«مينى كافيه» هو مشروع قهوة متنقل، تتوفر فيه كثير من عوامل النجاح، وأهمها روح الحماس للشباب القائم عليه. مشروعات كثيرة من ذلك النوع بدأت فى الانتشار بشكل ملحوظ الفترة الأخيرة على أرصفة الشوارع الرئيسية والميادين العامة. وهى مشاريع لا تحتاج إلى مؤهل محدد، ولا رأس مال كبير، البنية التحتية الأساسية ترتكز على «دراجة بإطارين، أو تروسيكل بثلاث إطارات، أو سيارة موديل قديم عفى عليها الزمن». مع المحررة
إضافة إلى ماكينة متواضعة لتجهيز القهوة، وتتراوح تكلفة المشروع كله بين 8 و20 ألف جنيه، والعائد يكفى لتوفير متطلبات الحياة، وكذا التعليم وخاصة أن بينهم طلبة بالجامعات عاوزين يجيبوا مصروفهم». هنا رصدنا بعض نماذج من شباب مكافح لم يستسلم للبطالة، ولا لضغوط الحياة، ففكر وابتكر ونفَّذ مشروعات شرعية على أرصفة المحروسة. لفت انتباهنا اتحاد شباب يتحمل مسئولية نفسه فى الدراسة والعمل، جمعتهم فكرة واحدة، وتنوعت طرق تنفيذها.
أشكال مختلفة من عربات القهوة
فلكل شاب طابع وطريقة تميَِّزه عن غيره، وفكرة تقديم القهوة تيك أواى على «عربية» بجوار الرصيف فى الأحياء والمدن الجديدة حققت أهداف الكثيرين من هؤلاء، فمنهم من يحلم بتطوير المشروع الذى بدأ صغيرًا، وآخر يعتبره وسيلة للوصول لغاية أكبر فى حياته العملية، ومنهم من ارتضى به مصدرًا للرزق، حتى لا يكون عالة على أهله. تجمع بينهم سمات أساسية فأغلبهم لا يزالون يدرسون بالجامعة، ولديهم رغبة فى خوض تجربة العمل والابتكار والتطوير. عربة قهوة بفتحة سقف
مذاق وإحساس أحمد مصطفى، فى الثلاثين من عمره، متزوج ولديه طفل حديث الولادة، ويملك موهبة الغناء، وليس لديه مصدر للدخل، بدأ مشروعه للقهوة التيك أواى، تربى منذ صغره على أن العمل الشريف لا يعيب صاحبه، وأن السعى وراء الرزق الحلال مش عيب، وغيرها من الأمور التى زرعت بداخله معنى الرجولة، وتحمل المسئولية. أحمد مع أصدقائه اشترى «تروسيكل»، وماكينة لإعداد القهوة بمختلف أنواعها، وأخرى للقهوة التركى السريعة، وبدأ مشروعه. ومع غروب شمس كل يوم، يبدأ عمل «أحمد»، الذى يعتمد على ما تختاره السيارات الملاكى من مشروبات ساخنة، الحس الفنى لديه يجعله يعد أنواع القهوة وكأنها أنغام موسيقية، فقال «أصنع مشروب القهوة الفرنسي، وأضع لمسات خاصة بى من النكهات لتجعله مميزًا، يطلبه الكثيرون». أضاف: وعندما أصنع تلك المشروبات، أشعر وكأننى أغنى لحنًا جميلًا يخرج من القلب». ومع بزوغ نهار اليوم الجديد ينتهى يومه، ويذهب ليرتاح قليلا، ليعود إلى مشروعه الصغير فى المساء. قال أحمد: هذا هو باب رزقي، وأحلم بعمل أكثر استقرارًا، يوفر لى دخلًا ثابتًا، أستطيع من خلاله توفير التزامات الحياة. إلى جانب مشروع «القهوة» يسعى أحمد لإظهار موهبته فى الغناء، وتعهد مع آخرين يخططون لتسجيل بعض الألحان بمجهودات فردية ومين عارف المستقبل فيه إيه؟! رأس مال محدود أساس المشروع
قهوة وضحكة يوسف أيمن ويوسف مصطفى، شابان لا يعرف بعضهما الآخر، ولكنهما اتحدا فى الاسم الأول، وحتى الظروف الاجتماعية، التحقا بكلية التجارة حتى وصلا للسنة النهائية سنة البكالوريوس، ومنذ التحاقهما بالجامعة، قررا الاعتماد على نفسيهما لمساعدة أسرتيهما، فاجتمعا على العمل بالمشروع نفسه، وقرر كل منهما تنفيذه بالمتاح لديه من إمكانيات. قال «أيمن»: كان لدى عمى دراجة صغيرة لا يستخدمها، استعرتها منه، وزينتها بفروع الأنوار، وأضفت حاملا حديديا وصندوقًا، وقررت إعداد القهوة على «السبرتاية»، بما تجذب محبى هذا المشروب ذا المذاق المميز. بالوقت أصبح أيمن أمهر وأسرع صانع قهوة على رصيف أحد شوارع القاهرة، حتى أن أصحاب المحال التجارية ينتظرون احتساء فنجان القهوة من يده، هذا بجانب زبائنه من المارة وملاك السيارات الخاصة. أما «مصطفى» فاعتمد فى بيع القهوة على ابتكار خا ص يرسم البهجة مع الفنجان. كان لديه سيارة من طراز قديم عفى عليه الزمن، فاستطاع الاستفادة منها بعد أن رسم عليها «اموشن سمايل»، مصطفى يقدم القهوة وغيرها من المشروبات الساخنة، وبدل الكرسى الخلفى بماكينة قهوة كبيرة، ليقف داخل السيارة لإعداد المشروب. شركة على الهامش مجموعة أخرى من الشباب يمتلكون سيارات فئة الجيب موديل 1986، وجيب موديلات من 2015 وحتى 2018، تم ترخيصها، والحصول على شهادات ممارسة استغلال تيار كهربائي، فى مكان محدد فى الشارع حيث مشروع من أكبر مشاريع المزاج تيك أواى فى إحدى المناطق على أطراف القاهرة الجديدة. وكانت البداية منذ 4 سنوات، والآن ضاعفوا المشروع ليشمل 8 سيارات والآن يعملون على تأسيس شركة ذات فروع عديدة، ويعملون عليها بنظام الشيفتات، ويوفرون فرص عمل للشباب مقابل أجر شهرى ونسبة من الربح لكل مشروب. وهى سيارات لها أماكن ثابتة فى عدد من المناطق الحيوية بالمحروسة. عبدالله وأدهم، شابان يتقاسمان الشيفت على السيارة التى بدآ بها لمدة 12 ساعة، أولهما فى الفرقة النهائية بمعهد الحاسبات والمعلومات، وثانيهما يدرس بالفرقة الثالثة بكلية الحقوق. وكانت نشأتهما فى أسرتين متوسطتى الحال، مع يقين بأن العمل شرف، وليس عيبًا طالما يكتسبان رزقهما بالحلال، وهو بمثابة تجربة لتحملهما المسئولية. يحلم عبدالله بالعمل الحر، لا ينتظر وظيفة حكومية، ويدرس السوق جيدا، لإجادة التعامل مع البشر لاكتساب الخبرة، قال «لا أحب من يقيدنى» وينصح شبابًا كُثرًا يجلسون وينتظرون الحظ ويعتمدون على أسرهم فى مساعدتهم، بالعمل الشريف فى أى مكان، حتى ولو بأجر زهيد، أفضل بكثير عن الاعتماد على الغير. وقال أدهم: قبل بدئى العمل فى هذه الشركة، كنت أملك سيارة قديمة، واشتريت ماكينة القهوة «الاسبرسوا». يبدأ أدهم عمله من 9 ليلا وحتى 9 صباحًا، ويحلم بالالتحاق بكلية الشرطة بعد تخرجه، وهدفه هو الدفاع عن وطنة، والسهر على حمايته.