يبدأ التسجيل إلكترونيا اليوم.. مجلس الدولة يفتح باب التقديم لوظيفة مندوب مساعد    إيهاب عبد العال: طفرة سياحية مقبلة تتطلب تيسيرات في النقل والضرائب    ظهر عاريا فى التسريبات.. بيل كلينتون فى مرمى نيران جيفرى إبستين.. صور    الدوري الإنجليزي.. موعد مباراة ليفربول وتوتنهام والقناة الناقلة وصلاح الغائب الحاضر    الركراكي: أي نتيجة غير الفوز بأمم أفريقيا ستكون فشلاً    سحب 666 رخصة لعدم تركيب الملصق الإلكترونى خلال 24 ساعة    الأقصر تحتضن ظاهرة تعامد الشمس السنوية تزامنا مع بدء فصل الشتاء    وزير الزراعة يبحث مع وفد صيني مستجدات إنشاء مصنع متطور للمبيدات بتكنولوجيا عالمية في مصر    وزارة العمل: 664 محضرا خلال 10 أيام لمنشآت لم تلتزم بتطبيق الحد الأدنى للأجور    رئيس الوزراء يصل مطار القاهرة عائدا من العاصمة اللبنانية    محكمة باكستانية تقضي بسجن عمران خان وزوجته 17 عاما في قضية فساد    روسيا تعلن تحرير بلدتين جديدتين شرق أوكرانيا    روبيو: تنفيذ اتفاق غزة سيستغرق "مدة طويلة"… وانتقادات حادة لحماس والأونروا    عين شمس ضمن أفضل 21% من جامعات العالم في تصنيف Green Metric 2025    وزارة التموين: ملتزمون بضخ السلع بأسعار تنافسية في السوق المحلية    نجم نيجيريا السابق ل في الجول: علينا احترام بطولة إفريقيا.. والجيل الحالي لا يملك الشخصية    موعد مباراة المغرب وجزر القمر في افتتاح أمم أفريقيا 2025    «المشاط»: 4.2 مليار جنيه استثمارات حكومية موجّهة لمحافظة الأقصر بخطة 2025-2026    حبس عاطل أحرق سيارة مدير شركة انتقامًا من قرار فصله    ضبط عصابة خطف طالب فى الجيزة بعد تداول فيديو مثير على الإنترنت    وزارة التعليم تتيح لطلاب شهادات الدبلومات تسجيل استمارة الامتحان    مجلس الوزراء يوضح حقيقة فيديو تجاوز رحلة جوية للطاقة الاستيعابية لعدد الركاب    وزير الثقافة ينعى الفنانة الكبيرة سمية الألفى    المخرج الفلسطيني يوسف صالحي: ترجمت الألم الداخلي إلى لغة سينمائية في فيلم «أعلم أنك تسمعني»    دار الإفتاء تعلن نتيجة رؤية هلال شهر رجب لعام 1447 هجريا بعد المغرب    مستشار الرئيس للصحة: الوضع الوبائي مستقر تمامًا ولا يوجد خطر داهم على أطفالنا    محمد عنتر يكشف سر رحيله عن الزمالك    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : لعنة الله على تلك .. المسماة " ديمقراطية !?    دار الإفتاء توضح علامات الاستخارة وتحذر من ربطها بالأحلام فقط    مركز الدراسات والبحوث يشارك في مؤتمر علمي عن دور الذكاء الاصطناعي في تحقيق التنمية المستدامة    فوز الدكتور أحمد طه بجائزة الطبيب العربى 2025.. وعميد قصر العينى يهنئه    الرعاية الصحية تطلق مشروع تقييم استهلاك الطاقة بالمنشآت الطبية ضمن التحول الأخضر    تشكيل ليفربول المتوقع أمام توتنهام في البريميرليج    نجم الزمالك السابق: أحمد عبدالرؤوف مُطالب بالتعامل بواقعية في المباريات    محافظ المنيا يلتقي وزير الشباب والرياضة بديوان المحافظة    مكتبة مصر العامة بالأقصر تستقبل وفد المركز الثقافي الكوري لبحث التعاون    إقبال جماهيري على «حفلة الكاتشب» في ليلة افتتاحه على مسرح الغد بالعجوزة    قفزة قياسية متوقعة لأسعار الذهب في 2026.. وتراجع محتمل للنفط    وزير التعليم العالى: دعم الباحثين والمبتكرين لتعزيز مكانة البحث العلمي فى مصر    وزير الرى يتابع خطة إعداد وتأهيل قيادات الجيل الثاني لمنظومة المياه    ضمن مبادرة صحح مفاهيمك، أوقاف الإسماعيلية تواصل التوعية ضد التعصب الرياضي    إصابة شخص إثر انقلاب ربع نقل بقنا    بعد قليل، محاكمة عصام صاصا بتهمة التشاجر داخل ملهى ليلي في المعادي    المبادرات الرئاسية تعيد كتابة التاريخ الصحي لمصر    للنساء بعد انقطاع الطمث، تعرفي على أسرار الريجيم الناجح    أزهري يعلق علي مشاجرة الرجل الصعيدي مع سيدة المترو: أين هو احترام الكبير؟    نشرة أخبار طقس اليوم السبت 20 ديسمبر| الأرصاد تحذر من أجواء شديدة البرودة    ذكرى ميلاده ال95.. صلاح جاهين يصرخ عام 1965: الأغنية العربية في خطر!    ستار بوست| أحمد العوضي يعلن ارتباطه رسميًا.. وحالة نجلاء بدر بعد التسمم    محمد معيط: روشتة صندوق النقد الدولي عادة لها آلام وآثار تمس بعض فئات المجتمع    الأنبا فيلوباتير يتفقد الاستعدادات النهائية لملتقى التوظيف بمقر جمعية الشبان    مواقيت الصلاه اليوم السبت 20ديسمبر 2025 فى المنيا    الولايات المتحدة تعلن فرض عقوبات جديدة على فنزويلا    القبض على إبراهيم سعيد لاعب كرة القدم السابق وطليقته داليا بدر بالقاهرة الجديدة    شهداء فلسطينيون في قصف الاحتلال مركز تدريب يؤوي عائلات نازحة شرق غزة    نائب وزير الخارجية يلتقي الممثل الخاص لسكرتير الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث    كل عام ولغتنا العربية حاضرة.. فاعلة.. تقود    طائرات ومروحيات أمريكية تشن هجوما كبيرا على عشرات المواقع لداعش وسط سوريا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدموع الحرام: «الراجل ما يعيطش»!
نشر في صباح الخير يوم 30 - 08 - 2023

كبرنا على أن «الراجل مايعيطش» لأن «العياط للبنات فقط».. مع أن بكاء الطفل دليل على عدم قدرته على التعبير عن مشاعره،أو لإحساسه بالظلم وعدم قدرته على التعبير بالكلام عما يحتاجه.
إلا أنه إذا كان ذكرًا بالغًا سيكون مصيره التوبيخ!
فلماذا لا يحترم الوالدان مشاعره وحزنه، ويحاولان دفعه للتعبير عنها بدلًا من البكاء؟! دون كبتها تحت شعار تلك الجملة الشهيرة «الراجل ميعيطش».. على النقيض عندما تبكى البنت يسارع الوالدان بتلبية رغبتها لأنها ضعيفة و«قليلة الحيلة» ومن حقها البكاء !!
لماذا دموع الرجل فى مجتمعنا محرمة؟! ولماذا البكاء هو سلاح البنت الذى يعجز عن مجابهته الرجال؟! تحدثنا مع عدد من الآباء والأمهات والمختصين حول استمرار ثقافة «دموع الولد عيب» رغم التطور الذى قد طال حياتنا ومجتمعنا ولكنه لم يغير هذه الثقافة ؟!
وتساءلنا: هل عدم تقبل حساسية الرجل ودموعه ممكن أن تشكل شخصية سوية ؟!
دموع الرجل فى الدراسات
بحثت دراسة حديثة السبب وراء قلة بكاء الرجال نشرها موقع «إنترناشونال بيزنس تايمز».
الدراسة أعلنت عنها جامعة بازل فى سويسرا، وقامت على دراسة تطور الدماغ لدى 189 مراهقًا وركزت على الاختلافات التى تخص الصفات العاطفية باستخدام أساليب حديثة ونتج عنها اكتشاف اختلاف جوهرى وهيكلى فى دماغ الرجل يخفّف من عاطفته، وبالتالى يمنعه من البكاء.
وأوضح الباحثون أنّ هذا الأمر راجع لاختلاف منطقة فى دماغ الذكور تسمّى «Bilateral Anterior Insula»، وهى غير موجودة لدى الفتيات، وهى المنطقة التى كلّما زاد حجمها، قلّ الشعور العاطفى.
وحسب صحيفة «لوفيجارو» فإن هناك كتاب الطبيبة النفسية الفرنسية ستيفانى هاهيسو بعنوان «رجل حقيقى».
فككت فيه المؤلفة أسطورة الرجل العقلانى فى مواجهة المرأة العاطفية وهو ما تثبته الدراسات العلمية الحديثة وقالت: إن الجميع سواء أمام المشاعر، وهو الأمر الذى يُثبته الواقع أيضًا, والدليل أن كثيرًا من الآباء المعاصرين يمارسون الأدوار التى كان من المعتاد أن تقوم بها الأمهات من الاعتناء بأطفالهن واللعب معهم وتغيير ملابسهم وإطعامهم.
عاطفة الأمومة يقابلها إذن عاطفة الأبوة ما يعنى أن الرجل والمرأة سواء فى العاطفة والعقل لا فروق جوهرية بينهما، لكن كل ما فى الأمر أن الرجال يتحفظون بفعل التقليد والتقاليد التى تعتبر الإعلان عن المشاعر سلوك غير سليم.
أشارت ستيفانى هاهيسو أن الرجال يبكون فقط فى ملاعب الكرة حين ينتصرون أو يخفقون، والمشاعر لدى الرجال حاضرة فى كل مجالات الحياة لكن هناك بعض من السلوكيات.المشاعر تلتصق أكثر بالرجال، مثل الشعور بالغضب والتعبير عنه، وأحيانًا ينظر إلى الرجل الغاضب باعتباره رجلًا قويًا.
دراسة أخرى للبروفيسور فينجرهويتس أستاذ علم نفس بجامعة تيلبورج بهولندا وجد أن الرجال يبكون من 6-17 مرة فى العام، فى الوقت الذى تبكى فيه المرأة ما بين 30-64 مرة سنويًا!
فقد أمضى فينجرهويتس عشرين عامًا فى دراسة البكاء والهرمونات المؤثرة فيه عن الرجال والنساء وسأل أكثر من 5000 شخص فى 37 دولة.
ووصل إلى أن الرجل يبكى بمعدل من دقيقتين لثلاث، أما المراة فتبكى لمدة 6 دقائق.. وأرجع فينجرهويتس، الذى نشر كتابًا عن دراساته عن البكاء، الاختلافات بين الرجل والمرأة إلى حد حقيقة تقول: إن النساء تخرج دموعهن بشكل أسرع.
كذلك يختلف الرجال والنساء فى تعرضهم للمواقف التى تثير المشاعر، وتتمتع النساء بمهارات أعلى فى التعاطف، كما أن علاقاتهن مع النساء الآخريات تختلف فى طبيعتها عن الروابط الذكورية، وغالبًا ما يعملن فى مجال الرعاية الصحية أو مع الأطفال، ويشاهدن الأفلام الأكثر حزنًا ويقرأن الكثير عنها.

ريشة: هبة المعداوى


أساليب تربية
أنا مع ثقافة «لا لبكاء الرجل» ولست ضدها هكذا بدأ الدكتور كرم عباس أستاذ الفلسفة بجامعة القاهرة حديثه معى وهو زوج وأب لثلاث فتيات فى المراحل الابتدائية والإعدادية والجامعة.
أكمل قائلًا: «الثقافة العربية لها تراث تاريخى طويل فى فكرة صلابة الرجل، وليس ذلك بالمعنى الذكورى السطحى، فالرجل فى ثقافتنا هو المتحمل لعبء الحياة حتى لو كانت المرأة عاملة وتشاركه أعباء الحياة، لكن الرجل هو مصدر الأمان، فإن لم يجد سببًا قهريًا يبتز دموعه، فإن دموعه هنا تكون جزءًا من غياب هذا الأمان عن الأسرة، ليس عندى أطفال ذكور، لكن لو كان عندى كنت أتمنى ألا يكون من النوع الذى يسهل بكاؤه فى المواقف التى يتعرض لها فى حياته العادية.
يكمل: هناك حالات تُحترم فيها دموع الرجل، كالفقد، أو غياب عزيز، ففى النهاية الرجل إنسان!!
ولكن فى العموم ونحن نتكلم عن التربية والتنشئة، فلابد أن يكون الرجل أكثر صلابة ويتعود على الصدمات لأنه مصدر الأمان لزوجته وابنته وأمه، لذا أنا مع ثقافة «الرجل لا يبكى» رغم اختلاف هذا الرأى مع آراء الكثير من الذين يرون ذلك تراثًا يجب تغييره، ولكن ليس كل مافى تراثنا يجب تغييره!
يوافقه الرأى الدكتور سامح الشاذلى طبيب أسنان زوج وأب لولدين فى المرحلة الثانوية وبنت فى الإعدادية، حيث أكد الفرق فى التربية بين الولد والبنت قائلًا: «لا أسمح لابنى بالبكاء فهو من سيرعى إخواته من بعدى، فهل يجوز مع كل مشكلة أو ضيق يبكى؟!
يضيف: البكاء سمة قليل الحيلة والرجل فى مجتمعنا يحمل حمل جبال، وقد لاحظت على ابنى الثانى حساسيته الزائدة فى التعامل مع المواقف منذ صغره وبكائه على أشياء ومواقف بسيطة، فكنت أتعامل معه بمزيج من الشدة والتفهم، فأقول له أنت راجل وقوى «اتكلم ومتعيطش» «العياط للبنات لأنهم أضعف وأنا وأخوك الكبير لا نبكى، أنا لا أقول نضرب الولد ليتوقف عن البكاء، لكن لا نسمح بالأمر أن يتطور، فيجب أن نربى ونزرع فى الطفل الذكر الخشونة والصلابة، فهو رجل»!!
المهندسة سارة محمد زوجة وأم لطفل وطفلة فى المرحلة الابتدائية تقول: أجد أن تربية البنت والولد اليوم فى مجتمعنا واحدة، والفروق بسيطة من حيث الملابس، والألعاب، لكن السلوكيات واحدة، الاثنان بتعرضان لنفس المواقف، لم تعد البنت تلازم البيت والولد هو من يتعامل فى المجتمع، أو تلعب البنت رياضة معينة والولد رياضة أخرى، فهما بنفس الوظائف ويتعرضان لنفس الضغوط.
تكمل: لذلك أربى فى الاثنين التماسك والمرونة، ولكن لم أمنعهما من البكاء فى طفولتهما المبكرة، فقط أحاول بث سمات القوة والصلابة والطموح فى الاثنين فى المدرسة والنادى، ولا أقول للولد «لأنك رجل اعمل كذا وكذا» الاثنان عندى سواء.. فالبكاء أساسًا دليل على الضعف وقلة الحيلة، فيجب أن يخفوا الدموع ويتعاملوا مع المجتمع والظروف بقوة أكثر».
مها مططفى زوجة وأم لولدين فى المرحلة الثانوية، وهى أيضًا مدرسة لغة إنجليزية للمرحلة الإعدادية، تتعامل مع مراهقين فى البيت والمدرسة تقول: «أنا مع أن الولد كالبنت من حقه التعبير عن المشاعر والبكاء والحزن، ومن واجبى كأم فى البيت ومعلمة فى المدرسة أن أحتضن واتفهم مشاعره، وأحاول إيجاد حلول معه، وسماع رأيه، ونصحه، دون إحراجه لأنه ضعيف ويبكى، فكلنا بشر ونضعف.. فما بالك بالمراهق، فهى مرحلة تتسم بالحساسية والتطرف فى المشاعر، فإذا تفهمت مشاعره واحترمته، سيبدل بكاءه بالتفكير المنطقى لأنه لا يحتاج إلا لقلب يشعر به وعقل يرشده بهدوء، ويتطلع للمساندة والتفهم، ويبدأ تدريجيًا فى حل مشاكله بنظرة أوضح وأشمل، والأهم ليس أنه رجل وإنما أنه إنسان وله مشاعر، يجد من يسمعه، حتى يصبح متوازنًا نفسيًا، ووقتها لن نجد العنف فى المجتمع الذى يبدأ مع كبت مشاعره وهو طفل أو مراهق».
التربية الإيجابية
بسمة الشيخ، المستشارة الأسرية ومعالجة السلوك ومؤسسة صفحة طرق التربية الإيجابية قالت:
تربية الطفل الذكر على أنه عيب يعيط.. ثقافة موجودة فى غالبية الأسر، فيتم كبت الطفل منذ صغره وهو لا يتجاوز الثلاث سنوات، ونقول له «لو شاطر متعيطش وهاجيبلك هدية» فيفهم الطفل أنه لينال الرضا والحب والتقدير لا يجب أن يعبر عن مشاعره، ولو أتوجع لا يظهر، وهو ما يؤثر عليه بشدة، لأننى لم أعطِ اعتبارًا لمشاعره ولم أحسسه أنى أشعر به وأهتم بمشاعره، ولا أتفهم وجعه».
تكمل: على النقيض من الولد هو لو بنت يتقبل المجتمع بكاءها ويجرى الجد أو الأب عليها فترفع صوت بكائها أكثر ليلبى طلباتها، فالبنت يجب أن تكون مدللة من وجهة نظر أسرتها !!
وسواء الولد أو البنت فإنه يتم التعامل معهما خطأ.. فعند البكاء أولًا : يجب أن أظهر تفهمى.
ثانيًا :أمنحه أو أمنحها الفرصة للتحدث عن الألم وأشجع على الكلام.
ثالثًا: استوعبه وأشعره أنى أضع نفسى مكانه، فيبدأ يهدأ ليتكلم أو يتوقف عن البكاء.
ومن المهم أن أعرض المساعدة، فأقول له «محتاج تتكلم معايا؟ عايزنى أساعدك؟» ويجب ألا أقدم المساعدة إلا عندما يطلبها منى، وإذا تسبب فى بكاء زميل له أطلب منه أن يتأسف له، والأهم أن يضع نفسه مكانه، وهذا هو ما وراء الأسف، أن يشعر ويقدر غيره».
قالت بسمة: «التواصل مع الطفل هو المفتاح السحرى ليشعر بمشاركتى حياته ومشاركته لنا فى حياتنا». القدوة لا الدروس
أضافت استشارى السلوك بسمة الشيخ: «الطفل من سنتين لسبعة تكون قد تكونت ملامح شخصيته، ولا يضاف لها سوى بعض التفصيلات البسيطة، فى هذه الفترة هو كالأسفنجة التى تمتص ما حولها فيرانا نحن قدوة فى تصرفاتنا وهو يتابعنا أكثر مما يسمعنا، فكما أعبر عن حزنى وغضبى يفعل المثل. ومن آثار كبت مشاعره وعقابه إذا بكى بدلا من الاستماع إليه، نتائج سلوكية غير مباشرة، منها مثلًا الكوابيس ليلًا، وتجده يصرخ كثيرًا، وقد يصيبه تبول لا إرادى، أو يقضم ضوافره..وجميعها نوع من تصريف الضغط الواقع عليه لكبت المشاعر، وعدم إحساسه بالأمان».
تصف بسمة: لذلك يجب أن أعلم الطفل الذكى مثل الأنثى المرونة والتكيف، ومعالجة نفسه من الصدمات، وإيجاد أكثر من حل لمشكلته.
أما عن كيفية التعامل مع ابنى المراهق إذا كان بالفعل مرهف الحس و«دمعته قريبة» على حد وصف البعض أنصح: «الحل فى تعليمه المرونة مع الظروف وأنه ليس المتحكم فى الحياة ومن الطبيعى أن يقع ويقوم والتنبؤ بحساسيته الزائدة منذ صغره والتى تظهر فى إحراجه من دخول الحمام خارج البيت مثلًا أو تفضيله الأطعمة بدون طعم نفاذ أو حار، فهناك مؤشرات كثيرة حول حساسيته الزائدة والحل فى التواصل معه وبث المرونة وتقبل الظروف.
رضوى رضا المعالجة النفسية للاضطرابات الانفعالية والصدمات للبالغين والأطفال ومؤسس ومدرب بأحد المراكز النفسية قالت: من عبثيات التربية جملة «مفيش راجل بيعيط» فنجد الطفل بيكبر باعتقاد أنه سوبر هيرو مابيعيطش وبيشتكيش وبالمرة ما بيعتذرش!
تقول: «نحن نصنع ونعمل خلطة من شخص قاسٍ وضعيف، بمشاعر قوية بالاستحقاق،مع جلد الذات، وتجده يتسائل كيف أشعر بخوف أو ضعف حتى بينى وبين نفسى؟! ويجاهد ليخفى ضعفه وخوفه وشكواه، فنخلق وحشًا صغيرًا فى اتجاه أنواع مختلفة من اضطرابات الشخصية».
لذلك نواجه نمطًا سلوكيًا تطور نتيجة لأسلوب خطأ فى التربية بدأ فى مرحلة الطفولة وظهر فى سن المراهقة شخصية نرجسى، أو سيكوباتى، أو اعتمادى، أو فصامى أو مرتاب، بل ونخلق رجلًا يفتقد القدرة على التعاطف وأبسط ما سيواجهه هو القلق والتوتر واضطرابات النوم والأكل لأنه عاجز عن مواكبة القالب العظيم الذى يفوق قدرات البشر (أن الراجل مابيعيطش).
تضيف بسمة: أما البنات فمعها كارت أخضر بالبكاء والشكوى والنواح، وتعلمت أن احتياجاتها بتشبع بالحزن والبكاء، والمبالغة فى إظهار مشاعرها، وهو ما ينتج شخصية هستيرية تبالغ فى ردود الأفعال كمحاولة للحصول على الاهتمام أو ربما ينتج ما يسمى باضطراب الشخصية الجدية على حسب مشاعرى هتعامل معاك، وهكذا ولكن من إيجابيات الموقف مع البنات أن السماح بشكل مقبول بالتعبير عن مشاعرها وسط أسرة سوية بتسمع وتهتم وتدعم تتيح فرصة الحياة بشكل سوى وأنها من حقها أنها تضعف وتخاف، وتقوى، وأن الطبيعى للحياة البشرية أن تنجح وتفشل وتنجح ثانيةً فى وتيرة الحياة الطبيعية».
التنميط والقوالب
الدكتورة نيرة محمد شوشة مدرس علم النفس بكلية الآداب جامعة القاهرة قالت: «منذ بدء الخليقة والنظرة للرجل أنه من يواجه الأخطار ليصطاد لإطعام المرأة والأطفال، والمرأة هى من تعتنى بالأطفال وتطهو الأكل. فأصبحت هذه هى الصورة النمطية ومن يتعداها يصبح منبوذًا ومستبعدًا.. و ظلت هذه القوالب تحدد شخصية كل من الرجل والمرأة،فلو رأينا بنت صوتها عالٍ نقول مسترجلة، ولو ولد مرهف الحس نقول «ما تسترجل يا ابنى» ونقول «هو أنت بنت !»؟ وكأنها «شتيمة».
أضافت: يعيش الرجل فى هذا القالب وحتى الوفاة وتعيشه البنت أيضًا على طريقتها وإذا فكر أحدهما فى تجاوز ذلك يقابل بالتنمر، والنبذ والعنف، وأيضًا عدم تكافوء الفرص فى الحياة.
وهذا التنميط يبدأ منذ معرفة الأم أنها حامل فلو ولد سنحضر ملابس زرقاء وبعد ولادته ألعاب مسدسات وسيارات ويلعب رياضات عنيفة، والعكس لو بنت فكل الملابس وردية وألعاب عر ائس، وغير مهم الرياضة لأنها فتاة.
أضافت: ويبدأ يقولبهم المجتمع فى التنميطات التى ورثت من أجيال سابقة، ويبدأ ما يسمى بال«رجولية السامة» وهى توجيه الطفل الذكر لإرضاء نظرة المجتمع بكبت مشاعره.. ويجب أن يكون قويًا وطموحًا وذكيًا ومتعدد العلاقات وعنيفًا حتى يصبح «الرجل الحقيقى» من وجهة نظر المجتمع وإلا لن يتم احترامه.
تقول الدكتورة نيرة: وفى عملى فى مجال «الجندر» نجد الدراسات والأبحاث تقول إنه كما يبث المجتمع أن الولد يجب أن يكون عنيفًا وقويًا ومتحكمًا فى مشاعره، يجب أن تكون البنت حنونة تخدم من حولها وتهتم بمظهرها وأن تكون جذابة ولا يهم أن تكون ذكية أو طموحة.. فالبنت تقوم لتخدم أخوها حتى لو أصغر، وتحضر له الطعام وهو يشاهد التليفزيون مثلا.. وفى نظرى الأطفال وتنميطهم بتربية وتقولبهم فى قوالب تربت عليها دون محاولات للتعبير عن شخصياتهم ورغباتهم ومشاعرهم.
وتلفت نيرة، النظر لنقطة أخرى تقول الغريب عندما تناقش المرأة فى حقوقها من عدم الحفاظ على الصورة النمطية لخدمة المرأة للرجل، والتوعية بحريتها وضرورة الإقدام على خدمته بدافع المحبة تجد الهجوم الرهيب.
وللأسف فإن بعض وسائل الإعلام «وليس الكل» تروج لهذه الأفكار فتظهر مذيعة لتقول «اخدمى أخوكى أو زوجك الفرعون الصغير».
وتظل الأسرة عليها العامل الأول فهى النواة إذكاء روح التفرقة فى المعاملة وكبت الرجل لمشاعره واستغلال المرأة لسلاح المشاعر.
الوجه الآخر للولد العنيف كانت الشعور برفض البكاء، فالبنت التى تعتمد على دموعها كسلاح للسيطرة على من حولها أو الهروب من المسئولية ليصبح استخدام الدموع أسلوبًا ووسيلتها للضغط للتعايش مع عنف الرجل.
وتلخص الدكتورة نيرة شوشة المشكلة فى أنه لاعيب فى تربية الولد ليكون طموحًا وقويًا ولكن لايحوز أن نربط ذلك بكبت مشاعره ورفضه إن كان شخصية حساسة، وليس خطًأ أن تهتم المرأة بجمالها ورقتها ولكن المأساة أن تتنازل عن الطموح والنجاح والسعى للتعلم وإثبات الذات وممارسة الرياضة والسعى لتكون ذكية ومميزة بدافع أن هذه صفات الرجال.
وفى الدراما أيضًا
سألنا الدكتور حسام أبو العلا أستاذ الدراما فى المعهد العالى للسينما عن مناقشة الدراما لثقافة بكاء الرجل ومساحتها فى تربيته على تلك الأفكار فأجاب: لازالت ثقافة«شىء من الخوف» تسيطر على فكر المجتمع الشرقى فالصورة الواضحة المتعارف عليها للرجل الشرقى استطاع تجسيدها محمود مرسى فى دور الجد الذى يريد أن يزرع فى حفيده القوة والصلابة ورفضه أن يراه طفلًا مرهف الحس وليعلمه الصلابة ذبح أمامه الحمامة، وعندما بكى الطفل عنفه لأن «الرجل ميعيطش» فشب الطفل على أن إظهار المشاعر ضعف والرجل يجب أن يكون قاسيًا وعنيفًا، هذه التربية هى ما حولت الطفل المسالم الوديع لقاتل ومفترى وإنسان يكرهه الجميع حتى حبيبته فؤادة، وحديثًا تمت مناقشة هذا الخلل فى العلاقة بين الأب وابنه فى فيلم «الشيخ چاكسون»حيث شكل الأب ابنه كما يريده،مصغيًا لأوامره بدون نقاش، ودون سماع رأيه، وجعله يخاف منه، ومن بطشه فجعله متطرفًا، وفى مسلسل «ليه لاء» لنيللى كريم الذى عرض مؤخرًا بين أيضًا العلاقة بين الأم والابن والسيطرة على مشاعره فأخرجت إنسانًا غير سوى.. فالكثير من الدراما الحديثة أظهرت الخلل فى العلاقة بين الوالدين والابن وعدم القدرة عن التعبير عن الرأى والمشاعر بحرية، والنتيجة أبناء غير أسوياء نفسيًا».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.