ولا يعرف كيف يتخلص من قلقه وفزعه»! أما عن الحب فى وصفه لدى الذكر والأنثى فالأنثى معروفة بالمشاعر..والذكر معروف بالمنطق، وهذه هى النظرة التقليدية وإن كانت الحقيقة أنه ليس هناك إجابة علمية واضحة عن تصورات الحب حسب النوع». لكن المؤكد أن سمات ما بعد الحداثة ساهمت فى تكسير الكثير من التصورات وإن أردنا البحث حول نقطة مشتركة فنستطيع تحديد كلمات رئيسة هى السر فى رضا واتفاق مبدئى قد ينبت شجرة الحب الخالدة ويرضى كيوبيد وينشط الايروس، فيستمر النوع وتُبنى الحضارة. من جانبه يؤكد عماد عادل إخصائى نفسى إكلينيكى ومدرب معتمد جامعة عين شمس على قيمة الحب وقوة تأثيره على النفس البشرية ويوضح: «لا شك أن الحب كعاطفة من أسمى العواطف التى يشعر بها الإنسان ويتأثر بها كما يتأثر الحب وفقا التغيرات العصر، والغالب حاليًا يمكن نطلق عليه الحب «المعلّب»، حيث تأثر كثيرا بثقافة الاستهلاك فأصبح الحب تيك أواى تم تجريده من مفاهيم كثيرة وقيم كالاحترام والاخلاص والوفاء والانتماء والطموح». يكمل: «زمان كان الحب مرتبطًا بقيمة مثل الوفاء، فأنا أحب هذا الرجل فأبقى وفية له والعكس، ولكن الآن وفقًا لثفافة السرعة أصبح هناك لهاثًا على الثراء السريع والمادة فى المقام الأول، أما الحب تحول إلى مفهوم مظهرى أو استهلاكى أكثر فتم تفريغه من مضمونه يعنى فى ثقافة غريبة ظهرا «تحبنى بس من بعيد ليا حياتى وحريتى الشخصية». أما عن وسائل التعبير عن الحب فيعلق «عماد»: طبعا اتغيرت جدًا، فمثلاً كان زمان أهديك أغنية أو رسالة حب تعبيرًا عن مشاعرى، لكن دلوقتى بقى ممكن يكون شو على السوشيال ميديا من خلال مثلا شركة تنظم حفلة أو شخص مشهور يعمله فوتوسيشن يعنى أى شىء فيه مغالاة بلا معنى حقيقى وطبعًا ده بيكون وفقا لقدرات كل شخص المادية، لكن فى النهاية بيغلب المظهر والشو على المعنى والقيمة الحقيقية»