فى منتصف الثمانينيات من القرن الماضى.. دخل عادل إمام على صالون بهجت قمر فى شقته الكائنة بالدقى وجلس أمام مكتب بهجت وسلم على الجلوس بعد أن جلس.. ونظر إلى الصديق الجميل عادل أنور مرة.. ثم استدار بنظره نحوى ورفع حاجبه إلى الأعلى وأطلق نظرات معجونة بالشيطنة والسخرية ثم عاد إلى عادل أنور وقد انتبه الجميع لعادل إمام.. ثم قال.. البيه مطرب.. وانطلقت ضحكات من أعماق التاريخ من كل الجالسين وأولهم عم بهجت قمر.. أما أنا.. فقد خرجت منى أصوات وحركات لم أستطع السيطرة على نفسى.. وبالطبع أدركنا جميعًا أن عادل أنور سيتحول إلى ضحية هذا اليوم وسيصبح الهدف الدائم لعادل إمام طوال السهرة.. وبالطبع فطن بهجت قمر للمقلب الذى ينتظر عادل أنور فقال بعد أن هدأت عاصفة الضحك.. البيه.. يبقى.. خال.. أيمن وقالها.. وهو يجز على كلامه ويقطع الجملة.. كلمة.. كلمة.. وكأنه يقول لعادل إمام.. بلاش وحياة أبوك تعملها فى عادل أنور.. وهنا.. أفرج عادل إمام عن عادل أنور بفضل تدخل ووساطة وخاطر بهجت قمر، وفى هذا اليوم كان اللقاء الأول بين عادل إمام وعادل أنور وأيضًا صديق مشترك.. عمل بالإخراج وفشل وعمل بالتجارة فخسر.. وعمل فى الزراعة فحصد الربح.. هذا الصديق نظر إلى عادل إمام وقال.. أنا عاوز أقولك نكتة فاستدار عادل نحوه وبتركيز شديد.. وقال: عاوز تقول نكتة.. اتفضل.. وبالفعل تفضل أخونا إياه وقال النكتة.. وصمت ولم يضحك أحد.. فقال عادل إمام: هى فين النكتة.. ولا لسه ما خلصتش.. فقال الصديق إياه.. أنا لسه قايلها قبل ما حضرتك تدخل وكلهم ضحكوا عليها فقلت للصديق إياه.. إحنا فعلاً ضحكنا عليك.. مش على النكتة.. ثم صمت قليلاً وطلب أن يقول شعرًا فى عادل إمام.. ونظر نحوى عادل إمام وكأنه يستغيث.. وقال: زى النكتة برضو!!.. وقال أخونا إياه كلامًا لا يقوله عيل فى حضانة.. ونظر عادل إمام إلينا وقال: أنا مش جاى هنا تانى.. وهم بالقيام فانطلقت نحوه.. وقلت عليّ الطلاق ما أنت قايم.. فقال: ما أنت شايف.. نكت وأشعار ومش عارف ح يطلع منه إيه تانى.. أنا خايف على نفسى.. ومنذ هذا اليوم صمت الصديق إياه عن الكلام المباح.. وأدرك أنه فى حضرة عادل إمام عليه أن يستمع فقط لا يرى ولا يعلق ولا يحكى ولا يتكلم ولا ينكت ولا يسمح لشيطان شعره الغبى أن يلهمه بأى كلام، تذكرت هذا اليوم وأنا أشاهد اللقاء الأول الذى جمع عادل أنور بالعملاق الأخطر فى عالم الضوء عادل إمام لقد أصبح جهد عادل إمام محددًا فى العملية الفنية ولكنه رغم كل شىء يظل الفنان الأكثر سطوعًا فى كل أنحاء عالمنا العربى ويبقى العمل إلى جانب عادل إمام هو الفرحة الأعظم لأى فنان ولأى ممثل ولأى مجتهد ولأى عنصر من عناصر العمل الفنى.. والحق أقول أن عادل أنور صديق نادرًا ما يتوفر فى رحلة الحياة.. فهو إنسان غير صدامى.. فيه من الخصال الطيبة ما يدفعك إلى الاحتفاظ به كصديق صدوق فهو لا يفشى سرًا ولا يسعى بين الأصدقاء إلا فى الخير وهو مسالم إلى أقصى درجة يمكن تصويرها وهو ممثل جيد لم تتوفر له فرصة حقيقية إلا فيما ندر وهو أخ غير شقيق للفنان الجميل المطرب نادر أنور.. الشهير بأبو الليف.. ومن حسن حظ هذا الثنائى أن الفتى المثير أيمن بهجت قمر توقف أمام كل منهما وأبدى رأيًا فى خط السير وفى طرق الاختيار ومع أبو الليف استطاع أيمن بهجت قمر أن يعوض السنوات الطوال التى أمضاها أبو الليف يغنى دون أن تتحقق الشهرة ودون أن تتسلط بقعة ضوء كافية ومع أيمن انطلق أبوالليف إلى العالم المخملى.. وهو نفسه لا ينكر هذا الأمر لأيمن فهو الخال المحب لابن شقيقته.. ونفس الأمر حدث هذا العام بين أيمن وعادل أنور.. فقد رسم أيمن للخال.. شخصية أحد أصدقاء العمر الشديدة الندرة.. عم على نصر أحد كبار مبدعينا فى مسرح العرائس هذا الرجل الذى عاش قصة حب مع إحدى الفنانات فكان يكتب لها شعرًا.. شعر حقيقى وليس شعرًا كالذى قاله صاحبنا لعادل إمام.. وكان يحكى عنها قصصًا من خيال خصيب لدرجة أننى تصورت أنهما متزوجان أو يعيشان قصة عشق بالفعل.. واكتشفت أن عم على يحب من طرف واحد وأن الطرف الآخر لا يعلم من القصة شيئًا من قريب أو بعيد.. والحق أقول أن «العدول» استطاع أن يقترب من روح عم على نصر.. وأن يضيف إليها من مخزونه البشرى الثرى الشىء الكثير.. وأثبت عادل أنور ولكن بعد أربعة عقود من عمر الزمن.. أن البيه مش مطرب.. البيه ممثل.
تحية من الأعماق لنجم نجوم مصر وعالمنا العربى عادل إمام وللبيه عادل أنور.. وللجميل أيمون.