بتكلفة 9.5 مليون جنيه.. افتتاح الجامع الشرقي بقرية العامرة بمنوف    لموظفي الحكومة ..إجازة خاصة بأجر كامل فى 5 حالات    ننشر تفاصيل نجاح "مشروع رأس المال الدائم" في مدارس التعليم الفني بمصر    وصل لكام يا ترى؟.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري الآن في البنوك    اقتصادية قناة السويس تشارك ب "مؤتمر التعاون والتبادل بين مصر والصين (تشيجيانج)"    توريد 9146 طن قمح لشون وصوامع الدقهلية    المشاط تناقش مع مسئولي وكالة ضمان الاستثمار إطلاق المنصة الموحدة للضمانات في يوليو المقبل    5.7 تريليون جنيه حجم توظيفات الحكومة فى الأوراق المالية    الإسكان: تنفيذ 889 حملة على وحدات الإسكان الاجتماعى منذ بداية 2023 وحتى الآن    تركيا تحذر من تحول التطورات بين إيران وإسرائيل إلى صراع دائم    وزير خارجية إسبانيا يؤيد انضمام فلسطين إلى الأمم المتحدة ويدافع عن الاعتراف بها    CNN : إسرائيل ستحتاج لدعم من الحلفاء للدخول بحرب شاملة    فتح ممر إنساني نهاية إبريل.. إعلام عبري: عملية رفح محسومة والسؤال عن توقيتها    ربيعة: نعلم قوة مازيمبي ونلعب دائما من أجل الفوز    مواعيد مباريات الجمعة 19 أبريل.. مواجهة ل الأهلي في إفريقيا لكرة السلة ومباراة في الدوري ومرموش    كاسيميرو: سعيد بفوز ريال مدريد على مانشستر سيتي    كاسيميرو: أنشيلوتي بكى بسبب رحيلي.. وبيريز رفض الحديث معي    رضا عبد العال يعلق على أداء عبد الله السعيد مع الزمالك    ضبط شخصين تخصص نشاطهما الإجرامي في تصنيع المواد المخدرة بأكتوبر    مطار دبي يعلن تحديد عدد الرحلات القادمة لمدة 48 ساعة    القبض على مسلح أثناء التنقيب عن الآثار داخل عقار في الوايلي    السبت.. انطلاق امتحانات النقل الابتدائية والإعدادية بمعاهد الشرقية الأزهرية    ضبط عاطل وراء سرقة مبلغ مالي من إحدى الصيدليات بالقليوبية    الحكومة تنفي عودة عمل الموظفين يوم الأحد بنظام ال"أون لاين" من المنزل    نشر خدمات مرورية بمدينة نصر ومحور شنزو آبي لتوصيل الصرف الصحي    محمد صبحي ناعيا صلاح السعدني: كان خير صديق وخير سند    منه فضالي تواسي أحمد السعدني في وفاة والده    ندوة عن أدب الطفل بمركز الدراسات والبحوث في وزارة الثقافة العراقية    محمود البزاوي ينعي صلاح السعدني بكلمات مؤثرة: أثر في من أول يوم دخلت بيت آل السعدني    إيرادات السينما أمس.. شقو في المقدمة وأسود ملون يتذيل القائمة    خطيب الأوقاف يؤكد: الصدق صفة المتقين وطريق الفائزين.. والأيمانات الكاذبة للباعة لترويج السلعة تمحق البركة.. فيديو    لماذا خلق الله الخلق؟.. خطيب المسجد الحرام: ليس ليتعزز بهم من ذلة    فضل الصلاة على النبي يوم الجمعة.. أفصل الصيغ لها    حياه كريمه.. قافلة طبية مجانية بقرية صنعاء بالوادي الجديد    الصحة: فحص 432 ألف طفل حديث الولادة ضمن الكشف المبكر عن الأمراض الوراثية    رئيس جامعة القاهرة: تخصص الصيدلة وعلم الأدوية تقدم ل 64 عالميًا بالتصنيفات الدولية    ضبط عاطلين بتهمة الاتجار في المواد المخدرة بالإسكندرية    بولندا تعلن إقلاع مقاتلات لتأمين مجالها الجوى خلال هجوم روسى على أوكرانيا    "الانتداب البريطاني انتهى".. رسائل نارية من محمود عاشور لبيريرا    أعراض التهاب الجيوب الأنفية على العيون.. تعرف عليها    مصر تجدد قلقها تجاه التصعيد الإيراني الإسرائيلى وتحذر من عواقبه    تعرف على موعد إجازة شم النسيم 2024 وعدد الإجازات المتبقية للمدارس في إبريل ومايو    ارتفاع أسعار الدواجن اليوم الجمعة في الأسواق (موقع رسمي)    "الزمالك مش أول مرة يكسب الأهلي".. إبراهيم سعيد يهاجم عمرو الجنايني    مخرج «العتاولة» عن مصطفي أبوسريع :«كوميديان مهم والناس بتغني المال الحلال من أول رمضان»    طلب إحاطة لوزير الصحة بشأن استمرار نقص أدوية الأمراض المزمنة ولبن الأطفال    «التوعوية بأهمية تقنيات الذكاء الاصطناعي لذوي الهمم».. أبرز توصيات مؤتمر "تربية قناة السويس"    توقعات الأبراج اليوم الجمعة 19 أبريل 2024.. «الدلو» يشعر بصحة جيدة وخسائر مادية تنتظر «السرطان»    وزير المالية يعرض بيان الموازنة العامة الجديدة لعام 2024 /2025 أمام «النواب» الإثنين المقبل    موعد مباراة الترجي وصن داونز بدوري أبطال أفريقيا    حرب السودان.. كلفة اقتصادية هائلة ومعاناة مستمرة    «العشرية الإصلاحية» وثوابت الدولة المصرية    والد شاب يعاني من ضمور عضلات يناشد وزير الصحة علاج نجله (فيديو)    دعاء السفر كتابة: اللّهُمّ إِنّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السّفَرِ    وزير الخارجية الأسبق يكشف عن نقاط مهمة لحل القضية الفلسطينية    دعاء الضيق: بوابة الصبر والأمل في أوقات الاختناق    نبيل فهمي يكشف كيف تتعامل مصر مع دول الجوار    فيتو أمريكي يُفسد قرارًا بمنح فلسطين عضوية كاملة في الأمم المتحدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عملية «مخلب النمر»، ومخاطر الابتلاع التركى لشمال العراق
نشر في صباح الخير يوم 01 - 07 - 2020

تركيا أطلقت فى 15 يونيو 2020 عملية «مخلب النسر» العسكرية الجوية فى شمال العراق ضد «حزب العمال الكردستانى BKK»، الذى تعتبره أنقرة تنظيماً إرهابياً، حيث تمت فيها عمليات قصف جوى ومدفعى للقرى الحدودية الواقعة قرب الشريط الجبلى الفاصل بين العراق وتركيا.. فى اليوم التالى مباشرة انطلقت عملية «مخلب النمر» البرية، التى تم فى إطارها عبور تشكيلات من الجيش والقوات الخاصة للحدود تحت غطاء جوى لتنتشر فى المناطق المسنهدفة.. هذه العمليات قد تبدو روتينية،
فى ضوء اعتياد القوات التركية شن عمليات متكررة ضد مخابئ «الحزب» جنوب شرقى تركيا، وفى قواعده الخلفية داخل العراق، منذ أن بدأ تمرده ضد الدولة التركية فى 1984.. لكن المشكلة أن العمق الذى وصلت إليه العمليات الأخيرة تجاوز 100 كم، وتضمنت عمليات تمشيط شامل للمنطقة الشمالية من العراق، مما يعنى أنها معركة طويلة زمنياً، ومتسعة جغرافياً.
تركيا بدأت تقيم قواعد عسكرية وصفتها بالمؤقتة، فى كل منطقة تستكمل تطهيرها، بدعوى ضمان منع دخول عناصر «BKK» هذه المناطق فيما بعد، ما يعنى استقرار القوات التركية فيها!!.. هذه ليست ظاهرة جديدة، لأنه مع ظهور «داعش» أنشأت تركيا قواعد فى «بعشيقة» و«صوران» و«قلعة جولان»، إلى جانب قواعدها فى أربيل، بخلاف المقرات العسكرية القريبة من معبر خابور وجبال قنديل.. لا يوجد تقدير دقيق لحجم التواجد التركى، لكنه فى حدود 10 قواعد مؤقتة قائمة بالفعل، وأن كانت تسعى لإقامة المزيد منها، وهذا يعنى زيادة أعداد القوات التركية فى الشمال العراقى، بدعوى تأمين ما تزعم تركيا أنها مصالحها الاستراتيجية!!، ويأتى على رأسها مواجهة التمدد الكردى فى العراق وسوريا.. لكن الحقيقة أن تركيا تطمع فى السيطرة على شمال العراق بامتداده حتى الموصل، بدعوى أنه كان يخضع لها قبل توقيع معاهدة سايكس بيكو 1916.
المبرر الظاهر للهجوم التركى أنه يدخل ضمن الهدف الذى تعمل عليه أنقرة منذ سنوات طويلة، وهو القضاء على التهديد الذى يمثله «حزب العمال الكردستاني»، لكن الحقيقة أن أنقرة تتطلع إلى تكريس وجودها العسكرى شمال العراق، استكمالاً لما فعلته فى شمال سوريا، وبالتالى تضمن السيطرة على عمق يسمح بتأمين كامل حدودها فى مواجهة المخاطر الكردية، وفى نفس الوقت توسيع دائرة أمنها القومى، وضم جزء من أراضى الإمبراطورية العثمانية التى تطمع فى استردادها.
رد الفعل العراقى
تمثل فى استدعاء وزارة الخارجية العراقية للسفير التركى لدى بغداد، وسلمته مذكرة احتجاج على عمليات القصف، تضمنت إدانة الحكومة العراقية لانتهاكات حرمة وسيادة الأراضى والأجواء العراقية، واعتبرت أنه مخالف للمواثيق الدولية، وقواعد القانون الدولى، وعلاقات الصداقة، ومبادئ حسن الجوار، والاحترام المتبادل، وهددت باللجوء إلى مجلس الأمن.. السفير التركى فى العراق أشهر سيف التحدى، مؤكداً أن بلاده ستواصل عملياتها العسكرية ضد الإرهاب، طالما أن بغداد لم تطرد حزب العمال الكردستانى من أراضيها!!.. تركيا ردت عمليا بنشر وحدات إضافية من القوات الخاصة.
ومع تمسكنا بموقفنا المضاد للعدوان التركى، فإن الحقيقة التى يجب التأكيد عليها، هى أن تواجد «حزب العمال الكردستاني» عسكريا فى الأراضى العراقية، يشكل خطرا على أمن العراق وإقليم كردستان على حد سواء، لأنه لا يعترف بحكومة الإقليم ولا بشرعيتها، ويتطلع إلى أن يفرض سيادته مستقبلاً على المنطقة بالقوة المسلحة، مما يفسر وقوع مواجهات بين الجيش العراقى وكتائب من «الحزب» فى منطقة سنجار مؤخراً، وشكوى المجلس العربى بمحافظة كركوك فى 22 يونيو من اعتداء «الحزب» على سيادة الدولة، بتمزيق العلم العراقى، ورفع علمه الخاص «غير العراقى» داخل المدينة.
هدوء رد الفعل العراقى طرح شكوكاً مريبة، دفعت النائب عن كتلة التغيير الكردية، غالب محمد، إلى اتهام حكومة بغداد بالموافقة على الهجوم التركى، ووجه مذكرة رسمية إلى رئيس الوزراء مصطفى الكاظمى للاستفسار عن حقيقة وجود تنسيق بين بغداد وأنقرة فيما يتعلق بالهجوم، وأكد أن «هذا الأمر يثير أكثر من علامة استفهام تتعلق بالسيادة، ومصالح الشعب العراقى والكردى، مما يفرض اتخاذ موقف حازم وواضح، إزاء التوغل التركى، وما تخلفه الغارات التركية من أضرار وخسائر بشرية».. تحالف «سائرون»، بزعامة مقتدى الصدر دعا البرلمان إلى عقد جلسة طارئة لتخويل الحكومة حق اتخاذ كل الإجراءات الممكنة للرد على تركيا!!.. النائب جمال فاخر دعا البرلمان إلى الرد على العدوان التركى مقترحاً قطع العلاقات الاقتصادية وطرد الشركات التركية، وصولاً إلى إغلاق السفارة العراقية فى أنقرة، وتقديم شكوى إلى مجلس الأمن.
والحقيقة أنه عبر عقود من الزمان، تمتلك أنقرة نفس القدر من حرية المناورة والقدرة على التدخل العسكرى فى العراق، مما دفع العديد من المحللين إلى التأكيد بأن حكومتى العراق وإقليم كردستان كانتا على علم بالعمليات الراهنة، مما يفسر رد فعل بغداد «الخجول» إزاء الهجوم التركى، الذى يتم أولاً بالتنسيق مع سلطات إقليم كردستان، وذلك بمقتضى الاتفاق الذى وقعته حكومة أربيل مع تركيا وإيران فى 2013 والذى ينص على أن على كردستان القيام بكل شيء ممكن لمنع تحول أراضيه إلى مصدر تهديد لأمن البلدان المجاورة «تركيا وإيران» والمشاركة فى استتباب الأمن والاستقرار على مستوى حدود الدولتين.. وثانياً بعلم السلطة المركزية فى بغداد التى استقبلت «هاكان فيدان» رئيس المخابرات التركية إلى بغداد قبل الهجوم مباشرة، ليطلعها على تفاصيله.
العملية العسكرية الإيرانية
العدوان التركى تم بتنسيق كامل مع إيران، حتى إن الهجوم التركى من الشمال قد تزامن مع عملية عسكرية إيرانية من الشرق، تم خلالها قصف القرى الحدودية شمال محافظة إربيل بالمدفعية من قبل الحرس الثورى الإيرانى، واستهدفت بلدة حاج عمران الحدودية، الهجوم الإيرانى تم بتمهيد نيرانى وغطاء جوى من سلاح الطيران التركى، استهدف مقار تابعة للفصيلين الكرديين المعارضين للنظام الإيرانى، وهما «الحزب الديمقراطى الكردستاني» و«حزب الكوملة الثوري».. وكانت طائرات مسيرة إيرانية بدأت قبل الهجوم استطلاع الوضع فى المنطقة الحدودية، أعقبها قصف مدفعى إيرانى، استهدف أطراف القرى الزراعية، ما دفع السكان إلى الهروب من منازلهم باتجاه جنوب المنطقة.. التنسيق بين تركيا وإيران فى مواجهة العراق جزء من تنسيقهما الاستراتيجى الشامل لتنفيذ أطماعهما فى دول المنطقة؛ ليبيا واليمن وقطر أبرز أمثلة التعاون بينهما، والتنسيق امتد إلى العراق لإجهاض التوجه الوطنى لحكومة الكاظمى، الذى يسعى للحد من التدخلات الإيرانية فى بلاده.
رد الفعل الأمريكى
أمريكا لم تتحرك على المستوى الرسمى لتدين الاعتداء التركى الإيرانى على العراق، فهى المستفيد، لأن هذا الاعتداء يقوى موقفها فى المباحثات الاستراتيجية الدائرة حاليا، لأنه يؤكد أن سيادة العراق مهددة، ووحدة أراضيه موضع شك، وأنه فى أشد الحاجة لاستمرار وجود القوات الأمريكية على أراضيه، ولولا عدم امتلاك دليل موثق على أن الهجوم التركى قد تم بتنسيق أمريكى متزامناً مع المباحثات، لكنا قد أكدنا هذا التنسيق كحقيقة.. رد الفعل الأمريكى الوحيد صدر عن اللجنة الأمريكية للحريات الدينية الدولية (USCIRF)، التى وجهت انتقادات لعمليات «مخلب النسر» الجوية، و«مخلب النمر» البرية، اللتين نفذهما الجيش التركى ضد «حزب العمال الكردستانى BKK» شمال العراق، المتحدث باسم الخارجية التركية حامى أقصوى رفض انتقادات اللجنة الأمريكية، واتهمها بغض الطرف عن ممارسات أذرع المنظمة فى العراق وسوريا، من ظلم السكان المحليين بمن فيهم الأكراد، واتباع أساليب الترهيب وسياسة الانفصال.
الموقف العربى
رجب طيب أردوغان يحاول توظيف تدخلاته الخارجية فى تسويق صورته كقائد حرب، باعتبارها وسيلة حشد وتعبئة لقاعدته السياسية فى الداخل، خاصة بعدما تراجعت نتيجة للانقسامات التى ظهرت فى صفوف حزب العدالة والتنمية الحاكم، لكن تدخلات أردوغان لها وجه آخر اقتصادى، نتيجة التكلفة المالية الضخمة للعمليات الحربية، وذلك يُعمل أثره السلبى على شعبيته، إضافة إلى تأثير التراجع الحاد فى الأنشطة الاقتصادية والسياحة نتيجة أزمة كورونا.. هذه التأثيرات تمثل أيسر الطرق لإحباط أطماع أردوغان.. العرب يستطيعون مضاعفة هذه التأثيرات السلبية، وممارسة المزيد من الضغوط على الاقتصاد التركى.. حجم التبادل التجارى بين الدول العربية وتركيا 2019 يبلغ نحو 50 مليار دولار.. حجم التبادل التجارى بين العراق وتركيا وصل إلى قرابة 16 مليار دولار خلال نفس العام، ويعنى ذلك أن العرب، بل العراق وحده، قادرون على أن يفعلوها.. فهل تتوفر لديهم الإرادة؟!.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.