إذا كان التعليم هو «حق الإنسان» فهو وفى ذات الوقت « حق الوطن» باعتباره ركيزة تقدمه والارتقاء بناسه... فهو الفرض على الدولة وعلى المواطنين بالتشارك، لتحقيق منظومة تعليمية تلبى التطلعات وتتوافق والتطور العالمى وتشكل أساس تحديث الدولة. تكون البداية بإتاحة التعليم الأساسى -بمرحلتيه الابتدائية والإعدادية- بالنوعية والجودة لمواطنينا جميعًا أيًا كانت وضعيتهم الاجتماعية أو معتقداتهم...وتكون بالضرورة وزارة التعليم هى المعنية والمسئولة عن مسار العملية التعليمية برمتها فى عموم الوطن والإشراف التام عليها. فلا يصح أن تكون هناك دور تعليمية لا تخضع للإشراف الكامل للوزارة، ولا أن تكون المرحلة التأسيسية لمستقبل مصر كلها تخضع لمناهج دراسية غير ما تقرره الدولة، ولا مجال لوجود مدارس دينية أو غيرها تقدم مادة دراسية مخالفة للمنهج العام...هذا ومع الأخذ فى الاعتبار أن مدارس المرحلة التأسيسية يجب أن تكون فضاء متكاملًا لهذه المرحلة العمرية لتلاميذ مصر يتاح فيها التعليم وتنمية المهارات الرياضية.. والبدنية..والفنية المختلفة. قد نتفق أن هناك ما يشبه الاستحالة من وجهة نظر البعض لتنفيذ ما سبق إزاء معوقات مجتمعية عدة، مستندة لقاعدة جمود فكرى ودينى تكبل بعضًا من أياد مرتعشة لمسئولينا البارعين فى إدارة التعايش مع الأزمات، دون التصدى الحقيقى لها واقتلاعها من جذورها. بداية ونحن نرصد وضعية تعليمنا الأساسى فى مصر، بالإضافة لأهمية مراجعة المناهج وتنقيتها بما قد لا يتوافق مع حقوق المواطن، فنرصد أيضًا الأبنية التعليمية فى حالتها المذرية وتكدس فصولها بتلاميذ قد يتجاوزون الثمانين تلميذًا فى فصل واحد، غير مؤهل مع مدرس مثقل بهموم معيشية ولا يراعى معه عمليات تدريب ورفع مستوى.. واختزال الأنشطة المدرسية الموازية إلا فيما يخص تحفيظ الديانة...إلخ. يتوازى مع ذلك التباهى بإنشاء المئات من المدارس شهريًا، حيث تصرف الوزارة الموقرة الملايين للتوسع فى إنشاء المدارس الجديدة القرآنية...دون نظرة موضوعية للصالح العام بضرورة العناية بمدارسنا الحكومية، مع حجج غريبة أن هذه أموال أوقاف.. فكأنها حرام صرفها فيما يخدم الوطن وشبابه. ويتم التبارى والتنافس بين العمائم على نشر الدعوة فى الداخل والخارج، وإرسال مئات من أصحاب عمائمنا الأجلاء فى الخارج بملايين الجنيهات سنويًا، بدعاوى نشر الإسلام الوسطى ومواجهة الإرهاب، خارج الوطن فى أرجاء عواصم العالم الكبرى والتى بها متنفس للجميع، فمن يذهب للجهاد يكون فى صحبة من يذهب للتجارة، وفى صحبة متطوعين لأماكن الزيارات التى يرتدها الجميع للتعرف عن قرب على هؤلاء...حتى يتم نشر الدعوة وفى قلب باريس، روما ولندن وبعض من الدول الأفريقية ذرًا للرماد فى العيون. كما نتساءل عن كم الأموال التى تُصرف للأبنية الدينية الجديدة والتى ليس لها محاذير أو قواعد، فيبنى مسجدًا فى وسط طريق أو فى حديقة منفعة عامة...إلخ أو أراض مخالفة وفرض تقنينها على الحكومة رغمًا عن ملاصقاتها لمبنى دينى آخر لا تبعد عنه مئات الأمتار، مع تسليح هذه المبانى بمكبرات الصوت فائقة العيار...فنكون بذلك عمرنا الأرض ونشرنا الدعوة، لنؤكد على أن الأطفال أحباب الله وأنهم يولدون بأرزاقهم فنتناسل ونتزايد ليكون هناك جيش جرار من غير القادرين على التعليم أو العمل...إلخ فيكون ذخيرة حية لكل انحراف مادى وفكرى، فتتفاقم مشاكلنا فى مواجهة أصوات خافتة وباهتة من بعض المسئولين المترددين، والذين ما زالوا يبحثون -ومنذ عقود- كيفية تنظيم النسل. فهل نحن متشاركون جميعًا فى عملية ممنهجة لإسقاط الوطن؛ وطبيعى هناك من يراهن على ذلك فى الداخل والخارج. ولكن شعب مصر الذى أبهر العالم بعملية عبور عسكرى لقناة السويس، وقهر القوات الإسرائيلية المرتكزة فى سيناء، باستعداد وتدريب وعلم دام 6 سنوات..أسقط العدو فى 6 ساعات...فهو الشعب البطل الذى يعبر بمصر لعصر النهضة والتقدم وهو ما بدأه بإسقاط حكم الجهالة الذى حاول الإخوان بالداخل والخارج فرضه على مصر، وأخذ زمام عملية تحديث شاملة لمستقبل واعد لأجيالنا.