حلم جميل استطاع شباب 25 يناير أن يحققوه ويلتف حولهم كل أطياف الشعب.. عدالة.. ديمقراطية وكثير من المعاني التي لايختلف عليها اثنان مهما كانت انتماءاتهم السياسية.. ولكن بدت الحاجة الشديدة لمتحدث باسم هذه الأعداد لذا قام الثوار بتشكيل مكتب تنفيذي لائتلاف شباب 25 يناير جمع كل الأطياف المشاركة من قناعات سياسية مختلفة ولكنهم اتقفوا جميعاً علي حب مصر. أحد أعضاء هذا المكتب هو زياد العليمي الذي كان لصباح الخير هذا الحوار معه. • البداية يقول زياد عن نفسه: أنا شاب مصري يساري لست عضواً في أي حزب سياسي ولكني لم أكن راضياً عن حال البلد عامة.. تخرجت من كلية الحقوق عام 2002 وعندي مكاتب محاماة.. اهتماماتي بمعاناة بلدي بدأت منذ فترة طويلة واعتقلت أكثر من مرة منذ كان عمري 16 سنة.. وأنا عضو المكتب التنفيذي في حملة البرادعي.. كنت المستشار القانوني له وعضويتي في المكتب التنفيذي للحملة هو ما ساعدني علي تنظيم الوقفات الاحتجاجية وساهم بجزء كبير في إنجاح الموضوع. منذ عام بدأنا تنظيم الوقفات في المحافظات بشكل دوري وكان آخرها وقفة لخالد سعيد وقت الفتنة الطائفية من شهر ونظمنا وقفة احتجاجية في 16 محافظة وكانت في القاهرة علي كوبري قصر النيل وكورنيش المعادي ومنذ فترة 3 أو 4 سنوات كنا كحركات لها علاقة بالسياسة.. كل يوم 25 في عيد الشرطة كنا ننظم وقفة احتجاجية للتنديد بتجاوزات الشرطة ومطالبين بإلغاء قانون الطواريء. • حركات كثيرة والهدف واحد من قبل يوم 25 يناير كنا كشباب نمثل حركة 6 أبريل والعدالة والحرية وحركة شباب حزب الجبهة ونحن حركة دعم البرادعي والمطالبة بالتغيير وجمعنا بعضنا قبل 25 يناير بأسبوعين هذا العام وكنا بدون الإخوان المسلمين وفكرنا في كيفية التحرك من كل محافظة في أماكن معلنة ومن أماكن أخري سرية وغير معلنة لأن الأعداد في بعض المناطق لم تكن كبيرة فكنا نتفق مع مجموعات مضمونة للاتفاق علي الأماكن السرية التي تساند الأماكن المعلنة علي الفيس بوك ورتبنا لهذه المظاهرة. يضيف زياد: لم نكن نفكر في ثورة بهذا الحجم أبداً ولم نختر ميدان التحرير وإنما حدث الأمر بصورة مفاجئة.. والحكاية كالآتي: كان من المفترض أن تخرج مظاهرة من 150 فردا في ناهيا و 50 من ميت عقبة لتساند المجموعة المتظاهرة في جامعة الدول العربية لأنها ليست بالعدد الكبير لنجتمع عند جامع مصطفي محمود كما كانت توجد مظاهرة في شبرا ولاظوغلي وعلمنا أنه تم الاستعداد للتصدي لنا كثورة.. ونحن عندما كتبنا علي الفيس بوك ثورة لم نكن نقصدها حقيقة ولم تكن نتخيل ما حدث ولكننا علمنا أننا سنعامل، وكنا عاملين حسابنا علي 10 دقايق ونتمسك كلنا» وجلست قبلها بيوم مع الأعضاء الممثلين للحركات المختلفة المشتركة واتفقنا أن كل محامي مسئول عن مجموعة وأرسلت علي النت كتابا فلسطينيا يسمي «آليات الصمود وراء القضبان» ليتعلم الناس آليات الدفاع عن النفس عند القبض عليهم وكيفية الصمود أثناء التحقيقات وتعلمنا من خبرات الذين تم القبض عليهم من فلسطين ليستفيد من سيتم القبض عليه لأول مرة.. أعلنا أن المظاهرة ستبدأ عند الواحدة والنصف ومن خبرتي فإن أيام الأجازات لم تكن تجد صدي وأعدادا كبيرة من الناس للتجمع، ولكن ما حدث أنني عندما بدأت أهتف لأني المسئول عن مظاهرة ناهيا مع زملائي تجمع الناس علينا وما أتذكره أني صعدت علي سيارة نصف نقل وبدأت أكلم الناس والذين لم يكن يزيد عددهم علي 500 ليتفرجوا قائلاً: «إننا جئنا اليوم لنقول للشرطة في عيدهم كل سنة وأنتم طيبون علي طريقتنا بطريقة الناس التي تعاني الفقر والجهل ومن تعلم منا ولم يجد عملاً.. بطريقة من مشي جنب الحائط ولكنه تعذب ودخل السجن ومات فيه ومن لم يمت في السجن مات في قطار أو تحت صخرة الدويقة».. تجمع الناس التي هي مشحونة من الأصل ولمس حديثي كل فرد منهم فناهيا منطقة شعبية تشعر بحجم المعاناة، وهتف الناس معي لا للتعذيب.. «ولا عادلي ولا حبيب.. إرحل يا وزير التعذيب».. «إللي يعذب أهلي.. لا حبيب ولا عادلي». وبدأنا في التحرك وزادت الأعداد ووجدنا الأمن المركزي يضع الكردون وكان معي شابان من أهالي المنطقة، فدخلنا من أماكن فرعية لنصل لجامع مصطفي محمود ونقابل بقية المظاهرات في الأماكن الأخري.. ووجدت أهالي المنطقة يقولون «هنعدي.. هنعدي.. وجروا 10 أمتار متجاوزين الكردون وباقي الكردونات واحداً تلو الآخر دون أي مقاومة ووصلنا لكوبري ناهيا واتصلت بالمجموعة التي كانت ستقابلنا والتي تجمعت في ميت عقبة فلم يرد علينا أحد فاعتقدت أنه تم القبض عليهم، وعندما وصلنا لشارع جامعة الدول العربية فوجئنا بأعداد كبيرة جداً فاقت كل تصوراتي وعندما رأي الناس بعضهم هللوا وتحمسوا كثيراً وعلمت أن أحداً لن يستطيع السيطرة علي هذا الحماس وتعالت الهتافات ووجدنا أن العدد كبير علي ميدان مصطفي محمود عندها قررت التوجه للتحرير والاتصال بباقي المجموعات لنتقابل هناك ولكن مظاهرتنا كانت الوحيدة التي وصلت لميدان التحرير واخترنا الميدان لأنه متسع وكبير. وو«الله العظيم» إذا كان في هذا اليوم قد تمت إقالة العادلي كنا روحنا بيوتنا وشعرنا بانتصار عظيم جداً جداً. كما لو كان انتظر بلطجية الحزب الوطني يومين بعد خطاب الرئيس الثاني ولم تعقبه ماسموها «بموقعة الجمل» كنا ممكن نحل الوضع لأننا كنا بدأنا بالفعل التفكير ولكن النظام السابق كان أهم عامل في إنجاح هذه الثورة لما قام به من مواقف أذكت روح الغضب عند الشعب كله فعندما تسبب بلطجية الحزب في قتل زملائنا أصبح القرار واضحا بعدم مغادرتنا للمكان ولاء لهم فقد أصبحت مسألة دم. • تطور المظاهرة يضيف زياد: لم نكن ننوي المبيت يوم الثلاثاء ولكن الضرب الذي تعرضت له المظاهرة التي خرجت من شبرا عندما بدأوا في مهاجمتهم ومنعهم التقدم جعلتهم يظلون هناك لأنهم تاهوا في الحواري واضطروا للانتظار حتي خرجوا علي الكورنيش الساعة السادسة صباحاً ووجدوا أنفسهم في مظاهرة كبيرة وحاولوا دخول ميدان التحرير وكلمونا بعد أن تركنا الميدان وذهبنا لهم وجمعنا بعضنا وبدأت المظاهرات تزداد في المحافظات خاصة السويس وظل الضرب وسقوط الناس ليوم الخميس مما دفعنا لتكوين خطوط سير لنقوم بمظاهرة حاشدة لسقوط واستنزاف العديد منا إحداها من الطالبية وإمبابة وروكسي ومن أطراف المعادي تمشي جميعها وتجمع الناس لدخول الميدان. وعندما بدأت الداخلية في ضرب الذخيرة الحية علينا ثم أخذت في النفاد علي الساعة الثامنة يوم الجمعة فتوقف الضرب لنصف ساعة ثم دخلت سيارات الحرس الجمهوري وحياها الناس، ولكن وجدنا أن الضرب بدأ ثانية فهجم جمهور «الألتراس» علي المدرعتين وحرقوهما لأنهما تسببا في دخول الذخيرة الحية ثانية. • المعالجة التليفزيونية التليفزيون المصري كان سيئاً جداً وهو ما استفز أهالينا كثيراً حتي أننا وجدنا 10 يرتدون ملابس إيرانية عندما أخذنا بطاقاتهم اكتشفنا أنهم مصريون وكان التليفزيون هو المسئول عن هذه التمثيلية ليصورهم وهم يعطون أموالا للناس، فرمينا بطاقاتهم في النيل وسلمناهم للجيش علي أنهم أجانب مشتبه فيهم.. لم نكن نتابع قنوات التليفزيون كافة ونحن في التحرير حيث كنا نسمع رأي من يكلموننا من أهالينا في التليفون وبالنسبة لجميع الناس كان التليفزيون المصري الأكثر استفزازاً للناس والأكثر شهرة في عدم الموضوعية وتسبب في منع الناس من دخولهم الميدان بشاش وقطن. أما بالنسبة لقناة الجزيرة فلم تضع شاشة وإنما تبرع بهذه الشاشة أحد رجال الأعمال الذي أخذ وصلة من سطح العمارة فكان يعرض ما يختاره عليها ولكن يجب أن نفهم أن الجزيرة تذيع بثا حيا ولها مدرسة في التناول قد تقوم علي التسخين ولكن لو لم يكن الشعب بالفعل مشحونا ومكبوتا لم يكن هناك أي مجال لأحد، فليس هناك ثورة تقوم علي قناة تليفزيونية مهما كانت «تسخن» الوضع. • يوم احتفال بالشهداء ويقول زياد عن جمعة الاحتفال: هذا اليوم لتأييد الشهداء والتأكيد علي بقية مطالبنا من إقالة للحكومة وتعيين حكومة تكنوقراط وإلغاء قانون الطواريء وأن يكون هناك جدول زمني محدد أكثر من مجرد 6 شهور لتحقيق هذه المطالب. زياد: حملتنا بدأت للمطالبة بالتغيير والبرادعي ليس فرداً في هذه الحركة علي الإطلاق وأنا عن نفسي أجد أن أي شخص كرئيس لمرحلة انتقالية في ظل جو ديمقراطي ومساءلة عند حدوث تجاوزات سيكون مناسبا. • شباب الائتلاف زياد: نحن الخمسة الممثلين للحركات التي قادت الشباب يوم 25 يناير اجتمعنا وكل حركة اتفقت علي فردين بعد انضمام الإخوان المسلمين لنا كمصريين وكذلك 3 من الشباب الناشط المستقل الذي بدأ من يوم 25 يناير هنا لتكون الآراء مشتركة وهذا حدث عندما دار في برنامج العاشرة مساءً هذا الائتلاف وغيره من الحوارات لشباب لايمثلوننا فأدركنا أهمية هذا الائتلاف ومن الأربعاء الماضي ونحن ننتظر أن يحدد لنا موعد مع القوات المسلحة بعد أن قمنا بعمل ورقة عمل علي أيدي متخصصين للخروج من الأزمة كمبادرة منا في تقديم الحلول وهي متمثلة في: 1 - ورقة بمطالب الثورة وسبل تحقيقها. 2 - القوانين المحررة للحريات خلال الستة شهور القادمة عمل عليها أكبر 15 منظمة حقوقية مصرية لها باع في هذا المجال من أساتذة القانون. 3 - ورقة للتحرير الإعلامي المرئي والمسموع وتعديل القوانين المتعلقة بها ساهم في وضعها 4 من خبراء الصحفيين في مصر. 4 - ورقة من قبل القيادات العمالية والاتحاد العام للنقابات لحل أزمة الإضرابات العمالية الحادثة هذه الأيام. ونحن كمكتب تنفيذي عندنا اللجنة الإعلامية التي تضم أكثر من 300 فرد كل ما نطلبه ونحتاجه نخبرهم به، وهذه المجموعة تتصل بالخبراء ذي المصداقية والكفاءة. ونحن الآن في انتظار اللقاء مع المجلس العسكري المنوط به التفاوض والحوار معنا لحل ما نواجهه وقمنا بأخذ قرار جماعي بوضع أرقام تليفونات لتلقي مكالمات أهالي المفقودين الذين لانعلمهم لتوصيل صوتهم وكذلك سنقوم بالتنسيق مع رجال أعمال قرروا إنشاء صندوق لأهالي الشهداء. • كله مجهودات ذاتية كل ما كنا نأكله والبطاطين كانت كلها بمجهودات ذاتية فأنا جيراني قاموا بجمع 7 آلاف جنيه وأنا ساهمت بألفي جنيه في شراء بطاطين وغذاء وكذلك الكثير من الناس. وحتي الميكروفونات في الإذاعة في الميدان تبرع رجل أعمال بمولد ليمدنا بالكهرباء ولم نأخذ من الشارع. ويقول زياد عن المظاهرات المستمرة للآن كمظاهرات فئوية وبعضها انتهازية والبعض الآخر الذي يطالب بمطالب مشروعة في رأيي أن يتم حلها بانتخاب اتحاد لنقابات العمال غير صوري بمعني أن يتم فيه مناقشة مشاكل هؤلاء العمال بطريقة سريعة وملموسة وتشعر العمال بالرضا.. لأن توقف الأعمال ستكون عواقبه وخيمة.. وواجبنا الآن أن نعمل ونبني. • أمنياتي في هذه اللحظة وعن أمنية زياد علي المستوي القريب يقول زياد: «أقصي أحلامي أن أنام يوما كاملا أسافر يومين أعود لعملي أدخل وأجلس علي مكتبي.. أعيش حياتي الطبيعة. وأن أري مصر كما أتمناها عدالة اجتماعية.. ضرائب تصاعدية.. منع احتكار.. لايوجد أحد «مش لاقي ياكل» ولأني محامي أعلم كيف كانت تسير الأعمال والفساد المنتشر في دنيا الأعمال وهو ما أتمني أن يختفي وهو ما لن يحدث بدون أن نبدأ في هذه المرحلة الحرجة بالبناء.. فهذا هو وقت البناء في ظل حكومة انتقالية تكنوقراط تدير البلد في هذه الفترة، وعند سؤال زياد عن إمكانية إنشاء حزب سياسي مكون من شباب ائتلاف 25 يناير يقول زياد: «لا أظن فنحن مختلفون وهذا أكثر ما يميزنا ولكن قناعاتنا الواحدة بالعدالة الاجتماعية والدولة البرلمانية هي ما جمعتنا». • سأرشح أي أحد ويقول زياد: عندما توجد دولة برلمانية وتوضع القواعد والقوانين لها سلطتها والتي تحاسب الرئيس القادم عندما يتجاوز سأعطي صوتي لأي أحد ولو حسني مبارك نفسه فأي شخص في ظل هذا الجو سيكون قابلاً للحساب فليس عندي مشكلة مع أي أحد كما أننا عرفنا طريق الشارع والمطالبة بحقوقنا وأتمني ألا نحتاج لنزوله ثانية لأن سلطة القانون هي التي تحدد نفوذ أي مسئول. وينهي زياد حديثه قائلاً: ننتظر أن يحدد لنا موعد مع المجلس الأعلي للقوات المسلحة وسنعطيهم أوراق العمل التي نفذناها وإلا سننشرها علي الجرائد في الفترة القادمة.