«لكل نشاط هدف، والمفروض أن يتم قياس مدى تحقيق هذا الهدف، من خلال قياس المدة التى استغرقها الطالب لأداء النشاط، والطريقة التى وصل بها للتنفيذ، كيف استخدم الخامات ومن أين حصل عليها، وغيرها، وكل هذا لا يمكن قياسه إلا أن يكون الطالب قد قام بالنشاط أمام المعلم وداخل الفصل أو المدرسة». هذه هى خلاصة مشاهدات د. شيماء أبو غزالة التى رأتها بنفسها فى كل مراحل التعليم باليابان من رياض الأطفال وحتى داخل الجامعة، خلال رحلتها التعليمية لليابان، ضمن وفد من 15 مصريا، للتدرب على تنفيذ أنشطة التوكاتسو «أو الأنشطة الخاصة بالقيم الأصيلة والأخلاق» التى تطبق فى كل المدارس اليابانية، من أجل نقل أفكار هذه الأنشطة والهدف منها لتطبق فى المدارس اليابانية فى مصر، ومن ثم فى كل المدارس المصرية. «كل الأنشطة والواجبات المدرسية تطبق داخل المدرسة فى اليابان، وحوائط الفصل تملئ بإنتاج الطلبة ومن صنع أيديهم، هنا نختار أفضل لوحة لتزيين الفصل وقد تكون من صنع خطاط، هناك يزينون الفصل مما صنعه الطالب وبخط يده، حتى لو كان خطه رديئا، تشجيعا له». تقارن د. شيماء، رئيس قسم الموهوبين والتعلم الذكى، بإدارة البدرشين التعليمية بالجيزة، وخبيرة ومدربة التوكاتسو، بين هدف الأنشطة فى اليابان والهدف هنا: «فى مصر يبدأ المعلمون بتزيين الفصل قبل بداية العام الدراسى،لاستقبال الطلاب بشكل فصل جميل، لكنه فى الحقيقة خال من المعنى، وكأنه فاضى». وتتساءل د. شيماء: كيف يعطى المعلم الطالب درجات أعلى لأنه صنع لوحة عند خطاط، وهو يعلم أنه دفع مقابل الدرجات نقودا للخطاط، وأنه بهذا يدمر الطفل الفقير الذى لديه بوادر موهبة واعتمد على نفسه فى صنع النشاط؟: «كم رأيت أطفالا يبكون لأنهم لا يمتلكون 5 جنيهات يدفعونها لشراء شريط زينة لتزيين الفصل، حتى يرضى عنهم المعلم، وبنفس المنطق يبكون لأنهم لا يملكون ثمن «إتاوات» مجموعات التقوية، التى تفرض عليهم أحيانا». «الأنشطة فى اليابان تتدرج مع سن التلميذ، فى البداية التعلم من خلال اللعب، وفى الابتدائى من خلال مناقشة الأطفال فى مجلس إدارة الفصل من أجل تنمية شاملة للفصل داخل المدرسة، مناقشات من أجل توجيه السلوكيات داخل الفصل، ثم المدرسة، فالمجتمع الكبير». التدرب على تنفيذ أى مشروع يبدأ من الابتدائى وداخل الفصل، فالنظافة تبدأ من أن ينظف الطالب فصله، ويتدرج الأمر إلى أن يسهم فى مشروعات لحماية البيئة فى الجامعة، فهدف الأنشطة هو التنمية الشاملة للطفل بدنيا وروحيا وعقليا، بما يعود على مجتمعه.. طفل مبدع، ذكى، عطوف، صحيح بدنيا، والمعلم المؤمن بمهنته هنا هو الأساس. • كيف تجعلنى ممارسة نشاط ما عطوفا؟ - تربية الأسماك أو الطيور أو رعاية الزرع، تصنع طفلا عطوفا، ممارسة الأخلاق والقيم الأصيلة مهم، هنا نعلم الطلاب أن النظافة من الإيمان، وأن إماطة الأذى عن الطريق صدقة، لكن لا نجعلهم يمارسون ذلك، ولا نعودهم على هذه الممارسة فى المدرسة وداخل الفصل، عبر أخلاق العطاء والعمل فى مجموعة وبابتسامة. النشاط البدنى لا يمارسه الطلاب فقط، بل معهم كل معلمى المدرسة، وبقوة، وكل شىء محسوب حتى الوجبة المدرسية وسعراتها الحرارية، حتى لا يزيد وزن الطالب وبما يتناسب مع نشاطه البدنى. فى مدارس اليابان لا يستخدمون السبورة الذكية ولا التابلت ولا الآلة الحاسبة حتى الجامعة، حتى لا تزيد عوامل تشتت الطالب، كل شىء يدوى، لتنمية المهارات البدنية والحساب العقلى، «عندنا كل حاجة سهلة، وهناك بإمكانيات بسيطة جدا فى مدارس قرى فقيرة أو بسيطة، تجد تعليما جيدا، لأن المعلمين يهتمون ببناء الروح والأخلاق وليس بالإلكترونيات والداتا شو». المعلمون فى اليابان لا يحصلون على عطلة، ولا يريدون، ففى أيام الإجازات يلتقون مع معلمين من مدارس أخرى، يجمعهم المجتمع المدنى، لتبادل الخبرات، ولمزيد من التدريبات على كل جديد، وهم يرون فى هذا يوما ترفيهيا، يقابلون فيه أصدقاءهم وزملاء المهنة.