اول شهيد مصطفى رجب ليس مصادفة أن يسقط أول شهيد لثورة الشعب المصرى يوم 25 يناير فى مدينة السويس الباسلة. كانت المدينة العريقة فى طليعة المدن التى قادت ثورة الشباب فى الخامس والعشرين من يناير 2011 ولم يكن غريبا أن نجد التواصل بين ثوار حى الأربعين فى السويس وثوار ميدان التحرير يتم يوميا بالحضور من السويس أو عبر الإنترنت. الشهيد اسلام على الجنيدى تنقل الثوار بين مدينة السويس وميدان التحرير مثل المهندس أحمد سمير وهو الابن الوحيد لأسرته وأخفى ذهابه إلى ميدان التحرير فى القاهرة عن والده، وأما المهندس شادى طايع الذى يعمل فى شركة بترول بالقاهرة فقد أقام فى ميدان التحرير وتواصل مع ثوار السويس عن طريق الإنترنت وعلم بانقطاع الاتصالات يوم 26 يناير عندما أمر حبيب العادلى وزير الداخلية بإطلاق الرصاص الحى على المتظاهرين فسقط أول شهيد.. مصطفى رجب.. وتلاه الشهيد الثانى «إسلام على الجنيدى». شهداء السويس ودماؤهم الطاهرة روت ثورة الشعب المصرى الذى توافد على ميدان التحرير منذ الصباح الباكر يوم 25 يناير. واستأذنت رئيس التحرير فى الذهاب إلى مدينة السويس مع مجموعة من شباب المحررين فى صباح الخير وزاملنى فى الرحلة الكاتب والمحلل رشدى أبو الحسن. استقبلتنا مدينة سيدى الغريب والشيخ حافظ سلامة صباح السبت الماضى وعندما سرنا فى طريق كورنيش قناة السويس رأينا مشهدا رائعا.. مدير أمن السويس الجديد اللواء أسامة الطويل يقف فى الشارع بنفسه ويشرف على حركة سير الناس والسيارات ومعه مجموعة من طلبة وطالبات المدارس يرحبون بنزول الشرطة إلى الشارع.
مصطفى ابو غبان وقال لنا المرافقون إن اللواء أسامة الطويل مدير الأمن الجديد يتواصل بشخصه كل يوم مع الناس فى الشوارع وفى الأحياء ويطالبون بإبعاد سيف الدين جلال المحافظ الذى فرضه الرئيس السابق على شعب السويس لأنهم يكرهونه ويتندر شعب السويس بأن الرئيس مبارك عمره ما زار السويس ولا يجدون سببا لذلك، ذهب إلى الإسماعيلية وإلى بورسعيد ولكنه لم يزر مدينة السويس!! وفى كافيتريا صفصفا جلسنا مع السيدة الفاضلة الحاجة فوزية طايع رئيسة أمانة اللجان بالاتحاد المصرى لمقاولى التشييد والبناء والصحفى محمود الجمل والحاج مصطفى أبو غبان صاحب شركة لنقل العمالة بالعين السخنة وله ارتباط وثيق بالعمال ومشاكلهم بالمصانع ويقوم بدور كبير فى إيجاد وظائف للعاطلين من خريجى المدارس الصناعية والكليات والناس العاديين من أبناء السويس. على الجنيدى والد الشهيد اسلام والحاج مصطفى أبو غبان يرأس لجنة شعبية من رموز محافظة السويس للتصدى لحل مشاكل العاملين فى الشركات حتى لا تتعطل عجلة الإنتاج وحدث لقاء بين قيادات العمال ومديرى الشركات ورموز مدينة السويس وممثل للمجلس الأعلى للقوات المسلحة وهو اللواء طارق المهدى واللواء صدقى صبحى الحاكم العسكرى لمدينة السويس وقائد الجيش الثالث الميدانى واللواء أسامة عسكر واللواء أسامة أنور والعميد محمد رأفت الدش وعدد كبير من القيادات الشعبية بالسويس، وتم التوصل لحل كثير من المشاكل والتوفيق بين آراء الإدارة والعمال وكانت المطالب معظمها مشروعة وكان لوعى العمال و إدراكهم للمسئولية النصيب الأوفى لحل هذه المشاكل وبدء دوران عجلة الإنتاج حيث إن السويس بها معامل لتكرير البترول والممر المائى الشهير باسم قناة السويس. محمود الجمل وخلال كل تلك الجهود الطيبة للجنة الشعبية أدرك شعب السويس الباسل أنه من الضرورى تهيئة المناخ الملائم لنجاح الثورة ودوران عجلة الإنتاج فالسويس تمثل ثلث دخل مصر القومى لما فيها من مصانع وقناة السويس.. والسويس اليوم تدرك أنه لا مكان للفاسدين والمحرضين وأن نجاح الثورة مسئوليتهم. وجلسنا مع الشاب السويسى المنتصر بالله صالح وهو المنسق العام لحركة مصر الحرة. وهذه الحركة نشأت بعد انتصار ثورة 25 يناير عندما أدرك الشباب أن اللحظة التاريخية التى تمر بها مصر تؤكد على أهمية وضرورة التلاقى والتوافق البناء للآراء المختلفة لأبناء الشعب المصرى من الشباب وأن حفظ وصيانة الثورة ينبع من ضمان حرية الرأى للجميع، فالحرية أساس لحقوق الإنسان فى العالم وهذه الحرية تحملنا مسئولية التكاتف لإعادة بناء الاقتصاد الوطنى بما يحقق العدالة الاجتماعية للجميع وأن الديمقراطية هى الوسيلة المثلى لضمان التفاعل السياسى الشرعى فى بلدنا. المنتصر صالح وفوزى صالح اعضاء حركة مصر الحرة وفى سبيل تحقيق هذه الأهداف تقرر اتخاذ الخطوات التالية: أولا : تبدأ هيئة الأعضاء المؤسسين فى اتخاذ الخطوات الرسمية لإعلان الحركة، وتحديد جدول لاجتماعات الحركة، وتختار الجمعية العمومية فى أول اجتماع لها أحد الأعضاء لشغل منصب المنسق العام للحركة، مع ضرورة تحديد المدد الزمنية لإجراء الانتخابات لجميع اللجان ومن خلالها يتم التوافق على شخص المتحدث الرسمى للحركة مع ضرورة استكمال باقى اللجان وتمديد جداول لاجتماعاتها الدورية واطلاع بقية اللجان بكل ما تتخذه كل لجنة من إجراءات أو توصيات. ويكون للجمعية العمومية للحركة الحق فى إنشاء ما تشاء من اللجان المتخصصة للقيام بوظائفها على أتم وجه، ولا يجوز إقصاء أو مصادرة الآراء المختلفة أو المتباينة تحت أى مسمى، فآراء الحركة تنتهى للتوافق أو التصويت لأخذ الرأى بالأغلبية إذا ما دعت الحاجة. وهذا يستدعى التزام أعضاء وعضوات الحركة بالمواقف الصادرة عنها، والتى يتم إعلانها من خلال متحدث رسمى. وإذا قام أحد الأعضاء بانتهاك مبادئ هذا الميثاق فللجمعية العمومية النظر فى أمره وإجراء تحقيق معه على أن ترفع نتيجة هذا التحقيق للجمعية العمومية بناء على توصية من لجنة القيم والمبادئ، ويجوز تعديل أى بند من بنود هذه الحركة بموافقة ثلثى أعضاء الجمعية العمومية. وذكر لى الأخ المنتصر بالله صالح أن مقاصد وأهداف الحركة هى التلاقى على أرضية مشتركة بين أطياف المجتمع المصرى بما يحفظ لبلدنا الأمن والأمان والسلم الأهلى، ويحقق النهضة والتنمية الاقتصادية والاجتماعية والحضارية الشاملة، وأن تعمل الحركة على تنمية ثقافة وفكر الديمقراطية فى المجتمع المصرى، وذلك حتى يشترك الجميع فى تفعيل مبادئ الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، نريد لهذه الكلمات أن تكون لها معان واضحة فى ذهن كل أعضاء الحركة وبالتالى العمل على نشر ما بين أبناء المجتمع. ويضيف المنتصر بالله صالح المنسق العام لحركة مصر الحرة أن التواصل والتفاعل البناء مع مختلف مؤسسات المجتمع المدنى ضرورة للحفاظ على مكتسبات الثورة وتدعيم مطالبها والمحافظة على روح الوحدة الوطنية. وحركة مصر الحرة تؤمن بأهمية وضرورة أن تكون مصر دولة مدنية ذات مرجعية إسلامية، ولمواطنيها جميعهم الأحقية المتساوية فى التمتع بجميع حقوق المواطنة. وتؤكد حركة مصر الحرة أيضا على ضرورة الالتزام الكامل بالحريات والحقوق العالمية للإنسان المصرى رجلا كان أو امرأة، وفى مقدمتها حرية الرأى وحرية العقيدة. والحركة تؤمن إيمانا كاملا بضرورة تفعيل دور الشباب القيادى فى المجتمع. ويقول زميلنا الصحفى محمود الجمل، والذى ينوى إصدار صحيفة باسم «السويس» أن الثورة فى السويس بدأت قبل الوقفة الاحتجاجية فى ميدان التحرير يوم 25 يناير، ذلك أن الأطياف المختلفة من أصحاب التيارات السياسية اجتمعوا بعد قيام الثورة فى تونس وأجمعوا على ضرورة ائتلاف قومى يجمع بين الإخوان المسلمين، وأعضاء حزب الوفد، والحزب الناصرى، والحزب الوطنى لتكوين هيئة مكتب منتخبة من 30 عضوا مثل جمال عبد الوهاب من حزب الوفد وسيد أبو طالب ومحمد عبد الرازق نقيب عمال التوكيلات الملاحية والسيد على أمين رئيس حزب الوفد بالسويس والمهندس أحمد محمود والدكتور سيد رأفت من الإخوان المسلمين. وأرجو ألا أكون أخطأت فى نسب كل اسم للتيار السياسى الذى يمثله.. ذلك أن كل هذه التيارات السياسية كانت تعانى من سوء معاملة الشرطة لها فى السويس، وفى رأى زميلنا محمود الجمل، وأيضا الأستاذ طلعت خليل عمر رئيس حزب الغد بالسويس، وهو يعمل محاسبا فى مصلحة الضرائب أن الهجوم على قسم حى الأربعين كان للانتقام من الشرطة التى كانت تهين أبناء الشعب القاطنين فى حى الأربعين وتعاملهم بقسوة وتحرص على تعذيبهم وتأديبهم وإهانتهم بدرجة لا يتحملها البشر، وكان الحرق والتدمير تنفيسا عن حالة الغضب، خاصة أن من بين سكان السويس من شاهد ضباط البوليس يطلقون الرصاص الحى على الثوار، ويقول والد الشهيد إسلام على الجنيدى أن الضابط محمد عادل هو الذى قتل ابنه إسلام. ويقول شهود العيان من أبناء السويس أن مدير الأمن السابق اللواء محمد عبد الهادى تلقى أمرا بإطلاق الرصاص الحى على المتظاهرين من حبيب العادلى. الشيخ حافظ سلامة الشهادات كثيرة، والذين تحدثت إليهم وحاورتهم كثيرون ويقولون أن الشرطة قامت بإطلاق النار الحى عشوائيا. فقد كان مصطفى رجب أول شهيد عائدا من شغله ولم يكن بين المتظاهرين واصطادوه برصاصة فى القلب، أما سليمان صابر فقد كان يحضر كوب شاى لزبون فى مقهى، لم يشترك فى تخريب شىء، ولكنهم أطلقوا عليه الرصاص الحى. والمهندس عصام الخطيب له حكاية لا يصدقها عقل والمهندس أحمد سمير وزميله لهما تجربة فريدة فى ثورة 25 يناير سوف أحاول رصد كل ما سمعته بالتفصيل فى العدد القادم. أكتب هذه السطور القليلة لألحق بموعد المطبعة وإلى اللقاء الأسبوع القادم