تؤكد هذه الأزمة على أهمية الاعتماد على القوة والقدرات الذاتية والعمل على تنميتها فى كل المجالات...وهو أمر مطلوب دومًا ومثلت كورونا العنصر الكاشف لما يجب أن نكون عليه.. ونرقب الآن حيرة عالمنا وخاصة العالم المتقدم حيث تدفع الولاياتالمتحدة بنظرية أن فتح الاقتصاد ضرورة حتمية باعتبار أن استمرار العزل والقفل.. إلخ لن يعطى نتائج مرجوة فضلًا عن التأثير السلبى المباشر على كل النواحى الاقتصادية وبالحساب العلمى فإن فتح الاقتصاد هو المطلوب الآن وتتخطى منافعه مخاطر تأثيرات كورونا.. إلخ. وتعتمد الإدارة الأمريكية فى ذلك على استخدام جميع الأساليب حتى لا تقف عجلة الاقتصاد الأمريكى بدءًا باحتمالات التضحية بآلاف من المواطنين إلى قفل الحدود أمام أى هجرة أو لجوء محتمل لها.. بالتوازى مع إعادة الآلاف إلى موطنهم الأصلى وذلك ضربًا بكل مبادئ الحريات والحقوق الإنسانية.. إلخ. وتقدر هذه الإدارة أن ذلك يتوازى مع عملية تشغيل الاقتصاد الأمريكى وتوفير عدة ملايين فرص عمل لمواطنيها...إلخ. يتزامن مع ذلك استمرار المساعى الأمريكية لضغط وحصار الصين، القطب الاقتصادى المنافس فضلًا عن إمكانياتها البشرية والتقنية المتقدمة، تتقدم دون معوقات متغاضية عما يعمل له الغرب الحسابات بشأن الحفاظ على حقوق الإنسان وخلافه. فأصبحت ساحة كورونا المعركة التى تتفوق بها الولاياتالمتحدة على الصين بخطة مبرمجة تبدأ بتشويه الصين باعتبارها مصدر الخطر الجسيم الذى يهدد العالم من جراء تجاربها المعملية التى خّلقت هذا الفيروس..انتقالًا لضرورة تحمل مسئولياتها إزاء المجتمع الدولى وتعويض دوله وناسه لهذا الضرر الذى يصيبهم، إلى استمرار غرس الصورة الذهنية السلبية بالنسبة لمصنوعات الصين وصادراتها باعتبارها ذات جودة متدنية.. ويتلازم هذا السيناريو مع تطبيقات عملية.. فتعيد إسبانيا شحنة كواشف كورونا إلى الصين لعدم الجودة وعدم مطابقتها المواصفات..إلخ..إلخ. فيترسخ هذا الاعتقاد بشأن الصين والمنتج الصينى «المتدنى» فضلًا عما يعكسه من تجسيد لاستغلال الصين للأزمات لترويج سلع حتى على حساب صحة المواطنين، وتصبح هى «شيطان الكوارث» فتكون الولاياتالمتحدة مستعدة ومتحفزة لمرحلة ما بعد كورونا لتأكيد سيطرتها العالمية باعتبارها القطب الأوحد...مع مراقبة ومتابعة دقيقة لمنع تكوين جبهة روسية أوروبية موحدة بضرورة استمرار إزكاء الخطر الروسى للهيمنة على أوروبا. فالحديث عن نظام عالمى جديد غير مفهوم وغير واضح حيث سيكون فى تقدير الولاياتالمتحدة استمرار الوضعية الحالية للعالم وتظل الأممالمتحدة بأجهزتها تعمل وفق منهجها الحالى.. باعتبار أن واشنطن فى وضعية متميزة ومهيمنة على هذا النظام وأن كل تحرك أو موقف يتم معها ومن خلالها وبرضاها.. الذى يجب أن نحطاط له ونأخذه بالجدية اللازمة هو بداية الحفاظ على قدرة حركتنا فى أى اتجاه لتأمين مصالحنا.. ولعدم تعويق قدراتنا هذه يجب أن يكون الانشغال بالداخل وفقًا لما هو مطلوب، فلا نضع العراقيل ونصعب مهمتنا ومهمة مؤسساتنا على العمل.. فالالتزام الصارم بتعليمات الوقاية من كورونا يظل ذلك «الجهاد الأكبر» المطلوب من كل المصريين حيث ما زلنا نشاهد ما هو مفزع بل مخيف من تكدس بشرى رغمًا من التحذيرات وهو ما نخشاه جميعًا أن يخرج الأمر عن السيطرة وتفقد مصر قدراتها المطلوبة الآن لتأمين استراتيجيتنا الخارجية. فما زالت تحركات بعض القوى الإقليمية مقلقة ووجب أن تكون جاهزيتنا كاملة لكبح أطماع هذه القوى وحصر تحركاتها السلبية حتى لا يهتز النظام الإقليمى فى منطقتنا وتدخل فى مرحلة عدم استقرار واضطراب - مشابهة للأحداث التى ضربت منطقتنا بمسمى الربيع العربي - وتحاول من خلالها القوى الإقليمية غير العربية كلها أن تستثمر الوضع لصالحها وهو ما نتابعه بإصرار تركيا أن تعيد ترتيب أوضاع الشمال السورى لمصلحتها مستثمرة خاصة فى إطار عربى صامت وجمود أجهزته، وتتلحف بغطاء الوضعية السورية الداخلية، فنرقب صامتين انتهاكًا لسيادة ووحدة الأراضي السورية والذى يمارسه ويفرضه هو تركيا وليست الولاياتالمتحدة - فإلى أى حد هذا المنزلق وذلك بالتزامن مع ما تمارسه هذه الدولة من قرصنة فى شرق المتوسط وتهديد سيادة قبرص بل محاولة استثمار منطقتها البحرية الاقتصادية لصالحها.. وتواجد سفنها العاملة فى عمق البحر بمساندة قواتها البحرية والاتحاد الأوروبى - وقبرص العضو فيه - يشجب. وطبيعى أيضًا فى ظل الانشغال بأزمة كورونا.. سيستمر السيناريو الإسرائيلى فى ابتلاع فلسطين. ومعلوم لدينا ولدى العالم أن مصر القوية هى رمانة ميزان أمن وأمان المنطقة بالتالى فواجب على كل مصرى العمل «الإيجابى» لتحرير القدرات المصرية للعمل فى مجالها وهو تأمين مصر ومنطقتنا لمنع الإضرابات والحروب فيها... فواجبنا الآن الالتزام الكامل بالتعليمات لضبط الداخل حتى تظل مصر القوية قادرة على ضبط المنطقة كلها.. فهذا هو الكفاح الحقيقى للمواطن المصرى الذى يبهر العالم منذ الأزل بإنجازات.. وحضارتنا.. وسدنا.. وعبورنا شاهد.