قامت «صباح الخير» بجولة داخل صرح كبير يبشر ببوادر غير مسبوقة لتقدم فى مجال علوم الفضاء، وجولة داخل وكالة الفضاء المصرية بالعاصمة الإدارية الجديدة كانت شاهدًا على قدرتنا على اقتحام مجال الفضاء بقوة؛ فهذه المؤسسة المصرية تهدف إلى استحداث ونقل علوم تكنولوجيا الفضاء وتوطينها وتطويرها، وامتلاك القدرات الذاتية لبناء الأقمار الصناعية وإطلاقها من الأراضى المصرية، بما يخدم استراتيجية الدولة فى مجالات التنمية وتحقيق الأمن القومى. أنشئت الوكالة سنة 2018 بالقانون رقم 3 لسنة 2018 وتتبع رئيس الجمهورية مباشرة بحيث يكون لها الشخصية الاعتبارية مع تمتعها بالاستقلال الفنى والمالى والإدارى،.ويتولى رئاستها الرئيس عبدالفتاح السيسى رئيس الجمهورية، وتم تعيين اللواء محمد القوصى الرئيس التنفيذى لها فى أغسطس 2019 وتم تفعيل عملها من ذلك الحين. الحمول الفضائية كانت أول محطة فى رحلتنا هى معمل الحمول الفضائية.. ولنفهم دور هذا المعمل سألنا المهندس حسين عاشور مهندس الحمول الفضائية فأجاب: «المقصود بالحمولة هى حمولة القمر الصناعى من الكاميرات، فالمعمل متخصص فى تصميم واختبارات الكاميرات التى ستركب على القمر الصناعى، نبدأ بتصميم الجزء البصرى، ثم يُصنّع، ثم الجزء الميكانيكى الذى سيركب عليه البصرى، وستحمل عليه الكاميرا، وكل ذلك بعد تحديد نوع القمر الصناعى متوسط أو كبير، فكلٌ له مواصفاته بالنسبة للكاميرا ثم بعد تحديد التصميم البصرى ثم الإلكترونى للكاميرا، نرسلها لمصانع البصريات تصنعها ثم نختبرها؛ لتكون مؤهلة للفضاء ثم نقيّم أداءها هل مناسب لوظيفتها من حيث دقة التصوير والروزاليوشن؟ فالقمر الصناعى له مهمة يطلق من أجلها، وهى التصوير، لذا سميت بالحمولة، وهناك العديد من الأجزاء الأخرى فى سيستم القمر الصناعى، للاتصالات والباور، كل جزء ينتهى ثم تجمع الأجزاء ويختبر القمر كاملا». كان لابد من أخذ الاحتياطات عند مرورنا «للغرفة النظيفة» التى يوجد بها النموذج الهندسى للقمر الصناعى (مصر سات 1) حيث قابلنا المهندس عبدالله محمد فتحى الشيوى مسئول معمل النموذج الهندسى بوكالة الفضاء المصرية، وأعطانا الملابس الخاصة لدخول الغرفة وبعد مرورنا على جهاز تنقية الهواء ودخولنا الغرفة بدأ يشرح لنا قائلاً: «هذا المكان هو ما يسمى بالغرفة النظيفة حيث لها مواصفات خاصة بالنسبة لدرجات الحرارة وللرطوبة والضغط الجوى وأهم شىء نسب نقاء الهواء داخل الغرفة لذا كان من الضرورى ارتداء الملابس الخاصة التى تضمن المحافظة على نقاء الهواء من أى أتربة، والبيئة للقمر الصناعى الذى نختبره هنا مطابقة للمواصفة لايزو 08 ويجب أن تكون درجة الحرارة 22 درجة مئوية وهذا هو القمر الصناعى مصر سات 1 الذى أطلق سنة 2007 للاستشعار عن بعد،عليه كاميرات تصور الأرض ثم تخزن على القمر أثناء دورانه، وترسل لمحطات الاستقبال المصرية. نستقبل الصورة ثم نأخذها وتحلل ونستخدمها بعد ذلك فى التطبيقات المختلفة الخاصة بالتصحر أو الأراضى الزراعية أو بالتعدى على الأراضى الزراعية، أو الخاصة بالطرق، والقمر الموجود هو القمر الاختبارى، نعمل عليه الاختبارات فنسميه النموذج الهندسى، فالقمر مكون من أجزاء، ودورنا التأكد أن الأجزاء تقوم بوظيفتها دون أى مشاكل، وبعد أن نتأكد من كل أجزائه نعمل نموذجًا مشابهًا له تمامًا لتتم عليه الاختبارات، بكل أجزائه وأنظمته لضمان الكفاءة، نعمل نموذجًا مشابهًا له ونطلقه، ويجب ضمان نقاء الهواء للتأكد من أن شروط الاختبار سليمة ولا توجد أى عوامل خارجية تؤثر على نتائج الاختبارات، ولأن البيئة الفضائية تكون مختلفة لتعرضه لدرجات حرارة عالية ومنخفضة جدًا أثناء دورانه حول الأرض بعد انتهاء الاختبارات الوظيفية هنا يذهب لقسم آخر معمل التأهيل الفضائى له مواصفاته لمحاكاة البيئة الفضائية من حيث الضغط الجوى المنخفض، والتفاوت بين درجات حرارة عالية ومنخفضة فبعد الاختبارات الوظيفية هنا يخضع للاختبارات البيئية التى سيقابلها القمر أثناء دورانه فى المدار؛ القمر نفسه يتكون من أجزاء عبارة عن أى قمر هناك طاقة تشغله من خلال بطاريات بداخل القمر تشحن وتفرغ طاقتها داخل القمر، أما كيف تشحن خلايا شمسية نغلقها هنا لأنها لا يوجد شمس يوجد محاكى للأشعة الشمسية كأنها تعرضت للشمس وتحول لطاقة كهربائية. تشغل البطاريات وهذا هو الفرق بين النموذج الهندسى والنموذج الطائر. فهى تخزن الطاقة وتفرغها أثناء دورانه فى الفترات التى لا يتعرض فيها للشمس. والاتصال مع أجهزة الاختبار خارج الغرفة النظيفة ندرب عليها الطلبة والمهندسون القمر مكون من أنظمة نظام القدرة الكهربية نقل للاشارات؛ إحنا مطلعينه يصور عليه كاميرتين كاميرا تصوير نهارى وأخرى تصوير ليلى نستخدمها حسب الظروف، وفيه هوائيات تبعث إشارات للمحطات الأرضية وتستقبل منها. ويدرب عندنا طلبة الجامعات السنوات النهائية ونشرح لطلبة المدارس بأسلوب مبسط وأحيانا بعض أجزاء القمر تكون حساسة وتحتاج لنسبة رطوبة 1 ٪ محتاجة تخزين فى كابينة جافة بها هذه الأجهزة خاصة العدسات». وجدنا خارج الغرفة النظيفة قمرًا تعليميًا صنعه طلبة من جامعة بنها كمشروع تخرج بإشراف من الوكالة هيكل فئة الكيوب بخلايا شمسية تغذيه بالطاقة والبوردات تتحكم فى وظائف القمر والأصغر هوائيات تبعث إشارات من القمر. محاكاة فضائية معمل الاختبارات البيئية كان محطتنا التالية وقابلنا المهندس خالد أحمد رزق مسئول الاختبارات البيئية فى وكالة الفضاء المصرية ليشرح لنا ماهى هذه الاختبارات وكيف تتم.. «يتم اختبار الأقمار الصناعية بحيث نرى إذا كانت ستتحمل الظروف الموجودة فى البيئة الفضائية أم لا؟ فنحاكى البيئة الفضائية ويتم ذلك عن طريق غرفة حرارية مفرغة الهواء واختبار القمر ليتحمل ظروف البيئة الفضائية، فنحاكى البيئة الفضائية بأن يدخل القمر الصناعى من الباب ونبدأ بعمل تفريغ للغرفة بمضخات التفريغ وعندما نصل للضغط الذى نريد (10أُس 6 ) باسكال الموجود فى البيئة الفضائية أو حسب المدار الذى نريده حسب مكانه لأن كل مدار له ظروف معينة فى فترة عمله، فنحاكى كل الظروف، دورات تسخين، وتبريد حسب مواجهتها للشمس للتأكد من تحمله للظروف وهى مرحلة فى غاية الأهمية لأننا إذا صنعناه وأطلقناه، وحدث فشل نتيجة الظروف البيئية، فإن الموضوع مكلف جدًا لأن أصغر مشكلة قد تؤدى للفشل».
مركز تجميع واختبار الأقمار الصناعية
الدكتور محمد إبراهيم محمد رئيس القطاع التنفيذى لاختبارات الأقمار الصناعية يتحدث عن هذا القسم فيقول: «القسم مختص بشيئين اختبارات الأقمار الصناعية بعمل وحدات الاختبار التى يتم استخدامها فى اختبار الستالايت قبل إطلاقها وبالتالى من أول حجم الشريحة الواحدة فى النظام الفرعى الصغير إلى الستالايت ككل.. وهذا القسم يختبر كل ما يخرج من جميع الأقسام ويجمعها، ويختبرها بالأجهزة المختصة باختبار الستالايت فى الغرفة النظيفة أولاً، والشق الآخر هو مشروع القمر التعليمى الذى تم خلال العام الماضى، حيث طورنا قمرًا يختبر نفس ما يختبره القمر الكبير، ولكن حجمه أصغر ويعمل بنفس الطريقة كأنه «ماكت صغير للكبير» بنفس الخواص والإمكانيات لوضعه فى 32جامعة فى كل جامعات مصر، فبدلاً من قدوم عدد محدود من الطلبة وندربهم ثلاثة أسابيع تدريباً نظرياً وبعدها الجزء العملى يستغرق ثلاثة أسابيع أخرى وهو برنامج الوكالة الذى تقدمه من 2016 صيفاً لمختلف طلبة الجامعات وندربهم ونشرف على مشاريع تخرجهم وتتحمل الوكالة تكلفة كل المكونات التى يحتاجونها والاستشارات الفنية، حيث يقوم الطالب بالتصميم والدكتور يشرف عليه، فكنا نريد أن نوفر هذه الاستفادة لكل طلبة الجامعات فلا يمكن استقبال كل الطلبة هنا، وعدد 500 طالب قليل، كذلك لم يكن يستفيد إلا الطالب فى نطاق منطقته الجغرافية فى القاهرة، و نعمل 35 نسخة مصغرة مثل هذا القمر للجامعات المصرية ومعها كل أدوات الاختبار ويكون هناك فريق مدرب من دكاترة الجامعة ليدربوا الطلبة ويكون هناك مسابقات عن طريق المعامل أون لاين فى ظل ظروف الكورونا؛ ليكون بعد ذلك حتى الطالب فى أسوان على لينك مع الوكالة، وتقام مسابقات أون لاين و تكون المعدات فى جامعتك، وتشغله على القمر عندك كطالب فى الجامعة. ووفرت أكاديمية البحث العلمى التمويل وجزءًا تحملته الوكالة، النموذج الأول تكلف مليونى جنيه ولكن التكلفة تقل مع زيادة العدد Mass production وبعد هذا سنسوق هذا المنتج لأفريقيا والشرق الأوسط لبيعه والمفترض أن يتواجد فى معامل الجامعات المصرية فى شهر يوليو القادم كمرحلة تجريبية وآخر السنة يكون هناك مؤتمر وورشة عمل ندرب فيه الطلبة والأساتذة وبعد ذلك يكون أى شىء أونلاين». الأقمار الصناعية وصلنا لمحطة فى غاية الأهمية فى جولتنا وهي مركز تجميع وتكامل واختبار الأقمار الخاصة بالاستشعار عن بعد، فهو أول مركز متخصص فى مجال تجميع واختبار الأقمار الصناعية فى المنطقة العربية والثانى من نوعه على المستوى الإقليمى، وسيتم بالمركز قريبًا تجميع أول قمر صناعى مصرى «مصر سات 2». سألنا مدير المركز المهندس تامر على ضبش عن مزيد من التفاصيل حول دور المركز والموعد المتوقع لبداية عمله فأجاب: «المركز مسئوليته تنحصر فى تجميع الأجزاء المختلفة للقمر الواردة من الجهة المصنعة واختبارها وضمان تكاملها لعملية التشغيل أثناء وجود القمر فى الفضاء الخارجى، والمركز مصمم لتجميع واختبار الأقمار الصناعية حتى وزن 650 كيلو جراما وهو جزء من خطة إنشاء «مدينة العلوم الفضائية» المصرية وفقًا لاستراتيجية التنمية المستدامة 2030.
مشاريع تخرج طلاب الجامعات تحت إشراف الوكالة
ويتكون من صالة التجميع الرئيسية، معدات وأجهزة اختبارات المحاكاة الخاصة بالبيئة الفضائية والأحمال الديناميكية، معامل اختبارات وظائف أنظمة القمر، المكاتب الإدارية، يتم تجميع واختبار الأقمار الصناعية فى بيئة نظيفة طبقاً لمواصفات الجودة «أيزو 8»، ويشتمل المركز على أنظمة التكييف المركزية لضمان الضغط والحرارة حتى تكون البيئة الداخلية معزولة تمامًا عن الخارج، وحتى لا يتأثر التصنيع بعوامل الجو، وتم تزويد المركز بحساسات لقياس مدى نقاء الهواء الداخلى أولاً بأول، وجميع المعدات المستخدمة فى أنشطة المركز منحة من دولة الصين بقيمة 22 مليون دولار ويقام المركز وفقًا لأحدث المعايير العالمية، بالتعاون مع دولة الصين، وتم إنجاز 70 ٪ من أعمال المركز وقد أثرت الظروف المصاحبة لظهور فيروس كورونا فى تأخير خطة الانتهاء لتعاملنا مع دول خارجية ومن المتوقع الانتهاء من المركز فى ديسمبر 2021. وبعدها نبدأ فى تجميع القمر مصرسات - 2. وهى خطوة هامة كأول قمر مصرى يتم تجميعه، فهذه أول خطوة فى مراحل التطوير أن نضع تصورنا والهدف والوظيفة المطلوبة من القمر ونتعامل مع الشركات المتخصصة لتصنيع مكوناته ثم بعد تصنيعها تأتى لنا ونجمعها ونختبرها فى المركز ونجهزها للإطلاق تحت إشراف جهة التصميم، ثم نبدأ المرحلة التالية بعد ذلك نشترك فى وضع التصميم مع جهة ذات خبرة والتصنيع فى الخارج، ثم نجمعها ونبدأ فى الإطلاق» مركز دعم الابتكار والتكنولوجيا كان محطتنا الأخيرة فى رحلتنا بوكالة الفضاء المصرية ويمثل نقطة الاتصال بين الوكالة والشباب المصرى، كما تؤكد المهندسة إيمان الإمام مدير المركز فتقول: «يتكون المركز من ثلاثة أقسام أولها قسم نقل التكنولوچيا ونهتم فيه بنقل تكنولوجيا الفضاء للأجيال الصغيرة من أولادنا الطلبة فى المدارس والجامعات وشهد العام الماضى احتفالاً بيوم الفضاء المصرى وجاء الطلبة من المدارس والجامعات وخريجي الجامعات أيضًا والدراسات العليا فى رحلات للوكالة وأقيمت مسابقات بينهم وأقمنا ورشا للأعمار السنية المختلفة من عمر 6 ل 40 سنة وورشة عن الأقمار الصناعية وورشة عن تطبيقات الأقمار الصناعية، ومعرضا لمنتجات الوكالة، ومنتديات للنقاش لرجال الأعمال والباحثين، وكان ذلك فى فبراير الماضى وكان من المفترض أن يكون فى فبراير أيضاً احتفال بيوم الفضاء، ولكن لظروف الكورونا تم تأجيله لمايو، كذلك تمت مسابقة رسم فى المركز أونلاين على الفيس بوك وهى مسابقة عن وجهة نظرهم حول موضوعات عن الفضاء استهدفنا 14محافظة للتواصل، وورش أون لاين كانت من سن 6-15 سنة، واستضفنا مدارس فى الوكالة بين موجتى الكورونا أخذوا جولة وفكرة عن الأقمار الصناعية وتجميعها».
قمر تعليمى من النماذج التى ستتواجد فى الجامعات المصرية
مسلسل رمضان والجديد أن وكالة الفضاء المصرى تقوم بإنتاج مسلسل رسوم متحركة موجه للأطفال من سن 8 إلى 14سنة سيقدم فى شهر رمضان وهو فكرة المهندسة إيمان الإمام مدير مركز دعم الابتكار والتكنولوجيا وتقول عنه: «المسلسل عبارة عن ثلاثين حلقة ستعرض على القنوات المصرية فى حدود 15دقيقة للحلقة الواحدة فى تعريف الأطفال بالنظريات العلمية المتعلقة بالمجرات، والكواكب، والنجوم، وفيزياء الفلك وغيرها من العلوم ذات الصلة. وتدور حلقات المسلسل فى عام 2030، مع إعلان وكالة الفضاء المصرية مسابقة كبرى لتدريب وإعداد رواد فضاء من الأطفال ليشاركوا فى رحلة استكشاف كوكب المريخ. وفى كل حلقة، يدخل أبطال المسلسل من الأطفال بمشاركة النجمين سوسن بدر، وسامى مغاورى، مغامرات متنوعة لاكتشاف عالم الفضاء المذهل، وذلك من خلال خوض مراحل المسابقة التى تجرى وقائعها بمواقع مختلفة أبرزها وكالة الفضاء المصرية. وتتصاعد الأحداث وصولاً إلى مرحلة التصفيات، وفوز أربعة أطفال فقط فى المرحلة النهائية، ليحققوا حلمهم بالسفر إلى المريخ. المسلسل تنتجه وكالة الفضاء المصرية تحت إشراف علمى كامل من الوكالة تحت رعاية الدكتور محمد القوصى الرئيس التنفيذى لوكالة الفضاء المصرى وسيناريو وحوار محمد كمال حسن ومصطفى زايد وإخراج عمرو عادل والمنتج المنفذ شركة انيميشن بلس وهى خطوة فى نشر الثقافة عن علوم الفضاء بين الأطفال والشباب وللتواصل معهم».