بسبب عدم التزامهم .. وزارة التموين تتوعد أصحاب المخابز السياحية المتلاعبة في أسعار الخبز السياحى والفينو    بالصور.. كنيسة رؤساء الملائكة تحتفل بأحد الشعانين    نشرة «المصري اليوم» الصباحية.. أسرة محمد صلاح ترفض التدخل لحل أزمته مع حسام حسن    اعتقال عشرات المؤيدين لفلسطين في عدد من الجامعات الأمريكية    الزمالك يسعى لخطف بطاقة التأهل أمام دريمز بالكونفيدرالية    عاجل.. مدحت شلبي يفجر مفاجأة عن انتقال صلاح لهذا الفريق    الفرح تحول لجنازة.. تشييع جثامين عروسين ومصور في قنا    حالة الطقس اليوم الأحد ودرجات الحرارة    الأزهر: دخول المواقع الإلكترونية المعنية بصناعة الجريمة مُحرَّم شرعاً    الأهرام: أولويات رئيسية تحكم مواقف وتحركات مصر بشأن حرب غزة    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الأحد 28 أبريل    عيار 21 بكام.. انخفاض سعر الذهب الأحد 28 أبريل 2024    بطلوا تريندات وهمية.. مها الصغير ترد على شائعات انفصالها عن أحمد السقا    لا بديل آخر.. الصحة تبرر إنفاق 35 مليار جنيه على مشروع التأمين الصحي بالمرحلة الأولى    كينيا: مصرع 76 شخصًا وتشريد 17 ألف أسرة بسبب الفيضانات    محاكمة المتهمين بقضية «طالبة العريش».. اليوم    موعد مباراة إنتر ميلان وتورينو اليوم في الدوري الإيطالي والقناة الناقلة    تصفح هذه المواقع آثم.. أول تعليق من الأزهر على جريمة الDark Web    الأطباء تبحث مع منظمة الصحة العالمية مشاركة القطاع الخاص في التأمين الصحي    سيد رجب: بدأت حياتى الفنية من مسرح الشارع.. ولا أحب لقب نجم    السكك الحديد تعلن عن رحلة اليوم الواحد لقضاء شم النسيم بالإسكندرية    لتضامنهم مع غزة.. اعتقال 69 محتجاً داخل جامعة أريزونا بأمريكا    زلزال بقوة 6.1 درجة يضرب جزيرة جاوة الإندونيسية    التصريح بدفن جثة شاب صدمه قطار أثناء عبوره المزلقان بقليوب    ماكرون يعتبر الأسلحة النووية الفرنسية ضمان لبناء العلاقات مع روسيا    أتلتيكو مدريد يفوز على أتلتيك بلباو 3-1 في الدوري الإسباني    اشتباكات بين الفلسطينيين والاحتلال الإسرائيلي غرب رام الله    تسليم أوراق امتحانات الثانوية والقراءات بمنطقة الإسكندرية الأزهرية    فضل الصلاة على النبي.. أفضل الصيغ لها    غدا.. محاكمة عاطل متهم بإنهاء حياة عامل في الحوامدية    عضو اتحاد الصناعات يطالب بخفض أسعار السيارات بعد تراجع الدولار    حسام البدري: أنا أفضل من كولر وموسيماني.. ولم أحصل على فرصتي مع منتخب مصر    بالأسماء.. مصرع 5 أشخاص وإصابة 8 في حادث تصادم بالدقهلية    هيئة كبار العلماء السعودية تحذر الحجاج من ارتكاب هذا الفعل: فاعله مذنب (تفاصيل)    بعد التراجع الأخير.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الأحد 28 أبريل 2024 بالأسواق    هل مرض الكبد وراثي؟.. اتخذ الاحتياطات اللازمة    حسام غالي: كوبر كان يقول لنا "الأهلي يفوز بالحكام ولو دربت ضدكم (هقطعكم)"    إصابة 8 أشخاص في حادث انقلاب سيارة ربع نقل بالمنيا    نصف تتويج.. عودة باريس بالتعادل لا تكفي لحسم اللقب ولكن    اليوم، أولى جلسات دعوى إلغاء ترخيص مدرسة ران الألمانية بسبب تدريس المثلية الجنسية    عمرو أديب: مصر تستفيد من وجود اللاجئين الأجانب على أرضها    غادة إبراهيم بعد توقفها 7 سنوات عن العمل: «عايشة من خير والدي» (خاص)    نيكول سابا تحيي حفلا غنائيا بنادي وادي دجلة بهذا الموعد    الآن.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري للبيع والشراء اليوم الأحد 28 إبريل 2024 (آخر تحديث)    تحولات الطاقة: نحو مستقبل أكثر استدامة وفاعلية    متحدث الكنيسة: الصلاة في أسبوع الآلام لها خصوصية شديدة ونتخلى عن أمور دنيوية    ما حكم سجود التلاوة في أوقات النهي؟.. دار الإفتاء تجيب    الأردن تصدر طوابعًا عن أحداث محاكمة وصلب السيد المسيح    تشيلسي يفرض التعادل على أستون فيلا في البريميرليج    هل يمكن لجسمك أن يقول «لا مزيد من الحديد»؟    23 أكتوبر.. انطلاق مهرجان مالمو الدولي للعود والأغنية العربية    دهاء أنور السادات واستراتيجية التعالي.. ماذا قال عنه كيسنجر؟    السيسي لا يرحم الموتى ولا الأحياء..مشروع قانون الجبانات الجديد استنزاف ونهب للمصريين    أناقة وجمال.. إيمان عز الدين تخطف قلوب متابعيها    ما هي أبرز علامات وأعراض ضربة الشمس؟    دراسة: تناول الأسبرين بشكل يومي يحد من الإصابة بهذا المرض    " يكلموني" لرامي جمال تتخطى النصف مليون مشاهدة    هيئة كبار العلماء بالسعودية: لا يجوز أداء الحج دون الحصول على تصريح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لا نمتلك قياسا لتأثير المثقفين فى المجتمع
نشر في صباح الخير يوم 29 - 07 - 2020

فى غمرة فيض المعلومات والأحداث الكثيرة والمتلاحقة التى نشهدها - مؤخرا- حول ڤيروس كورونا فى بلدنا وفى كل العالم، نسأل المفكر الكبير دكتور طارق حجى، أحد رموز مصر الثقافية الذى نفخر به داخل الوطن وخارجه. فيفكر معنا.. يكمل لنا الصورة، ويسهم فى وضع النقاط على الحروف!
الحوار معه دار فى موضوعين، الأول حول آرائه كباحث عن الحقيقة عما يتردد حول طبيعة الڤيروس، وما إذا كان مخلقا أو طبيعيا؟ وتأثيره على الأوضاع المستقبلية العالمية! ..
والثانى حول تقييمه لإدارة ملف الڤيروس فى مصر، وتفسيره لسلوك المصريين مع إجراءات الحكومة التى اتخذتها لصالحه!
ثلاث نقاط
استقبل أسئلتى بمنتهى الجدية، قائلا: ألخص تعليقى على أزمة كورونا بثلاث نقاط، وهى حالة التغير الدائمة للمعلومات العلمية التى تصلنا عن هذا الڤيروس، والتفسيرات العلمية المختلفة التى يعاد النظر فيها كل يوم! فيقال أنه يصيب الرئة، ثم نكتشف أن الرئة مجرد عرض للمرض، أما المرض فهو نتيجة لإصابة الكرات الحمراء وعدم قدرتها على القيام بمهمتها!
ويقال أنه لا يصيب الأطفال ثم يتضح أنه يصيبهم. يقال إنه لا ينتقل فى الهواء، ثم يتضح أنه ليس صحيحا.. بل وينتقل من خلال أجهزة التكييف المركزية فى البيوت. وهذا يعنى أن العلم لم يضع يده على جوهر المأساة.
النقطة الثانية، أنه لدينا علامة استفهام كبيرة على بداية المشكلة! هل صدفة تسرب إلينا الڤيروس باعتباره خطأ غير مقصود؟ أم هو أحد أشكال الحرب البيولوچية؟ هل نتهم الصين أم الأمريكان؟ حيث يرى البعض أنهما يعرفان الحقيقة! فنحن لدينا إذن علامة استفهام علمية وتاريخية، وأكثر من نظرية!
أما النقطة الثالثة وهى الأهم، فهى تتعلق بالصراع الذى شهده العالم بين فكرة المحافظة على صحة الناس، وفكرة استمرار الاقتصاد!
فمن يرى أن الاهتمام كان يجب أن يكون بالاقتصاد اعتبرناه قاتلا، ومن قال بالصحة، هو قاتل أيضا، لكنه كان يؤجل القتل! وفى الحالتين كان سينتهى الحال بأننا سنصبح عاجزين عن مراعاة الاقتصاد وصحة الناس! فالمسألة هى كيف نراعى الصحة دون أن نصاب بالفقر والشلل الاقتصادى عن القيام بأى عمل؟ فكان على كل دولة أن تقيم مواءمة، لتحقيق أقصى ما تستطيع فى الاعتبارين!
سلاح بيولوچى
• ألمحت حضرتك أن ڤيروس كورونا مخلقا؟
- هناك فرق بين الظنون والمعرفة، ولا أميل لفكرة أنه تسرب بطريق الخطأ، بل أظن أن الخلفية هى حرب اقتصادية بين أمريكا والصين! فمن المؤكد أننا نشهد شيئا مليئا بالغموض، وكل المتاح لمعرفته لا يتعدى 20 % من حقيقة الأزمة.
وهل بدأت بالصدفة؟ وكم كلفت الصين وأمريكا؟ فأمريكا هى الدولة رقم واحد فى الإصابات بالڤيروس، وعدد الوفيات فيها يفوق عدد الوفيات فى الصين! ثم كيف لم يصب الڤيروس مدينتى شنجهاى وبكين وهما أكبر مدينتين فى الصين؟ وهذا ما يجعلنى شديد الميل للظن بأنه مخلق، وأنه سلاح بيولوچي! وأن هناك مؤامرة وإن كان البعض يتساءل عن دور المخابرات العالمية فى كشف حقيقة الڤيروس سواء كان مخلقا أم تسرب خطأ.. أقول إنه من السذاجة أن نتوقع قيام أية مخابرات عالمية بكشف الحقيقة، خاصة إذا كانت من مخابرات الدول التى لأمريكا يد عليا عليها!
• وضعت أمامه الآراء التى ترى أن صناعة الڤيروس خطوة ضمن مؤامرة كونية بقيادة الماسونية التى تهدف إلى ترهيب الناس للتحكم فى العالم، ورغبة البعض فى التخلص من سكان العالم، وفرض السيطرة التكنولوچية.. كخطوة نحو نهاية العالم- وقد أشارت أحداث مسلسل النهاية الذى عرض برمضان 2020 لما شابه ذلك! ولماذا نصحنا بعض قادة الدول بتوديع أهالينا؟ وما سرعودة العنصرية النازية الجديدة؟ وما سر طرح فيلم العدوى Contagion عام 2011 بأمريكا؟ الذى تدورأحداثه حول ظهور ڤيروس فى الصين، وما تلاه من أحداث مطابقة تماما لما نعيشه مع كورونا؟
-موضوع نهاية العالم موضوع يكتب فيه منذ مدد طويلة جدا، وكثير ما أعطى البعض تواريخا محددة لهذا الحدث، ولم يحدث شىء! والمتاح من معلومات محدود تجعلنى أميل لقول لا أعرف! ولكن من المؤكد أن التساؤلات التى طرحتِها غير مستبعدة! مثل فكرة تحديد عدد البشر؛ فهناك بعض الأدبيات والنصوص التى تحذرمن تفاقم عدد سكان العالم، وتقترح ضرورة التدخل فى الأمرعند مرحلة معينة! وبالضرورة سيكون التدخل غير إنساني! مثل الاقتراح بالتخلص من العواجيز، وقيام البعض بإجراء التجارب على السود! وغيرها من الممارسات التى تجعلنا نقول إن واضعى السياسات العالمية لا تشغلهم الاعتبارات الإنسانية، بل النفوذ والثروة!
فليس مستبعدا أن يكون الڤيروس مخلقا! خاصة وأن بيل جيتس الملياردير المعروف له تصريحات مسجلة حول ضرورة التخلص من بعض سكان العالم! فمن حق الناس أن يتخوفوا ويتشككوا، فى ظل تأييد مستشار ترامپ الطبى لهذا النهج! وبعض الشواهد ثقيلة الدم، كالتى ذكرها عالم فرنسى لسانه مسحوب قال «نعمل لقاح ونجربه على الأفارقة»، وغالبا ليس هو الرجل الوحيد الذى يفكر هكذا! فكثير من شعوب العالم تخاف من هذا التفكير، وهذا حقهم؛ نظرا لوجود شك فى قيام مثل هذه التجارب على نطاق واسع فى أمريكا! مثل التجارب التى تمت على ڤيروس الإيدز، دونما يكتشف له علاج للآن، وهناك شك أنها تمت لأغراض أخرى!
شريحة بيل جيتس
-ومن ناحية ثانية، رغم عدم وجود دليل مادى على خطة التخويف وعلاقتها بالڤيروس، ولكن الأمر ليس مستبعدا أبدا – كما قلت-! فالڤيروس موجود، وأرقام المصابين به وأعراضه واضحة! فما يجعل الأمر محيرا فعلا، هو أنه برغم خطورة الڤيروس، لكن هناك الأخطر منه ولم نر مثل هذا التخويف! ولهذا، يرجح البعض أن الهدف من كل هذا هو الرغبة فى تشجيع العالم على شراء وتناول لقاح بيل جيتس، والمعروف أن الرجل اشتهر بمساعداته العلمية والطبية لخدمة البشر من خلال مؤسسته الخيرية التى تحمل اسمه واسم زوجته، وصرف حوالى 100 مليون دولار على لقاح شلل الأطفال - كمثال-! ما جعله يتحدث صراحة عن ضرورة التلقيح ضد ڤيروس كورونا، بينما اكتشف الناس أن التلقيح مربوط بأمور أخرى، وليس مجرد لقاح؛ بل هو وسيلة لإنشاء مصدر معلومات جديدة مرتبط بنظام معلومات Data System يتضمن القدرة على التحكم فى الناس، وجزء منها يتحكم فى الإبادة، يتم الحصول عليها والتحكم فيها من خلال زرع شريحة فى الجسم! وبعض دول العالم تظاهرت غضبا ضد هذه الإجراءات! لأنهم يشعرون أن كل هذا يتم من أجل كذا تريليون دولار! وما الڤيروس سوى وسيلة لتحقيق أهدافهم!
لنفترض أن بيل جيتس نجح فعلا فى إقناع العالم بزراعتها، أعتقد أن الأمر فى مصر سيكون مختلفا عن العالم. وستقوم مصر باختيار القرارات التى تناسبها! وأتخيل أن القيادة السياسية لن تكون بالضرورة ملتزمة بالعمل بهذه الأفكار، خاصة وأن هناك مظاهرات فى إنجلترا وألمانيا وبعض الدول ضد فكرة زرع هذه الشريحة، وهناك استجابة فى بعض الأماكن! وما أود قوله هنا أن كل هذه الأحداث أظهرت حقيقة الإنسان فى الفترة الأخيرة، وأن النفوذ والقوة قادران على تحويله لوحش كبير! متعجبا: على الأقل الوحش يقتل بالغريزة للحفاظ على بقائه ونوعه.. فما هو مبرر الإنسان؟
مسلسل النهاية
أما بخصوص الماسونية، فللأسف لم أر مسلسل النهاية! ولكن المعروف أن الكثير من الدول -ومنها مصر- كانت تنتشر بها الماسونية فى فترة ما! ورغم ذلك، فأنا موقفى بين بين! أقول لا أعرف هل هناك ماسونية عالمية لها تنظيم أم لا! ولكن أعرف يقينا أن رؤساء الدول لهم مصالح اقتصادية فى المقام الأول، وعندما تصبح تلك المصالح كبيرة، فهى تحتاج إلى سياسات! وبالتالى،أتصور أن هناك قوة تؤثر فى صنع القرار، مثلما نرى فى مؤتمر الاقتصاد العالمى الذى يجتمع به أغنى أغنياء وأثرياء العالم من أجل التنسيق لرعاية مصالحهم الاقتصادية! ومن العبث الاعتقاد بأن هؤلاء أضعف من الحكومات! فهل بيل جيتس مثلا مجرد رجل أعمال فقط؟ بل هو بالتأكيد صانع سياساتPolicy Maker، أوشريك فى صنعها! وهل يظن أحد أن الملياردير چورچ سورس.. يعمل من أجل المبادئ؟ بالطبع لا! بل وفى إطار ما يخصنا فى مصر، هل تعلمين أن سورس هو الذى أنشأ مراكز البحوث التى يعمل بها الكثير من شبابنا فى الشرق الأوسط؟
ولذلك أقول أننى موقن بوجود أصحاب مصالح يؤثرون فى صنع القرار السياسى بالعالم كله، وخاصة فى العالم الغربى، وأن هؤلاء لهم موقف وأهداف من السهل تخمينها بخصوص ڤيروس كورونا، لأنهم باختصار الذين يحددون للساسة ماذا يفعلون! لا يهمنى اسمهم سواء ماسونية أوغير ماسونية.. فهذا موضوع له من يحسمه! ولكنى متأكد أنهم الذين يرسمون التوازنات الحالية بين الاقتصاد والصحة، وبالتأكيد ستكون الأولوية للاقتصاد! ومع نهاية العام سيكون الأمر حسم فى ذلك! بما يؤكد أننا تعيش فى عالم ما بعد كورونا!
أتوقع أن يعود العالم فى ظرف 3 شهور إلى أكثر من 70 % من أنشطته السالفة، ليس بكل الحرية السابقة ولكنه سيتصالح مع هذا الوضع! مع تأثر بعض الأنشطة كالسياحة التى يتوقع انكماشها، وكذلك السفر؛ ولن يحصل على تأشيرة سفر للخارج سوى من سيقول أنه مضطهد!
أما فى مصر، فستكون سياسة التعلم عن بعد جاهزة لأى وقت بالعام الدراسى القادم! وستعود بعض القطاعات الصناعية ببطء! أما انحسارالڤيروس، فالأمر يعتمد على موجات الذروة التى تنحسر وتتوالد من جديد! وبشكل عام أعتقد سيكون هناك عالم جديد، ليس بجمال الماضى، ولكنه لن يكون بسوء الوضع الحالى المؤلم!
الحكومة 7 من 10
أما تقييمى للواقع الحالى، فأعطى الحكومة 7 من 10 فى إدارة الأزمة.. لأن معظم الإجراءات التى اتخذتها كانت طيبة، مثل فترة الحظر الصارمة الذى فرضته لمنع التجمعات، والتشديد على الإجراءات الاحترازية عبر حملات التوعية بوسائل الإعلام الرسمى، وجميع مؤسسات الدولة. وقرارات الحكومة ببداية الأزمة ثم قرارات العودة التدريجية للحياة.
لكن الإجراءات غير الطيبة، فتمثلت فى غياب الصرامة -فى وقت الحظر- فى بعض المناطق، تأثرا بالمستوى التعليمى والثقافى للناس، الحظر كان متشددا فى منطقة مثل القاهرة الجديدة والمهندسين، بينما كان مجرد حبرا على ورق فى المناطق الشعبية!
ولوقتنا هذا، لا يزال تجمع الناس ببعض المناطق المزدحمة كالأسواق يوحى بأنها حالة انتحار جماعي! وهو أمر يتعلق بالسلوك الثقافى، فالملاحظ أن المواطن المصرى - مسلم ومسيحي- ميال لمنطق لو ربنا عاوزك تمرض هاتمرض، ولو مش مكتوب لك مش هاتمرض! ولهذا أعتقد أن الحكومة أفضل كثيرا من الشعب!
القانون والغلابة
• وما تفسيركم لعدم التزام الناس بكامل الإجراءات التى تنادى بها الحكومة؟
- المصرى لا يثق أن الكثير من القرارات اتخذت لصالحه؛ لأنه فى أعماقه يعرف أنه ليس حبيب الحكومة! وليس المقصود هذه الحكومة، ولكن كل حكومة! كما أن علاقته بالمال العام سيئة جدا! فلا يؤمن أن هذا المال ملكه هو! والدليل هو المثل الذى نعرفه كلنا عن تقطيع جلد كراسى الأتوبيسات وعربات المترو، وتفريغها من الاسفنج! كأنها ممتكلات العدو وليست ممتلكاتنا نحن!
أنا مثلا، أعيش مناصفة بين مصر وإنجلترا، وأتابع المشاهد الحياتية وردود الفعل المختلف بين البلدين! فإذا حاول طفل صغير -مثلا- فى إنجلترا أن يكتب على سيارة عامة، يسرع الناس إليه لمنعه! أما لوحدث موقف مشابه هنا، وحاول أحدنا منع طفل من هذا السلوك، تجدين الناس هى التى تقف ضدك وبعضهم يقولك: وأنت مالك؟!
المصرى عنده انفصال بين الشأن العام والشأن الخاص! قد يشترى شقة بمليون جنيه، وفى نفس الوقت يضع سلة القمامة أمام البيت؛ ويتركها لفوضى القطط، حيث اعتاد أن حدوده هى باب البيت.
أنا لا ألوم المصرى لأنه فى أعماقه يعلم أن القانون لا يطبق على جميع الناس سواسية! ويدرك أن الانصياع للقانون يأتى على الغلابة! ادخلى الشهر العقارى –مثلا- وستجدين كيف يقوم شخص بتخطى طابور الناس، ويتم تيسير أوراقه، بين من يسعى لمساعدته ومن يقول له مكانك ليس هنا يا باشا.. لمجرد أن لديه معرفة أو أحد أقربائه يعمل فى مكان ما بالدولة!
بينما أنا مثلا؛ حينما أدخل مجلس اللوردات فى إنجلترا، وأنتظر دروى فى الطابور للدخول! أرى بنفسى كيف يمكن أن يقف عامل القمامة أمام أحد اللوردات فى نفس الطابور، حيث نقف ثلاثتنا مثل بعضنا البعض فى انتظار الدخول! وجميعنا نتخيل ماذا سيكون رد الفعل لو حدث مثل هذا الموقف فى بلدنا!
وطالما توجد تلك النماذج التى تتخطى القانون، فلا يمكن أن ننتظر من المواطن طاعة القانون! فالمطلوب هو أن يرى المصرى بعينيه أن القانون يطبق على كل الناس! وإلا تستمر حالة غياب الوئام بين الإنسان والدولة والقانون!
كان يجب أن ننتبه للجانب الطيب الذى ظهر فى الناس يوم السادس من أكتوبر عام 1973، ولا نهمله، حينما لم تسجل الدولة جريمة واحدة فى مصر.. ذلك اليوم، ما يعنى أننا نحتاج للعمل كثيرا على جانب تعميق إحساس المواطن بالانتماء والمساواة! والعمل المنهجى على ملف التعليم والخطاب الديني!
الدولة وابن تيمية
• وما دور وزارات الثقافة والتعليم والإعلام؟
- منذ عملى كعضو بلجنة العلوم الإدراية التابعة للمجلس الأعلى للثقافة تحت إدارة دكتور جابر عصفور منذ سنوات، كنت أعرف أن مصر بها عنصرين يمكن الاستفادة منهما، هما مراكز الشباب وقصور الثقافة، التى بلغ عددها حوالى 4400 قصر بما يساوى عدد قرى مصر! فكنت أتساءل عن الدور الذى يجب أن تلعبه مثل تلك الأماكن لنشر الثقافة والمبادئ الإيجابية؟ لأننى –واللهِ العظيم- أرى أن أهمية وزارة الثقافة لا تقل عن أهمية وزارة الدفاع، إذا مارست مهمتها كما ينبغى.
ولذلك أقول أن الدولة المصرية تقوم فى مسألة محاربة الإرهاب ب99 % مما عليها، ولكنها لا تقوم بنفس الدور فى محاربة الفكر الإرهابى الذى تكمن خطورته فى كونه عقيدة ومنظومة! وأعطيكِ مثالا، أحد أبطال مسلسل الاختيار الذى عرض فى رمضان الماضى -وليس أمير كرارة بالمناسبة- خرج علينا فى حسابه على الفيسبوك وقال: إن بعض دعاة الدولة المدنية مثل فرج فودة.. منافقون! فهل انتبهت الدولة إن بعض من يدعون وقوفهم معها هم فى الأصل ضدها؟ ناهينا عن أن مسلسل الاختيار نفسه، رغم إعجابى الشديد به، لكنه فى جزء ما أعطى الانطباع بأن الدولة تحسن صورة ابن تيمية على اعتبار أن التليفزيون يخاطب العامة، فيقول لهم أن هناك إسلاما جيدا، وإسلاما غير جيد، فلا تصدقوا سوى ما نخاطبكم به! ولكن هل لدرجة القول بأن ابن تيمية «مش وحش كده زى ما انتم فاكرين»! رغم أن لديه 400 فتوى خاصة بمسألة يستتاب أو يقتل! فمثل هذه المواقف هى التى تفقد مصداقية الدور الثقافى والتنويرى والإعلامى الذى يقوم به التليفزيون وكافة أجهزة الإعلام!
• وماذا عن دور الدولة فى دعم المثقفين ليصل صوتهم للناس؟
- الدولة بمعناها الواسع لا تمتلك موقفا صريحا من الدولة المدنية! ومن ناحية أخرى، هل وجد نداء تجديد الخطاب الدينى الذى وجهه رئيس الجمهورية أى صدى؟ رغم أنه حاول ذلك من خلال تناوله لقضية صغيرة جدا وهى إلغاء الطلاق الشفهي! أما عن المثقفين أنفسهم، فالحقيقة أننا لا نمتلك أجهزة لقياس مدى تأثير المثقفين!
شخصيا أود أن أعرف لأية درجة إسلام البحيرى - على سبيل المثال- مؤثر؟ وما إذا كان خالد منتصر يكلم نفسه أوهناك صدى لكلامه؟ فإذا كان المعجبون بهم هم من يقرأونهم ويسمعونهم، فكأننا نتحدث عن نقطة فى بحر!
• وماذا عن دور حضرتك؟ وأنت دائما ما تعرف نفسك بأنك تعمل على التكوين الثقافى العصرى للناس؟
- أعتقد أننى أقوم بعمل مختلف، كتبت 34 كتابا، و500 مقالة، وسجلت مئات اللقاءات التليفزيونية داخل مصر وخارجها، دون الدخول فى معركة سب وقذف مع أحد!
• هل أزمة سد النهضة هى إعلان حرب دولية على مصر؟
- أعتقد هناك رغبة فى خنق مصرعن طريق هذا المشروع عند بعض الجهات! الذى أرجئ العمل فيه مرارا، ثم تحرك فى عام 2011- 2012! مع العلم بأن مصر غير معترضة على بنائه، ولكنها معترضة على طريقة ملء السد! وهذا يؤكد وجود نوايا إضرار عند الطرف الإثيوبى، والمشكلة أننا سنجد أعداء وأصدقاء لمصر ممن ساهموا فى هذا السد! فالموضوع باختصارهو حرب استراتيجية، ولكنى أثق أن مصر لن تخسر هذه الحرب! ولا أتوقع أن تقوم مصر بهجوم عسكرى. •


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.