أصبحت وسائل التواصل الاجتماعى جزءًا من تفاصيل حياتنا اليومية، بل غيرت طباعنا وسلوكنا واقتحمت حياتنا من أوسع أبوابها بهدف صناعة أحداث من لا شىء حتى باتت تلعب دورًا كبيرًا فى بلبلة الرأى العام وانتشار الأكاذيب بسبب عدم السيطرة على محتواها باعتبارها فضاءً لجميع الأشخاص فتحولت إلى مصدر خطر وإزعاج ووسيلة تهديد. وأضحت مواقع التواصل الاجتماعى وسيلة تشويش على الرأى العام عبر اختلاق أحداث غير حقيقية بهدف استقطاب المتابعين، الأمر الذى يؤثر سلبًا على بعض المواطنين.
ومؤخرًا تعرض عدد من القرارات الحكومية لحملات ممنهجة عبر «السوشيال ميديا»، الأمر الذى تسبب فى إثارة الرأى العام نتيجة ترويج معلومات وأخبار غير دقيقة مثل ما تم ترويجه عن منع صلاة التهجد والاعتكاف فى المساجد خلال شهر رمضان الفائت، وعدم اصطحاب الأطفال فى صلاة العيد، وقرارات حكومية كثيرة أخرى، بالرغم من التصدى المبكر للحكومة بالرد والتصحيح لما أثير. الدكتور جمال فرويز استشارى الطب النفسى، أوضح أن من يقومون بافتعال المشكلات والتشكيك فى قرارات الدولة التنظيمية والتى من بينها ارتياد بيوت العبادة، هم ممن يحاولون التقرب للآخرين عبر نشر أدعية دينية وخلافه من قبيل الابتزاز الدينى للآخرين، لافتًا إلى أن هناك من لا يصلى ولا يصوم ولا يعرف طريق المسجد، ولكنه يعترض على قرارات الحكومة بشأن المساجد، وهو الأمر الذى يمكن تفسيره بأنه نوع من الظهور الدينى لافتعال ضجة لجمع «الإعجابات والمشاركات». وبيّن «فرويز» أنه فى الماضى كان الناس يسيرون فى الشارع يحملون «مسبحة» فى أيديهم إلا أننا أصبحنا نرى المسبحة حاليًا على مواقع التواصل الاجتماعى، الأمر الذى يوضح مدى انهيار المستوى الثقافى وازدواجية المعايير. ومن جانبها تقول الدكتورة هدى زكريا أستاذة علم الاجتماع السياسى: إن الشريعة الإسلامية تضم 11 مصدرًا منها ما يسمى أصحاب المصالح المرسلة والذين يقصد بهم الأطباء ورجال الاقتصاد، وقرارات مثل تنظيم الصلاة كانت بدافع الخوف على الناس من تفشى الفيروس، منذ بدء جائحة كورونا، حيث اتخذت الدول قرارًا بمنع التجمعات فى أنحاء العالم، موضحة أنه عندما وصل الأمر لبيوت العبادة بدأت تتعالى الأصوات على مواقع التواصل الاجتماعى حتى إننى قرأت أحد المنشورات يقول: «خلاص بقا إحنا هنبقى نصلى فى دار الأرقم بن أبى الأرقم». وتؤكد زكريا أنه لا بد من الاعتراف بأن صناعة مثل هذه الأحداث لا تأتى هباء فغالبيتها تتم صناعتها ولا تأتى بالمصادفة، بل بتوجيه من قبل شخص أو جهة أو شخص ما يحاول حشد الجماهير حول قرار معين يحمل وراءه هدفا ما. وتوضح أن مصر لديها حاليًا حكومة قادرة على إدارة الأزمات فى الوقت الذى أعلنت الكثير من الحكومات إفلاسها فى حل الكثير من المشكلات، لكن مصر تشهد ظاهرة «جنرالات» المقاهى على الفيسبوك ممن يدعون أنهم يفهمون أكثر من الحكومة، فى الوقت الذى لا يفهمون معنى الخصوصية. وأشارت إلى أننا ما زلنا نعيش فى ظل ارتباك فكرى لا تتضح فيه المفاهيم بوضوح، ولسنا متفقين على معنى، وهذا مرض من الأمراض الاجتماعية الفكرية التى تدفع الناس لكل هذا. ويوضح الدكتور عمرو عبدالمنعم المتخصص فى الإعلام الرقمى أن ساحات السوشيال ميديا تزخر بمروجى الأحداث والأخبار المزيفة بهدف تحقيق نجاح وهمى فى العالم الافتراضى الذين يعيشون فيه لافتًا إلى أن هناك مصطلحًا منتشرًا ومتداولاً بين الشباب «المسمون» ب(المؤثرون) الذين يسعون بشتى الطرق إلى إحداث تفاعل كبير على السوشيال ميديا، والمتلقى لديه الكثير من المتابعين يؤثر على جموع من الناس ينشر بوست معين لإثارة الرأى العام، لذلك تتم التوعية بمقاصد القرارات التى تعنى بها الدولة والأجهزة التنفيذية. وبين خبير الإعلام الرقمى أن الدولة المصرية مستهدفة من الميليشيات الإلكترونية التى تترقب صدور القرارات الحكومية لتهاجمها بمجرد صدورها، مستهدفة شريحة الشباب من سن 18 سنة لسن 32 سنة التى تعد سنًا فى منتهى الخطورة. وأوضح أن مواقع التواصل الاجتماعى تشهد الكثير من المنشورات المزيفة التى تستهدف إثارة الرأى العام لتحقيق أغراض معينة، لذا لا بد من التصدى لأى شخص يروّج لمثل هذه المنشورات الذين يحولون أى خبر أو قرار لقضية عامة يتحدث فيها مستخدمو السوشيال ميديا حتى دون فهم.